مهذب الاحكام في بيان حلال والحرام المجلد 13

هوية الکتاب

بطاقة تعريف: سبزواري، سیدعبدالاعلي، 1288؟ - 1372.

عنوان العقد: عروة الوثقي . شرح

عنوان واسم المؤلف: مهذب الاحکام في بیان حلال والحرام المجلد 13/ تالیف عبد الاعلي الموسوي السبزواري .

تفاصيل المنشور: قم : دار التفسیر ، -1388

مواصفات المظهر: 30 ج.

ISBN : دوره 978-964-535-155-5 : ؛ ج.1 978-964-535-156-2 : ؛ ج.2 978-964-535-157-9 : ؛ ج. 3 978-964-535-158-6 : ؛ ج.4 978-964-535-159-3 : ؛ ج. 5 : 978-964-535-160-9 ؛ ج. 6 978-964-535-161-6 : ؛ ج.7 978-964-535-162-3 : ؛ ج.8: 978-964-535-163-0 ؛ ج.9، چاپ اول: 978-964-535-164-7 ؛ ج.10 978-964-535-165-4 : ؛ ج.11: 978-964-535-169-2 ؛ : ج.12، چاپ اول: 978-964-535-170-8 ؛ ج. 13 978-964-535-171-5 : ؛ ج.15،چاپ اول: 978-964-535-173-9 ؛ ج.14: 978-964-535-172-2 ؛ ج.16 978-964-535-174-6 : ؛ ج.17 978-964-535-175-3 : ؛ ج.18 978-964-535-176-0 : ؛ ج.19 978-964-535-177-7 : ؛ ج.21 978-964-535-179-1 : ؛ ج.20 978-964-535-178-4 : ؛ ج.22 978-964-535-180-7 : ؛ ج.23 978-964-535-181-4 : ؛ ج.24 978-964-535-182-1 : ؛ ج.25 978-964-535-183-8 : ؛ ج.26 978-964-535-184-5 : ؛ ج.27 978-964-535-185-2 : ؛ ج.28 978-964-535-186-9 : ؛ ج.29 978-964-535-187-6 : ؛ ج.30 978-964-535-188-3 :

حالة الاستماع: فاپا

ملاحظة : عربی.

ملاحظة : ج. 2 - 16 تا 30 (چاپ اول: 1430ق. = 2009م. = 1388).

ملاحظة : هذا الكتاب هو وصف ل ''عروه الوثقي ''، محمد کاظم یزدي هو .

ملاحظة : فهرس.

محتويات: ج.4. الطهاره.- ج.7، 8. الصلاه.- ج.10. الصومر.- ج.11. الزکاه الخمس.- ج.14. الحج.- ج.16. المکاسب.- ج.17. البیع.- ج.18. البیع الی الودیعة.- ج.19. الاجارة المضاربة.- ج.20. الشرکة الی الکفالة.- ج.21. الدین الی الغصب.- ج.22. الوقف الی الکفارة.- ج.23. الصیدوالذباحة الی اللقطة.- ج.24، 25. النکاح.- ج.26. الطلاق.- ج.27. القضاء.- ج.28. الحدودالقصاص.- ج.29. الدیاتج.30. الارث.

ملاحظة : یزدي، سیدمحمدکاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي -- النقد والتعليق

ملاحظة : فقه جعفري -- قرن 14

الحلال والحرام

المعرف المضاف: یزدي، سیدمحمد کاظم بن عبدالعظیم، 1247؟ - 1338؟ ق . عروه الوثقي. شرح

ترتيب الكونجرس: BP183/5/ی4ع402152 1388

تصنيف ديوي: 297/342

رقم الببليوغرافيا الوطنية: 1 5 6 8 0 2 8

ص: 1

اشارة

ص: 2

ص: 3

ص: 4

تتمة كتاب الحج

اشارة

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

فصل في المواقيت

اشارة

فصل في المواقيت بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

و هي: المواضع المعينة للإحرام أطلقت عليها مجازا أو حقيقة متشرعية (1).

و المذكور منها في جملة من الأخبار خمسة، و في بعضها ستة، و لكن المستفاد من مجموع الأخبار: أنّ المواضع التي يجوز الإحرام منها عشرة (2).

______________________________

بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

الحمد للّه ربّ العالمين و الصّلاة و السّلام على أشرف خلقه محمّد و آله الطّيّبين الطّاهرين فصل في المواقيت

(1) لأنّها من الوقت و هو موضوع لمقدار معين من الزمان فإطلاقه على الأمكنة المخصوصة لا بد و أن يكون بالعناية بخلاف مواقيت الصلاة فإنّ الإطلاق فيها حقيقيّ.

(2) فليس عدّ خمسة أو ستة، أو سبعة في بعض الأخبار لأجل الحصر بل لأجل صحة الإحرام منها. و ذكرهما إنّما هو بحسب غالب الأقطار المحيطة بالحرم لا الحصر الحقيقيّ و إلا فيكون مخالفا لما هو المعلوم من استقرار المذهب على جواز الإحرام من المواضع العشرة و هي: الشجرة، و العقيق،

ص: 5

أحدها: ذو الحليفة

اشارة

أحدها: ذو الحليفة، و هي: ميقات أهل المدينة و من يمر على طريقهم، و هل هو مكان فيه مسجد الشجرة، أو نفس المسجد؟ قولان، و في جملة من الأخبار أنّه: هو الشجرة (3).

______________________________

و الجحفة، و يلملم، و قرن المنازل، و دويرة الأهل، و فخ، و مكة، و محاذاة الميقات، و أدنى الحلّ.

ثمَّ إنّه يدل على الخمسة قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي:

الإحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لا ينبغي لحاج و لا لمعتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها: وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة- و هو مسجد الشجرة- تصلى فيه و يفرض الحج- و وقّت لأهل الشام الجحفة، و وقّت لأهل نجد العقيق، و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل، و وقّت لأهل اليمن يلملم. و لا ينبغي لأحد أن يرغب عن مواقيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله (1) و نحوه غيره.

و مما يدل على الستة قوله عليه السّلام أيضا في صحيح ابن عمار: «من تمام الحج و العمرة: أن تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لا تجاوزها إلا و أنت محرم، فإنّه وقّت لأهل العراق- و لم يكن يومئذ عراق- بطن العقيق من قبل أهل العراق، و وقّت لأهل اليمن: يلملم، و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل، و وقّت لأهل المغرب الجحفة- و هي مهيعة- و وقّت لأهل المدينة ذا الحليفة و من كان منزله خلف هذه المواقيت مما يلي مكة فوقته منزله» (2). و تأتي أدلة البقية عند التعرض لها إن شاء اللّه تعالى.

(3) التعبيرات الواردة في النصوص أربعة. «ذا الحليفة» كما تقدم في صحيح ابن عمار، و «ذا الحليفة و هو مسجد الشجرة» كما مر في صحيح الحلبي

ص: 6


1- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 3.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 2.

.....

______________________________

و غيره، و «ذا الحليفة و هي الشجرة» كما في خبر عليّ بن رئاب (1). «من الشجرة» كما في صحيح ابن جعفر و غيره (2) و لأجل ذلك اختلفت كلمات الفقهاء أيضا.

و البحث .. تارة: بحسب الأصل العمليّ.

و أخرى: بحسب المستفاد من الأخبار.

و ثالثة: بحسب ما تقتضيه المرتكزات.

أما الأولى: فالمسألة من موارد الاشتغال فلا بد و أن يقتصر على المتيقن و هو المسجد، لاتفاق الكل على صحة الإحرام منه و إجزائه قطعا.

و أما الثانية: فالظاهر أنّ هذه الأسماء كانت قديمة قبل الإسلام لمسميات كذلك أيضا فهي أسماء أودية خاصة كانت في تلك الأماكن المخصوصة و يمكن أن يكون بعضها اسم لقرية كانت حدودها معلومة و معينة كحدود سائر الأماكن المعهودة لديهم و إنّما حدثت المساجد فيها بعد البعثة لا أن تكون تلك فيها قبلها و مقتضى الإطلاق صحة الإحرام من المحلّ المسمى بهذا الاسم في عرف أهل تلك الأماكن، لإطلاق الأدلة و يكون الإحرام من المسجد أفضل لا محالة لا أن يتعيّن ذلك. و عن الكركي: «إنّ جواز الإحرام من الموضع المسمّى بذي الحليفة و إن كان خارجا عن المسجد لا يكاد يدفع» و ظاهره التمسك بالإطلاق.

و منه يظهر البحث عن الجهة الثالثة: لأنّ مقتضى المرتكزات: كون الميقات الوادي المسمّى بهذا الاسم- كعرفات، و منى، و مشعر الحرام و نحو ذلك،- و الفرق بين عرفات- و المشعر، و منى- أنّ ما شك في كونه منها لا يجري عليه حكمها بخلاف الميقات فيصح الإحرام من المشكوك كونه منها، لكونه إما ميقاتا حقيقيا أو محاذيا له و يأتي جواز الإحرام من المحاذي اختيارا.

ص: 7


1- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 7.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 9.

و في بعضها: أنّه مسجد الشجرة و على أيّ حال فالأحوط الاقتصار على المسجد، إذ مع كونه هو المسجد فواضح و مع كونه مكانا فيه المسجد فاللازم حمل المطلق على المقيّد (4) لكن مع ذلك الأقوى جواز الإحرام من خارج المسجد- و لو اختيارا- و إن قلنا إنّ ذا الحليفة هو المسجد (5) و ذلك لأنّ مع الإحرام من جوانب المسجد يصدق الإحرام منه (6) عرفا إذا فرق بين الأمر بالإحرام من المسجد أو بالإحرام فيه هذا مع إمكان دعوى:

أنّ المسجد حدّ للإحرام فيشمل جانبيه مع محاذاته.

و إن شئت فقل: المحاذاة كافية و لو مع القرب من الميقات (7).

______________________________

(4) و لو كان نسبة المسجد إلى ذي الحليفة كنسبة الجزء إلى الكل يصح أن يراد من الجزء الكلّ أيضا كما يقال: رقبة و يراد بها تمام الإنسان و هذا استعمال شائع كإطلاق مسجد الحرام و إرادة مكة المكرمة في آية الإسراء.

و يصح حمل ذكر المسجد على مجرّد الفضل و الفضيلة دون التحديد الحقيقيّ.

(5) و لا دليل عليه إلا ما تقدم في صحيح الحلبي (1) و مع إمكان حمله على الفضل بسقط ظهوره في التعين.

(6) لأنّ المراد بكلمة: «من» مجرد المنشئية فقط كما يقال: مشيت من المدينة إلى مكة- مثلا- مع إمكان أن لا يكون قد دخل المدينة أبدا و يصح هذا الصدق بأيّ نحو صدقت المنشئية بحسب الاستعمال العرفي المحاوري سواء كان قريبا جدّا أم لا.

(7) يأتي ذلك في الميقات التاسع- إن شاء اللّه تعالى- و قال في الجواهر و نعم ما قال: «و من هنا اتجه للأصحاب إطلاقهم عدم إيجابهم المرور و إن كان متمكنا من ذلك إذ لو كان هو شرطا للإحرام وجب المرور به تحصيلا للإحرام

ص: 8


1- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت، و تقدم في صفحة 6.
مسألة 1: الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة و هي ميقات أهل الشام- اختيارا

(مسألة 1): الأقوى عدم جواز التأخير إلى الجحفة و هي ميقات أهل الشام- اختيارا (8).

______________________________

الصحيح» و يأتي بعض ما ينفع المقام في الميقات التاسع هذا مع سقوط هذا البحث فيما قارب هذه العصور رأسا، لأنّه قد اتسع المسجد اتساعا كثيرا و لا يعلم قدر المسجد قبل عشرين سنة فضلا عما كان في زمان صدور الروايات.

و ما كان بناؤه على التغير و التبدل بحسب الأزمنة و القرون يكون التحديد الحقيقيّ بالنسبة إليه لغوا- كالمسجد، و البلد و نحوهما مما يكون في معرض التغيير و التبدل- فيكون ما ورد من التحديد تحديدا وقتيا لا أبديا و لعلّ هذا أحد أسرار إطلاقهم رحمهم اللّه عدم وجوب المرور على نفس الميقات و لو مع التمكن منه و كفاية الإحرام من المحاذي.

(8) لعمومات توقيت ذي الحليفة و إطلاقاتها الظاهرة في التعين خصوصا خبر ابن عبد الحميد عن أبي الحسن موسى عليه السّلام: «سألته عن قوم قدموا المدينة، فخافوا كثرة البرد و كثرة الأيام- يعني الإحرام من الشجرة- فأرادوا أن يأخذوا منها إلى ذات عرق فيحرموا منها قال عليه السّلام: لا- و هو مغضب- من دخل المدينة فليس له أن يحرم إلا من المدينة» (1).

و خبر أبي بصير: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام خصال عابها عليك أهل مكة قال عليه السّلام: و ما هي؟ قلت: قالوا: أحرم من الجحفة و رسول اللّه أحرم من الشجرة فقال عليه السّلام: الجحفة أحد الوقتين فأخذت بأدناهما و كنت عليلا» (2). و سيأتي بقية الخصال التي ذكرها أبو بصير في الطواف و غيره.

و عنه عليه السّلام في خبر أبي بكر الحضرمي قال: «قال عليه السّلام: إنّي خرجت بأهلي ماشيا فلم أهل حتى أتيت الجحفة- و قد كنت شاكيا- فجعل أهل المدينة

ص: 9


1- الوسائل باب: 8 من أبواب المواقيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 4.

نعم، يجوز مع الضرورة، لمرض أو ضعف، أو غيرهما من الموانع (9). لكن خصها بعضهم بخصوص المرض (10) و الضعف لوجودهما في الأخبار فلا يلحق بهما غيرهما من الضرورات. و الظاهر

______________________________

يسألون عنّي فيقولون: لقيناه و عليه ثيابه و هم لا يعلمون و قد رخص رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لمن كان مريضا أو ضعيفا أن يحرم من الجحفة» (1).

و هذا هو المشهور بين الفقهاء و لا يختص ذلك بخصوص المقام بل هو جار في جميع المواقيت على ما يأتي في [مسألة 2] من (فصل أحكام المواقيت).

و أما صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام الوارد في المواقيت: «و أهل المدينة من ذي الحليفة و الجحفة» (2).

و صحيح ابن عمار: «أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل من أهل المدينة أحرم من الجحفة؟ فقال عليه السّلام: لا بأس» (3)، و صحيح الحلبي: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام من أين يحرم الرجل إذا جاوز الشجرة؟ فقال عليه السّلام من الجحفة و لا يجاوز الجحفة إلا محرما» (4) فلا بد و أن يحمل على موارد الضرورة و الاضطرار دون التعمد و الاختيار و لا وجه لما نسب إلى الجعفي و ابن حمزة من جوازه اختيارا و كون الإحرام من الشجرة أفضل.

(9) للإجماع، و النصوص التي تقدم بعضها.

(10) يظهر ذلك من صاحب الجواهر، و يمكن أن يكون ذكره للمرض من باب المثال فلا يكون مخالفا.

ص: 10


1- الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 5.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 5.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 1.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 3.

إرادة المثال فالأقوى جوازه مع مطلق الضرورة (11).

مسألة 2: يجوز لأهل المدينة و من أتاها العدول إلى ميقات آخر

(مسألة 2): يجوز لأهل المدينة و من أتاها العدول إلى ميقات آخر (12) كالجحفة أو العقيق، فعدم جواز التأخير إلى الجحفة إنّما هو إذا

______________________________

(11) كما هو ظاهر الأصحاب، و إطلاق قول أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «فلا تجاوز الميقات إلا من علة» (1)، و إطلاق خبر المحاملي عن أحدهما عليهما السّلام: «إذا خاف الرجل على نفسه أخّر إحرامه إلى الحرم» (2) و تقتضيه سهولة الشريعة المقدسة خصوصا في الإحرام المشتمل على الكلفة الشديدة سيّما في الأزمنة القديمة من تحمّل الحرّ و البرد و سائر المتاعب الكثيرة.

فروع: الأول: مقتضى الإطلاق كفاية مطلق الضعف في جواز التأخير و لو لم يصل إلى حدّ الحرج.

الثاني: لو لم يكن مرض و لا ضعف فعليّ و لكن خاف على نفسه من حدوث أحدهما لو أحرم من الشجرة- مثلا- يجوز التأخير، لإطلاق خبر المحاملي.

الثالث: لو أخّر الإحرام عمدا و اختيارا إلى ميقات آخر فأحرم منه و بعد أن أحرم علم بأنّه كان معذورا في التأخير في الواقع يصح إحرامه و إن تجرّأ ظاهرا.

الرابع: لو أخر بزعم العذر فبان الخلاف، فالظاهر عدم الإجزاء.

الخامس: لا فرق فيما ذكر بين الحج الواجب و المندوب، و المنذور، للإطلاق الشامل لجميع ذلك.

(12) العدول إلى ميقات آخر يتصوّر على أقسام:

الأول: أن يأتي إلى ذي الحليفة- مثلا- و لم يرد النسك و لا قاصدا لها

ص: 11


1- الوسائل باب: 15 من أبواب المواقيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب المواقيت حديث: 3.

مشى من طريق ذي الحليفة. بل الظاهر أنّه لو أتى إلى ذي الحليفة ثمَّ أراد الرجوع منه و المشي من طريق آخر جاز بل يجوز أن يعدل عنه من غير رجوع، فإنّ الذي لا يجوز هو التجاوز عن الميقات محلا، و إذا عدل إلى طريق آخر لا يكون مجاوزا و إن كان ذلك و هو في ذي الحليفة.

و ما في خبر إبراهيم بن عبد الحميد عن المنع عن العدول إذا أتى المدينة- مع ضعفه- منزل على الكراهة (13).

مسألة 3: الحائض تحرم خارج المسجد على المختار

(مسألة 3): الحائض تحرم خارج المسجد على المختار، و يدل عليه

______________________________

فعدل عنها و سار إلى طريق آخر ثمَّ حصل له قصد دخول مكة و أراد النسك فأحرم من ميقات آخر.

الثاني: إذا أراد النسك و دخول مكة و ذهب إلى ذي الحليفة للإحرام فبدا له أن يحرم منه قبل دخول الوادي.

الثالث: هذه الصورة مع الدخول فيها ثمَّ بدا له الإحرام من ميقات آخر.

الرابع: إتيان ذي الحليفة للإحرام منها ثمَّ الرجوع إلى المدينة و الذهاب منها إلى ميقات آخر.

و مقتضى الأصل الجواز في الجميع و لا يصح التمسك بما دل على عدم تجاوز الميقات إلا محرما- كما سيأتي- للشك في شموله لمثل هذه الموارد فيكون التمسك به من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية، لأنّ المنساق منه ما إذا أراد النسك من الميقات و مع ذلك لم يحرم منها و تجاوزها عمدا و اختيارا و جميع ما ذكرناه من الأقسام ليس من ذلك.

(13) وجه الضعف أنّ في سنده جعفر بن محمد بن حكيم و هو مجهول، مع ان مورده صورة الخوف و الاضطرار و يجوز فيها العدول بلا إشكال فلا بد و أن يحمل على بعض المحامل.

ص: 12

- مضافا إلى ما مر- مرسلة يونس (14) في كيفية إحرامها: «و لا تدخل المسجد، و تهل بالحج بغير صلاة» و أما على القول بالاختصاص بالمسجد، فمع عدم إمكان صبرها (15) إلى أن تطهر تدخل المسجد، و تحرم في حال الاجتياز إن أمكن، و إن لم يمكن- لزحام أو غيره- أحرمت خارج المسجد و جدّدت في الجحفة (16) أو محاذاتها.

مسألة 4: إذا كان جنبا و لم يكن عنده ماء

(مسألة 4): إذا كان جنبا و لم يكن عنده ماء جاز له أن يحرم خارج المسجد (17) و الأحوط أن يتيمم للدخول (18) و الإحرام منه

______________________________

(14) هي مستندة في الكافي عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن ابن فضال، عن يونس بن يعقوب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحائض تريد الإحرام قال عليه السّلام: تغتسل و تستثفر. و تحتشي بالكرسف و تلبس ثوبا دون ثياب إحرامها، و تستقبل القبلة، و لا تدخل المسجد و تهلّ بالحج بغير صلاة» (1).

و احتمال أنّها تختص بالحج فلا عموم فيها حتى يشمل إحرام العمرة (مدفوع) بأنّ الظاهر من قوله عليه السّلام: «تهلّ بالحج» من المثال لمطلق الإحرام لا التقييد به، مع أنّ الإحرام من الشجرة للعمرة لا محالة.

(15) بل و مع الإمكان أيضا لجواز اجتيازها من غير المسجدين عمدا و اختيارا، كما مرّ.

(16) لا دليل على وجوب التجديد حتى بناء على هذا القول. نعم، هو الأحوط.

(17) إن توقف الإحرام على اللبس فيه و إلا فيحرم مجتازا و يجزي على القول بتعين المسجد أيضا.

(18) الظاهر تعينه مطلقا، لعموم بدلية التيمم سواء كان الإحرام من

ص: 13


1- الوسائل باب: 48 من أبواب الإحرام حديث: 2.

و يتعيّن ذلك على القول بتعيين المسجد، و كذا الحائض إذا لم يكن لها ماء بعد نقائها.

الثاني: العقيق

الثاني: العقيق و هو: ميقات أهل نجد، و العراق (19) و من يمر عليه من غيرهم (20) و أوله: المسلخ، و أوسطه غمرة، و آخره ذات عرق (21)،

______________________________

المسجد متعينا أم لا، لحرمة توقف الجنب في المسجد مطلقا فلا بد إما من الاغتسال أو التيمم إن توقف الإحرام على التوقف فيه. نعم، لو أحرم مجتازا يصح إحرامه بلا غسل و تيمم، لجواز اجتياز المحدث بالحدث الأكبر في غير المسجدين و الكلام في الحائض هو الكلام في الجنب من غير فرق فلا وجه للتكرار.

(19) للنصوص، و الإجماع فعن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «و وقّت لأهل نجد العقيق» و في غيره «و وقت لأهل نجد العقيق و ما أنجدت» (1) و عنه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «وقّت لأهل العراق- و لم يكن يومئذ عراق- بطن العقيق من قبل أهل العراق» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن يزيد: «وقّت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لأهل المشرق العقيق نحوا من بريدين ما بين بريد البعث إلى غمرة» (3).

(20) نصّا، و إجماعا يأتي التعرض له في [مسألة 5].

(21) على المشهور بين الأصحاب بل المجمع عليه بينهم بالنسبة إلى أوله، و يدل عليه قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر أبي بصير: «حدّ العقيق أوله المسلخ و آخره ذات عرق» (4)، و عنه عليه السّلام أيضا في مرسل الصدوق: «وقّت

ص: 14


1- الوسائل باب: 6 من أبواب المواقيت حديث: 1 و 3.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 2.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 6.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت حديث: 7.

و المشهور جواز الإحرام من جميع مواضعه اختيارا (22)، و أنّ الأفضل الإحرام من المسلخ ثمَّ من غمرة (23) و الأحوط عدم التأخير إلى ذات عرق الا لمرض أو تقية، فإنّه ميقات العامة (24)، لكن الأقوى ما هو

______________________________

رسول صلى اللّه عليه و آله لأهل العراق العقيق و أوله المسلخ، و وسطه غمرة، و آخره ذات عرق، و أوله أفضل» (1).

و ما يظهر منه الخلاف كخبر أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام قال: «حدّ العقيق:

ما بين المسلخ إلى عقبة غمرة» (2).

و خبر ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «أول العقيق: بريد البعث و هو دون المسلخ بستة أميال مما يلي العراق و بينه و بين غمرة أربعة و عشرون ميلا، بريدان» (3) لا بد من أن يؤوّل أو يطرح، لإعراض المشهور عنه مع إجماله كما لا يخفى، فلا وجه لما نسب إلى الصدوقين و النهاية من عدم جواز الإحرام من ذات عرق إلا للتقية.

(22) كما هو ظاهر النص، و الفتوى بل عن الناصرية، و الخلاف، و الغنية الإجماع عليه كذا في الجواهر.

(23) أما أنّ أوله الأفضل، فلما تقدم في مرسل الصدوق، و في موثق يونس: «عن الإحرام من أيّ العقيق أفضل أن أحرم؟ فقال عليه السّلام: من أوله أفضل» (4). و يمكن أن يستفاد منه أفضلية وسطه ثمَّ آخره بالنسبة أيضا، مع أنّ فتوى الأصحاب تكفي في ذلك من باب التسامح.

(24) لا وجه لهذا التعليل بعد جواز الإحرام منه عند المشهور من

ص: 15


1- الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت حديث: 9.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت حديث: 5.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب المواقيت حديث: 2.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب المواقيت حديث: 1.

المشهور و يجوز- في حال التقية- الإحرام من أوله- قبل ذات عرق- سرّا من غير نزع ما عليه من الثياب إلى ذات عرق، ثمَّ إظهاره و لبس ثوبي الإحرام هناك بل هو الأحوط و إن أمكن تجرده و لبس الثوبين سرّا، ثمَّ نزعهما و لبس ثيابه إلى ذات عرق، ثمَّ التجرد و لبس الثوبين فهو أولى (25).

الثالث: الجحفة

الثالث: الجحفة (26) و هي: لأهل الشام، و مصر، و المغرب و من يمر

______________________________

الإمامية. نعم، يكفي في حسن الاحتياط الخروج عن خلاف ما نسب إلى الصدوقين، و الشيخ من عدم جواز الإحرام منها اختيارا.

(25) مع الفداء للبس المخيط على الأحوط و لكن في انطباق التقية على الإحرام من أوله إشكال، بل منع لاتفاق العامة على جواز الإحرام قبل الميقات.

(26) إجماعا، و نصوصا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار:

«و وقّت لأهل المغرب الجحفة» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا: «و وقّت لأهل الشام الجحفة» (2)، و في صحيح ابن جعفر عليه السّلام: «و أهل الشام و مصر من الجحفة» (3).

أقول: الجحفة قريبة من رابغ و هو محل مشهور فراجع الخريطة.

ثمَّ إنّهم تعرّضوا في المقام لبيان المساحة بين ذي الحليفة و المدينة. و بين الجحفة و البحر و بين حرم مكة. و بينوا أسماء وادي العقيق. و ذلك كله ساقط في هذه العصور، لتبدل الطرق و الأوضاع بل الأسماء أيضا فكل ما كتب في هذا السياق لا بد و أن يبقى في مطاوي تلك الكتب، لعدم أثر علميّ و لا عمليّ بالنسبة إليها أصلا و لذا أغمضنا عن ذلك كله و يكفي في إحراز تلك المواقيت العلامات

ص: 16


1- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 2.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 10.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 5.

عليها من غيرهم (27) إذا لم يحرم من الميقات السابق عليها.

الرابع: يلملم

الرابع: يلملم و هو: لأهل اليمن (28).

الخامس: قرن المنازل

الخامس: قرن المنازل و هو لأهل الطائف (29).

السادس: مكة

السادس: مكة، و هي لحج التمتع (30).

______________________________

الموضوعة هناك و المساجد المبنية في تلك الأماكن لعقد الإحرام. و اشتهار المواقيت خلفا عن سلف يغني عن الرجوع إلى قول اللغوي و غيره.

(27) للنص، و الإجماع قال أبو الحسن عليه السّلام في صحيح صفوان: «إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله وقّت المواقيت لأهلها و من أتى عليها من غير أهلها» (1)، و يأتي في [مسألة 5] ما ينفع المقام.

(28) للإجماع، و النصوص منها قوله عليه السّلام: «و وقّت لأهل اليمن يلملم» (2).

أقول: و هو جبل في جنوب مكة و يسمّى الآن بالسعدية.

(29) للنصوص، و الإجماع:

منها: قوله عليه السّلام: «و وقّت لأهل الطائف قرن المنازل» (3) و ما في بعض الأخبار إنّه لأهل نجد كما في صحيح عمر بن يزيد: «و لأهل نجد قرن المنازل» (4) و ما في بعضها أنّه لأهل يمن (5) إما محمول على ما إذا مروا من قرن المنازل أو مطروح.

(30) إجماعا من الإمامية بل المسلمين. بل الحكم من القطعيات الفقهية

ص: 17


1- الوسائل باب: 15 من أبواب المواقيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 2.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 2.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 6.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب المواقيت حديث: 7.

السابع: دويرة الأهل

السابع: دويرة الأهل (31) أي: المنزل و هي لمن كان منزله دون الميقات إلى مكة بل لأهل مكة أيضا على المشهور الأقوى (32)، و إن

______________________________

قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه تعالى- فاغتسل ثمَّ البس ثوبيك و ادخل المسجد حافيا و عليك السكينة و الوقار ثمَّ صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثمَّ اقعد حتى تزول الشمس فصلّ المكتوبة ثمَّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة فأحرم للحج» (1) و لا وجه للإشكال عليه لعدم إمكان استفادة الوجوب منه لاشتماله على كثير من المندوبات، لإمكان التفكيك في جملات خبر واحد بواسطة القرائن الخارجية كما هو كثير شائع في الفقه.

و في صحيح الحلبي: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام لأهل مكة أن يتمتعوا؟

قال عليه السّلام: لا، قلت: فالقاطنين بها؟ قال عليه السّلام: إذا أقاموا سنة أو سنتين صنعوا كما يصنع أهل مكة فإذا أقاموا شهرا فإنّ لهم أن يتمتعوا. قلت: من أين يهلون بالحج؟ فقال عليه السّلام: من مكة نحوا فمن يقول الناس» (2).

(31) إجماعا، و نصوصا.

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «من كان منزله دون الوقت إلى مكة فليحرم من منزله» (3).

(32) و يظهر منهم عدم الخلاف فيه، لأنّ المنساق من قوله عليه السّلام: «من كان منزله دون الوقت إلى مكة فليحرم من منزله» إنّ أهل جميع المنازل الكائنة فيما دون الوقت يحرمون من منازلهم و من المنازل التي فيما دون الوقت منازل مكة

ص: 18


1- الوسائل باب: 52 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت حديث: 1.

استشكل فيه بعضهم (33) فإنّهم يحرمون لحج القران و الإفراد من مكة (34)، بل و كذا المجاور الذي انتقل فرضه إلى فرض أهل مكة، و إن

______________________________

أيضا. و يمكن استفادة ذلك بالأولوية ممن كان منزله في خارج الحرم لمكان فضل الحرم و مكة، و يمكن تأييده بما ورد في إحرام حج التمتع أيضا حيث إنه من مكة- كما تقدم-، و بالنبويّ: «فمن كان دونهنّ فمهله من أهله» (1)، و المرسل: «عن رجل منزله خلف الجحفة من أين يحرم؟ قال عليه السّلام: من منزله» (2)فالإطلاق، و الاعتبار شاهد على الصحة.

(33) يظهر من صاحب الجواهر فقال رحمه اللّه: «يبقى الكلام في أهل مكة من حيث عدم اندراجهم في اللفظ المزبور المقتضي للمغايرة» و مراده باللفظ المزبور قوله عليه السّلام: «من كان منزله دون الوقت إلى مكّة» و لكنه اختار أخيرا مقالة المشهور.

و أما صحيح الحناط: «كنت مجاورا بمكة فسألت أبا عبد اللّه عليه السّلام من أين أحرم بالحج؟ فقال عليه السّلام: من حيث أحرم رسول اللّه من الجعرانة» (3)، و صحيح ابن الحجاج عنه عليه السّلام أيضا: «إنّي أريد الجوار فكيف أصنع؟ فقال عليه السّلام: إذا رأيت الهلال- هلال ذي الحجة- فأخرج إلى الجعرانة فأحرم منها بالحج» (4) فإما أن يختص بخصوص المجاور كما عن الحدائق أو محمول على الأفضلية، لأنّ أفضل الأعمال أحمزها كما هو معروف.

(34) كما يكون لحج التمتع منها أيضا لكنه يكون منها مطلقا و في القران و الإفراد يكون لأهلها.

ص: 19


1- السنن الكبرى للبيهقي جزء 5 صفحة 29 باب: من كان أهله دون الميقات.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب المواقيت حديث: 6.
3- الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 6.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.

كان الأحوط إحرامه- من الجعرانة و هي أحد مواضع أدنى الحل- للصحيحين الواردين فيه المقتضي إطلاقهما عدم الفرق بين من انتقل فرضه أو لم ينتقل و إن كان القدر المتيقن (35) الثاني، فلا يشمل ما نحن فيه لكن الأحوط ما ذكرنا، عملا بإطلاقهما و الظاهر أنّ الإحرام من المنزل للمذكورين من باب الرخصة (36)، و إلا فيجوز لهم الإحرام من أحد المواقيت بل لعله أفضل، لبعد المسافة، و طول زمان الإحرام.

الثامن: فخ

الثامن: فخ و هو ميقات الصبيان، في غير حج التمتع (37) عند

______________________________

(35) لعل مراده المنصرف إليه بقرينة غيره و الا فلا وجه للقدر المتيقن مع الإطلاق.

(36) لأنّ ظاهر الأمر و إن كان هو التعين و لكن مقتضى ما تقدم في [مسألة 2] جواز العدول من الأبعد إلى الأقرب فيجوز هنا بالأولى، لكونه أشق و المقام من صغريات تلك المسألة فإنّ ما هو غير جائز إنّما هو الذهاب من مكة إلى عرفات لمن يريد النسك للإحرام و أما غيره من الصور فمقتضى الأصل جوازها بعد الشك في كون الأدلة في مقام البيان من هذه الجهة و إنّما هي في مقام أصل تشريع الإحرام من مكة للحج فقط تسهيلا و امتنانا. و أما عدم جواز غيره فلا يستفاد منها.

(37) فخ: محلّ معروف على فرسخ من مكة. ثمَّ إنّ أصل تجرد الصبيان من فخ لا إشكال فيه نصّا و فتوى كما يأتي. و أما كونه في غير حج التمتع فلأنّ محلّ إحرام حج التمتع إنّما هو مكة مطلقا بالنسبة إلى المكلف و الصبيّ بلا فرق بينهما من هذه الجهة بل و كذا في حجي القران و الإفراد إن كان المنزل في مكة.

و إنّما الخلاف في أنّ الإحرام من الميقات و التجرد من فخ لضعفهم و عدم تحملهم للحرّ و البرد. أو إنّ أصل إحرامهم إنّما هو من فخ نسب الأخير إلى الأكثر. و عن الرياض عدم الخلاف فيه بناء على أنّ التجريد من الثياب إنّما هو

ص: 20

جماعة، بمعنى: جواز تأخير إحرامهم إلى هذا المكان، لا أنّه يتعيّن ذلك و لكن الأحوط ما عن آخرين من وجوب كون إحرامهم من الميقات، لكن لا يجرّدون إلا في فخ، ثمَّ إنّ جواز التأخير- على القول الأول- إنّما هو إذا مروا على طريق المدينة و أما إذا سلكوا طريقا لا يصل إلى فخ فاللازم إحرامهم من ميقات البالغين (38).

______________________________

الإحرام و قد وقع ذلك في صحيح أيوب بن الحر: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام من أين تجرد الصبيان؟ قال عليه السّلام: كان أبي يجردهم من فخ» (1)، و مثله صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام. و ذهب جمع منهم ابن إدريس إلى الأول، للأدلة الدالة على أنّ الإحرام من الميقات و التجرد من فخ أعمّ منه.

و أما قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «انظروا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة و إلى بطن مرّ و يصنع بهم ما يصنع بالمحرم» (2) فالظاهر أنّه خطاب لمن أحرم من مسجد الشجرة فيمكن أن يستدل به على جواز تأخير الإحرام بالصبيان من ميقات إلى ميقات آخر و يمكن أن يكون ذكره عليه السّلام: «لبطن مرّ» من حيث أنّه محاذ للجحفة فيصح التأخير إلى المحاذي أيضا إن كانت هناك مصلحة للصبيان في التأخير إليها، و كذا خبر يونس: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ معي صبية صغار و أنا أخاف عليهم البرد فمن أين يحرمون؟ قال عليه السّلام: ائت بهم العرج فليحرموا منها فإنّك إذا أتيت العرج وقعت في تهامة- ثمَّ قال عليه السّلام- فإن خفت عليهم فائت بهم الجحفة» (3).

فإنّ المنساق من هذه الأخبار مراعاة المصلحة في إحرام الصبيان بحسب الحالات و الأزمنة و لا وجه لتوهم المعارضة بينها.

(38) لإطلاق الأدلة و عمومها من غير تقييد و تخصيص.

ص: 21


1- الوسائل باب: 18 من أبواب المواقيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 7.

التاسع: محاذاة أحد المواقيت الخمسة

التاسع: محاذاة أحد المواقيت الخمسة (39)، و هي ميقات من لم يمر على أحدها و الدليل عليه صحيحتا ابن سنان و لا يضرّ اختصاصهما بمحاذاة مسجد الشجرة، بعد فهم المثالية منهما، و عدم القول بالفصل و مقتضاهما محاذاة أبعد الميقاتين إلى مكة إذا كان في طريق يحاذي اثنين، فلا وجه للقول بكفاية أقربهما إلى مكة (40) و تتحقق المحاذاة بأن يصل

______________________________

(39) للنص، و ظهور الإجماع، و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «من أقام بالمدينة شهرا و هو يريد الحج ثمَّ بدا له أن يخرج في غير طريق أهل المدينة الذي يأخذونه فليكن إحرامه من مسيرة ستة أميال فيكون حذاء الشجرة من البيداء» (1).

و رواية الصدوق عنه عليه السّلام أيضا: «من أقام بالمدينة و هو يريد الحج شهرا أو نحوه ثمَّ بدا له أن يخرج في غير طريق بالمدينة فإذا كان حذاء الشجرة و البيداء مسيرة ستة أميال فليحرم منها» (2) و الظاهر كونهما واحدا و التعدد إنّما هو لاختلاف المتن فيما لا يضرّ بالمقصود.

و أما مرسل الكافي: «و في رواية يحرم من الشجرة ثمَّ يأخذ في أي طريق شاء» (3)، و ما تقدم من خبر ابن عبد الحميد (4) فأسقطهما عن الاعتبار قصور السند و الإعراض كما أنّ إقامة شهر بالمدينة المذكورة في الصحيح لم أجد عاملا به فلا بد من حمله على كونه من باب المثال لكل من دخل المدينة لإرادة الحج أقام فيها شهرا أو لا.

(40) اختار محاذاة أقرب المواقيت العلامة، و الشيخ في المبسوط

ص: 22


1- الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت حديث: 1
2- الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت حديث: 3.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب المواقيت حديث: 2.
4- تقدم في صفحة 9.

- في طريقه إلى مكة- إلى موضع يكون بينه و بين مكة باب (41) و هي بين ذلك الميقات و مكة بالخط المستقيم. و بوجه آخر: أن يكون الخطّ من

______________________________

و استجوده في المدارك. و عن ابن إدريس التخيير بين ما يحاذي أحد المواقيت مطلقا. و أختار في المتن محاذاة أبعد المواقيت إذا كان في طريقه ما يحاذي اثنين منها.

و البحث في هذه المسألة تارة: بحسب الأصل العملي.

و أخرى: بحسب الدليل.

و ثالثة: بحسب الكلمات:

أما الأول: فالمسألة من صغريات الأقل و الأكثر فيجب الإحرام من محاذي أقرب المواقيت مع عدم المرور عليها و لو حاذى ميقاتا آخر في البين.

و أما الثاني: فليس في البين إلا صحيح ابن سنان و يمكن الخدشة فيه بأنّه في مقام توهم الخطر فلا يستفاد منه أزيد من أصل الجواز في الجملة. مع أنّه يمكن أن يقال: لا يستفاد منه إلا مطلق الأفضلية و الرجحان مع الإغماض عما ذكرناه، لأنّ تنزيل المحاذي للميقات منزلة الميقات من كل جهة يحتاج إلى عناية أكثر من ذلك.

و أما الثالث: فلا إجماع في البين يصح الاعتماد عليه و قد ذكرت أقوال من الفقهاء وصلت إليها أنظارهم و اجتهاداتهم و حينئذ فإن سلم صحيح ابن سنان عما نقلناه من الخدشة فالمعتمد عليه و إلّا فالمرجع إنّما هو الأصل بعد ثبوت أصل الجواز في الجملة.

(41) الظاهر أنّ هذه العبارة سهو من قلمه رحمه اللّه- أو اشتباه من الكتاب- و المرجع في المحاذاة إنّما هو حكم العرف لا الدقة العقلية، لأنّ الأدلة منزلة على العرفيات دون الدقيات العقلية و المناط أن يكون الشخص متوجها إلى مكة عرفا و يكون الميقات على يمينه أو يساره بحسب الأنظار العرفية.

ص: 23

موقفه إلى الميقات أقصر الخطوط في ذلك الطريق.

ثمَّ إنّ المدار على صدق المحاذاة عرفا، فلا يكفي إذا كان بعيد (42) عنه فيعتبر فيه المسامتة، كما لا يخفى. و اللازم حصول العلم بالمحاذاة إن أمكن، و الا فالظن الحاصل من قول أهل الخبرة (43) و مع عدمه أيضا فاللازم الذهاب إلى الميقات، أو الإحرام من أول موضع احتماله و استمرار النية و التلبية إلى آخر مواضعه. و لا يضرّ احتمال كون الإحرام قبل الميقات حينئذ- مع أنّه لا يجوز- لأنّه لا بأس به إذا كان بعنوان الاحتياط و لا يجوز إجراء أصالة عدم الوصول إلى المحاذاة، أو أصالة عدم وجوب الإحرام، لأنّهما لا يثبتان كون ما بعد ذلك محاذيا. و المفروض لزوم كون إنشاء الإحرام من المحاذاة. و يجوز لمثل هذا الشخص أن ينذر الإحرام قبل الميقات، فيحرم في أول موضع الاحتمال أو قبله، على ما سيأتي من جواز ذلك مع النذر و الأحوط في صورة الظن أيضا عدم الاكتفاء به و إعمال أحد هذه الأمور، و إن كان الأقوى الاكتفاء، بل الأحوط عدم الاكتفاء بالمحاذاة مع إمكان الذهاب إلى الميقات (44) لكن الأقوى ما ذكرنا من جوازه مطلقا.

______________________________

(42) لعدم صدق المحاذاة العرفية حينئذ و إن صدقت الدقية منها و تقدم أنّه لا اعتبار بها.

(43) أما اعتبار العلم، فلقاعدة الاشتغال. و أما كفاية الظن مع عدم إمكان تحصيل العلم، فللإجماع، و الحرج بل يظهر منهم كفايته و لو مع إمكان تحصيله لإطلاق قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «يجزيك إذا لم تعرف العقيق أن تسأل الناس و الأعراب عن ذلك» (1).

(44) لصحة دعوى الانصراف حينئذ. و لكنّه مخدوش، لإطلاق

ص: 24


1- الوسائل باب: 5 من أبواب المواقيت حديث: 1.

ثمَّ إن أحرم في موضع الظن بالمحاذاة و لم يتبين الخلاف فلا إشكال (45). و إن تبين بعد ذلك كونه قبل المحاذاة و لم يتجاوزه أعاد الإحرام (46) و إن تبيّن كونه قبله و قد تجاوز، أو تبيّن كونه بعده فإن أمكن العود و التجديد تعيّن (47)، و إلا فيكفي في الصورة الثانية، و يجدد في الأولى في مكانه و الأولى التجديد مطلقا (48) و لا فرق- في جواز الإحرام في المحاذاة- بين البر و البحر (49). ثمَّ إنّ الظاهر أنّه لا يتصوّر طريق لا

______________________________

الأصحاب عدم وجوب المرور بالميقات و لو مع الإمكان و قال في الجواهر:

«و من هنا اتجه للأصحاب إطلاقهم عدم إيجابهم المرور به و إن كان متمكنا من ذلك لأنّه لو كان شرطا في صحة الإحرام وجب المرور به تحصيلا للإحرام».

(45) لقاعدة الإجزاء.

(46) لتبين عدم كون ما أتى به إحراما صحيحا و المفروض أنّه متمكن من الإحرام الصحيح، فيجب عليه الإتيان به.

(47) لقاعدة الاشتغال بعد عدم دليل على إجزاء ما أتى به.

(48) أما صحة أصل الإحرام في الصورة الثانية، فلقاعدة الميسور، لأنّ هذه المسافة لا بد و أن تقطع مع الإحرام فإذا لم يتمكن من أولها يكتفي بما تحقق منه من أيّ جزء منها فيكفي حينئذ.

و أما التجديد في الأولى في مكانه، فلتبيّن عدم انعقاد الإحرام صحيحا فيجدد النية من حيث ما أمكن ذلك، لقاعدة الميسور.

و أما أنّ الأولى التجديد مطلقا حتى في الصورة الثانية، فلاحتمال عدم جريان القاعدة في المقام بعد إمكان تجديد النية. و يأتي في الفصل التالي ما ينفع المقام.

(49) لظهور عدم الخلاف، و إطلاق صحيح ابن سنان (1) بعد حمل

ص: 25


1- تقدم في صفحة: 22.

يمرّ على ميقات، و لا يكون محاذيا لواحد منها (50)، إذ المواقيت محيطة بالحرم من الجوانب (51)، فلا بد من محاذاة واحد منها. و لو فرض إمكان ذلك فاللازم الإحرام من أدنى الحلّ (52) و عن بعضهم إنّه يحرم من موضع يكون بينه و بين مكة بقدر ما بينها و بين أقرب المواقيت إليها و هو مرحلتان لأنّه لا يجوز لأحد قطعه إلا محرما.

و فيه: أنّه لا دليل عليه لكن الأحوط الإحرام منه و تجديده في أدنى الحل.

______________________________

محاذاة المسجد على مجرّد المثال. و عن ابن إدريس: «إنّ ميقات أهل مصر و من صعد البحر جدّة» و الظاهر أنّها لأجل محاذاتها للجحفة أو قرن المنازل. لكن على بعد فراجع الخريطة فإن اكتفينا بالمحاذي البعيد يجزي ذلك و إلا فلا بد من إحراز محاذ آخر أقرب منها و لو بقول أهل خبرة تلك الأماكن.

(50) يظهر من العلامة في القواعد، و ولده في شرحه، و صاحب المدارك تصوير هذا أي: تصوير طريق لا يكون محاذيا لواحد منها حيث بينوا حكمه و بيان الحكم متفرّع على تصوير الموضوع فقالوا: إنّه يحرم حينئذ من أدنى الحل.

(51) صرّح بذلك في المستند، و الجواهر و المراد بالإحاطة، الإحاطة العرفية و لو مع البعد لا الحقيقة كما يظهر من مراجعة الخريطة و لكنه مبنيّ على اعتبار المحاذي حتى مع البعد و لا دليل عليه فيصح حينئذ فرض طريق لا يمرّ على الميقات و لا يكون محاذيا لواحد منها كما عن العلامة و ولده و صاحب المدارك.

(52) لإطلاق ما دل على عدم جواز دخول الحرم لمن يريد النسك بلا إحرام، و أصالة البراءة عن وجوب الإحرام مما قبله إلا مع الدليل على الخلاف و لا دليل عليه في المقام. و تقدم عن صاحب الجواهر إطلاق الأصحاب عدم

ص: 26

العاشر: أدنى الحل

اشارة

العاشر: أدنى الحل، و هو ميقات العمرة المفردة بعد حج القران أو الإفراد، بل لكل عمرة مفردة (53) و الأفضل أن يكون من الحديبية (54)،

______________________________

وجوب المرور على الميقات، و مقتضى الأصل عدم اعتباره في صحة الإحرام إلا فيما دل عليه الدليل بالخصوص و هو فيما إذا سلك الميقات أو ما يحاذيه.

(53) لظهور عدم الخلاف، و إطلاق جملة من النصوص:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر ابن يزيد: «من أراد أن يخرج من مكة ليعتمر أحرم من الجعرانة أو الحديبية أو ما أشبهها و إن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله اعتمر ثلاث عمر متفرّقات كلها في ذي القعدة، عمرة أهل فيها من عسفان و هي عمرة الحديبية، و عمرة القضاء أحرم فيها من الجحفة، و عمرة أهلّ فيها من الجعرانة و هي من الطائف من غزاة حنين» (1).

و في صحيح ابن دراج قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن المرأة الحائض إذا قدمت مكة يوم التروية قال عليه السّلام: تمضي كما هي إلى عرفات فتجعلها حجة ثمَّ تقيم حتى تطهر فتخرج إلى التنعيم فتحرم فتجعلها عمرة قال ابن أبي عمير: كما صنعت عائشة» (2) و المتفاهم منه أنّ ذكر الحائض و حج الإفراد من باب بيان إحدى المصاديق لا التخصيص كما أنّ المتفاهم من الخبرين وجوب الخروج إلى هذه الأماكن لعدم التفاوت بين التعبير فيهما و مثل هذا التعبير في سائر الأخبار التي يستدل بها على الوجوب.

(54) لا ريب في كون الحديبية ميقاتا للعمرة في الجملة إجماعا و نصوصا كما تقدم إنّما الكلام في جهتين الأولى: هل أنّها مختصة بالعمرة المفردة أو تشمل التمتع أيضا؟ الثانية أنّها على فرض الشمول هل تختص

ص: 27


1- الوسائل باب: 22 من أبواب المواقيت حديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.

أو الجعرانة، أو التنعيم فإنّها منصوصة (55). و هي: من حدود الحرم، على

______________________________

بصور العذر و النسيان و الجهل و نحوهما أو تشمل حالة الاختيار.

أما الأولى: فالظاهر أنّ اختصاصها بالعمرة المفردة من باب الغالب و المثال لأنّ من يأتي إلى مكة المكرمة لا يأتي الا و قبل الحديبية ميقات له، فلا يدخلون مكة الا و هم محرمون من الميقات الذي يعبرون عليه لحرمة تجاوز الميقات بلا إحرام و من دون عذر، و أما إذا كانوا بحيث لا يعبرون على ميقات كمن يأتي بالطائرة إلى جدّة فلا بد من عبورهم إلى الحديبية و يتعيّن لهم الإحرام منها لفرض كونها ميقاتا للعمرة، و الإفراد كان من خصوصيات الحال و الوقت لا من قيود المأمور به خصوصا في الأزمنة القديمة التي قلّت لديهم عمرة التمتع.

و لا نحتاج إلى نذر الإحرام من جدّة، و كذا لا حاجة إلى ملاحظة مساواته للميقات و لا للرجوع إلى مسجد الشجرة و لا جحفة و لا غير ذلك من التكلفات و ذلك كله بعيد عن الشريعة المبنية على التسهيل مهما وجد إليه السبيل.

إن قيل: مقتضى الأصل عدم تحقق الإحرام مع أنّه لم يعلم من المشهور ذهابهم إلى ذلك.

يقال: الأصل محكوم بإطلاق الدليل بعد حمل الأفراد على الغالب و التسهيل، و أما أنّه لم يعلم من المشهور ذهابهم إلى ذلك فهو أول الدعوى و لم يتوفر الموضوع لديهم كما توفر في هذه العصور و على فرض أنّه كذلك فيمكن المناقشة في مثل هذه الشهرة لأنّها سكوتية لا أن تكون من التصريح بالخلاف.

و يظهر مما ذكرناه الوجه في الجهة الثانية.

(55) قد تقدم التصريح بها في الخبرين فيكفي ذلك في الأفضلية بناء على التسامح فيها، و كذا الترتيب، لأنّه أيضا مبنيّ على التسامح و إلا فالخبران قاصران عن إفادته و يجوز من إحدى المواقيت الخمسة المعروفة بل لعلّه الأفضل لبعد المسافة و تحمّل المشقة.

ص: 28

اختلاف بينها في القرب و البعد فإنّ الحديبية- بالتخفيف أو التشديد- (56) بئر بقرب مكة على طريق جدة، دون مرحلة، ثمَّ أطلق على الموضع و يقال نصفه في الحل و نصفه في الحرم و الجعرانة- بكسر الجيم و العين و تشديد الراء، أو بكسر الجيم و سكون العين و تخفيف الراء- موضع بين مكة و الطائف، على سبعة أميال (57) و التنعيم: موضع قريب من مكة، و هو أقرب أطراف الحل إلى مكة و يقال: بينه و بين مكة أربعة أميال، و يعرف بمسجد عائشة (58) كذا في مجمع البحرين.

______________________________

(56) المعروف بين اللغويين هو التخفيف بل قيل: إنّ التشديد لم يسمع من فصيح. نعم، الفقهاء و المحدّثون يشددونها و الحرم المكيّ بريد نصّا، و فتوى و هناك علامات موضوعة مشهودة لكل أحد ورثها الخلف عن السلف كما في سائر المشاعر التي تكون في تلك البقاع المقدسة فلا وجه لنقل ما ورد في تحديدها من حيث الجهات كما أنّه ليس المراد بقول أبي جعفر عليه السّلام: «حرّم اللّه تعالى حرمه بريدا في بريد: أن يختلي خلاه، أو يعضد شجره إلّا الإذخر، أو يصاد طيره- الحديث-» (1) المساحة المربعة على ما هو المنساق من جملة:

«بريد في بريد» لكونه خلاف المحسوس بل ما كان مكسّر مساحته يبلغ هذا المقدار بأيّ نحو تحقق ذلك فراجع الخريطة الثانية تعرف ذلك.

(57) نقل ذلك عن الفيومي و نسبه في كاشف اللثام إلى السهو و قال: إنّ الحرم من جهته تسعة أميال أو بريد و كل بريد أربع فراسخ و كل فرسخ ثلاثة أميال فكيف يصح قول الفيومي و عن بعض إنّ بين مكة و بين جعرانة ثمانية عشر ميلا فيكون ستة فراسخ تقريبا.

(58) في كشف اللثام: «موضع على ثلاثة أميال من مكة أو أربعة و قيل:

ص: 29


1- الوسائل باب: 87 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.

و أما المواقيت الخمسة فعن العلامة في المنتهى أنّ أبعدها من مكة ذو الحليفة، فإنّها على عشرة مراحل (59) من مكة، و يليه في البعد الجحفة و المواقيت الثلاثة الباقية على مسافة واحدة، بينها و بين مكة ليلتان قاصدتان و قيل إنّ الجحفة على ثلاثة مراحل من مكة.

مسألة 5: كل من حج أو اعتمر على طريق فميقاته ميقات أهل ذلك الطريق

(مسألة 5): كل من حج أو اعتمر على طريق فميقاته ميقات أهل ذلك الطريق و إن كان مهل أرضه غيره- كما أشرنا إليه سابقا- (60) فلا يتعيّن أن يحرم من مهل أرضه بالإجماع و النصوص:

منها: صحيحة صفوان: «إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله وقت المواقيت لأهلها و من أتى عليها من غير أهلها».

مسألة 6: قد علم مما مرّ أنّ ميقات حج التمتع مكة واجبا كان أو مستحبا

(مسألة 6): قد علم مما مرّ أنّ ميقات حج التمتع مكة واجبا كان أو مستحبا، من الآفاقي أو من أهل مكة (61) و ميقات عمرته: أحد المواقيت

______________________________

على فرسخين على طريق المدينة به مسجد أمير المؤمنين عليه السّلام، و مسجد زين العابدين عليه السّلام، و مسجد عائشة- و سمّي به لأنّ عن يمينه جبلا اسمه نعيم و عن شماله جبلا اسمه ناعم، و اسم الوادي نعمان و يقال: هو أقرب أطراف الحلّ إلى مكة».

أقول: لعلّ وجه تسميته بمسجد عائشة أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أمر عبد الرحمن أخاها بأعمارها من ذلك الموضع.

(59) و كل مرحلة ثمانية فراسخ فيصير المجموع ثمانين فرسخا.

(60) عند قوله رحمه اللّه: «و من يمر عليه من غيرهم في الميقات الثاني، و كذا في الميقات الثالث» و يدل عليه مضافا إلى النص ظهور الإجماع و عدم الخلاف.

(61) راجع فصل صورة حج التمتع عند قوله رحمه اللّه: «الرابع أن يكون إحرام حجه من بطن مكة».

ص: 30

الخمسة (62)، أو محاذاتها كذلك أيضا (63) و ميقات الحج القران و الإفراد: أحد تلك المواقيت مطلقا أيضا (64)، إلا إذا كان منزله دون الميقات أو مكة فميقاته منزله. و يجوز من أحد تلك المواقيت أيضا بل هو الأفضل (65) و ميقات عمرتهما: أدنى الحل إذا كان في مكة و يجوز من أحد المواقيت أيضا (66) و إذا لم يكن في مكة فيتعيّن أحدها (67) و كذا

______________________________

(62) إجماعا، و نصّا الدال على وجوب الإحرام منها عند العبور منها، لكن من كان منزله أقرب إلى مكة من الميقات فمنزله ميقاته كما تقدم في الميقات السابع.

(63) بشرط العبور منها و تحقق المحاذاة العرفية بأن لا يكون بعيدا عن الميقات عرفا و من كان منزله أقرب إلى مكة فميقاته منزله.

(64) لعموم ما دل على وجوب الإحرام من تلك المواقيت- كما تقدم- و نصوص خاصة كما ورد في الحائض و نحوها، مضافا إلى الإجماع و هذا أحد الفروق بين حج التمتع و حجي القران و الإفراد و لكن من يحج حج القران أو الإفراد إن كان من أهل مكة يحرم منها كما في حج التمتع و إن كان منزله دون الميقات إلى مكة فميقاته منزله و إن كان بعدها فيحرم من الميقات أو مما يحاذيه. ثمَّ إنّ المراد بقوله: «مطلقا» أي: واجبا كان الحج أو مندوبا.

(65) راجع الميقات السابع عند قوله: «بل هو الأفضل لبعد المسافة».

(66) أما كون عمرتها أدنى الحلّ فلما تقدم في الميقات العاشر. و أما الجواز من أحد المواقيت، فلعموم ما دلّ على أنّه يحرم منها كل من مرّ عليها و أراد النسك و مقتضى العموم عدم الفرق بين أنحاء النسك.

(67) إن كان بعد الميقات و عبر عليها و إن عبر على المحاذي العرفي لأحد المواقيت يحرم من المحاذي و إن كان منزله أقرب إلى مكة من الميقات فيحرم من منزله، و الدليل على الكلّ العمومات، و الإطلاقات الدالة على الإحرام

ص: 31

الحكم في العمرة المفردة، مستحبة كانت أو واجبة (68).

______________________________

من تلك الأماكن ميقاتا كانت أو محاذيا لها أو منزله إن كان دون الميقات مع تحقق شرط الإحرام.

(68) فيحرم لها من أدنى الحل و يجوز من إحدى المواقيت و إذا لم يكن في مكة يتعيّن أحدها أو من المحاذي و من كان منزله أقرب إلى مكة من الميقات فيحرم من منزله، كل ذلك لإطلاق الأدلة الدالة على الإحرام من ذلك كله مع تحقق سائر الشرائط. هذا، و لكن يظهر منهم التسالم على أنّ إحرام العمرة لا يصح من مكة حتى جعل ذلك قاعدة فقالوا: إنّ النسك مطلقا لا بد و أن يجمع فيها بين الحلّ و الحرم، و الحج يجمع فيه بين مكة و عرفات، و العمرة لا بد و أن يجمع فيها بين ذلك أيضا فلا بد فيها من أن يكون إحرامها من خارج الحرم و أرسل هذه القاعدة إرسال المسلمات الفقهية فعلى هذا يسقط الحرم مطلقا عن كونه محل إحرام العمرة مطلقا.

قاعدة ..

و هي: «إنّ النسك لا بد و أن يجمع فيها بين الحلّ و الحرم» و هذه القاعدة بالنسبة إلى الحج من الضروريات بين المسلمين بل الوجدانيات لكل حاج، لتقوم أعمال الحج بما هو خارج عن الحرم و هو الوقوف بعرفات و ما هو في داخل الحرم كالطواف، و السعي و نحوهما. و أما بالنسبة إلى العمرة، فتدل عليها السيرة المستمرة، فإنّ كل من يريد العمرة أما يأتي من خارج الحرم للإتيان بها في مكة. و إن كان في الحرم يخرج إلى خارجها و قد هيّى ء لذلك مواضع مخصوصة في أدنى الحلّ من زمان البعثة و استقر على ذلك عمل الصحابة، و التابعين، و الأئمة عليهم السّلام و مثل هذه السيرة و ظهور التسالم تصلح لتقييد إطلاق ما دل على أنّ من كان منزله دون الميقات يحرم من منزله، و يشهد لذلك بعض

ص: 32

و إن نذر الإحرام من ميقات معيّن تعيّن (69) و المجاور بمكة بعد السنتين حاله حال أهلها (70)، و قيل ذلك حاله حال النائي (71). فإذا أراد حج الإفراد أو القران يكون ميقاته أحد الخمسة أو محاذاتها، و إذا أراد العمرة المفردة جاز إحرامها من أدنى الحل.

______________________________

الأخبار التي تقدم ذكرها في [مسألة 4] من (فصل أقسام الحج) من قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «فليس له أن يحرم من مكة» (1) فراجع.

(69) لما دل على وجوب الوفاء بالنذر كما يأتي في محله.

(70) تقدم ذلك في [مسألة 3] من (فصل أقسام الحج) فراجع و الظاهر أنّ الحكم تخييريّ بالنسبة إليه فيجوز له أن يحرم للعمرة المفردة من أدنى الحلّ أو يمرّ على إحدى المواقيت فيحرم منها، لعموم ما دل على أنّ من يمرّ عليها يحرم منها.

(71) لأصالة بقائه على ما كان عليه من الحكم، و عدم شمول ما دل على أنّ من كان منزله دون الميقات يحرم من منزله لمثله، لظهوره في المتوطن العرفيّ أو الشرعيّ أي: من دخل في السنة الثالثة من إقامته في مكة كما تقدم في [مسألة 3] من (فصل أقسام الحج).

ص: 33


1- تقدم في ج 12

فصل في أحكام المواقيت

اشارة

فصل في أحكام المواقيت

مسألة 1: لا يجوز الإحرام قبل المواقيت

اشارة

(مسألة 1): لا يجوز الإحرام قبل المواقيت، و لا ينعقد (1) و لا يكفي المرور عليها محرما، بل لا بد من إنشائه جديدا (2) ففي خبر ميسرة:

«دخلت على أبي عبد اللّه عليه السّلام و أنا متغيّر اللون فقال عليه السّلام: من أين أحرمت بالحج؟ فقلت: من موضع كذا و كذا فقال عليه السّلام: ربّ طالب خير يزل قدمه ثمَّ قال: أ يسرّك إن صلّيت الظهر في السفر أربعا؟ قلت: لا، قال: فهو و اللّه ذاك».

نعم، يستثنى من ذلك مواضع
اشارة

نعم، يستثنى من ذلك مواضع:

______________________________

فصل في أحكام المواقيت

(1) للنص، و الإجماع قال أبو عبد اللّه عليه السّلام، في صحيح ابن أذينة: «و من أحرم دون الوقت فلا إحرام له» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح الحلبي: «الإحرام من مواقيت خمسة وقّتها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لا ينبغي لحاج و لا معتمر أن يحرم قبلها و لا بعدها» (2).

و المراد بعدم الجواز في قول الفقهاء التشريعي منه لأنّه المعلوم لا الحرمة الذاتية للشك فيها، و مقتضى الأصل عدمها فيكون الإحرام قبل الميقات كالصّلاة قبل الوقت محرما تشريعيا لا ذاتيا.

(2) لإطلاق أدلة وجوب الإحرام من الميقات، و قاعدة الاشتغال بعد

ص: 34


1- الوسائل باب: 9 من أبواب المواقيت حديث: 3.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب المواقيت حديث: 1.
أحدها: إذا نذر الإحرام قبل الميقات

أحدها: إذا نذر الإحرام قبل الميقات، فإنّه يجوز و يصح للنصوص.

منها: خبر أبي بصير (3) عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «لو أنّ عبدا أنعم اللّه تعالى عليه نعمة، أو ابتلاه ببلية فعافاه من تلك البلية، فجعل على نفسه أن يحرم من خراسان كان عليه أن يتم» و لا يضر عدم رجحان ذلك- بل مرجوحيته- قبل النذر مع أنّ اللازم كون متعلق النذر راجحا و ذلك لاستكشاف رجحانه بشرط النذر (4) من الأخبار، و اللازم رجحانه حين

______________________________

بطلان ما وقع منه أولا.

فرع: عدم انعقاد الإحرام قبل الميقات إنّما هو فيما إذا لم يكن محلّ عقد الإحرام ميقاتا و إلا فلا إشكال فيه فإذا خرج المكيّ من أدنى الحلّ إلى ميقات آخر و أحرم منه للعمرة المفردة يصح إحرامه، و كذا إذا خرج من كان من أهل الجحفة مثلا إلى مسجد الشجرة، و ذلك كله لإطلاق أدلة توقيت هذه المواقيت لأهلها و لمن مرّ عليها و تقدّم تفصيل ذلك كلّه في المسائل السابقة.

(3) و منها صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل جعل للّه عليه شكرا أن يحرم من الكوفة قال عليه السّلام: فليحرم من الكوفة و ليف للّه بما قال» (1).

و عن عليّ بن أبي حمزة قال: «كتبت إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام أسأله عن رجل جعل للّه عليه أن يحرم من الكوفة قال عليه السّلام يحرم من الكوفة» (2) و اعتمد على هذه الأخبار مشهور الفقهاء فلا وجه للمناقشة فيها مع كونها معتبرة سندا.

(4) يعني: إنّه يكفي في صحة النذر مطلق الرجحان لا من كل جهة و يجزي كونه حين العمل و إن لم يكن حين إنشاء النذر و من الأخبار الواردة في

ص: 35


1- الوسائل باب: 13 من أبواب المواقيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب المواقيت حديث: 2.

العمل و لو كان ذلك للنذر و نظيره مسألة الصوم في السفر المرجوح أو المحرم من حيث هو، مع صحته و رجحانه بالنذر. و لا بد من دليل يدل على كونه راجحا بشرط النذر فلا يرد أنّ لازم ذلك صحة نذر كل مكروه أو محرم و في المقامين المذكورين الكاشف هو الأخبار: فالقول بعدم الانعقاد- كما عن جماعة (5)- لما ذكر لا وجه له، لوجود النصوص و إمكان تطبيقها على القاعدة (6) و في إلحاق العهد و اليمين بالنذر

______________________________

المقام نستكشف الرجحان حين العمل فلا يرد: أنّه غير معقول لتوقف النذر على رجحان المتعلق فلو حصل من نفس النذر لدار. و ذلك لأنّ الرجحان حين العمل كان ثابتا في علم اللّه و من النذر يستكشف ذلك، كما لا يرد أنّه يصح حينئذ نذر كل مكروه أو محرم، لأنّه لا دليل على الكشف فيهما بخلاف المقام، و قد تقدم في [مسألة 17] من (فصل أوقات الرواتب)، و (فصل شرائط صحة الصوم) بعض الكلام.

(5) نسب ذلك إلى الحليّ، و المختلف، و المعتبر تضعيفا لسند الأخبار، مع أنّ الأول منهم لا يعمل بأخبار الآحاد مطلقا.

و فيه: أنّ صحيح الحلبيّ لا قصور فيه من حيث السند و الباقي معتبر قد عمل به الأصحاب فلا وجه للإشكال من هذه الجهة.

(6) و هي: أنّ مقتضى إطلاق ما دل على رجحان متعلق النذر كفاية الرجحان في الجملة لا اعتباره من كل جهة و الإحرام للنسك راجح ذاتا و إن كان مرجوحا قبل الميقات و يكفي رجحانه الذاتي في الجملة لصحة تعلق النذر مع الدليل عليه كما هو المفروض، مع أنّ لنا أن نقول: إنّ ما يدل على صحة نذر الإحرام قبل الميقات، و الصوم في السفر مقيد لإطلاق ما دل على اعتبار الرجحان في متعلق النذر، فهذا النزاع ساقط من أصله، لصحة الإحرام قبل الميقات بالنذر، و كذا الصوم في السفر بالنذر لأجل الدليل الخاصّ سواء كان

ص: 36

و عدمه وجوه (7).

______________________________

ذلك موافقا للقاعدة أو مخالفا لها فلا وجه لإتعاب النفس و جعل الحكم موافقا للقاعدة.

فروع الأول: مقتضى إطلاق الكلمات عدم الفرق بين نذر الشكر، و الزجر، و المطلق و يقتضيه إطلاق خبر ابن أبي حمزة و الظاهر أنّ ذكر الشكر في صحيح الحلبي- المتقدم- من باب المثال لا الخصوصية، إذ الغالب في مثل هذا القسم من النذر إما أن يكون شكرا أو زجرا، و كذا خبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«لو أنّ عبدا أنعم اللّه عليه نعمة أو ابتلاه ببلية فعافاه من تلك البلية فجعل على نفسه أن يحرم بخراسان كان عليه أن يتم» (1) فإنّ ظاهره أيضا نذر الشكر. و على فرض كونه نذرا مطلقا يصح التمسك بإطلاقه لكل من الشكر، و الزجر، و الإطلاق و لا وجه لما يتوهم من أنّ الحكم مخالف للأصل فيجب الاقتصار على المتيقن. لأنّ الاقتصار إنّما هو فيما إذا لم يكن إطلاق في البين.

الثاني: لا فرق في ذلك بين تقارن إنشاء النذر للإحرام عرفا أو تقدمه عليه بزمان قريب أو بعيد، كل ذلك للإطلاق بعد حمل ما ذكر في الأخبار على الغالب و المثال.

الثالث: لا فرق في ذلك بين أقسام الإحرام سواء كان للحج أو للعمرة المفردة أو التمتعية كما صرّح بذلك في المستند و نسب الإطلاق إلى جمع من المتقدمين كما لا فرق في ذلك بين المحلّ القريب و البعيد و لا بين البر و البحر و الجو.

(7) لا ريب في اشتراك الثلاثة في كونها نحو التزام بين العبد و معبوده

ص: 37


1- الوسائل باب: 13 من أبواب المواقيت حديث: 3.
ثانيها: إلحاق العهد دون اليمين

ثانيها: إلحاق العهد دون اليمين (8) و لا يبعد الأول لإمكان

______________________________

و تأكد هذا الالتزام تارة يكون بالنذر ..

و أخرى: بالعهد.

و ثالثة: باليمين و الكل مشترك في جامع الالتزام و حقيقته و متى أطلق أحدها يصح استفادة الآخرين أيضا من هذه الجهة الجامعة الاشتراكية. و لذا أطلق اليمين على النذر في بعض أخبار ما تقدم في (فصل الحج الواجب بالنذر و العهد و اليمين) (1).

و توهم: أنّ النذر تمليك اللّه تعالى لظاهر جملة: للّه عليّ. بخلاف العهد و اليمين إذ لا تمليك فيها (مردود) بأنّ كلمة اللام ظاهرة في الاختصاص المطلق، و الملكية، و الحقيقة لا بد و أن تستفاد من قرائن أخرى و هي مفقودة في المقام. نعم، لا ريب في تحقق جهة الاختصاص إلى اللّه تعالى و إضافة الالتزام إليه تعالى و هي حاصلة في العهد و اليمن أيضا. ففي الثلاثة يجعل الملتزم هو اللّه تأكيدا للالتزام و تثبيتا له لئلا يخالف ما التزم به مهما أمكن فاشتراك الثلاثة في الأحكام إلا ما خرج بالدليل هو الأقرب إلى معنى الالتزام الثابت في الجميع و أذهان المتشرعة.

و ما يتوهم: من لزوم الاقتصار على خصوص النذر لاقتصار الأصحاب إليه (مردود) أولا بإمكان حمله على الغالب و المثال. و ثانيا بأنّه ليس ذلك من الإجماع المعتبر حتى يلزم اتباعه، مع أنّ خبر أبي بصير- المتقدم- عام شامل للجميع.

و توهم أنّه شامل لمطلق الالتزام و لو كان شرط و عقد (مردود) بأنّ المنساق من الجعل في نظائر المقام النذر و شبهه لا الشرط و العقد

(8) ظهر مما تقدّم أنّه لا وجه لهذا التفصيل.

ص: 38


1- راجع ج: 12 صفحة: 217.

الاستفادة من الأخبار (9) و الأحوط الثاني (10)، لكون الحكم على خلاف القاعدة (11). هذا و لا يلزم التجديد في الميقات، و لا المرور عليها (12) و إن كان الأحوط التجديد خروجا عن شبهة الخلاف و الظاهر اعتبار تعيين المكان، فلا يصح نذر الإحرام قبل الميقات مطلقا، فيكون مخيّرا بين الأمكنة لأنّه القدر المتيقن، بعد عدم الإطلاق في الأخبار (13).

نعم، لا يبعد الترديد بين المكانين بأن يقول: «للّه عليّ أن أحرم إما من الكوفة أو من البصرة» و إن كان الأحوط خلافه و لا فرق بين كون الإحرام للحج الواجب، أو المندوب أو للعمرة المفردة (14).

نعم، لو كان للحج أو عمرة التمتع يشترط أن يكون في أشهر الحج، لاعتبار كون الإحرام لهما فيها، و النصوص إنّما جوزت قبل الوقت المكاني

______________________________

(9) بنحو ما قلناه من الجامع القريب بينها و هو الإلزام و الالتزام على النفس.

(10) بل الأحوط العمل بهما ثمَّ التجديد في الميقات لأنّ هذا ينطبق على كل من الصحة و البطلان.

(11) أي: قاعدة عدم جواز الإحرام قبل الميقات المستفادة من الإطلاق و الاتفاق.

(12) لإطلاق ما تقدم من الأخبار الظاهر، في عدم وجوب ذلك كله.

(13) عدم ثبوت الإطلاق في الأخبار من مجرّد الدعوى و أيّ فرق بين هذه المطلقات و سائر المطلقات التي بنوا على ثبوت الإطلاق فيها، مع أنّه لا فرق بين الترديد في أصل المكان و الترديد بين المكانين حيث لم يستبعد فيه الجواز فيما يأتي.

(14) لإطلاق الروايات و الكلمات الشاملة لكل منهما.

ص: 39

فقط. ثمَّ لو نذر و خالف نذره فلم يحرم من ذلك المكان- نسيانا أو عمدا- لم يبطل إحرامه إذا أحرم من الميقات. نعم، عليه الكفارة إذا خالفه متعمدا (15).

ثالثها: إذا أراد إدراك عمرة رجب و خشي تقضّيه إن أخر الإحرام إلى الميقات

ثالثها: إذا أراد إدراك عمرة رجب و خشي تقضّيه إن أخر الإحرام إلى الميقات، فإنّه يجوز له الإحرام قبل الميقات (16) و تحسب له عمرة رجب، و إن أتى ببقية الأعمال في شعبان، لصحيحة إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «عن رجل يجي ء معتمرا ينوي عمرة رجب، فيدخل عليه الهلال قبل أن يبلغ العقيق، أ يحرم قبل الوقت و يجعلها لرجب أو يؤخر الإحرام إلى العقيق و يجعلها لشعبان؟ قال عليه السّلام: يحرم قبل الوقت لرجب

______________________________

(15) أما وجوب الكفارة مع التعمد في الترك، فلعموم ما دل على وجوبها في المخالفة العمدية. و أما صحة الإحرام مطلقا فلعموم ما دل على صحة الإحرام من الميقات الشامل للمورد و غيره. و توهم: أنّه مع العمد يكون تفويتا لحق اللّه تعالى فيحرم الإحرام من هذه الجهة و النهي في العبادة يوجب الفساد (مردود) بأنّه مسلّم إذا كان الإحرام من الميقات بقصد التوصل به إلى تفويت حق اللّه تعالى بحيث ينطبق عليه عنوان كونه مبغوضا له تعالى و أما لو لم يكن بهذا القصد بل كان لأجل مطلوبية ذات الإحرام من الميقات من حيث هو فلا وجه للبطلان و قد مرّ في نذر الحج، و نذر الجماعة بعض الكلام فراجع [مسألة 31] من (فصل الحج الواجب بالنذر) و [مسألة 1] من (فصل الجماعة)، و [مسألة 7] من أول كتاب الصوم.

(16) يدل عليه- مضافا إلى ما ذكره من النص (1)- دعوى الإجماع عليه عن جمع منهم العلامة و الشهيد الثاني رحمه اللّه.

ص: 40


1- الوسائل باب: 12 من أبواب المواقيت حديث: 2.

فإنّ لرجب فضلا».

و صحيحة معاوية بن عمار سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: «ليس ينبغي ان يحرم دون الوقت الذي وقت رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله الا أن يخاف فوت الشهر في العمرة» و مقتضى إطلاق الثانية جواز ذلك لإدراك عمرة غير رجب أيضا، حيث إنّ لكل شهر عمرة. لكن الأصحاب خصصوا ذلك برجب (17) فهو الأحوط، حيث إنّ الحكم على خلاف القاعدة و الأولى و الأحوط- مع ذلك- التجديد في الميقات (18) كما أنّ الأحوط التأخير إلى آخر الوقت (19) و إن كان الظاهر جواز الإحرام قبل الضيق (20) إذا علم عدم الإدراك إذا أخر إلى الميقات بل هو الأولى، حيث أنه يقع باقي أعمالها أيضا في رجب (21) و الظاهر عدم الفرق بين العمرة المندوبة

______________________________

(17) لظهور التعليل في صحيح إسحاق (1) في التخصيص به، و في الجواهر: «لم أجد عاملا به في غير رجب» أقول: و يقتضيه أصالة عدم المشروعية أيضا.

(18) خروجا عن شبهة الخلاف، إذا لم يتعرض له كثير من الأصحاب كما في الجواهر.

(19) اقتصارا في تخصيص العمومات الدالة على عدم جواز الإحرام قبل الميقات على الضرورة.

(20) لإطلاق ما تقدم من صحيح ابن عمار، و إطلاق ما روي أنّ العمرة الرجبية تلي الحج في الفضل(2).

(21) مراده رحمه اللّه: أنّ أولوية الإحرام قبل الضيق من جهة خاصّة و هي وقوع

ص: 41


1- الوسائل باب: 12 من أبواب المواقيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 48 من أبواب العمرة حديث: 1.

و الواجبة بالأصل أو بالنذر و نحوه (22).

مسألة 2: كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات كذلك لا يجوز التأخير عنها

(مسألة 2): كما لا يجوز تقديم الإحرام على الميقات كذلك لا يجوز التأخير عنها (23)، فلا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة (24) أو دخول مكة (25) أن يجاوز الميقات اختيارا الا محرما بل الأحوط عدم المجاوزة

______________________________

باقي أعمال العمرة في رجب و هي لا تنافي الاحتياط في التأخير من جهة أخرى.

(22) لظهور إطلاق النص و الفتوى.

(23) للنصوص، و الإجماع قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «من تمام الحج و العمرة أن تحرم من المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لا تجاوزها إلا و أنت محرم» (1) و هل الحرمة ذاتية أو غيريّة؟ مقتضى ما يأتي من أنّ الإحرام جزء من النسك هو الثانية، و يقتضيه الأصل أيضا، لأنّ وجوب الإحرام للنسك معلوم و إنّما الشك في مطلوبيته الذاتية و هي مرتفعة بالأصل.

(24) لما يأتي في [مسألة 3] من (فصل كيفية الإحرام) أنّه جزء للحج أو العمرة.

(25) يظهر من إطلاق بعض الكلمات أنّه يجب لدخول مكة من حيث هو مع قطع النظر عن شرطيته للنسك بحيث لو سقط النسك لعذر لوجب الإحرام لدخولها و لكنه مشكل بل ممنوع، لأنّ وجوبه للنسك معلوم و لغيره مشكوك و مقتضى الأصل عدمه، و المنساق من الأدلة أيضا ذلك كما يأتي نقلها.

قال في الجواهر: «ما دل على عدم حصول الإحلال له إلا بإتمام النسك كاف في عدم وجوب استقلاله إذ دعوى أنّه يحل بالوصول إلى مكة أو بالتقصير أو بغير ذلك لا دليل بل ظاهر الأدلة خلافها بل يمكن بعد التأمل في النصوص

ص: 42


1- الوسائل باب: 16 من أبواب المواقيت حديث: 1.

عن محاذاة الميقات أيضا إلا محرما (26) و إن كان أمامه ميقات آخر فلو لم يحرم منها وجب العود إليها مع الإمكان. إلا إذا كان أمامه ميقات آخر، فإنّه يجيزه الإحرام منها، و إن أثم بترك الإحرام من الميقات الأول (27)

______________________________

استفادة القطع بتوقف الإحلال من الإحرام في غير المصدود و نحوه مما دل عليه الدليل على إتمام النسك و ليس هو إلا الأفعال عمرة أو حجة».

أقول: و من ذلك يظهر حكم فرع ربما يكون عام البلوى و هو: أنّه لو أحرم و دخل مكة و لم يتمكن من الإتيان بالنسك أصلا لعذر فيمكن حينئذ أن يقال:

بعدم الأثر أصلا لإحرامه لفرض أنّ وجوبه كان غيريا كوجوب تكبيرة الإحرام للصلاة فإذا لم يتمكن المكلف من الصلاة تصير تكبيرة الإحرام لغوا و ربما يأتي تفصيل ذلك في محله.

(26) مقتضى الأصل عدم تحريم ذلك إلا إذا ثبت أنّ ما تقدم من صحيح ابن سنان في مقام بيان تنزيل المحاذي منزلة الميقات الحقيقيّ من كل جهة و هو ممنوع، إذ غاية ما يستفاد منه إنّما هو أنّه في مقام التسهيل و الإرفاق في الجملة و هو يحصل بصحة الإحرام من المحاذي امتنانا على الناس، و أما حرمة العبور منه إلا محرما حتى لو كان بعده ميقات آخر أو محاذ كذلك فلا دلالة له عليه بوجه بل هو حكم امتنانيّ في مورد خاص و الشك في عمومه يكفي في عدم جواز التمسك به لذلك. نعم، احتمال إطلاق التنزيل من كل جهة يكفي لحسن الاحتياط.

(27) أما الإثم فلتركه التكليف المنجز الفعليّ عمدا. و أما صحة الإحرام من الميقات الآخر.

فالبحث فيها تارة: بحسب الأصل العمليّ.

و أخرى: بحسب الأخبار.

و ثالثة: بحسب الكلمات.

ص: 43

.....

______________________________

أما الأولى: فشرطية الإحرام من أصل الميقات للنسك لا ريب فيها، لظهور الأدلة الواردة في الإحرام من الميقات في الشرطية إنّما الكلام في أنّ هذه الشرطية مختصة بخصوص أول ميقات مرّ الشخص عليه بحيث إذا لم يحرم منه وجب العود إليه مطلقا و إلا فلا إحرام له و يبطل نسكه حتى لو كان أمامه ميقات آخر. أو أنّ أصل الشرطية من باب تعدد المطلوب بالنسبة إلى المواقيت كالفورية في بعض ما وجب فورا حيث إنّه مع عصيان الفورية أولا لا يسقط أصل المأمور به بعد ذلك بل يجب أيضا فورا ففورا. و مقتضى الأصل هو الثاني، لأنّ التخصيص بخصوص الميقات الأول في ذات المطلوبية و أصل الطلب قيد زائد و مدفوع بالأصل، و هذا لا ينافي أصل الوجوب التكليفيّ و الوضعيّ بالنسبة إليه أيضا مع ترتب العصيان على المخالفة كما في مسألة الفورية الزمانية فتكون المواقيت الطوليّة كآنات الزمان بالنسبة إلى الفورية. و الفورية المكانية كالفورية الزمانية بعد ثبوت أصل الوجوب في الجملة.

أما الثانية و هي الأخبار: فإنّها على أقسام ثلاثة:

الأول: ما تقدم سابقا من أنّ كل من مرّ على ميقات يحرم منه و إطلاقها يشمل المقام بلا كلام فيأثم بترك الإحرام من الميقات الأول و يجب عليه الإحرام من الثاني.

الثاني: موثق ابن بكير عن زرارة: «عن أناس من أصحابنا حجوا بامرأة معهم، فقدموا إلى الميقات و هي لا تصلي، فجهلوا أنّ مثلها ينبغي أن تحرم، فمضوا بها- كما هي- حتى قدموا مكة و هي طامث حلال، فسألوا الناس فقالوا:

تخرج إلى بعض المواقيت فتحرم منه فكانت إذا فعلت لم تدرك الحج، فسألوا أبا جعفر عليه السّلام فقال: تحرم من مكانها، قد علم اللّه تعالى بنيّتها» (1) و ظاهره عرض القضية على أبي جعفر عليه السّلام لأنّها وقعت من شيعته كما في صدر الحديث و لم ينكر عليه السّلام ما ذكر الناس لها و الظاهر أنّ الناس المسؤول عنهم شيعته أيضا

ص: 44


1- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 6.

.....

______________________________

لاستبعاد سؤال الشيعة عن غيرهم خصوصا في زمان حياة الإمام عليه السّلام.

الثالث: صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن رجل نسي أن يحرم حتى دخل الحرم قال عليه السّلام: قال أبي عليه السّلام يخرج إلى ميقات أهل أرضه، فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثمَّ ليحرم» (1) و نحوه صحيحة الآخر: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ترك الإحرام حتى دخل الحرم فقال عليه السّلام: يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم. فإن خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثمَّ ليحرم» (2).

و صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة كانت مع قوم فطمثت فأرسلت إليهم فسألتهم فقالوا: ما ندري أ عليك إحرام أم لا و أنت حائض؟ فتركوها حتى دخلت الحرم فقال عليه السّلام: إن كان عليها مهلة فلترجع إلى الوقت فلتحرم منه، فإن لم يكن عليها وقت فلترجع إلى ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم بقدر ما لا يفوتها» (3).

و في خبر ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل ترك الإحرام حتى انتهى الى الحرم كيف يصنع؟ قال عليه السّلام: يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون به فيحرم» (4).

و فيه أنّه يتعيّن حملها على مطلق الرجحان مع الإمكان جمعا بينها و بين غيرها أو على ما إذا لم يمكن الإحرام من ميقات آخر. هذا أما الثالثة: و هي الكلمات فصريح جمع منهم صاحب المدارك و المسالك و الجواهر صحة الإحرام من الميقات التي يكون في الامام و إن أثم

ص: 45


1- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 7.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 4.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 9.

و الأحوط العود إليها مع الإمكان مطلقا (28)، و إن كان أمامه ميقات آخر.

و أما إذا لم يرد النسك و لا دخول مكة- بأن كان له عمل خارج مكة و لو كان في الحرم- فلا يجب الإحرام (29).

نعم، في بعض الأخبار وجوب الإحرام من الميقات إذا أراد دخول الحرم (30) و إن لم يرد دخول مكة لكن قد يدعى الإجماع على عدم

______________________________

بترك الإحرام من الأول و أرسل ذلك في الأخير إرسال المسلمات بلا نقل خلاف فيه و هو المناسب لتسهيل الشارع في الحج خصوصا بالنسبة إلى الأزمنة القديمة التي صعبت وسائل النقل و كثرت المشاكل و المشقات فيها.

(28) جمودا على ظاهر ما تقدم من النصوص، و إطلاق بعض الكلمات الظاهر في وجوب العود و لو كان أمامه ميقات آخر فإنّ ذلك كله يصلح للاحتياط و إن لم يصلح للفتوى بعد رد بعضها إلى بعض.

(29) على المشهور، للأصل بعد عدم دليل على كون الإحرام من الميقات واجبا نفسيا بل وجوبه مقدميّ و شرطيّ للنسك فقط.

(30) ففي صحيح ابن مسلم: «سألت أبا جعفر عليه السّلام هل يدخل الرجل الحرم بغير إحرام؟ قال عليه السّلام: لا إلا أن يكون مريضا أو به بطن» (1)، و مثله صحيح عاصم بن حميد قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يدخل الحرم أحد إلا محرما؟ قال:

لا إلا مريض، أو مبطون» (2).

و لا بد من حمله على دخول الحرم لأجل الإتيان بالنسك في مكة بقرينة دعوى الإجماع- عن صاحب المدارك فقال رحمه اللّه: «أجمع العلماء على أنّ من مرّ على الميقات و هو لا يريد دخول مكة بل يريد حاجة فيما سواها لا يلزمه

ص: 46


1- الوسائل باب: 50 من أبواب الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 50 من أبواب الإحرام حديث: 1.

وجوبه. و إن كان يمكن استظهاره من بعض الكلمات (31).

______________________________

الإحرام»- على عدم وجوب الإحرام لدخول الحرم من حيث هو مع أنّ إعراض المشهور يوجب الوهن فيه فلا وجه لاعتباره.

(31) يظهر ذلك عن الجامع و التذكرة، و نسب الفتوى به في المستند إلى جمع و جعله الأحوط بل الأظهر، و عنون في الوسائل: «باب إنّه لا يجوز دخول مكة و لا الحرم بغير إحرام» (1) فراجع.

و لكن إن كان المراد بدخول الحرم أو مكة الإتيان بالنسك فلا نزاع لأحد في البين و إن كان المراد أنّ لنفس دخول الحرم موضوعية خاصة للإحرام حتى مع عدم التكليف بالنسك فلا يستفاد ذلك من الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض قال في المدارك: «و يجب على الداخل فيها (أي: مكة) أن ينوي بإحرامه الحج و العمرة لأنّ الإحرام عبادة و لا يستقل بنفسه بل إما بحج أو عمرة و يجب إكمال النسك الذي تلبّس به ليتحلل من الإحرام».

و قال في الجواهر: «و فيه أنّه إن كان إجماعا فذاك و إلا أمكن الاستناد في مشروعيته إلى إطلاق الأدلة في المقام و غيرها، و كونه جزء منهما لا ينافي مشروعيته في نفسه- إلى أن قال- لكن قد يقال: إنّ ما دل على عدم حصول الإحلال له إلا بإتمام النسك كاف في عدم ثبوت استقلاله، إذ دعوى أنّه يحلّ بالوصول إلى مكة أو بالتقصير أو بغير ذلك لا دليل عليها بل ظاهر الأدلة خلافها».

أقول: استفادة المشروعية في نفس الإحرام من حيث هو من الإطلاقات ممنوعة، لتنزلها على ما هو المتعارف من الإحرام و هو ما كان جزء لحج أو عمرة و الشك في مشروعيته بنفسه يكفي في العدم بعد توقيفية العبادة.

فروع .. الأول: لو أراد دخول مكّة و لكن لا يقدر على النسك لعذر لا يجب عليه

ص: 47


1- الوسائل باب: 50 من أبواب الإحرام.

مسألة 3: لو أخر الإحرام من الميقات عالما عامدا و لم يتمكن من العود إليها

(مسألة 3): لو أخر الإحرام من الميقات عالما عامدا و لم يتمكن من العود إليها لضيق الوقت أو لعذر آخر- و لم يكن أمامه ميقات آخر بطل إحرامه و حجه على المشهور الأقوى (32)، و وجب عليه قضاؤه (33) إذا كان مستطيعا (34) و أما إذا لم يكن مستطيعا فلا يجب (35)، و إن أثم بترك

______________________________

الإحرام، لما مرّ من أنّ وجوبه غيريّ لا نفسيّ و إن كان أحوط.

الثاني: لو كان بانيا على عدم الإتيان بالنسك عصيانا، فالظاهر عدم وجوب الإحرام عليه، لما تقدم و لكنّه عاص بالنسبة إلى ترك الإحرام عصيانا انبساطيا من ذي المقدمة إلى المقدمة.

الثالث: لو نهى الزوج زوجته عن الإتيان بالحج أو العمرة المندوبة و مع ذلك حجت أو اعتمرت فهل يجب عليها الإحرام بدعوى أنّه جزء لكل نسك و لو كان فاسدا أو لا يجب: لكونه جزء لما هو صحيح فقط؟ وجهان الظاهر هو الأخير.

الرابع: لو أراد إتيان النسك و يعلم أنّه يقع باطلا من جهة الرياء أو نحوه فهل يجب الإحرام أو لا؟ الظاهر هو الأخير، لما مر.

الخامس: لو أحرم لإتيان النسك جامعا للشرائط فمنع عن الإتيان به يأتي حكمه إن شاء اللّه.

السادس: لو أحرم لإتيان النسك ثمَّ أبطل نسكه أو منع من الإتمام فهل تجب عليه الكفارة إن أتى بما فيه الكفارة من تروك الإحرام وجهان.

(32) لقاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه مضافا إلى ظهور عدم الخلاف فيه.

(33) أي: الإتيان به في السنة الأخرى.

(34) لعمومات الأدلة، و إطلاقاتها الشاملة له حينئذ.

(35) لانتفاء الواجب المشروط بانتفاء شرطه.

ص: 48

الإحرام (36) بالمرور على الميقات خصوصا إذا لم يدخل مكة (37) و القول بوجوبه عليه و لو لم يكن مستطيعا بدعوى: وجوب ذلك عليه إذا قصد مكة، فمع تركه يجب قضاؤه لا دليل عليه (38) خصوصا إذا لم يدخل مكة (39) و ذلك لأنّ الواجب عليه إنّما كان الإحرام لشرف البقعة (40)- كصلاة التحية في دخول المسجد- فلا قضاء مع تركه مع أنّ وجوب الإحرام لذلك لا يوجب وجوب الحج عليه و أيضا إذا بدا له و لم يدخل مكة كشف عن عدم الوجوب من الأوّل (41).

______________________________

(36) أي: بترك الحج المترتب على ترك الإحرام إن كان الحج واجبا عليه و الا فقد تقدم أنّ نفس الإحرام من حيث هو ليس له طلب نفسي حتى يتحقق الإثم بتركه.

(37) أي: لا يجب القضاء خصوصا في هذه الصورة.

(38) هذا القول للشهيد في المسالك و لا دليل عليه من عقل أو نقل سواء أراد قضاء نفس الإحرام أو قضاء النسك الذي لا يكون واجبا ذاتا كحجة الإسلام أو بالعرض من نذر أو نحوه، و مقتضى أصالة البراءة عدم وجوب القضاء مطلقا إلا مع دليل يدل عليه و هو مفقود و على فرض كون الإحرام لدخول الحرم واجبا بنفسه مع قطع النظر عن النسك فليس كل واجب له قضاء إلا مع الدليل عليه و مثل هذا القول النادر الذي لا دليل عليه لا ينبغي أن يذكر في مثل هذه الكتب.

(39) لأنّه لا قائل بوجوب القضاء حينئذ فيمكن أن يكون القول بوجوبه في هذه الصورة مخالفا للإجماع.

(40) إن قيل: بوجوب الإحرام لدخول مكة أو دخول الحرم، و كذا ان قلنا بأنّه للنسك لفرض عدم وجوبها عليه فلا وجه لوجوب القضاء على كل تقدير.

(41) فلا أداء حينئذ حتى يترتب عليه القضاء و لكن يمكن أن يقال: بأنه

ص: 49

و ذهب بعضهم إلى أنّه لو تعذر عليه العود إلى الميقات أحرم من مكانه (42)، كما في الناسي و الجاهل نظير ما إذا ترك التوضي إلى أن ضاق الوقت، فإنّه يتيمم و تصح صلاته، و إن أثم بترك الوضوء متعمدا.

______________________________

تابع للملاك لا لفعلية الخطاب، فيصح تصوير القضاء حينئذ.

(42) نسب هذا القول إلى جمع من المتأخرين و نسب إلى إطلاق المبسوط، و المصباح و مختصره، و اختاره في كشف اللثام، و في المستند، لإطلاق صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل ترك الإحرام حتى دخل الحرم فقال عليه السّلام: يرجع إلى ميقات بلاده الذي يحرمون منه فيحرم فإن خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثمَّ ليحرم» (1) فإن إطلاق ترك الإحرام يشمل العامد أيضا.

و أشكل عليه تارة: بأنّه لا بد من حمله على صورة العذر بقرينة صحيحة الآخر المذكور فيه النسيان(2).

و أخرى: بأنّه بنفسه منصرف إلى صورة العذر من جهة لزوم حمل فعل المسلم على الصحة.

و ثالثة: بأنّه خلاف المشهور و الأخبار الدالة على توقيت المواقيت.

و يرد الأوّل: بأن مفاد هذا الصحيح حكم إرفاقيّ و تسهيليّ امتنانيّ و ما كان كذلك لا وجه لتقييده بعد أن وسّع الشارع على المكلف. و الثاني: بأنّه بدوي. و الأخير: بأنّه لم يثبت الشهرة على الخلاف و نسبة هذا الصحيح إلى أخبار توقيت المواقيت نسبة العام إلى الخاص و لا وجه للأخذ بالعام مع وجود الخاص.

ص: 50


1- تقدم في صفحة: 44
2- تقدم في صفحة: 45

و فيه: أنّ البدلية في المقام لم تثبت بخلاف مسألة التيمم، و المفروض أنّه ترك ما وجب عليه متعمدا (43).

مسألة 4: لو كان قاصدا من الميقات للعمرة المفردة و ترك الإحرام لها متعمدا

(مسألة 4): لو كان قاصدا من الميقات للعمرة المفردة و ترك الإحرام لها متعمدا، يجوز له أن يحرم من أدنى الحلّ (44) و إن كان متمكنا من العود إلى الميقات فأدنى الحلّ له مثل كون الميقات أمامه، و إن كان الأحوط- مع ذلك- العود إلى الميقات و لو لم يتمكن من العود، و لا الإحرام من أدنى الحلّ بطلت عمرته (45).

مسألة 5: لو كان مريضا و لم يتمكن من النزع و لبس الثوبين

(مسألة 5): لو كان مريضا و لم يتمكن من النزع و لبس الثوبين يجزيه النية و التلبية (46)،

______________________________

(43) التعمد إنّما يوجب الإثم و أما عدم صحة التكليف الاضطراري بعد ذلك فهو يحتاج إلى دليل آخر و هو مفقود، كما في جميع موارد التكاليف الاضطرارية التي يوجد موضوعها بالعمد و الاختيار، فإنّ ظاهرهم التسالم على انقلاب التكليف الاختياري فيها إلى الاضطراريّ و المسألة سيالة في جميع الموارد.

(44) لما تقدم في الميقات العاشر من أنّ أدنى الحل ميقات للعمرة المفردة و تقدم أيضا في [مسألة 2] ان من كان أمامه ميقات آخر يجزيه الإحرام و إن أثم بترك الإحرام من الميقات الأول و يجري في المقام جميع ما مرّ هناك و تقدم فيها وجه الاحتياط أيضا.

(45) لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه، مضافا إلى الإجماع.

(46) البحث في هذه المسألة تارة بحسب الأدلة العامة.

و أخرى: بحسب الأدلة الخاصة.

و ثالثة: بحسب الأصل العملي.

ص: 51

.....

______________________________

و رابعة: بحسب كلمات الفقهاء.

أما الأول: فمقتضى العمومات وجوب الإحرام من الميقات. بجميع ما يعتبر في الإحرام من النية، و التلبية، و لبس الثوبين و حيث إنّ لبس الثوبين ليس شرطا لصحة الإحرام و يمكن تحققه بدونه فنفس تلك العمومات دالة على وجوب النية و التلبية من الميقات.

أما الثاني فمنها: صحيح صفوان: «فلا تجاوز الميقات إلا من علة» (1)، و تقتضيه العمومات الدالة على أنّ: «كل ما غلب اللّه على عباده فهو أولى بالعذر» (2) و لا بد من الاقتصار على مورد العذر و مورده نزع الثياب و لبس الثوبين فقط و لا عذر في مجرد النية و التلبية فمقتضى العمومات عدم سقوطها.

و دعوى: أنّ مقتضى إطلاق قوله عليه السّلام: «إلا من علة» هو عدم الإحرام مطلقا مع العلة حتى التلبية و النية (مدفوع) بأنّ مقتضى مناسبة الحكم و الموضوع، و ظهور قوله عليه السّلام: «إلا من علة» كون السقوط دائرا مدار العلة و لا علة بالنسبة إلى النية و التلبية إلّا أن تكون العلة حكمة للسقوط مطلقا و هو خلاف الظاهر. و أما مرسل المحاملي عن أحدهما عليهما السّلام: «إذا خاف الرجل على نفسه أخّر إحرامه إلى الحرم» (3) فمع قصور سنده يمكن حمله على ما قلناه أيضا، إذ لا يتصوّر الخوف على النفس بالنسبة إلى مجرد النية و التلبية.

و أما الثالث: فمقتضى قاعدة الاشتغال هو الإتيان بهما بعد عدم شرطية لبس الثوبين للإحرام، و تشهد لما قلناه قاعدة الميسور أيضا.

و أما الأخير: فعن ابن إدريس، و العلامة في جملة من كتبه، و الشهيد الثاني في مسالكه، و صاحبي الجواهر و الرياض وجوب النية و التلبية و تأخير لبس ثوبي الإحرام إلى حين التمكن، و حمل ابن إدريس كلام الشيخ في النهاية

ص: 52


1- الوسائل باب: 15 من أبواب المواقيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب قضاء الصلاة حديث: 16.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب المواقيت حديث: 8.

فإذا زال عذره نزع و لبسهما (47)، و لا يجب حينئذ عليه العود إلى الميقات (48).

نعم، لو كان له عذر عن أصل إنشاء الإحرام- لمرض أو إغماء- ثمَّ زال وجب عليه العود إلى الميقات إذا تمكن (49)، و إلا كان حكمه حكم الناسي في الإحرام من مكانه إذا لم يتمكن الا منه (50)، و إن تمكن العود في الجملة وجب (51).

______________________________

على ذلك أيضا و يمكن أن يحمل كلام كل من أطلق عليه أيضا و على فرض عدم إمكان الحمل فلا يضرّ بشي ء، إذ المسألة اجتهادية و لا إجماع في البين على أحد من الطرفين.

(47) لإطلاق دليل لبسهما الشامل له حينئذ.

(48) للأصل بعد عدم دليل عليه من نصّ، أو إجماع مع تحقق أصل الإحرام منه من الميقات، و يشهد للإجزاء ظاهر صحيح صفوان- المتقدم- فيلبس ثوبي الإحرام من حيث تمكن.

(49) لوجود المقتضي و فقد المانع حينئذ، فتشمله الإطلاقات و العمومات الدالة على وجوب الإحرام من الميقات بعد عدم تحقق إنشاء أصل الإحرام منه من الميقات. هذا إذا لم يكن أمامه ميقات آخر و إلا فيحرم منه على ما تقدم.

(50) يأتي التعرض له في المسألة التالية فراجع.

(51) لأنّ هذه المسافة وجب قطعها محرما، فمقتضى قاعدة الميسور وجوب ما أمكن و سقوط ما تعذر، مضافا إلى ما يأتي من صحيح ابن عمار و غيره.

و دعوى: أنّه خلاف بعض الأخبار الدالة على أنّه يحرم من مكانه(1)

ص: 53


1- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 10. و هي رواية علي بن جعفر.

و ذهب بعضهم (52) إلى أنّه إذا كان مغمى عليه ينوب عنه غيره، لمرسل جميل عن أحدهما عليهما السّلام: «في مريض أغمي عليه فلم يفق حتى أتى الموقف قال عليه السّلام: يحرم عنه رجل» و الظاهر أنّ المراد أنّه يحرمه رجل، و يجنبه عن محرّمات الإحرام، لا أنّه ينوب عنه في الإحرام (53). و مقتضى هذا القول عدم وجوب العود إلى الميقات بعد إفاقته و إن كان ممكنا و لكن العمل به مشكل، لإرسال الخبر، و عدم الجابر (54) فالأقوى العود مع

______________________________

مردود: بأنّه لا بد من تقييده بالصحيح و غيره فلا وجه للتمسك بالأصل في مقابل الصحيح.

(52) نسب هذا القول إلى جمع. كالعلامة في القواعد، و الشهيد في الدروس و الشيخ في جملة من كتبه و المحقق في المعتبر.

(53) فيكون المراد الإحرام به كغير المميّز و قد تقدم في [مسألة 2] من أول كتاب الحج و يمكن حمل كلمات الجماعة عليه أيضا لا أن يكون المراد الإحرام عنه نيابة كما ينسبق من المرسل، لأصالة عدم الإجزاء حينئذ، و قصور المرسل عن إثباته. ثمَّ إنّ المرسل نقل في الوسائل: «أغمي عليه فلم يعقل حتى أتى الوقت» (1) و المفاد واحد و إن اختلف التعبير.

(54) لأنّ مجرد اعتماد جمع عليه لا يجبر سنده، و كذا قول المجلسي رحمه اللّه إنّه مرسل كالحسن مع مخالفة الحكم للأصل. نعم، لو أفاق قبل الوقوفين كما هو المفروض يمكن القول بصحة حجة، تمسكا بما دل على الإجزاء فيما إذا أعتق المملوك قبلهما، و تقدم في [مسألة 7 و 8] من أول كتاب الحج ما ينفع المقام فراجع و قال في الجواهر: «و منه يعلم عدم انحصار الدليل في المرسل المزبور».

ص: 54


1- الوسائل باب: 20 من أبواب المواقيت حديث: 4.

الإمكان، و عدم الاكتفاء به مع عدمه (55).

مسألة 6: إذا ترك الإحرام من الميقات- ناسيا أو جاهلا بالحكم أو الموضوع

(مسألة 6): إذا ترك الإحرام من الميقات- ناسيا أو جاهلا بالحكم أو الموضوع وجب العود إليه مع الإمكان (56) و مع عدمه فإلى ما أمكن (57)،

______________________________

(55) للأصل، و عدم ما يصلح للاعتماد عليه في مقابله.

(56) نصوصا، و إجماعا ففي صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «رجل نسي أن يحرم حتى دخل الحرم قال عليه السّلام: قال أبي عليه السّلام: يخرج إلى ميقات أهل أرضه، فإن خشي أن يفوته الحج أحرم من مكانه، فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج ثمَّ ليحرم» (1) و الظاهر أنّ ذكر النسيان من باب مورد الاحتياج للسؤال لا الخصوصية بقرينة صحيحة الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «رجل ترك الإحرام حتى دخل الحرم فقال عليه السّلام: يرجع إلى ميقات أهل بلاده الذي يحرمون منه فيحرم فإن خشي أن يفوته الحج فليحرم من مكانه فإن استطاع أن يخرج من الحرم فليخرج» (2).

و في صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن امرأة كانت مع قوم فطمثت فأرسلت إليهم فسألتهم فقالوا: ما ندري أ عليك إحرام أم لا و أنت حائض فتركوها حتى دخلت الحرم فقال عليه السّلام: إن كان عليها مهلة فترجع إلى الوقت فلتحرم منه فإن لم يكن عليها وقت فلترجع إلى ما قدرت عليه بعد ما تخرج من الحرم. بقدر ما لا يفوتها» (3)إلى غير ذلك من الأخبار

(57) لما تقدم من صحيح ابن عمار، و قاعدة الميسور.

ص: 55


1- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 7.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 4.

الا إذا كان أمامه ميقات آخر (58) و كذا إذا جاوزها محلا- لعدم كونه قاصدا للنسك، و لا لدخول مكة (59) ثمَّ بدا له ذلك- فإنّه يرجع إلى الميقات مع التمكن و إلى ما أمكن مع عدمه.

مسألة 7: من كان مقيما في مكة و أراد حج التمتع

(مسألة 7): من كان مقيما في مكة و أراد حج التمتع وجب عليه الإحرام لعمرته من الميقات إذا تمكن، و إلا فحاله حال الناسي (60).

مسألة 8: لو نسي المتمتع الإحرام للحج بمكة ثمَّ ذكر وجب عليه العود مع الإمكان

(مسألة 8): لو نسي المتمتع الإحرام للحج بمكة ثمَّ ذكر وجب عليه العود مع الإمكان، و إلا ففي مكانه، و لو كان في عرفات- بل المشعر- و صح حجه (61).

______________________________

(58) فيحرم منه حينئذ لما تقدم في [مسألة 2] من هذا الفصل فراجع، و ظاهرهم الإجماع على عدم الفرق فيما تقدم من الأحكام بين مطلق الأعذار و إنّ عنوان خصوص النسيان و الجهل من باب العذر الغالب لا التخصيص.

(59) إجماعا، و نصّا، و تقدم صحيح الحلبي: «رجل ترك الإحرام حتى دخل الحرم ..» و هو بإطلاقه شامل لمن تركه و هو يريد النسك و لمن تركه و هو لا يريده و على فرض الانصراف إلى الأول يكفي الإجماع، و قطع الأصحاب كما في المدارك.

(60) تقدم تفصيل ذلك في [مسألة 4] من (فصل أقسام الحج) فراجع.

(61) أما وجوب العود مع الإمكان، فلإطلاق الأدلة الدالة على وجوب الإحرام لحج التمتع من مكة الشامل للفرض أيضا.

و أما وجوبه في مكانه و لو في المشعر مع عدم الإمكان في غيره، فلفحوى ما يأتي في المسألة التالية و الظاهر عدم الاختصاص بالمشعر بل لو تذكر بعد الإفاضة منه أيضا وجب عليه ذلك.

و أما صحة الحج فلما يأتي من مرسل جميل المنجبر بالعمل، و صحيح

ص: 56

و كذا لو كان جاهلا بالحكم (62) و لو أحرم له من غير مكة مع العلم و العمد لم يصح (63) و إن دخل مكة بإحرامه، بل وجب عليه الاستيناف مع الإمكان، و الا بطل حجه (64).

______________________________

ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «سألته عن رجل نسي الإحرام بالحج فذكر و هو بعرفات ما حاله؟ قال عليه السّلام يقول: «اللهم على كتابك و سنة نبيك» فقد تمَّ إحرامه فإن جهل أن يحرم يوم التروية بالحج حتى رجع إلى بلده إن كان قضى مناسكه كلّها فقد تمَّ حجه» (1) و لا بد من حمله على صورة عدم إمكان الرجوع إلى مكة كما هو الغالب في الأزمنة القديمة جمعا بينه و بين سائر الأخبار. و عن أبي الصباح الكناني قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل جهل أن يحرم حتى دخل الحرم، كيف يصنع؟ قال عليه السّلام: يخرج من الحرم ثمَّ يهلّ بالحج» (2).

و في خبر ابن كليب قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام خرجت معنا امرأة من أهلنا فجهلت الإحرام، فلم تحرم حتى دخلنا مكة و نسينا أن نأمرها بذلك قال عليه السّلام: فمروها فلتحرم من مكانها من مكة، أو من المسجد» (3) و كل ما ذكرناه هو المشهور بين الأصحاب (قدّست أسرارهم).

(62) لما يأتي من مرسل جميل، و ما تقدم من صحيح ابن جعفر، و هذا هو المشهور بين الأصحاب رحمه اللّه.

(63) للأصل، و النص، و الإجماع. و تقدم التفصيل في (فصل صورة حج التمتع) عند قوله رحمه اللّه: «الرابع أن يكون إحرام حجه من بطن مكة» فراجع.

(64) كل ذلك لأصالة عدم الإجزاء، و قاعدة انتفاء المشروط بانتفاء شرطه و تقدم ذلك كله في الفصل المزبور أيضا.

ص: 57


1- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 8.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 3.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب المواقيت حديث: 5.

نعم، لو أحرم من غيرها نسيانا، و لم يتمكن من العود إليها صح إحرامه من مكانه (65).

مسألة 9: لو نسي الإحرام و لم يذكر حتى أتى بجميع الأعمال

(مسألة 9): لو نسي الإحرام و لم يذكر حتى أتى بجميع الأعمال من الحج أو العمرة- فالأقوى صحة عمله (66).

______________________________

(65) لما تقدم في صدر هذه المسألة، و هذا هو المشهور بين الإمامية.

(66) على المشهور بل نسب إلى الأصحاب- عدا الحلي- لمرسل جميل المنجبر عن بعض أصحابنا، عن أحدهما عليهما السّلام: «في رجل نسي أن يحرم أو جهل و قد شهد المناسك كلها، و طاف، و سعى قال عليه السّلام: يجزيه نيته إذا كان قد نوى ذلك فقد تمَّ حجه و إن لم يهل» (1). و المراد بقوله عليه السّلام: «إذا كان قد نوى ذلك» أي: نوى الحج بأجزائه و شرائطه على ما هو المرتكز بين المسلمين لا نية خصوص الإحرام، لأنّها ملازمة عادة لإتيان الإحرام فلا وجه لما عن الحليّ من بطلان حجه، لقصور الخبر سندا، و عدم تحقق النية مع أنّ الأعمال بالنيات.

لانجبار السند بالعمل، مع موافقته للتسهيل، و الإرفاق، و الامتنان المبنيّ عليها الشريعة خصوصا في الحج. و أما استدلاله بأنّ الأعمال بالنيات (2) فعن المعتبر:

«لست أدري كيف تخيل هذا الاستدلال؟! و كيف توجيهه؟» فراجع المطوّلات تجد بطلان دليله.

ثمَّ إنّ الظاهر أنّ نسيان إحرام عمرة حج التمتع أيضا كذلك، لكونها مع حج التمتع عملا واحدا فيشمله خبر جميل.

و أما نسيان إحرام العمرة المفردة فمقتضى الأصل عدم الإجزاء بعد عدم شمول الحديث له إلا أن يقال: إنّ ما ذكر في خبر جميل من باب المثال لا الخصوصية، مع أنّ الحكم إرفاقيّ فلا بد و أنّ يشمل العمرة المفردة أيضا.

ص: 58


1- الوسائل باب: 20 من أبواب المواقيت حديث: 1.
2- الوسائل باب: 50 من أبواب مقدمات العبادات حديث: 5.

و كذا لو تركه جهلا حتى أتى بالجميع (67).

______________________________

(67) إجماعا، و نصّا تقدم في صحيح ابن جعفر فراجع. و ترك إحرام العمرة التمتعية جهلا حتى فرغ من الحج كترك إحرام حج التمتع جهلا في الصحة، لما مرّ من أنّهما عمل واحد بخلاف ترك إحرام العمرة المفردة جهلا و إن احتملنا أن يكون ذكر الحج من باب المثال و لا بعد في ذلك.

ص: 59

فصل في مقدمات الإحرام

اشارة

فصل في مقدمات الإحرام

مسألة 1: يستحب قبل الشروع في الإحرام أمور

اشارة

(مسألة 1): يستحب قبل الشروع في الإحرام أمور:

أحدها: توفير شعر الرأس

أحدها: توفير شعر الرأس بل و اللحية- (1) لإحرام الحج مطلقا- (2) لا خصوص التمتع، كما يظهر من بعضهم (3) لإطلاق الأخبار- من أول ذي القعدة بمعنى: عدم إزالة شعرهما، لجملة من الأخبار (4).

______________________________

فصل في مقدمات الإحرام و هي: كلها مستحبة.

(1) لما يأتي من التصريح بها في خبر الأعرج، مضافا إلى إطلاق صحيح ابن مسكان: «لا تأخذ من شعرك- و أنت تريد الحج- في ذي القعدة، و لا في الشهر الذي تريد فيه الخروج إلى العمرة» (1).

(2) لإطلاق الأخبار الآتية الشاملة لجميع أقسام الحج.

(3) كما عن الشيخ، و ابن حمزة، و المحقق في الشرائع، و العلامة في كثير من كتبه. و لعل اقتصارهم على التمتع لكون التوفير بالنسبة إليه أهمّ لطول مدّة إحرامه، لأنّ عمرته و حجه كعمل واحد و إلا فليس في الأخبار التي بين أيدينا من ذكر التمتع عين و لا أثر.

(4) منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن مسكان على ما تقدم، و في موثق ابن مسلم عنه عليه السّلام أيضا: «قال عليه السّلام: خذ من شعرك- إذا أزمعت على الحج-

ص: 60


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الإحرام حديث: 1.

و هي و إن كانت ظاهرة في الوجوب (5)، إلّا أنّها محمولة على الاستحباب، لجملة أخرى من الأخبار ظاهرة فيه (6) فالقول بالوجوب- كما هو ظاهر جماعة- (7) ضعيف، و إن كان لا ينبغي ترك

______________________________

شوال كله إلى غرة ذي القعدة» (1).

و عنه عليه السّلام أيضا: «لا يأخذ الرجل- إذا رأى هلال ذي القعدة و أراد الخروج- من رأسه و لا من لحيته» (2).

و في صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ:

شوال، و ذو القعدة، و ذو الحجة فمن أراد الحجّ وفّر شعره إذا نظر إلى هلال ذي القعدة. و من أراد العمرة وفّر شعره شهرا» (3) و قريب منه خبر ابن سنان (4) و غيره.

(5) بل ظاهر في الإرشاد إلى عدم التأذّي من حرّ الشمس، و كون المحرم شعثا و غبرا كما في الحديث (5) فليست ظاهره في الوجوب الاصطلاحي.

(6) كخبر ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «سألته عن الرجل إذا همّ بالحج يأخذ من شعر رأسه و لحيته و شاربه ما لم يحرم؟ قال عليه السّلام: لا بأس» (6)، و إطلاق موثق سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن الحجامة و حلق القفا في أشهر الحج فقال عليه السّلام: لا بأس به، و السواك و النورة» (7).

(7) نسب إلى الشيخين في النهاية، و المقنعة، و لكن قال في الجواهر: «لا

ص: 61


1- الوسائل باب: 2 من أبواب الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب الإحرام حديث: 6.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب الإحرام حديث: 4.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب الإحرام حديث: 7.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب وجوب الحج و شرائطه حديث: 11.
6- الوسائل باب: 3 من أبواب الإحرام حديث: 6.
7- الوسائل باب: 3 من أبواب الإحرام حديث: 3.

الاحتياط (8) كما لا ينبغي ترك الاحتياط بإهراق دم لو أزال شعر رأسه بالحلق، حيث يظهر من بعضهم وجوبه أيضا (9)، لخبر محمول على الاستحباب. أو على ما إذا كان في حال الإحرام (10). و يستحب التوفير للعمرة شهرا (11).

الثاني: قصّ الأظفار

الثاني: قصّ الأظفار، و الأخذ من الشارب، و إزالة شعر الإبط و العانة، بالطلي، أو الحلق، أو النتف (12) و الأفضل الأول، ثمَّ

______________________________

صراحة في الوجوب بعد معلومية التسامح من مثله بإطلاق لفظه و إرادة الندب».

(8) خروجا عن شبهة الخلاف.

(9) نسب ذلك إلى المقنعة.

(10) و هو خبر جميل قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن متمتع حلق رأسه بمكة قال عليه السّلام: إن كان جاهلا فليس عليه شي ء و إن تعمد ذلك في أول الشهور للحج بثلاثين يوما فليس عليه شي ء، و إن تعمّد بعد الثلاثين التي يوفر فيها للحج فإنّ عليه دما يهريقه» (1) و نقله الفقيه بسند صحيح، و الكليني بسند فيه ضعف من جهة عليّ بن حديد و لكن إجمال متنه، و إعراض الأصحاب عنه أسقطه عن الاعتبار على أيّ تقدير فلا بد من حمله على ما في المتن.

(11) لما تقدم من قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن مسكان في أول الفصل.

(12) للنصوص، و الإجماع قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا انتهيت إلى بعض المواقيت التي وقّتها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فانتف إبطيك، و احلق عانتك، و قلّم أظافرك، و قص شاربك، و لا يضرّك بأيّ ذلك بدأت» (2).

ص: 62


1- الوسائل باب: 5 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب الإحرام حديث: 3.

الثاني (13) و لو كان مطليا قبله يستحب له الإعادة و إن لم يمض خمسة عشر يوما (14) و يستحب أيضا إزالة الأوساخ من الجسد، لفحوى ما دل

______________________________

و عنه عليه السّلام أيضا في صحيحه الآخر: «إذا انتهيت إلى العقيق من قبل العراق أو إلى الوقت من هذه المواقيت و أنت تريد الإحرام إن شاء اللّه فانتف إبطيك، و قلّم أظفارك، و أطل عانتك، و خذ من شاربك و لا يضرّك بأيّ ذلك بدأت، ثمَّ استك و اغتسل و البس ثوبيك» (1).

و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح حريز: «السنة في الإحرام تقليم الأظفار، و أخذ الشارب، و حلق العانة» (2).

و يشهد لذلك كله رجحان التنظيف مطلقا، مع أنّ في إزالة مثل هذه الأمور مطلوب في كل حال خصوصا فيما إذا كان معرضا لئلا ينظف في جملة من الأيام، و سيّما في موارد الاجتماع و الازدحام.

ثمَّ إنّ الظاهر أنّ ذكر الحلق أو الطلي للعانة إنّما هو من باب المثال و الغالب و المقصود كله إزالة شعر المحل، فيشمل النتف للعانة أيضا، كما أنّ ذكر النتف في الإبط أيضا كذلك فيشمل الحلق، و الطلي أيضا.

(13) يشهد له الاعتبار، إذ الطلي أسهل و أشمل ثمَّ الحلق و أما النتف مطلقا ففيه المشقة بل العسر في بعض الأوقات و إن كان الظاهر اختلافه بحسب الحالات، و الأوقات، و الأشخاص، و اختلاف منابت الشعر، و عن الصادق عليه السّلام:

«حلقه أفضل من نتفه، و طليه أفضل من حلقه» (3). هذا مضافا إلى ما ورد في فضل الطلي و منافعه فراجع أبواب التنوير (4).

(14) للأخبار المرغبة إليه و إن قرب العهد به.

ص: 63


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 85 من أبواب آداب الحمام حديث: 4.
4- راجع المجلد الرابع من هذا الكتاب صفحة: 481- 484.

على المذكورات. و كذا يستحب الاستياك (15).

الثالث: الغسل للإحرام

الثالث: الغسل للإحرام (16)

______________________________

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام لابن أبي يعفور و أبي بصير: «اطليا، فقلنا فعلنا منذ ثلاث فقال عليه السّلام: أعيدا، فإنّ الاطلاء طهور» (1).

و عنه عليه السّلام أيضا: «السنة في النورة في كل خمسة عشر يوما فمن أتت عليه أحد و عشرون يوما و لم يتنوّر فآداب على اللّه عزّ و جلّ و ليتنور» (2).

و عن عليّ بن أبي حمزة: «سأل أبو بصير أبا عبد اللّه عليه السّلام- و أنا حاضر- فقال: إذا أطليت للإحرام الأول كيف أصنع في الطلية الأخيرة، و كم بينهما؟

قال عليه السّلام: إذا كان بينهما جمعتان- خمسة عشر يوما- فأطل» (3).

المعلوم أنّه ليس في مقام بيان التحديد الحقيقي بل إنّما هو في مقام بيان بعض مراتب الفضل بقرينة غيره من سائر الأخبار كقول الصادق عليه السّلام لأبي بصير:

«تنوّر فقال: إنّما تنوّرت أول أمس و اليوم الثالث فقال عليه السّلام: أما علمت أنّها طهور، فتنور» (4).

(15) أما الأول فلرجحانه في نفسه خصوصا عند الورود في المجامع و الجوامع و يمكن أن يستفاد من استحباب الغسل للإحرام أيضا.

و أما الأخير: فلما تقدم في صحيح ابن عمار (5)، مضافا إلى العمومات، و الإطلاقات المرغبة الكثيرة إليه، و تقدم بعضها في آداب الوضوء (6).

(16) إجماعا، و نصوصا.

ص: 64


1- الوسائل باب: 23 من أبواب آداب الحمام حديث: 4 و 5.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب آداب الحمام حديث: 4 و 5.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب الإحرام حديث: 4.
4- الوسائل باب: 32 من أبواب آداب الحمام حديث: 4.
5- تقدم في صفحة ق 146 صحيحه الثاني.
6- راجع المجلد الثاني من هذا الكتاب صفحة: 458- 461.

في الميقات (17)، و مع العذر عنه التيمم (18) و يجوز تقديمه على

______________________________

منها: ما تقدم من قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار «و اغتسل و البس ثوبيك»، و في بعض الأخبار إنّه واجب (1) و لا بد من حمله على تأكد الندب كما ورد في غسل الجمعة (2)، و ذلك لإجماع الأصحاب على الاستحباب فيهما.

(17) لما تقدم في الصحيح من قوله عليه السّلام: «إذا انتهيت إلى بعض المواقيت» أو: «إلى الوقت»، و يدل عليه أيضا ما دل على أنّ التقديم إنّما هو لأجل العذر كما يأتي و لكن يمكن أن يكون ذكر المواقيت في الحديث إنّما هو لأجل تهيؤ وسائل الغسل غالبا لا لأجل الموضوعية للميقات بل الظاهر ذلك في الأزمنة القديمة، و في صحيح الحلبي: «و لا يكادون يقدرون على الماء و إنّما أحدثت هذه المياه حديثا» (3).

(18) لأنّه أحد الطهورين و أنّه يكفي عشر سنين كما في الحديث (4) و هذا يكفي في عموم البدلية فلا وجه للتوقف فيه.

و دعوى: أنّ مثل هذه الأغسال إنّما هو للتنظيف و النشاط و لا يحصلون بالتيمم فلا موضوع للبدلية (مردود):

أولا: بمنع كون حكمة التشريع ذلك.

و ثانيا: بمنع انحصارها فيه، إذ يمكن أن تكون الحكمة حصول بعض مراتب الطهارة النفسانية أيضا فيقوم مقامها التيمم حينئذ و تقوم في الأغسال

ص: 65


1- تقدم في المجلد الرابع صفحة: 302.
2- راجع الوسائل باب: 1 من أبواب الأغسال المنسوبة حديث: 3 و ج: 4 من هذا الكتاب صفحة: 302.
3- الوسائل باب: 15 من أبواب الإحرام حديث: 5.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب التيمم حديث: 12 و في ج 4 من هذا الكتاب صفحة: 424.

الميقات مع خوف إعواز الماء (19)، بل الأقوى جوازه مع عدم الخوف أيضا (20) و الأحوط الإعادة في الميقات (21). و يكفي الغسل من أول

______________________________

المندوبة و التيمم بعض الكلام فراجع و لا فرق بين جميع الأعذار المسوغة للتيمم، لإطلاق البدلية الشامل للجميع.

(19) للنصّ، و الإجماع ففي صحيح ابن سالم: «أرسلنا إلى أبي عبد اللّه عليه السّلام، و نحن جماعة و نحن بالمدينة: إنّا نريد أن نودعك، فأرسل إلينا أن اغتسلوا بالمدينة، فإنّي أخاف عليكم أن يعزّ الماء عليكم بذي الحليفة.

فاغتسلوا بالمدينة، و البسوا ثيابكم التي تحرمون فيها ثمَّ تعالوا فرادى أو مثاني- إلى أن قال- لا عليكم أن تغتسلوا إن أوجدتم ماء إذا بلغتم ذا الحليفة» (1)، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «الرجل يغتسل بالمدينة للإحرام أ يجزيه عن غسل ذي الحليفة؟ قال عليه السّلام: نعم» (2) و قريب منه خبر أبي بصير (3).

(20) لإطلاق أدلة غسل الإحرام و التقييد بالميقات إنّما هو من باب تعدد المطلوب و الإرشاد إلى الفرد الأفضل كما هو الغالب في المندوبات ففي صحيح ابن وهب: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام- و نحن بالمدينة- عن التهيؤ للإحرام فقال عليه السّلام أطل بالمدينة فإنّه طهور، و تجهز بكل ما تريد، و اغتسل و إن شئت استمتعت بقميصك حتى تأتي مسجد الشجرة فتفيض عليك من الماء و تلبس ثوبيك إن شاء اللّه» (4) و مقتضى كونه من الأغسال الفعلية أيضا يعني: جواز الإتيان به قبل فعل الإحرام مطلقا.

(21) يظهر مما تقدم في صحيح ابن سالم استحبابه بناء على التسامح فيه

ص: 66


1- الوسائل باب: 8 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب الإحرام حديث: 5 و 3.
4- الوسائل باب: 7 من أبواب الإحرام حديث: 3.

النهار (22) إلى الليل، و من أول الليل إلى النهار. بل الأقوى كفاية غسل اليوم إلى آخر الليل و بالعكس (23). و إذا أحدث بعدها قبل الإحرام يستحب إعادته خصوصا في النوم (24) كما أنّ الأولى إعادته إذا أكل أو

______________________________

كما هو عادتهم في المندوبات.

(22) للنصّ، و الإجماع قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن يزيد: «من اغتسل بعد طلوع الفجر كفاه غسله إلى الليل في كل موضع يجب فيه الغسل، و من اغتسل ليلا كفاه غسله إلى طلوع الفجر» (1).

(23) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح جميل: «غسل يومك يجزيك لليلتك، و غسل ليلتك يجزيك ليومك» (2).

(24) أما في النوم، فلصحيح نضر بن سويد عن أبي الحسن عليه السّلام قال:

«سألته عن الرجل يغتسل للإحرام ثمَّ ينام قبل أن يحرم قال عليه السّلام عليه إعادة الغسل» (3) و نحوه غيره (4). و أما صحيح العيص قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يغتسل للإحرام بالمدينة و يلبس ثوبين ثمَّ ينام قبل أن يحرم قال عليه السّلام:

ليس عليه غسل» (5) فمحمول على نفي التأكد جمعا.

و أما في غير النوم من سائر الأحداث فلا نصّ فيه بالخصوص.

و استدل على النقض فيه تارة: بأنّ ذكر النوم إنّما هو من باب كونه مورد احتياج السائل لا الخصوصية.

و أخرى: بأنّه يدل على النقض في سائر الأحداث بالأولى.

ص: 67


1- الوسائل باب: 9 من أبواب الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 10 من أبواب الإحرام حديث: 2.
5- الوسائل باب: 10 من أبواب الإحرام حديث: 3.

لبس ما لا يجوز أكله أو لبسه للمحرم بل و كذا لو تطيب (25) بل الأولى ذلك في جميع تروك الإحرام، فلو أتى بواحد منها بعدها قبل الإحرام الأولى إعادته (26). و لو أحرم بغير غسل أتى به و أعاد صورة الإحرام (27)، سواء تركه عالما عامدا أو جاهلا

______________________________

و ثالثة: بدعوى الاتفاق عن المسالك على النقض.

و رابعة: بمرتكزات المتشرّعة من عدم الفرق بين النوم و سائر الأحداث.

و الظاهر كفاية هذه كلها لحصول الاطمئنان العرفيّ للحكم بالاستحباب خصوصا مع بنائه على المسامحة و إن أمكنت المناقشة فيها لو بنى على التشكيك و المناقشة.

(25) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«إذا لبست ثوبا لا ينبغي لك لبسه، أو أكلت طعاما لا ينبغي لك أكله، فأعد الغسل» (1)، و عنه عليه السّلام في صحيح ابن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «إذا اغتسلت للإحرام فلا تقنع، و لا تطيب، و لا تأكل طعاما فيه طيب، فتعيد الغسل» (2) إلى غير ذلك من الأخبار المحمولة على استحباب الإعادة إجماعا.

(26) لاحتمال أن يكون ما ذكر في الأخبار السابقة من باب المثال لجميع تروك الإحرام. و الأولى فيها الإعادة رجاء.

(27) لصحيح حسين بن سعيد عن أخيه الحسن قال: «كتبت إلى العبد الصالح أبي الحسن عليه السّلام: رجل أحرم بغير صلاة أو بغير غسل، جاهلا أو عامدا، ما عليه في ذلك؟ و كيف ينبغي له أن يصنع؟ فكتب يعيده» (3) المحمول على الندب إجماعا، و بقرينة قوله: «كيف ينبغي» الظاهر في أنّ السؤال عن آداب

ص: 68


1- الوسائل باب: 13 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 20 من أبواب الإحرام حديث: 1.

.....

______________________________

الإحرام لا عن الواجبات.

ثمَّ إنّ محتملات إعادة الإحرام خمسة:

الأول: لأجل بطلان الإحرام الأول من حين حدوثه بارتكاب ما ارتكب.

و فيه: أنّه مخالف لأصالة الصحة، و إطلاق الأدلة، و ما تسالموا عليه من أنّ الإحرام لا يزول إلا بالتقصير، و ما دل على أنّ تروك الإحرام نفسية لا غيرية.

الثاني: أنّ الإحرام الأول يبطل من حين ارتكاب ما ارتكب لا من حين حدوثه.

و فيه: ما مرّ في سابقة من مخالفته لأصالة الصحة، و إطلاق الأدلة، و ما دل على حصر زوال الإحرام بخصوص التقصير.

الثالث: أنّها تعبد خاص و يكون من الإحرام على الإحرام و فيه: أنّه من اللغو الباطل مع عدم أثر للإحرام الثاني إلا ما كان للأول.

الرابع: أنّها لدرك فضيلة مفقودة في الإحرام الأول فتتدارك تلك الفضيلة بإيجاد الإحرام ثانيا.

و فيه: أنّ الإحرام على الإحرام باطل و لو لدرك الفضيلة و خصوصية زائدة على الأول.

الخامس: أنّها استيناف صوريّ مع بقاء حقيقة الإحرام من أول حدوثه على ما هي عليه من الصحة و هذا الاستيناف يوجب اتصاف تلك الحقيقة بالفضيلة المفقودة فيها حين الحدوث و هذا نحو تفضل من اللّه تعالى و إنّ اللّه لا يضيع أعمال عباده من حيث الفضيلة أيضا و العرف، و العقل، و الاعتبار يشهد بتعين هذا الوجه و يكون هذا مطابقة لقاعدة حسن الاحتياط لدرك الفضيلة أيضا و لا يحتاج إلى دليل بالخصوص، و له نظائر كما في إعادة الصلاة لتدارك الأذان و الإقامة، و إعادتها لدرك الجماعة (1).

و توهم: أنّ ذلك خرج بالدليل ساقط: بعد ما قلناه من أنّ الإعادة لتدرك الفضيلة موافقة لقاعدة حسن الاحتياط لدرك الفضل مطلقا، فالنص فيما ورد.

ص: 69


1- راجع الوسائل باب: 48 من أبواب الجماعة حديث: 1.

أو ناسيا (28) و لكن إحرامه الأول صحيح باق على حاله (29)، فلو أتى بما يوجب الكفارة بعده و قبل الإعادة وجبت عليه (30).

و يستحب أن يقول (31) عند الغسل أو بعده: «بسم اللّه و باللّه. اللّهمّ اجعله لي نورا، و طهورا، و حرزا و أمنا من كلّ خوف، و شفاء من كلّ داء و سقم. اللّهمّ طهّرني و طهّر قلبي، و اشرح لي صدري، و أجر على لساني محبّتك و مدحتك و الثّناء عليك فإنّه لا قوّة لي إلّا بك، و قد علمت أنّ قوام ديني التّسليم لك، و الاتّباع لسنّة نبيّك صلواتك عليه و آله».

الرابع: أن يكون الإحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة

الرابع: أن يكون الإحرام عقيب صلاة فريضة أو نافلة (32) و قيل

______________________________

ورد مطابقا للقاعدة لا مخالفا لها.

(28) قد ذكر العلم و الجهل فيما مرّ من صحيح حسين بن سعيد، و يلحق الناسي بالعالم بالفحوى أو بالجاهل من جهة العذر.

(29) لقاعدة الإجزاء بعد فرض أنّه إنشاء مستجمعا لشرائط الصحة و مقتضى استصحاب الصحة ذلك أيضا. و إنشاء صورة الإحرام ثانيا لا يوجب الإحلال من الإحرام الأول و لا يكون مبطلا له، للأصل بعد عدم دليل على الإبطال به.

(30) لأنّ ذلك من لوازم بقاء الإحرام الأول و صحته. نعم، بناء على كون الإحرام الثاني إحراما حقيقيا و كشفه عن بطلان الإحرام الأول لا وجه للكفارة حينئذ لكنه فرض بلا دليل.

(31) كما عن الفقيه مع ضبط التسليم لك ب «التسليم لأمرك» (1).

(32) لما يأتي من الأخبار المصرّحة بالتعميم.

(33) أما استحباب ذلك فهو المشهور، بل الظاهر الإجماع عليه. و أما

ص: 70


1- راجع الفقيه ج 2 صفحة 312 من طبع النجف الأشرف.

بوجوب ذلك (33)، لجملة من الأخبار الظاهرة فيه، المحمولة على الندب، للاختلاف الواقع بينها (34)، و اشتمالها على خصوصيات غير واجبة،

______________________________

القائل بالوجوب فهو الإسكافي، لظواهر ما يأتي من الأخبار التي لا بد من حملها على الندب، بقرينة الإجماع، و عدم اشتهار الوجوب في هذا الأمر العام البلوى، إذ لو كان لبان، لشدّة الحاجة إليه لا أن تستقر الفتوى على عدم الوجوب قديما و حديثا.

(34) كقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «صلّ المكتوبة، ثمَّ أحرم بالحج أو بالمتعة» (1)، و قوله عليه السّلام في صحيحه الآخر: «إذا أردت الإحرام في غير وقت صلاة فريضة فصل ركعتين ثمَّ أحرم في دبرها» (2)، و قوله عليه السّلام في صحيحه الثالث: «لا يكون الإحرام إلا في دبر صلاة مكتوبة أو نافلة، فإن كانت مكتوبة أحرمت في دبرها بعد التسليم و إن كانت نافلة صليت ركعتين و أحرمت في دبرهما فإذا انفتلت في صلاتك فاحمد اللّه و أثن عليه، و صلّ على النبي صلى اللّه عليه و آله- الحديث-» (3).

و عنه عليه السّلام في خبر أبي بصير: «تصلي للإحرام ست ركعات، تحرم في دبرها» (4)، و في خبر إدريس قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتي بعض المواقيت بعد العصر كيف يصنع؟ قال عليه السّلام: يقيم إلى المغرب قلت: فإن أبى جماله أن يقيم عليه قال عليه السّلام: ليس له أن يخالف السنة قلت: إله أن يتطوّع بعد العصر؟ قال عليه السّلام: لا بأس به و لكنّي أكرهه للشهرة و تأخير ذلك أحبّ إليّ قلت:

كم أصلّي إذا تطوّعت؟ قال عليه السّلام: أربع ركعات» (5).

ص: 71


1- الوسائل باب: 18 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب الإحرام حديث: 4.
5- الوسائل باب: 19 من أبواب الإحرام حديث: 3.

و الأولى أن يكون بعد صلاة الظهر (35) في غير إحرام حج التمتع، فإنّ

______________________________

فلا بد من حمل الجميع على الندب و حمل صحيح ابن عمار الثالث على نفي الكمال و يستفاد الندب أيضا من صحيح ابن يزيد عنه عليه السّلام: «و اعلم أنّه واسع لك أن تحرم في دبر فريضة، أو نافلة، أو ليل، أو نهار» (1) فإنّ السبعة تناسب الندب.

و أما قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «خمس صلوات لا تترك على حال: إذا طفت بالبيت، و إذا أردت أن تحرم- الحديث-» (2) فهو في مقام بيان عدم كراهتها في الأوقات المكروهة لا عدم جواز تركها رأسا حتى تكون واجبا بقرينة بعض الأخبار الأخر.

(35) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «لا يضرّك بليل أحرمت أو نهار إلا أنّ أفضل ذلك عند زوال الشمس» (3)، و قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «و ليكن فراغك من ذلك عند زوال الشمس و إن لم يكن عند زوال الشمس فلا يضرّك ذلك، غير أنّي أحبّ أن يكون ذلك عند زوال الشمس» (4).

و في مرسل الفقيه: «و أفضله عند زوال الشمس» (5). هذا مضافا إلى ظهور إجماعهم على الرجحان.

ثمَّ إنّ إطلاقها يشمل قبل الصلاة أيضا إلا أن يقال: إنّ المنساق من هذا التعبير بمناسبة الحكم و الموضوع و كثرة اهتمام الشارع بالصلاة في أول الوقت إنّما هو الإتيان به بعدها، و يمكن أن يستشهد بصحيح ابن عباس عن أبي

ص: 72


1- الوسائل باب: 18 من أبواب الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 19 من أبواب الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 15 من أبواب الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 15 من أبواب الإحرام حديث: 6.
5- الوسائل باب: 15 من أبواب الإحرام حديث: 7.

الأفضل فيه أن يصلي الظهر بمنى (36). و إن لم يكن في وقت الظهر فبعد صلاة فريضة أخرى حاضرة و إن لم يكن فمقضية، و الا فعقيب صلاة النافلة (37).

______________________________

عبد اللّه عليه السّلام: «إذا كان يوم التروية إن شاء اللّه فاغتسل ثمَّ البس ثوبيك، و ادخل المسجد حافيا، و عليك السكينة و الوقار، ثمَّ صلّ ركعتين عند مقام إبراهيم عليه السّلام أو في الحجر ثمَّ اقعد حتى تزول الشمس فصلّ المكتوبة ثمَّ قل في دبر صلاتك كما قلت حين أحرمت من الشجرة- الحديث-» (1).

(36) لجملة من الأخبار.

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن يزيد: «إذا كان يوم التروية فأهلّ بالحج- إلى أن قال- و صلّ الظهر ان قدرت بمنى» (2)، و قوله عليه السّلام أيضا في صحيح ابن عمار: «إذا انتهيت إلى منى فقل: اللهم هذه منى- الى ان قال- ثمَّ تصلي بها الظهر و العصر، و المغرب، و العشاء الآخرة و الفجر و الإمام يصلّي بها الظهر لا يسعه إلا ذلك و موسع عليك أن تصلي بغيرها إن لم تقدر ثمَّ تدركهم بعرفات» (3). فيحمل ما ظاهره المنافاة على صورة عدم القدرة مثل ما تقدم من صحيح ابن عمار آنفا، و يأتي في أحكام منى بعض ما يتعلق بالمقام.

(37) أما الأولى: فلقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «صلّ المكتوبة، ثمَّ أحرم بالحج أو المتعة»(4).

و أما الآخران: فلإطلاق قوله عليه السّلام في صحيح ابن يزيد: «و اعلم أنّه واسع لك أن تحرم في دبر فريضة أو نافلة» (5) و الظاهر شمول الفريضة للمقضية أيضا

ص: 73


1- الوسائل باب: 1 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 3.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب إحرام الحج و الوقوف بعرفة حديث: 5.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب الإحرام حديث: 1.
5- الوسائل باب: 15 من أبواب الإحرام حديث: 2.
الخامس: صلاة ست ركعات، أو أربع ركعات أو ركعتين للإحرام

الخامس: صلاة ست ركعات، أو أربع ركعات أو ركعتين للإحرام (38). و الأولى الإتيان بهما مقدّما على الفريضة و يجوز إتيانها في أيّ وقت كان بلا كراهة، حتى في الأوقات المكروهة، و في وقت الفريضة (39) حتى على القول بعدم جواز النافلة لمن عليه فريضة،

______________________________

و قد أفتى بأفضلية الإحرام بعد المقضية في الدروس و هذا المقدار يكفي في الندب بناء على التسامح فيه كما هو عادة الفقهاء.

إن قيل: مقتضى صحيح ابن يزيد هو التخيير (يقال): إنّ أفضلية الفريضة حتى المقضية منها من النافلة معلوم من مذاق الأئمة عليهم السّلام.

(38) على المشهور، و تقدم ذكر الستة في خبر أبي بصير، و ذكر الأربعة في خبر إدريس، و ذكر الركعتين في صحيح ابن عمار (1) فراجع و المنساق من الجميع التوسعة و التخيير كما لا يخفى على الخبير.

(39) ثمَّ يحرم بعد الفريضة على المشهور، لما في الفقه الرضوي: «فإن كان وقت صلاة الفريضة فصلّ هذه الركعات قبل الفريضة ثمَّ صلّ الفريضة.

و روي: أنّ أفضل ما يحرم الإنسان في دبر صلاة الفريضة، ثمَّ أحرم في دبرها فيكون أفضل» (2).

و قد جرت عادتهم على التمسك للمندوبات، و المكروهات، و الآداب بمثل فقه الرضوي، و دعائم الإسلام و غيرهما مما لم يثبت اعتباره لأجل بنائهم على التسامح فيها. و استند صاحب الجواهر بإطلاق الأخبار غير الآبية على الحمل على ما ذهب إليه المشهور و من شاء التفصيل فليراجع الجواهر و المستفاد من جميع ما ورد في المقام أنّ لفضل وقوع الإحرام بعد الصلاة مراتب متفاوتة أفضلها ما هو المشهور و دونه مراتب أخرى و لعلّ بذلك يمكن

ص: 74


1- راجع جميع تلك الروايات في صفحة 155.
2- مستدرك الوسائل باب: 13 من أبواب الإحرام حديث: 3.

لخصوص الأخبار الواردة في المقام (40)، و الأولى أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الحمد التوحيد، و في الثانية الجحد (41)، لا العكس كما قيل (42).

______________________________

أن يجمع بين الكلمات أيضا فراجع.

(40) لأنّها من ذوات الأسباب و لا كراهة فيها في الأوقات المكروهة كما تقدم في [مسألة 18] من (فصل أوقات الرواتب)، مضافا إلى قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «خمس صلوات تصلّيها في كل وقت. منها: صلاة الإحرام» (1)، و مثله قوله عليه السّلام أيضا في صحيح ابن عمار (2).

(41) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر معاذ بن مسلم: «لا تدع أن تقرأ بقل هو اللّه أحد، و قل يا أيّها الكافرون، في سبع مواطن: في الركعتين قبل الفجر، و ركعتي الزوال، و ركعتين بعد المغرب، و ركعتين من أول صلاة الليل، و ركعتي الإحرام و الفجر إذا أصبحت، و ركعتي الطواف» (3) قال في التهذيب بعد نقل هذا:

«و في رواية أخرى أنّه يقرأ في هذا كله بقل هو اللّه أحد، و في الركعة الثانية بقل يا أيّها الكافرون إلا في الركعتين قبل الفجر، فإنّه يبدأ بقل يا أيّها الكافرون، ثمَّ يقرأ في الركعة الثانية بقل هو اللّه أحد» (4) و الأمر سهل بعد كون الحكم ندبيا مبنيا على المسامحة.

(42) نسب إلى المبسوط، و الدروس و لم يعلم دليله. نعم، قال في الشرائع: «يقرأ في الأولى الحمد، و قل يا أيّها الكافرون، و في الثانية الحمد و قل هو اللّه أحد» و في رواية أخرى بالعكس، و لعله ظفر على ما لم نظفر عليه. ثمَّ إنّ

ص: 75


1- الوسائل باب: 19 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 19 من أبواب الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 15 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 1.
4- الوسائل باب: 15 من أبواب القراءة في الصلاة حديث: 2.

مسألة 2: يكره للمرأة- إذا أرادت الإحرام- أن تستعمل الحناء

(مسألة 2): يكره للمرأة- إذا أرادت الإحرام- أن تستعمل الحناء (43) إذا كان يبقى أثره إلى ما بعده، مع قصد الزينة، بل و لا معه أيضا إذا كان يحصل به الزينة و إن لم تقصدها (44) بل قيل بحرمته (45) فالأحوط تركه، و إن كان الأقوى عدمها (46)، و الرواية مختصّة بالمرأة لكنّهم ألحقوا بها الرجل أيضا، لقاعدة الاشتراك، و لا بأس به و أما استعماله

______________________________

مقتضى خبر معاذ- المتقدم- هو قراءة قل هو اللّه أحد في الركعة الأولى، و الجحد في الثانية لظاهر الترتيب الذكري، و يشهد له خبر التهذيب و إن لم يعتنى بمثل هذا القسم من الظهور فالحكم هو التخيير.

(43) لخبر الكناني عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن امرأة خافت الشقاق فأرادت أن تحرم، هل تخضب يدها بالحناء قبل ذلك؟ قال عليه السّلام: ما يعجبني أن تفعل» (1) و لا بد من حمله على غير مورد الضرورة و إلا فقد يجب لأجلها.

(44) لما يأتي من تعليل المنع عن الاكتحال بالسواد، و النظر في المرآة بأنّه زينة، فيستفاد من إطلاقها عدم تقوّم الزينة بالقصد، بل تكون أمرا انطباقيا قهريّا فمع الصدق العرفيّ تصدق الزينة قصدها الشخص أولا.

(45) جزم في الروضة بتحريم الحناء قبل الإحرام إذا بقي أثره إليه و قال في المسالك: «و ذهب جماعة إلى التحريم لأنّه زينة».

(46) أما الاحتياط فللخروج عن شبهة من حرّمه. و أما أنّ الأقوى عدمها، فللأصل بعد عدم دليل على حرمة كل زينة، مضافا إلى صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن الحناء فقال عليه السّلام إنّ المحرم ليمسه، و يداوي به بعيره و ما هو بطيب و ما به بأس» (2) فيدل على عدم الحرمة قبل الإحرام بالأولى.

ص: 76


1- الوسائل باب: 23 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

مع عدم إرادة الإحرام فلا بأس به (47) و إن بقي أثره، و لا بأس بعدم إزالته و إن كانت ممكنة (48).

______________________________

(47) للأصل بعد خروجه عن مورد الرواية.

(48) لأصالة عدم وجوب ذلك. إلا أن يقال: إنّ المتفاهم عرفا من استعمال مثل الحناء إنّما هو أثره لا نفس الاستعمال من حيث هو فالأولى حينئذ إزالة الأثر و لعله لذا قال في المسالك: «و لا فرق بين الواقع بعد نية الإحرام و بين السابق عليه إذا كان يبقى بعده».

فرع: حكم الألوان التي يستعملها النساء في شعورهنّ و أيديهنّ حكم الحناء فيما مرّ، لأنّ ذكر الحناء من باب ما كان غالبا في تلك العصور.

ص: 77

فصل في كيفية الإحرام

اشارة

فصل في كيفية الإحرام و واجباته ثلاثة:

الأول: النية

اشارة

الأول: النية، بمعنى القصد إليه (1)، فلو أحرم من غير قصد أصلا بطل (2)، سواء كان عن عمد أو سهوا، أو جهل. و يبطل نسكه أيضا إذا كان

______________________________

فصل في كيفية الإحرام

(1) كلمات الفقهاء في المقام غير منقحة كما لا يخفى على من راجعها.

و اللازم في معنى الإحرام الرجوع إلى مرتكزات المتشرعة لأنّها المعمول عليها في مثل المقام و لا ريب في أنّه من الأمور الاعتبارية المتقوّمة بالقصد و الاختيار عندهم و بعد المراجعة إليهم يرى أنّه قصد كون المكلف معرضا للتكاليف المخصوصة لعمل مخصوص من حج أو عمرة. و يمكن إرجاع كلمات الفقهاء إلى ما ذكر أيضا و إن اختلفت عباراتهم و إن بعد ذلك عن بعضها، و الوجه في التعويل على العرف أنّ نيّة شي ء و قصده ليس من الأمور التعبدية و لا الموضوعات المستنبطة. بل من الأمور الشائعة العرفية في جميع الأمور و الحوائج المتعارفة و لعله لذلك لم يرد في هذا الأمر العالم البلوى تفصيل من الشرع، و ما ورد في الإحرام- كما سيأتي- إنّما هو في تعيين المنويّ من أنّه الحج، أو العمرة، أو هما معا لا أصل النية من حيث هي و اعتبار الزائد على ما قلناه مشكوك يرجع فيه إلى الأصل اللفظيّ و العمليّ كما في كل شك تعلق باعتبار شي ء في المكلف به جزء أو شرطا.

(2) في هذا التعبير مسامحة واضحة، إذ لا إشكال في أنّ الإحرام من

ص: 78

الترك عمدا (3)، و أما مع السهو و الجهل فلا يبطل. و يجب عليه تجديده من الميقات إذا أمكن و الا فمن حيث أمكن على التفصيل الذي مرّ سابقا في ترك أصل الإحرام.

مسألة 1: يعتبر فيها القربة و الخلوص

(مسألة 1): يعتبر فيها القربة و الخلوص، كما في سائر العبادات، فمع فقدهما أو أحدهما يبطل إحرامه (4).

______________________________

العناوين القصدية و لا يمكن تحققه بدون القصد إليه، فمرجع ترك أصل النية حينئذ إلى ترك أصل الإحرام و القصد إلى شي ء سهل المؤنة سيّما بناء على أنّه من مجرد الداعي فقط و ليس شيئا زائدا عليه و لا يعتبر الاستحضار الفعلي. و كل من يخرج من محله من شرق الأرض و غربها يريد المناسك المعهودة في الشريعة كونه قاصدا للوظيفة المجعولة عليه من طرف الشرع فكيف يتصور ترك النية عمدا، أو سهوا، أو جهلا. نعم، يصح ذلك كله بالنسبة إلى ترك أصل الإحرام.

ثمَّ إنّ الإحرام ليس عين التروك الخاصة، لكونها خارجة عن حقيقته بل هي واجبات مستقلة في زمان مخصوص بخلاف الصوم فإنّ تقومه يكون بالتروك الخاصة و لا يعتبر في كل منهما قصد التروك بل يكفي قصد الوظيفة الفعلية فقط، لإطلاق الأدلة، و أصالة البراءة عن اعتبار أزيد من ذلك.

(3) تقدم أنّ في التعبير مسامحة واضحة.

(4) لأنّ اعتبار القربة و الخلوص في العبادات من الضروريات كما أنّ بطلان العبادة بفقدهما أو بفقد أحدهما أيضا كذلك. و لا يخفى أنّ إطلاق الركن تارة يكون باعتبار الأفعال الجارحية فتكون أركان الحج خمسة.

و أخرى: يكون باعتبار الأعم من الجارحية و الجانحية فتصير الأركان ستة.

و قد اصطلحوا على أنّ الركن في الحج ما يبطل بتركه عمدا لا سهوا

ص: 79

مسألة 2: يجب أن تكون مقارنة للشروع فيه

(مسألة 2): يجب أن تكون مقارنة للشروع فيه (5)، فلا يكفي حصولها في الأثناء، فلو تركها وجب تجديده و لا وجه لما قيل: من أنّ الإحرام تروك (6) و هي لا تفتقر إلى النية، و القدر المسلّم من الإجماع على

______________________________

و هو خمسة ..

الأول: الإحرام.

الثاني: الوقوف بعرفة.

الثالث: الوقوف بالمشعر.

الرابع: طواف الحج.

الخامس: سعي الحج.

نعم، الوقوفان يبطل الحج بتركهما سهوا أيضا على تفصيل يأتي. و المراد بترك الإحرام عمدا الموجب للبطلان إنّما هو تركه رأسا لا تركه من الميقات فقط، فإنّه لو تركه منها عمدا يرجع و يحرم منه إن لم يكن أمامه ميقات آخر و الا فيصح إحرامه منه و إن أثم بترك الإحرام من الميقات الأول و تقدم التفصيل في [مسألة 2 و 3] من (فصل أحكام المواقيت) فلا وجه للتكرار.

(5) لوجوب انبعاث المأمور به- فعلا كان أو تركا- عن النية من بدية إلى ختامه، و كذا جميع جهاته العبادية المتعلقة به و اعتبار المقارنة إنّما هو بناء على أنّ النية عبارة عن الإرادة التفصيلية. و أما بناء على أنّها مجرّد الداعي الإجماليّ الارتكازيّ فهو حاصل قبل العمل و حين الشروع فيه و بعده، فيكون أصل هذا البحث ساقطا بناء عليه. و تقدم في نية الصوم بعض الكلام فراجع.

(6) نسب ذلك إلى كشف اللثام، و فيه. أولا: إنّ الإحرام ليس هو نفس التروك كيف و لو أحرم و ارتكب جميع التروك لا يبطل إحرامه بل يتحقق ذلك منه و تجب عليه الكفارة و ليس كالصوم متقوّما بتروك خاصة، فالإحرام اعتبار خاص له مبدأ و منتهى كسائر الاعتبارات التي لها آثار خاصة- شرعية

ص: 80

اعتبارها إنّما هو في الجملة و لو قبل التحلّل (7): إذ نمنع أولا كونه تروكا، فإنّ التلبية و لبس الثوبين من الأفعال، و ثانيا اعتبارها فيه على حدّ اعتبارها في سائر العبادات، في كون اللازم تحققها حين الشروع فيها.

مسألة 3: يعتبر في النية تعيين كون الإحرام لحج أو عمرة

(مسألة 3): يعتبر في النية تعيين كون الإحرام لحج أو عمرة، و أنّ الحج تمتع أو قران أو إفراد، و أنّه لنفسه أو نيابة عن غيره، و أنّه حجة الإسلام أو الحج النذري أو الندبيّ (8)، فلو نوى الإحرام من غير تعيين

______________________________

كانت أو لا- كما إذا نذر- مثلا- أن لا يرتكب أمورا معينة في مدة خاصة، فكما أنّ النذر ليس عين التروك، فكذا الإحرام و الفرق بينهما أنّ في النذر يكون الإنشاء فيه لفظيا بخلاف الإحرام فإنّه قلبيّ، و لو لوحظ انعقاده بالتلبية يكون لفظيا أيضا.

و ثانيا: لو كان الإحرام عبارة عن التروك لاحتاج إلى النية أيضا لتقوّم العبادة بها وجودية كانت أو عدمية. إلا أن يقال: إنّ الإحرام اعتبار خاص و الاعتباريات خفيفة المؤنة تدور مدار صحة الإضافة العرفية فكما يصح إضافة هذا الأمر الاعتباريّ إليه تعالى من أوله يصح من وسطه و آخره، لأنّه يلحظ كالأمر البسيط بحسب الواقع و إن انطبق على الزمان. و الأولوية، و الآخرية، و الوسطيّة إنّما تكون بحسب الزمان ذات الإحرام. و قد تقدم في الصوم بعض الكلام.

(7) له وجه صحيح إن قلنا أنّ الإحرام شي ء بسيط حاصل في زمان خاص. و البسيط بما هو بسيط ليس له أول و آخر و وسط. و إنّما يلحظ ذلك فيه بحسب زمانه لا ذاته فمهما تعلقت به النية تتعلق بتمامه، لفرض بساطته ذاتا.

(8) كل ذلك لما تقدم في نية الوضوء، و الصلاة، و الصوم من عدم تعلق القصد و الإرادة بالمهمل و لا بالمردد، بل لا تتعلق إلا بما هو له نحو من التشخص و حينئذ فإن كان متعينا خارجا يتوجه القصد إليه و يغني تعينه

ص: 81

و أوكله إلى ما بعد ذلك بطل (9)، فما عن بعضهم من صحته و أنّ له صرفه إلى أيّهما شاء من حج أو عمرة لا وجه له (10)، إذ الظاهر أنّه جزء من

______________________________

الخارجيّ عن تعيينه القصديّ و إن لم يكن كذلك فلا بد من تعينه في القصد و الإرادة، لأنّ اختلاف الآثار يكشف عن الاختلاف في ذات ماله الأثر. نعم، لو لم يكن اختلاف في البين و كان ذات الشي ء من حيث هو مورد المطلوب يجزي قصد الذات و لا وجه لوجوب التعين حينئذ أصلا.

(9) لما تقدم من لزوم وقوع العبادة من أولها إلى آخرها عن نية داعية إليها بلا فرق فيها بين كونها نفسية أو غيرية جزء كانت أو شرطا.

(10) نسب هذا القول إلى جمع منهم الشيخ، و العلامة. و الوجوه المحتملة في الإحرام أربعة:

الأول: كونه مطلوبا نفسيا في ذاته مع قطع النظر عن مطلق النسك.

الثاني: كونه مطلوبا نفسيا دخيلا في النسك جزء أو شرطا كالطهارة الحدثية للصلاة.

الثالث: كونه غيريا محضا شرطا للنسك.

الرابع: كونه غيريا محضا مع كونه جزء لها. و المنساق من الأدلة أحد الأخيرين، و يقتضيه الأصل أيضا بعد الشك في أصل الوجوب النفسي و العلم بالغيرية في الجملة، و لا ثمرة علمية بين كونه شرطا أو جزء فلا وجه لصرف الوقت بأكثر من ذلك.

و أما ما استدل في التذكرة على كفاية النية في الإحرام في الجملة و لو لم يكن من أوله: بأنّه مخالف لسائر العبادات لعدم الخروج عنه بارتكاب تروكه، و لما روي من أنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله: «لما خرج من المدينة لا سمّى حجا و لا عمرة ينتظر القضاء، فنزل عليه القضاء و هو بين الصفا و المروة» (1) فيكون الإحرام من هذه

ص: 82


1- سنن البيهقي ج 5 باب أنّه صلى اللّه عليه و آله لم يعيّن الحج و ينتظر القضاء صفحة 6.

النسك (11) فتجب نيته كما في أجزاء سائر العبادات و ليس مثل الوضوء و الغسل بالنسبة إلى الصلاة.

نعم، الأقوى كفاية التعيين الإجمالي (12) حتى بأن ينوي الإحرام لما سيعينه من حج أو عمرة فإنّه نوع تعيين (13) و فرق بينه و بين ما لو نوى

______________________________

الجهة كالصوم المندوب الذي يجزي فيه النية قبل الغروب.

فمردود: بأنّ الحديث لم يثبت من طرقنا، مع أنّه قبل التشريع فلا يشمل بعده. و تقدم أنّ التروك ليست دخيلة في حقيقته بل خارجة عنها فارتكابها لا يوجب فساد أصل الإحرام بلا كلام. نعم، بناء على ما قلناه من أنّ الإحرام واحد اعتباريّ و بسيط. و البسيط ليس له مبدأ، و وسط، و منتهى بحسب ذاته. و إن صح ذلك بحسب الزمان المتصوّر فيه يصح قولهم: (قدّست أسرارهم) و يكون مطابقا للقاعدة و لعلّ نظرهم رحمهم اللّه إلى ذلك و إن قصرت عباراتهم عن بيانه.

(11) دخالته فيها معلومة و أما أنّها بنحو الجزئية فهو من مجرد الدعوى و المنساق من الأدلة أنّها بالشرط أشبه. و تقدم أنّه لا ثمرة عملية بل و لا علمية في ذلك.

(12) للإطلاقات، و أصالة البراءة عما زاد عليه كما في نيّة جميع العبادات من الصّوم و الصّلاة و غيرهما.

(13) لأنّه معيّن في علم اللّه تعالى و قصد المعيّن في الواقع قصد للتعيين إجمالا فيكون مثل ما إذا قصد التكليف الفعليّ الثابت عليه في الواقع مع عدم علمه به و بذلك يخرج عن الترديد، و الإهمال، و الإجمال المانع عن الصحة.

و دعوى: أنّه كما إذا أحرم لصلاة يعينها بعد ذلك أو بسمل لسورة كذلك و هو باطل و لا وجه للصحة فيهما (مردودة): لصدق التعين الإجماليّ فيهما أيضا فلا بد من الصحة مع إمكان الفرق بين المقام و بينهما، لأنّهما وجوديان ذوا أجزاء و الإحرام بسيط اعتباريّ أقرب إلى العدميّ من الوجوديّ، فإذا حصلت النية

ص: 83

مرددا مع إيكال التعيين إلى ما بعد (14).

مسألة 4: لا يعتبر فيها نية الوجه

(مسألة 4): لا يعتبر فيها نية الوجه من وجوب أو ندب إلا إذا توقف التعيين عليها و كذا لا يعتبر فيها التلفظ بل و لا الإخطار بالبال، فيكفي الدّاعي (15).

مسألة 5: لا يعتبر في الإحرام استمرار العزم على ترك محرّماته

(مسألة 5): لا يعتبر في الإحرام استمرار العزم على ترك محرّماته، بل المعتبر العزم على تركها مستمرّا (16)، فلو لم يعزم من الأول على استمرار الترك بطل و أما لو عزم على ذلك و لم يستمر عزمه بأن نوى بعد تحقق الإحرام عدمه، أو إتيان شي ء منها لم يبطل، فلا يعتبر فيه استدامة النية كما في الصوم.

و الفرق: أنّ التروك في الصّوم معتبرة في صحته، بخلاف الإحرام

______________________________

الإجمالية في أوله مع التعيين بعد ذلك فقد حصل التعيين الإجمالي في أول إنشائه.

(14) الفرق بين الصورتين وجدانيّ، لعدم تحقق الترديد في النية فيما إذا نوى الإحرام حين إنشائه و جزم به و أوكل التعيين إلى ما بعد بخلاف ما إذا كان حين الإنشاء مترددا في أصل النية فإنّه ترديد وجدانا فيها.

(15) كل ذلك لإطلاق الأدلة، و أصالة البراءة بعد عدم الدليل على الخلاف في شي ء منها، و قد مرّ مرارا ما يتعلق بهذا الفرع في نية الوضوء و الصّلاة و الصّوم و غيرها فراجع.

(16) لعدم تحقق نية الإحرام إلا بذلك، فمع عدمه يبطل. و أما استمرار العزم فلا دليل على اعتباره، بل مقتضى الأصل عدم اعتباره بعد عدم كون التروك دخيلة في حقيقة الإحرام بل هي واجبات مستقلة لها أحكام خاصة كما يأتي في المتن.

ص: 84

فإنّها فيه واجبات تكليفية.

مسألة 6: لو نسي ما عينه من حج أو عمرة وجب عليه التجديد

(مسألة 6): لو نسي ما عينه من حج أو عمرة وجب عليه التجديد (17).

______________________________

(17) البحث في هذه المسألة تارة: في صحة أصل انعقاد الإحرام حدوثا.

و أخرى: في حكم إتمامه.

أما الأول: فلا إشكال في أنّه انعقد صحيحا مستجمعا للشرائط مع الالتفات إليها حين الانعقاد و إنّما النسيان طرأ على ما وقع صحيحا و لم أر عاجلا من قال ببطلانه من حين حدوثه في الزمان السابق و لا وجه له على فرض وجود القول به.

و أما الثاني: فمقتضى استصحاب الصحة بقاؤها إلى حصول الإحلال و يجب عليه الاحتياط بالجمع بين النسكين، للعلم الإجماليّ بوجوب أحدهما عليه فإن تردد بين حج الإفراد و العمرة المفردة يأتي بأعمال الحج، فيأتي إلى مكة و يأتي بأعمالها بقصد التكليف الواقعيّ و إن تردد بين العمرة و عمرة التمتع يتمّ أعمال العمرة و تجري البراءة عن وجوب الحج عليه فلا وجه لبطلان العمل بعد إمكان إتمامه صحيحا.

و ما يقال: من أنّه مع الترديد لا وجه للصحة (ممنوع) لأنّ الترديد ليس في أصل حدوث النية و إنّما هو في الإتمام و لا يضرّ ذلك بعد فرض إمكان الاحتياط و العمل به. هذا إذا لم يتعيّن عليه أحدهما بالخصوص. و أما مع التعيين فإن قلنا بجريان أصالة الصحة في هذه الصورة أيضا، فالحكم كما مرّ، و إن قلنا بعدمه لمنافاته للتعيين المعتبر فيه حدوثا و بقاء و أصالة الصحة لا تثبت التعيين يجب عليه التجديد حينئذ مقدمة للتعين الواجب في العمل.

إن قيل: لا وجه للتجديد لبطلان الإحرام على الإحرام.

يقال فيه ..

ص: 85

سواء تعين عليه أحدهما أو لا (18).

و قيل: إنّه للمتعيّن منهما (19) و مع عدم التعيين يكون لما يصح منهما (20) و مع صحتهما- كما في أشهر الحج- الأولى جعله للعمرة

______________________________

أولا: إنّ عمدة الدليل على بطلان الإحرام على الإحرام هو الإجماع و المتيقن منه غير المقام.

و ثانيا: إذا لم يمكن إتمام الإحرام الأول فلا وجه لبقائه فيبطل قهرا، لقاعدة بطلان كل عمل لا طريق لإتمامه و لو بالاحتياط و لا يبقى حينئذ مورد للإحرام على الإحرام حتى لا يصح ذلك.

هذا و لكن الشأن كله في عدم جريان أصالة الصحة، لأنّ التعين حين حدوث النية قد تحقق و في الإتمام و إن لم يكن تعين تفصيلا و لكنّه لا يضرّ بعد إمكان الاحتياط كما مرّ.

(18) لأنّ المانع إنّما هو عدم إمكان التعين في الإتمام و لا فرق فيه بين الصورتين. هذا إذا لم يكن التعين الخارجيّ قرينة على أنّ المنويّ كما هو المعين و إلا فلا إشكال في الصحة و الظاهر من حال كل من يريد الإحرام هو ذلك فيكون أصل هذه المسألة فرضية لا واقعية.

(19) نسب ذلك إلى جمع منهم المحقق، و العلامة، لأنّ الظاهر من حال المكلف ذلك و لا بأس به خصوصا إن حصل الاطمئنان العاديّ منه و حق العبارة الموافقة للكلمات أن تكون هكذا: «فإن صح أحدهما دون الآخر يختار ما صح منهما و إن صحا معا و لزمه أحدهما المتعين يختار خصوص المعين و إن تساويا في اللزوم عليه يتخيّر في اختيار أيّهما شاء و الأولى العدول إلى العمرة المتمتع بها».

(20) لقاعدة الصحة. و أشكل عليها: بأنّ القاعدة إنّما تجري بعد إحراز العنوان الذي يكون موردا للصحة و الفساد و في المقام لم يحرز ذلك فلا مجرى

ص: 86

المتمتع بها (21)، و هو مشكل، إذ لا وجه له (22).

مسألة 7: لا تكفي نية واحدة للحج و العمرة

(مسألة 7): لا تكفي نية واحدة للحج و العمرة، بل لا بد لكلّ منهما من نيته مستقلا. إذ كلّ منهما يحتاج إلى إحرام مستقل (23)، فلو نوى كذلك

______________________________

لها. و فيه: أنّ الصحة حدوثا مقطوع بها و في البقاء تكون قهريا انطباقيا بناء على الانحصار.

(21) يعني: يجوز له جعله للعمرة المتمتع بها، لأنّه إن كان متمتعا في الواقع فهذا الجعل تأكيد و إن لم يكن متمتعا يصح العدول من غير المتمتع إليه.

و فيه أنّ العدول الجائز إنّما هو فيما إذا كان في الابتداء دون الأثناء و المقام من الثاني دون الأول، فمقتضى الأصل عدم جوازه حينئذ إلا أن يتمسك بإطلاق أخبار العدول من غير التمتع إليه و كثرة الترغيب إليه.

(22) بل له وجه حسن بناء على ما قلناه من أنّ الإحرام أمر اعتباريّ بسيط يصح إضافته إلى النسك بأيّ وجه أمكن.

(23) فيصير جمعها في نية واحدة حينئذ نية لأمر غير مشروع فلا يصح التقرب به و يقع باطلا لا محالة. نعم، يجزي نية واحدة لها إن كانت بنحو الطولية بأن يكون المقصود الإتيان بالعمرة و بعد الفراغ منها يشرع في الحج أو بالعكس كما في حج الإفراد، و يدل عليه صحيح ابن شعيب: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام فقلت:

كيف ترى لي أن أهلّ؟ فقال عليه السّلام: إن شئت سمّيت و إن شئت لم تسمّ شيئا. فقلت له: كيف تصنع أنت؟ قال عليه السّلام أجمعهما فأقول: لبيك بحجة و عمرة معا لبيك» (1) و كما إذا جمع بين الظهر و العصر، أو المغرب و العشاء هكذا أي: طولا.

ثمَّ إنّه لا فرق في صورة عدم الجواز إن كانت النية عرضية بين كون كل منهما واجبا عليه و صحيحا منه و بين عدم وجوبها عليه و عدم الصحة إلا

ص: 87


1- الوسائل باب: 17 من أبواب الإحرام حديث: 3.

وجب عليه تجديدها. و القول بصرفه إلى المتعيّن منهما (24) إذا تعيّن عليه أحدهما و التخيير بينهما إذا لم يتعيّن، و صح منه كل منهما، كما في أشهر الحج لا وجه له (25).

كالقول: بأنّه لو كان في أشهر الحج بطل و لزم التجديد، و إن كان في غيرها صح عمرة مفردة (26).

______________________________

لأحدهما إلا إذا كانت عدم صحة أحدهما عنه أو عدم وجوب أحدهما عليه قرينة عرفية على لغوية قصدهما معا و أنّ المقصود في الواقع إنّما هو المتعيّن عليه فيصح حينئذ.

(24) نسب هذا القول إلى جمع منهم الشيخ رحمه اللّه و استدل عليه بأنّ الإحرام حقيقة واحدة كالطهارة الحدثية فإذا تحققت يترتب عليه الأثر بأيّ نحو أمكن.

و فيه: أنّه مبنيّ على تحققه جامعا للشرائط و بعد عدم جواز الجمع بينهما في نية واحدة لم تتحقق حقيقة الإحرام حتى يترتب عليه الأثر بأيّ نحو أمكن.

إلا أن يقال: إنّه في ذاته لا اقتضاء و الجمع بينهما بنية واحدة إنّما يوجب للبطلان لو لم يتعقبه التعين و إلا فلا وجه للبطلان المطلق فيما يصلح للتصحيح و التعيين فالحق مع الجماعة.

(25) قد ظهر مما مرّ أنّ له وجه.

(26) يظهر هذا القول من الشرائع. أما البطلان و لزوم التجديد فيما إذا كان في أشهر الحج، فلعدم جواز الجمع بين النسكين في نية واحدة فلم تقع في نية صحيحة حتى يصح فيجب التجديد لا محالة. هذا، و أما بناء على ما قلناه فيمكن تصحيحه بلا محذور فيه.

و أما الصحة للعمرة المفردة في غيرها، فلعدم صحة الحج حينئذ فتتعيّن النية للعمرة لا محالة فيكفي التعين الواقعيّ عما قصد فيصير التعين القصدي لغوا مطلقا سواء جمع بينهما أم لا، فقصد ذات الإحرام متحقق و الانطباق على

ص: 88

مسألة 8: لو نوى كإحرام فلان

(مسألة 8): لو نوى كإحرام فلان، فإن علم أنّه لما ذا أحرم صح (27) و إن لم يعلم.

فقيل: بالبطلان لعدم التعيين، و قيل بالصحة، لما عن عليّ عليه السّلام.

و الأقوى الصحة، لأنّه نوع (28) تعيين.

______________________________

العمرة قهريّ فقول المحقق مطابق للتحقيق.

(27) لوجود المقتضي للصحة و فقد المانع، مضافا إلى ظهور الإجماع عليها.

(28) البحث في هذه المسألة تارة بحسب القاعدة.

و أخرى: بحسب الأخبار الخاصة:

أما الأولى: فلا ريب في تحقق التعين في الجملة و مقتضى الأصل و الإطلاق عدم اعتبار أزيد من ذلك.

و أما الأخيرة: ففي صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام- الوارد في كيفية حج النبي صلى اللّه عليه و آله-: «إنّ عليا عليه السّلام قدم من اليمن على رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و هو بمكة- إلى أن قال-: و أنت يا عليّ بما أهللت؟ قال عليه السّلام: قلت: يا رسول اللّه إهلالا كإهلال النبيّ صلى اللّه عليه و آله فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله: كن على إحرامك مثلي و أنت شريكي في هديي» (1) و مثله صحيح الحلبي (2) و غيره.

و فيه: أنّ الظاهر كون المراد بقوله عليه السّلام: «إهلالا كإهلال النبيّ صلى اللّه عليه و آله» أي:

إهلالا مشروعا في مقابل إهلال الجاهلية فهو عليه السّلام كان قاصدا للحج المشروع قرانا كان أو إفرادا و ذكره في مقام البيان بهذا اللفظ، فكأنّه عليه السّلام قال: إهلالا مشروعا و ليس المراد حج التمتع لعدم إتيان النبيّ صلى اللّه عليه و آله به و إنّما شرع التمتع في حجة الوداع بعد ورود النبيّ صلى اللّه عليه و آله إلى مكة. كما أنّه ليس المراد قصده عليه السّلام

ص: 89


1- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 14.

نعم، لو لم يحرم فلان، أو بقي على الاشتباه فالظاهر البطلان (29).

و قد يقال: إنّه في صورة الاشتباه يتمتع و لا وجه له الا إذا كان في مقام يصح له العدول إلى التمتع.

مسألة 9: لو وجب عليه نوع من الحج أو العمرة فنوى غيره

(مسألة 9): لو وجب عليه نوع من الحج أو العمرة فنوى غيره بطل (30).

______________________________

لخصوص حج قصده النبيّ صلى اللّه عليه و آله فيصير دليلا للمقام، لما في صحيحة معاوية و غيره: «إنّ النبيّ صلى اللّه عليه و آله ساق الهدي ستا و ستين أو أربعا و ستين بدنة. و إنّ عليا عليه السّلام جاء بأربع و ثلاثين، أو ستّ و ثلاثين» (1) و هو ظاهر في أنّه عليه السّلام قصد حج القران على التفصيل. و أما ما في ذيل صحيح ابن عمار من تشريك النبيّ صلى اللّه عليه و آله إياه في الهدي لا ينافي سياقه عليه السّلام للهدي أيضا بل هو نحو تفضل و حكم خاص به عليه السّلام لا يجزي في غيره إذ لا يجوز تشريك أحد غيره في هديه و يمكن أن يكون النبيّ صلى اللّه عليه و آله جعل هذا المقدار من الهدي لعليّ عليه السّلام من أول السياق لا أن يكون ذلك لنفسه صلى اللّه عليه و آله ثمَّ يجعله لعليّ عليه السّلام حتى يكون مخالفا للقاعدة فهو نحو تبرع و إحسان منه صلى اللّه عليه و آله عليه عليه السّلام يكشف عن اتحادهما حتى في هذه الجهات.

(29) لعدم الموضوع للإحرام في صورة عدم إحرام فلان إلا إذا علم أنّه لو أحرم لأحرم للعمرة المفردة- مثلا- و أما في صورة البقاء على الاشتباه، فمقتضى أصالة الصحة الصحة و يحتاط بالجمع بين النسكين كما تقدم في [مسألة 6].

(30) لأنّ المأمور به لم تتعلق النية به و ما تعلقت به غير المأمور به فلا وجه للإجزاء هذا إن كان على وجه التقييد و أما إن كان بنحو الخطاء في التطبيق أو الجهل بالمسألة بأن تحقق منه قصد المأمور به الواقعي فيصح.

ص: 90


1- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
مسألة 10: لو نوى نوعا و نطق بغيره

(مسألة 10): لو نوى نوعا و نطق بغيره كان المدار على ما نوى دون ما نطق (31).

مسألة 11: لو كان في أثناء نوع و شك في أنّه نواه أو نوى غيره

(مسألة 11): لو كان في أثناء نوع و شك في أنّه نواه أو نوى غيره بنى على أنّه نواه (32).

مسألة 12: يستفاد من جملة من الأخبار استحباب التلفظ بالنية

(مسألة 12): يستفاد من جملة من الأخبار استحباب التلفظ بالنية (33)، و الظاهر تحققه بأيّ لفظ كان و الأولى أن يكون بما في صحيحة

______________________________

(31) لأنّ المدار في الأعمال المتقوّمة بالقصد على النية دون اللفظ سواء صدر اللفظ غلطا أم لا ما لم يضرّ بأصل العقد، و يشهد لذلك صحيح ابن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام: «سألته عن رجل دخل قبل التروية بيوم فأراد الإحرام بالحج يوم التروية فأخطأ قبل العمرة ما حاله؟ قال عليه السّلام: ليس عليه شي ء فليعتد الإحرام بالحج» (1) هذا بناء على نسخة «فليعتد الإحرام بالحج» و أما بناء على نسخة: «فليعد الإحرام بالحج» (2) فيدل على الخلاف.

(32) لأصالة الصحة و تقدم في [مسألة 91] من (فصل نية الصلاة) بعض ما ينفع المقام فراجع.

(33) المراد بالنية إنّما هو المنويّ و قد صرّح باستحباب ذلك جمع من الأصحاب، و استندوا إلى الأخبار كقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «إذا أردت الإحرام بالتمتع، فقل: اللهم إنّي أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج، فيسّر ذلك لي، و تقبّله منّي، و أعنّي عليه، و حلّني حيث حبستني بقدرك الذي قدّرت عليّ. أحرم لك شعري، و بشري من النساء، و الطيب، و الثياب» (3).

ص: 91


1- الوسائل باب: 22 من أبواب الإحرام حديث: 8.
2- راجع الهامش على حديث: 8 من باب: 22 من أبواب الإحرام الوسائل.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب الإحرام حديث: 2.

ابن عمار (34)، و هو أن يقول: «اللهم إنّي أريد ما أمرت به من التمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك و سنة نبيّك صلى اللّه عليه و آله، فيسّر ذلك لي، و تقبّله منّي، و أعنّي عليه، فإن عرض شي ء يحبسني فحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدّرت، عليّ اللهم إن لم تكن حجة فعمرة، أحرم لك شعري، و بشري، و لحمي، و دمي، و عظامي، و مخي، و عصبي من النساء و الطيب، أبتغي بذلك وجهك و الدّار الآخرة».

______________________________

و في صحيح حماد ابن عثمان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له: إنّي أريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج فكيف أقول؟ قال عليه السّلام: تقول: اللهم إنّي أريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج على كتابك و سنة نبيك و إن شئت أضمرت الذي تريد» (1) و مثله خبر أبي الصّلاح (2).

(34) و لعل وجه الأولوية كونها اجمع بالنسبة إلى غيرها و المراد الأولوية الإضافية في الجملة فلا ينافي أولوية غيرها بالنسبة.

فروع: الأول: حيث إنّ الحج ليس كالصلاة و الصوم بأن يكون موردا للابتلاء في كل يوم أو سنة يمكن أن يكون وجه استحباب التلفظ بنيته، أنّه أقرب إلى رفع الحيرة و الوسوسة عن النية. و لو لم يترتب عليه هذا الأثر فهل يبقى الاستحباب أو لا؟ وجهان، مقتضى الجمود على الإطلاقات هو الأول.

الثاني: الأفضل أن يذكر عند عقد إحرام عمرة التمتع الحج أيضا، كما ورد عن عليّ عليه السّلام أنّه كان يقول رافعا صوته: «لبيك بحجة و عمرة معا لبيك» (3).

ص: 92


1- الوسائل باب: 17 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب الإحرام حديث: 7.
مسألة 13: يستحب أن يشترط- عند إحرامه على اللّه أن يحلّه إذا عرض مانع من إتمام نسكه

(مسألة 13): يستحب أن يشترط- عند إحرامه- (35) على اللّه أن يحلّه إذا عرض مانع من إتمام نسكه من حج أو عمرة، و أن يتم إحرامه عمرة إذا كان للحج و لم يمكنه الإتيان كما يظهر من جملة من الأخبار و اختلفوا في فائدة هذا الاشتراط.

______________________________

الثالث: لو كانت في البين تقية يسقط استحباب التلفظ بل قد يحرم قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في خبر أبان بن تغلب: «لا تسم حجا و لا عمرة و أضمر في نفسك المتعة» (1)، و عن ابن حازم: «أمرنا أبو عبد اللّه عليه السّلام أن نلبي و لا نسمّي شيئا و قال عليه السّلام: أصحاب الإضمار أحبّ إليّ» (2).

(35) إجماعا، و نصوصا منها خبر الكناني قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يشترط في الحج كيف يشترط؟ قال عليه السّلام: يقول حين يريد أن يحرم: ان حلني حيث حبستني فإن حبستني فهي عمرة» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر ابن يسار (4): «المعتمر عمرة مفردة يشترط على ربه أن يحلّه حيث حبسه، و مفرد الحج يشترط على ربه إن لم تكن حجة فعمرة» (5).

و عنه عليه السّلام أيضا في خبر ابن سدير قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إذا أتيت مسجد الشجرة فأفرض، قلت: و أيّ شي ء الفرض؟ قال عليه السّلام: تصلّي ركعتين، ثمَّ تقول: «اللهم إنّي أريد أن أتمتع بالعمرة إلى الحج، فإن أصابني قدرك فحلني حيث حبستني بقدرك فإذا أتت الميل فلبه» (6).

ص: 93


1- الوسائل باب: 21 من أبواب الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 23 من أبواب الإحرام حديث: 2.
5- الوسائل باب: 23 من أبواب الإحرام حديث: 3.
6- الوسائل باب: 23 من أبواب الإحرام حديث: 4.

فقيل: إنّها سقوط الهدي (36).

و قيل: إنّها تعجيل التحلل (37)، و عدم انتظار بلوغ الهدي محلّه.

______________________________

(36) نسب ذلك إلى جمع منهم العلامة، و ابن إدريس. و استدل عليه بالإجماع، و الأخبار.

منها: صحيح المحاربي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج، و أحصر بعد ما أحرم كيف يصنع؟ فقال عليه السّلام: أو ما اشترط على ربه- قبل أن يحرم- أن يحله من إحرامه عند عارض عرض له من أمر اللّه تعالى؟ فقلت بلى قد اشترط ذلك قال عليه السّلام فليرجع إلى أهله حلا، لا إحرام عليه إن اللّه أحق من و في بما اشترط عليه. قلت: أ فعليه الحج من قابل؟ قال عليه السّلام:

لا» (1) و مثله غيره و هو ظاهر في حصول التحلل بالشرط كظهوره في سقوط الهدي بل العلة المذكورة فيه نصّ في التحلل بالشرط.

(37) نسب ذلك الى جمع منهم الشيخ، و المحقق، و العلامة لقول ابي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار- في حديث-: «إنّ الحسين بن عليّ عليهما السّلام خرج معتمرا فمرض في الطريق، فبلغ عليّا ذلك و هو بالمدينة فخرج في طلبه فأدركه بالسقيا و هو مريض فقال عليه السّلام: يا بني ما تشتكي؟ فقال: رأسي فدعا عليّ عليه السّلام ببدنة فنحرها و حلق رأسه و ردّه إلى المدينة فلما برئ من وجعه اعتمر» (2) بناء على أنّه عليه السّلام اشترط لأنّه مندوب و الإمام عليه السّلام يواظب عليه.

و فيه: أنّ مجرد كون شي ء مندوبا لا يدل على إتيان الإمام عليه السّلام به إذ يمكن تركه له لمصلحة مقتضية لذلك، مع أنّه معارض بصحيح رفاعة عن الصادق عليه السّلام قال: «خرج الحسين عليه السّلام معتمرا و قد ساق بدنة حتى انتهى إلى السقيا فبرسم، فحلق شعر رأسه، و نحرها مكانه ثمَّ أقبل حتى جاء فضرب الباب فقال عليّ عليه السّلام ابني و ربّ الكعبة افتحوا له الباب و كانوا قد حموه الماء فأكبّ عليه فشرب، ثمَّ

ص: 94


1- الوسائل باب: 24 من أبواب الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب الإحرام حديث: 1.

و قيل: سقوط الحج من قابل (38)، و قيل: إنّ فائدته إدراك الثواب

______________________________

اعتمر بعد» (1).

و يمكن رفع التنافي بتعدد الواقعة، فمورد صحيح ابن عمار قضية، و مورد صحيح رفاعة قضية أخرى. هذا مع أنّه يعتبر في محلّ ذبح هدي المحصور أن يكون بمكة إن كان في إحرام العمرة، و بمنى إن كان في إحرام الحج و ظاهر الخبرين هو الذبح في مكان الحصر. و احتمال أن يكون المراد البعث للنحر في محلّه ثمَّ الحلق بعد المواعدة (بعيد) بل مقطوع بفساده، مع ظهور الإجماع على عدم سقوط بعث الهدي عن القارن إذا أحصر.

و أما خبر عبد اللّه بن عامر المنقول عن جامع ابن سعيد عن الصادق عليه السّلام:

«في رجل خرج معتمرا، فاعتل في بعض الطريق و هو محرم قال عليه السّلام: ينحر بدنة، و يحلق رأسه، و يرجع إلى رحله، و لا يقرب النساء فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما، فإذا برئ من وجعه اعتمر إن كان لم يشترط على ربه في إحرامه. و إن كان قد اشترط فليس عليه أن يعتمر» (2) فلم يوجد عامل به حتى عن ناقله، فإنّه نسب إليه القول الأول فراجع المطوّلات.

(38) نسب ذلك إلى الشيخ رحمه اللّه لصحيح ضريس قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل خرج متمتعا بالعمرة إلى الحج، فلم يبلغ مكة إلا يوم النحر فقال عليه السّلام: يقيم على إحرامه، و يقطع التلبية حتى يدخل مكة، فيطوف و يسعى بين الصفا و المروة، و يحلق رأسه، و ينصرف إلى أهله إن شاء. و قال: هذا لمن اشترط على ربه عند إحرامه فإن لم يكن اشترط فإنّ عليه الحج من قابل»(3)

ص: 95


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الإحصار و الصد حديث: 2.
2- لم نعثر على هذه الرواية في كتب الأحاديث. نعم، أوردها صاحب الجواهر في ج 20 صفحة 124 طبع النجف الأشرف.
3- الوسائل باب: 27 من أبواب الوقوف بالمشعر حديث: 2.

فهو مستحب تعبديّ (39)، و هذا هو الأظهر (40) و يدل عليه قوله عليه السّلام في بعض الأخبار (41): «هو حلّ حيث حبسه، اشترط، أو لم يشترط» و الظاهر عدم كفاية النية في حصول الاشتراط، بل لا بد من التلفظ لكن يكفي كلما

______________________________

و فيه: أنّ مورده من لم يدرك الوقوفين على أنّه مع وجوب الحج عليه لا يسقط بالاشتراط و مع عدم وجوبه عليه لا يجب بترك الاشتراط، فالصحيح غير معمول به على كل تقدير.

(39) نسب ذلك إلى المبسوط، و الشهيد الثاني قال في المسالك:

«و استحباب الاشتراط ثابت لجميع أفراد الحاج. و من الجائز كونه تعبدا، أو دعاء مأمورا به يترتب على فعله الثواب».

(40) دعوى الأظهرية ممنوعة. نعم، هذا القول موافق للاحتياط كما لا يخفى.

(41) قال الصادق عليه السّلام في صحيح زرارة: «هو حلّ إذا حبسه، اشترط أو لم يشترط أو لم يشترط» (1)، و في خبر ابن حمران قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الذي يقول: حلّني حيث حبستني قال عليه السّلام: هو حلّ حيث حبسه، قال أو لم يقل» (2).

و فيه: إنّ الحلّ على كل تقدير اشترط أو لم يشترط لا ينافي ثبوت الأثر للشرط إن تحقق مع الدليل و ترتب الفائدة عليه، ففي المصدود يتحلّل فعلا و يجب عليه الهدي إن لم يشترط و يسقط مع الشرط، لأنّه يوجب انفساخ الإحرام و صيرورته كالعدم فلا موجب للهدي حينئذ. و أما في المحصور فلا يصح التحلّل إلا بعد أن يبلغ الهدي محلّه مع عدم الشرط. و مع يمكن سقوط الهدي، لانفساخ الإحرام حينئذ كما يمكن تعجيله.

ص: 96


1- الوسائل باب: 25 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 25 من أبواب الإحرام حديث: 2.

أفاد هذا المعنى فلا يعتبر فيه لفظ مخصوص (42) و إن كان الأولى التعيين مما في الأخبار (43).

الثاني: من واجبات الإحرام: التلبيات الأربع

اشارة

الثاني: من واجبات الإحرام: التلبيات الأربع (44) و القول بوجوب الخمس، أو الست ضعيف (45)، بل ادعى جماعة الإجماع على عدم وجوب الأزيد من الأربع و اختلفوا في صورتها على أقوال:

أحدها: أن يقول (46): «لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك».

______________________________

و بالجملة: إذا فرض إمكان تصوير أثر للشرط فلا وجه لسقوطه مع وجود الأثر و الدليل.

(42) أما عدم كفاية لنية، فللأصل. و أما اعتبار التلفظ، فلأنّه المنساق من الأدلة. و أما عدم اعتبار لفظ مخصوص، فلإطلاق الأدلة، و أصالة البراءة عن خصوصية خاصة.

(43) لأنّ الجمود على النص خير من التعدي عنه و إن كان ذلك جائزا.

(44) إجماعا بقسميه، و الظاهر كونه من القطعيات بين المسلمين إن لم يكن من ضرورياتهم و يأتي البحث عن حكمها التكليفيّ و الوضعيّ في المسائل التالية.

(45) نسب الخمس إلى ظاهر الاقتصاد، و عن التذكرة، و المنتهى الإجماع على عدم وجوبه، و في المهذب البارع حكى القول بالست عن بعض. و قال في الجواهر: «لم نحققه» و الظاهر شمول إجماع التذكرة و المنتهى له أيضا.

(46) اختاره جمع منهم المحقق و العلامة، لصحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام- كما سيأتي نقل بعضه في المتن- (1) فإنّه بعد ما ذكر في المتن إلى قوله عليه السّلام: «يا كريم لبيك» ورد فيه: «تقول ذلك في دبر كل صلاة مكتوبة و نافلة

ص: 97


1- أي: في الصورة الرابعة من صور التلبية.

الثاني: أن يقول بعد العبارة المذكورة: «إنّ الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك» (47).

الثالث: أن يقول: «لبيك اللهم لبيك، لبيك إنّ الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك، لبيك» (48).

الرابع: كالثالث (49) الا أنّه يقول: «إنّ الحمد و النعمة و الملك لك لا شريك لك، لبيك» بتقديم لفظ: (و الملك) على لفظ (لك) و الأقوى هو

______________________________

- إلى أن قال- و اعلم أنّه لا بد من التلبيات الأربع التي كنّ في أول الكلام، و هي الفريضة، و هي التوحيد، و بها لبى المرسلون- الحديث-» (1) و هذه الصحيحة من محكمات الأخبار لا بد من ردّ غيرها إليها أو حملها على ما لا ينافيها.

(47) نسب ذلك إلى الفقيه، و المقنع، و المراسم و غيرها، لصحيح عاصم بن حميد قال: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لما انتهى إلى البيداء- حيث الميل- قربت له ناقة فركبها فلما انبعثت به لبّى بالأربع، فقال:

لبيك اللهم لبيك، اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد و النعمة و الملك لك لا شريك لك لبيك. ثمَّ قال: هاهنا يخسف بالأخابث. ثمَّ قال: إنّ الناس زادوا بعد، و هو أحسن» (2)، و في حديث شرائع الدّين عن الصادق عليه السّلام:

«و فرائض الحج: الإحرام، و التلبيات الأربع، و هي: لبيك اللهم لبيك لبيك لا شريك لك لبيك، إنّ الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك» (3).

(48) اعترف جمع بأنّه لا مدرك له من الأخبار مع أنّه أجمع العبارات.

(49) نسب ذلك إلى القواعد، و جامع ابن سعيد.

ص: 98


1- الوسائل باب: 40 من أبواب الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب الإحرام حديث: 6.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 29.

القول الأول (50) كما هو صريح صحيحة معاوية بن عمار و الزوائد مستحبة- و الأولى التكرار، بالإتيان بكل من الصور المذكورة بل يستحب أن يقول كما في صحيحة معاوية بن عمار-: «لبّيك اللّهمّ لبّيك لبّيك لا شريك لك لبّيك، إنّ الحمد و النّعمة لك و الملك لك لا شريك لك، لبّيك ذا المعارج لبّيك لبيك، لبّيك داعيا الى دار السّلام، لبيك غفّار الذّنوب لبّيك، لبّيك أهل التّلبية لبّيك، لبّيك ذا الجلال و الإكرام، لبّيك مرهوبا و مرغوبا إليك لبّيك لبّيك تبدئ و المعاد إليك، لبّيك كشّاف الكروب العظام لبّيك، لبّيك عبدك و ابن عبديك، لبّيك، لبّيك يا كريم لبّيك».

مسألة 14: اللازم الإتيان بها على الوجه الصحيح بمراعاة أداء الكلمات على قواعد العربية

(مسألة 14): اللازم الإتيان بها على الوجه الصحيح بمراعاة أداء الكلمات على قواعد العربية (51) فلا يجزي الملحون مع التمكن من الصحيح، بالتلقين أو التصحيح (52)، و مع عدم تمكنه فالأحوط الجمع بينه و بين الاستنابة (53)، و كذا لا تجزي الترجمة مع التمكن، و مع عدمه

______________________________

(50) لما مرّ من أنّ دليله من محكمات أخبار الباب، و يشهد له ما تقدم من صحيح عاصم بن حميد أيضا، و لو لا مخافة التفرد بالقول لصح القول بوقوعها بكل ما اشتملت عليه الأخبار (1)، لأنّ ذلك نحو تسهيل و تيسير في الشريعة المبنية عليهما خصوصا في هذا العمل غير المأنوس.

(51) لأنه المنساق من الأدلة، مضافا إلى ظهور الإجماع عليه.

(52) للإجماع، و قاعدة الاشتغال.

(53) مقتضى قاعدة الميسور المعتضدة بما ورد في الأخرس هو الاجتزاء بالملحون. و لكن في خبر زرارة: «إنّ رجلا قدم حاجا لا يحسن أن

ص: 99


1- راجع الوسائل باب: 40 و 37 من أبواب الإحرام حديث: 5 و 3 و باب 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 15 و غيره.

فالأحوط الجمع بينهما و بين الاستنابة (54)، و الأخرس يشير إليهما بإصبعه مع تحريك لسانه (55)، و الأولى أن يجمع بينهما و بين الاستنابة (56) و يلبّي عن الصبيّ غير المميّز، و عن المغمى عليه (57) و في قوله: «إنّ الحمد ..» يصح أن يقرأ بكسر الهمزة، و فتحها، و الأولى الأول، و «لبيك» مصدر منصوب بفعل مقدّر أي: ألب لك إلبابا بعد الباب أو لبا بعد لب أي:

إقامة بعد إقامة، من لبّ بالمكان- أو ألبّ- أي: أقام و الأولى كونه من (لبّ) و على هذا فأصله لبين لك، فحذف اللام، و أضيف إلى الكاف، فحذف النون و حاصل معناه: إجابتين لك و ربما يحتمل أن يكون (من لبّ) بمعنى واجه يقال: «داري تلبّ دارك» أي: تواجهها فمعناه مواجهتي و قصدي لك،

______________________________

يلبّي، فاستفتي له أبو عبد اللّه عليه السّلام فأمر له أن يلبّى عنه» (1). فالأحوط هو الجمع بينهما و إن كان الخبر قاصرا سندا و لا يصلح للاعتماد عليه.

(54) لما تقدم من قاعدة الميسور، و خبر زرارة.

(55) لخبر السكوني عن الصادق عليه السّلام: «إنّ عليّا عليه السّلام قال: تلبية الأخرس، و تشهده، و قراءة القرآن في الصلاة تحريك لسانه و إشارته بإصبعه» (2).

(56) لحسن الاحتياط على كل حال.

(57) لظهور الإجماع فيهما، و يشملهما ما تقدم من خبر زرارة، و يمكن جبر قصور سنده هنا بالشهرة، و في صحيح زرارة عن أحدهما عليهما السّلام: «إذا حج الرجل بابنه و هو صغير، فإنّه يأمره أن يلبّي و يفرض الحج فإن لم يحسن أن يلبّي لبّوا عنه» (3) و يمكن استفادة حكم المغمى عليه عنه أيضا بعد القطع بعدم

ص: 100


1- الوسائل باب: 39 من أبواب الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 39 من أبواب الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج حديث: 5.

و أما احتمال كونه من لبّ الشي ء أي: خالصة، فيكون بمعنى: إخلاصي لك فبعيد، كما أنّ القول بأنّه كلمة مفردة نظير: (على) و (لدى) فأضيفت إلى الكاف، فقلبت ألفه ياء لا وجه له، لأنّ (على) و (لدى) إذا أضيفا إلى الظاهر يقال فيهما بالألف كعلي زيد، و لدى زيد، و ليس لبى كذلك، فإنّه يقال فيه:

لبي زيد بالياء.

مسألة 15: لا ينعقد إحرام حج التمتع و إحرام عمرته و لا إحرام حج الإفراد

(مسألة 15): لا ينعقد إحرام حج التمتع و إحرام عمرته و لا إحرام حج الإفراد، و لا إحرام حج العمرة المفردة إلا بالتلبية (58) و أما في حج القران

______________________________

خصوصية للصبيّ خصوصا في الحج المبنيّ على التسهيل من هذه الجهات.

(58) للنصوص، و الإجماع.

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «لا بأس أن يصلي الرجل في مسجد الشجرة، و يقول الذي يريد أن يقوله و لا يلبّي، ثمَّ يخرج فيصيب من الصيد و غيره فليس عليه فيه شي ء» (1).

و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح حريز: «في الرجل إذا تهيّأ للإحرام فله أن يأتي النّساء ما لم يعقد التلبية أو يلبّ» (2)، و في صحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام:

«في الرجل يقع على أهله بعد ما يعقد الإحرام و لم يلبّ قال عليه السّلام: ليس عليه شي ء» (3) و مقتضى إطلاقها عدم الفرق بين إحرام حجي التمتع و الإفراد، و لا فرق بين إحرام العمرة المفردة و العمرة التمتعية.

و أما خبر أحمد بن محمد قال: «سمعت أبي يقول: في رجل يلبس ثيابه و يتهيّأ للإحرام ثمَّ يواقع أهله قبل أن يهل بالإحرام قال: عليه دم» (4) فهو

ص: 101


1- الوسائل باب: 14 من أبواب الإحرام حديث: 1. و راجع باب 11 من أبواب تروك الإحرام.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب الإحرام حديث: 8. و راجع باب 11 من أبواب تروك الإحرام.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب الإحرام حديث: 2. و راجع باب 11 من أبواب تروك الإحرام.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب الإحرام حديث: 14. و راجع باب 11 من أبواب تروك الإحرام.

فيتخيّر بين التلبية و بين الإشعار أو التقليد (59)، و الإشعار مختص بالبدن و التقليد مشترك بينها و بين غيرها من أنواع الهدي (60)، و الأولى في البدن الجمع بين الإشعار و التقليد (61)، فينعقد إحرام حج القران بأحد هذه الثلاثة، و لكن الأحوط- مع اختيار الإشعار و التقليد- ضمّ التلبية أيضا (62).

______________________________

معارض بغيره، و مخالف للإجماع، و غير معلوم الاستناد إلى معصوم فليطرح، أو يحمل على الندب.

(59) للنصوص الدالة على ذلك.

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «يوجب الإحرام ثلاثة أشياء: التلبية، و الإشعار، و التقليد، فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم» (1)، و قوله عليه السّلام أيضا في صحيحه الآخر: «يقلدها نعلا خلقا قد صليت فيه. و الإشعار و التقليد بمنزلة التلبية» (2).

و هذا هو المشهور. فما عن السيد، و ابن إدريس من عدم انعقاد الإحرام مطلقا إلا بالتلبية، و ما عن الشيخ و ابني حمزة و البراج من اشتراط الانعقاد بغير التلبية بالعجز عنها كالاجتهاد في مقابل النص.

(60) أرسل ذلك إرسال المسلّمات و قال في الحدائق: «الظاهر أنّه متفق عليه بينهم لا أعلم فيه مخالفا».

(61) قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في خبر ابن عمار: «البدن تشعر في الجانب الأيمن، و يقوم الرجل في الجانب الأيسر، ثمَّ يقلدها بنعل خلق قد صلى فيه» (3) و مثله غيره المحمول على مجرّد الأولوية.

(62) خروجا عن مخالفة السيد، و ابن إدريس.

ص: 102


1- الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 20.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 11.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.

نعم، الظاهر وجوب التلبية على القارن، و إن لم يتوقف انعقاد إحرامه عليها، فهي واجبة عليه في نفسها (63)، و يستحب الجمع بين التلبية و أحد

______________________________

(63) استدل عليه تارة: بالإطلاقات و العمومات الدالة على التلبية.

و أخرى: بالتأسي.

و ثالثة: بموثق يونس: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي قد اشتريت بدنة فكيف أصنع بها؟ فقال عليه السّلام: انطلق حتى تأتي مسجد الشجرة، فأفض عليك من الماء، و ألبس ثوبك، ثمَّ أنخها مستقبل القبلة ثمَّ ادخل المسجد فصلّ ثمَّ افرض بعد صلاتك ثمَّ اخرج إليها فأشعرها من الجانب الأيمن من سنامها، ثمَّ قل: بسم اللّه اللهم منك و لك، اللهم تقبل مني. ثمَّ انطلق حتى تأتي البيداء فلبه» (1).

و رابعة: بجملة من الكلمات المشتملة على أنّه بأيّهما بدأ كان الآخر مستحبا و الكل مخدوش:

أما الأول: فبأنّ استفادة وجوب التلبية منها نفسا بعد عقد الإحرام بالإشعار أو التقليد مشكل بل ممنوع، إذ المنساق منها إنّما هو فيما إذا انحصر عقد الإحرام بها.

و أما الثاني: فبأنّ التأسي أعمّ من الوجوب كما هو معلوم.

و أما الثالثة: فبأنّ كثرة اشتماله على الآداب و السنن يمنع عن استفادة الوجوب منه.

و أما الرابع: فإنّ بلوغها حدّ الإجماع المعتبر أول الدّعوى. هذا و لكنّه و إن أمكنت المناقشة في كل واحد مما ذكر لكن المجموع ربما يوجب الاطمئنان بالحكم، مضافا إلى ما ورد من «أنّ التلبية شعار المحرم» (2)، و ما روي عن العسكري عليه السّلام عن آبائه عليهم السّلام عن أمير المؤمنين عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله

ص: 103


1- الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
2- الوسائل باب: 37 من أبواب الإحرام حديث: 3.

الأمرين و بأيّهما بدأ كان واجبا و كان الآخر مستحبّا (64). ثمَّ إنّ الإشعار عبارة عن شق السنام الأيمن، بأن يقوم الرجل من الجانب الأيسر من الهدي، و يشق سنامه من الجانب الأيمن (65)، و يلطخ صفحته بدمه (66)، و التقليد أن يعلّق في رقبة الهدي نعلا خلقا قد صلّى فيه.

______________________________

- في حديث-: فنادى ربّنا عزّ و جلّ يا أمة محمد صلى اللّه عليه و آله فأجابوا كلهم و هم في أصلاب آبائهم و في أرحام أمهاتهم: «لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك إنّ الحمد و النعمة لك و الملك لا شريك لك» قال فجعل اللّه عزّ و جلّ تلك الإجابة شعار الحج» (1) إلى غير ذلك مما يمكن أن يستفاد منه مطلوبية التلبية في نفسها عند الإحرام.

(64) أرسل ذلك في الشرائع، و القواعد إرسال المسلّمات، و عن كشف اللثام الاتفاق على عدم وجوب الإشعار و التقليد بعد التلبية، و يقتضيه الأصل و صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «في رجل ساق هديا و لم يقلده و لم يشعره قال عليه السّلام: قد أجزأ عنه، ما أكثر ما لا يقلد و لا يحلل» (2) هذا و لكنه إذا لبّى أولا و تركها بعدها لم يكن حج قران.

(65) إجماعا، و نصّا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «البدن تشعر في الجانب الأيمن، و يقوم الرجل في الجانب الأيسر، ثمَّ يقلدها بنعل خلق قد صلّى فيها» (3)إلى غير ذلك من الأخبار.

(66) على المشهور بين الأصحاب و اعترف في الحدائق بعدم العثور على نصّ يدل عليه، و لعلّ وجهه أنّه إعلان و إظهار للشعار، و مبالغة للإشعار حتى لا يخفى ذلك على أحد.

ص: 104


1- الوسائل باب: 40 من أبواب الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 10.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 4.
مسألة 16: لا تجب مقارنة التلبية لنية الإحرام

(مسألة 16): لا تجب مقارنة التلبية لنية الإحرام (67)، و إن كان أحوط (68) فيجوز أن يؤخرها عن النيّة و لبس الثوبين على الأقوى (69)،

مسألة 17: لا تحرم عليه محرّمات الإحرام قبل التلبية و إن دخل فيه بالنية و لبس الثوبين

(مسألة 17): لا تحرم عليه محرّمات الإحرام قبل التلبية و إن دخل فيه بالنية و لبس الثوبين، فلو فعل شيئا من المحرّمات لا يكون إثما، و ليس عليه كفارة (70)،

______________________________

(67) للأصل، و الإطلاقات، و الأخبار التي تقدمت في [مسألة 15] و هذا هو المشهور بين الفقهاء.

(68) خروجا عن خلاف من أوجبها و لا دليل عليها إلا قاعدة الاحتياط و قد ثبت في محله أنّ نظائر المقام من موارد الرجوع إلى البراءة و الإطلاق، لكون الشك في أصل التكليف دون أن يكون الشك في المكلف به مع العلم بجميع حدود التكليف و قيوده حتى يكون من موارد الاحتياط و الأمر سهل خصوصا بناء على كون النية عبارة عن مجرّد الداعي فقط كما هو الحق فإنّه يسقط هذا البحث حينئذ عن أصله.

ثمَّ الظاهر أنّ للمقارنة مراتب متفاوتة. الدقية العقلية، و الدقية العرفية، و المسامحة العرفية و لا وجه لاعتبار الأولى لعدم ابتناء الفقه عليها، و مقتضى الأصل و الإطلاق عدم اعتبار الثانية أيضا فالمتيقن هي الأخيرة، و يشهد لها الأخبار المشتملة على جواز ارتكاب جملة من محذورات الإحرام بين عقد الإحرام و التلبية (1).

(69) للنصوص التي تقدم بعضها في [مسألة 15]، و ظاهرهم الإجماع عليه أيضا.

(70) لأنّ ما تقدم من النصوص الدالة على أنّ الإشعار و التقليد بمنزلة

ص: 105


1- الوسائل باب: 14 من أبواب الإحرام.

و كذا في القارن (71) إذا لم يأت بها و لا بالإشعار أو التقليد بل يجوز له أن يبطل الإحرام (72) ما لم يأت بها في غير القارن، أو لم يأت بها و لا بأحد الأمرين فيه.

و الحاصل: إنّ الشروع في الإحرام و إن كان يتحقق بالنية (73) و لبس الثوبين، الا أنّه لا تحرم عليه المحرّمات، و لا يلزم البقاء عليه الا بها أو بأحد الأمرين فالتلبية و أخوها بمنزلة تكبيرة الإحرام في الصلاة.

مسألة 18: إذا نسي التلبية وجب عليه العود إلى الميقات لتداركها

(مسألة 18): إذا نسي التلبية وجب عليه العود إلى الميقات لتداركها و إن لم يتمكن أتى بها في مكان التذكر (74). و الظاهر عدم وجوب الكفارة عليه إذا كان آتيا بما يوجبها، لما عرفت من عدم انعقاد الإحرام إلا بها.

______________________________

التلبية (1) ينزلها منزلها في هذه الجهة أيضا فقبل تحقق أحدها لا أثر للإحرام بخلاف ما إذا تحقق واحد منها فيثبت أثر الإحرام حينئذ من الإثم و الكفارة.

(71) التعبير بإبطال الإحرام مسامحة، لأنّ إبطال شي ء متوقف على تحققه و مع عدم التحقق كيف يصدق الإبطال، فالمراد به في المقام رفع اليد عن النية المقتضية لانعقاد الإحرام بعد ذلك بما يتلوها التلبية أو الإشعار أو التقليد.

(72) أي: الشروع الصوريّ الظاهريّ المسامحيّ دون الواقعيّ الحقيقيّ الذي يترتب عليه الأثر مثل من وقف مقابلا للقبلة متهيئا للصلاة بأفعالها يصدق عرفا أنّه شرع في الصلاة مع أنّه لا يدخل فيها إلا بالتكبيرة و بها تحرم المنافيات فكذا التلبية و نحوها من الإشعار و التقليد.

(73) في أنّه يدخل بالنية عرفا و لكن لا تحرم المنافيات إلا بعد التكبيرة.

(74) لما مرّ من تقوّم انعقاد الإحرام بها فيجب عليه العود لتحصيل الإحرام الصحيح. و ما نسب إلى الشيخ رحمه اللّه من التفرقة بين نسيان أصل الإحرام

ص: 106


1- راجع الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 20 و 19 و غيره من الأحاديث.
مسألة 19: الواجب من التلبية مرّة واحدة

(مسألة 19): الواجب من التلبية مرّة واحدة (75).

نعم، يستحب الإكثار بها (76) و تكرّرها ما استطاع خصوصا في دبر كل صلاة فريضة أو نافلة، و عند صعود شرف أو هبوط واد و عند المنام (77) و عند اليقظة، و عند الركوب، و عند النزول، و عند ملاقاة راكب، و في الأسحار، و في بعض الأخبار (78): «من لبّي في إحرامه سبعين مرّة

______________________________

من الميقات فيعود و بين نسيان التلبية فيجدّد و لا شي ء عليه لا دليل عليه إلا دعوى خروج التلبية عن قوام عقد الإحرام و هو مخدوش مخالف لظواهر الأدلة.

(75) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

(76) للنصوص، و الإجماع.

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «تقول ذلك في دبر كل صلاة مكتوبة و نافلة، و حين ينهض بك بعيرك، و إذا علوت شرفا، أو هبطت واديا، أو لقيت راكبا، أو استيقظت من منامك، و بالأسحار، و أكثر ما استطعت، و اجهر بها- إلى أن قال- و أكثر من ذي المعارج فإنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله كان يكثر منها، و أول من لبّى إبراهيم عليه السّلام قال: إنّ اللّه عزّ و جلّ يدعوكم إلى أن تحجوا بيته فأجابوه بالتلبية» (1).

(77) على المشهور، و لكن اعترف في الجواهر بعدم العثور فيه على نص.

(78) هو خبر ابن فضال عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «قال رسول اللّه عليه السّلام: «من لبّى في إحرامه- إلى آخره كما في المتن-» (2).

ص: 107


1- الوسائل باب: 40 من أبواب الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 41 من أبواب الإحرام حديث: 1.

إيمانا و احتسابا، أشهد اللّه له ألف ألف ملك براءة من النار و براءة من النفاق» و يستحب الجهر بها (79)- خصوصا في المواضع المذكورة- للرجال دون النساء (80) ففي المرسل: «إنّ التلبية شعار المحرم فارفع صوتك بالتلبية» و في المرفوعة: «لما أحرم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أتاه جبرئيل عليه السّلام فقال: مر أصحابك بالعج و الثج، فالعج: رفع الصوت بالتلبية و الثج نحر البدن».

مسألة 20: ذكر جماعة أنّ الأفضل لمن حج على طريق المدينة تأخير التلبية إلى البيداء مطلقا

(مسألة 20): ذكر جماعة (81) أنّ الأفضل لمن حج على طريق المدينة تأخير التلبية إلى البيداء مطلقا كما قاله بعضهم- أو في خصوص الراكب، كما قيل (82)، و لمن حج على طريق آخر تأخيرها إلى أن يمشي

______________________________

(79) لما تقدم من قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «و اجهر بها» و هو و إن كان ظاهرا في الوجوب و لذا قال به جمع و لكنّه لا بد من حمله على الندب لأنّ مساقه مساق السنن و الآداب لا الإلزام و الإيجاب، و في خبر حريز عن رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله «مرّ أصحابك بالعج، و الثج،- و العج: رفع الصوت بالتلبية و الثج نحر البدن- و قال جابر بن عبد اللّه: ما بلغنا الروحا حتى بحّت أصواتنا» (1).

(80) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر ابن أيوب: «إنّ اللّه وضع عن النساء أربعا: الجهر بالتلبية، و السعي بين الصفا و المروة- يعني: الهرولة- و دخول الكعبة، و الاستلام» (2)، و في صحيح أبي بصير: «ليس على النساء جهر بالتلبية» (3).

(81) نسب ذلك إلى الشيخ، و بني حمزة، و البراج، و سعيد.

(82) نسب إلى الشيخ و ابن سعيد.

ص: 108


1- الوسائل باب: 37 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 38 من أبواب الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 38 من أبواب الإحرام حديث: 4.

قليلا (83)، و لمن حج من مكة تأخيرها إلى الرقطاء- كما قيل (84)- أو إلى أن يشرف على الأبطح (85)، لكن الظاهر- بعد عدم الإشكال في عدم وجوب مقارنتها للنية و لبس الثوبين- استحباب التعجيل بها مطلقا، و كون أفضلية التأخير بالنسبة إلى الجهر بها فالأفضل أن يأتي بها حين النية و لبس الثوبين سرّا، و يؤخر الجهر بها إلى المواضع المذكورة و البيداء: أرض مخصوصة بين مكة و المدينة على ميل من ذي الحليفة نحو مكة، و الأبطح مسيل وادي مكة و هو مسيل واسع فيه دقائق الحصى، أو له عند منقطع الشعب بين وادي منى، و آخره متصل بالمقبرة التي تسمّى بالمعلّى عند أهل مكة. و الرقطاء: موضع دون الردم، يسمّى مدعى و مدعى الأقوام:

مجتمع قبائلهم، و الردم: حاجز يمنع السيل عن البيت، و يعبّر عنه بالمدعى.

______________________________

(83) قاله في المبسوط، و التحرير و المنتهى، و المسالك.

(84) نسب إلى هداية الصدوق رحمه اللّه.

(85) نسبه في الجواهر إلى غير واحد من المتقدمين و المتأخرين، لقول الصادق عليه السّلام في خبر ابن عمار: «إذا انتهيت إلى الردم، و أشرفت على الأبطح فارفع صوتك بالتلبية» (1) و يأتي خبر آخر قريب منه.

أقول: البحث في هذه المسألة تارة: بحسب إطلاقات الأدلة.

و أخرى: بحسب الأخبار الخاصة.

و ثالثة: بحسب الأصل العملي.

أما الأولى: فمقتضاها وجوب الإتيان بالتلبية في الميقات لوجوب عقد الإحرام فيها و تقدم في [مسألة 18] أنّه لو نسي التلبية فيها وجب عليه العود إليها للتلبية، و الظاهر عدم الخلاف من أحد في ذلك و إنّما البحث في الجهات

ص: 109


1- الوسائل باب: 46 من أبواب الإحرام حديث: 4.

.....

______________________________

الخارجة عن ذات الواجب.

أما الثانية: فهي طوائف:

منها: ما ورد في مسجد الشجرة كقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن وهب: «و قد ترى أناسا يحرمون، فلا تفعل حتى تنتهي إلى البيداء- حيث الميل- فتحرمون كما أنتم في محاملكم تقول: لبيك اللهم لبيك» (1).

و قوله عليه السّلام أيضا في صحيح ابن حازم: «إذا صليت عند الشجرة فلا تلبّ حتى تأتي البيداء» (2).

و في صحيح ابن سنان: «سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول: إنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله لم يكن يلبّي حتى يأتي البيداء» (3).

و قوله عليه السّلام في خبر ابن عمار: «صلّ المكتوبة ثمَّ أحرم بالحج أو بالمتعة و أخرج بغير تلبية حتى تصعد إلى أول البيداء إلى أول ميل عن يسارك فإذا استوت بك الأرض- راكبا كنت أو ماشيا- فلبّ» (4).

و في صحيح الفضلاء عنه عليه السّلام أيضا: «ثمَّ قم فامش حتى تبلغ الميل و تستوي بك البيداء، فإذا استوت بك فلبّه» (5) و مثلها غيرها و لا بد إما من حملها على التلبيات المندوبة أو حملها على افتراق الشيعة لمصلحة وقتية اقتضت ذلك أو رد علمها إلى أهلها فإنّها مع كثرتها و صحة أسانيدها مخالفة للمجمع عليه بين الإمامية.

و منها: ما ورد في غير مسجد الشجرة كقوله عليه السّلام في صحيح هشام بن الحكم: «إن أحرمت من غمرة و من بريد البعث صلّيت، و قلت كما يقول المحرم في دبر صلاتك و إن شئت لبيت من موضعك و الفضل أن تمشي قليلا ثمَّ

ص: 110


1- الوسائل باب: 34 من أبواب الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب الإحرام حديث: 4.
3- الوسائل باب: 34 من أبواب الإحرام حديث: 5.
4- الوسائل باب: 34 من أبواب الإحرام حديث: 6.
5- الوسائل باب: 35 من أبواب الإحرام حديث: 3.
مسألة 21: المعتمر عمرة التمتع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة

(مسألة 21): المعتمر عمرة التمتع يقطع التلبية عند مشاهدة بيوت مكة في الزمن القديم (86) و حدها- لمن جاء على طريق المدينة- عقبة

______________________________

تلبّي» (1) و لا بد من رد علمه إلى أهله أيضا إن استلزم المشي قليلا الخروج من الميقات و إلا فلا بأس بالقول بالاستحباب لأجله، و قوله عليه السّلام أيضا في صحيح الفضلاء: «و إن أهللت من المسجد الحرام للحج، فإن شئت لبّيت خلف المقام.

و أفضل من ذلك أن تمضي حتى تأتي الرقطاء و تلبّي، قبل أن تصير إلى الأبطح» (2) و لا بأس بحمله على الندب.

و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح عمر بن يزيد: «إن كنت ماشيا فاجهر بإهلالك و تلبيتك من المسجد و إن كنت راكبا فإذا علمت بك راحلتك البيداء» (3) و لا ريب في ظهوره في حكم الجهر بها لا الجهات الأخر.

و قوله عليه السّلام أيضا في الصحيح: «ثمَّ أهل بالحج فإن كنت ماشيا فلبّ عند المقام، و إن كنت راكبا فإذا نهض بك بعيرك» (4) و يمكن حمل مثل هذه الأخبار على التلبيات المندوبة لا أصل التلبية الواجبة التي يعقد بها الإحرام، أو على الجهر بها بقرينة بعضها الآخر. و يمكن أن يستشهد بها على أنّ حكم محاذي الميقات عرفا حكم نفس الميقات كما مرّ تفصيل ذلك فراجع.

أما الثالثة: فمقتضى الأصل عدم وجوب مقارنة التلبية بنيته و لكن يعتبر وقوعها في الميقات مع الإمكان، كما تقدم.

(86) إجماعا، و نصّا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح معاوية: «إذا دخلت مكة و أنت متمتع فنظرت إلى بيوت مكة فاقطع التلبية. و حدّ بيوت مكة- التي

ص: 111


1- الوسائل باب: 35 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 46 من أبواب الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 34 من أبواب الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 46 من أبواب الإحرام حديث: 2.

المدنيين، و هو مكان معروف و المعتمر عمرة مفردة عند دخول الحرم إذا جاء من خارج الحرم، و عند مشاهدة الكعبة إن كان قد خرج من مكة لإحرامها (87) و الحاج بأيّ نوع من الحج يقطعها عند الزوال من يوم

______________________________

كانت قبل اليوم-: عقبة المدنيين فإنّ الناس قد أحدثوا بمكة ما لم يكن، فاقطع التلبية. و عليك بالتكبير، و التحميد، و التهليل، و الثناء على اللّه عزّ و جلّ ما استطعت» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح الحلبي: «المتمتع إذا نظر إلى بيوت مكة قطع التلبية» (2).

و أما موثق زرارة عنه عليه السّلام أيضا: «سألته أين يمسك المتمتع عن التلبية؟

فقال عليه السّلام: إذا دخل البيوت بيوت مكة لا بيوت الأبطح» (3).

و ما في خبر الشحام عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن تلبية المتعة متى تقطع؟ قال عليه السّلام: حين يدخل الحرم» (4) فموهون بالإعراض.

و أما صحيح البزنطي عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام: «أنّه سئل عن المتمتع متى يقطع التلبية؟ قال عليه السّلام: إذا نظر إلى عراش مكة، عقبة ذي طوى. قلت: بيوت مكة؟ قال: نعم» (5) فلا بد و أن يحمل على ما لا ينافي ما تقدم في صحيح معاوية بن عمار باختلاف الطريق، و الجهة و نحوهما.

(87) على المشهور فيهما قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن يزيد: «من دخل مكة مفردا للعمرة فليقطع التلبية حين تضع الإبل أخفافها في الحرم» (6)،

ص: 112


1- الوسائل باب: 43 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 43 من أبواب الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 43 من أبواب الإحرام حديث: 7.
4- الوسائل باب: 43 من أبواب الإحرام حديث: 9.
5- الوسائل باب: 45 من أبواب الإحرام حديث: 4.
6- الوسائل باب: 45 من أبواب الإحرام حديث: 2.

عرفة (88). و ظاهرهم أنّ القطع في الموارد المذكورة على سبيل

______________________________

و قال عليه السّلام أيضا في الصحيح: «من خرج من مكة يريد العمرة ثمَّ دخل معتمرا لم يقطع التلبية حتى ينظر إلى الكعبة» (1)، و في صحيح ابن عمار عنه عليه السّلام أيضا: «من اعتمر من التنعيم فلا يقطع التلبية حتى ينظر إلى المسجد» (2) و مثلها غيرها.

و أما ما دل على أنّه يقطع التلبية عند النظر إلى بيوت مكة كموثق يونس قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يعتمر عمرة مفردة، من أين يقطع التلبية؟

قال عليه السّلام: إذا رأيت بيوت مكة- ذي طوى- فاقطع التلبية» (3)، و في خبر ابن يسار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام قلت: دخلت بعمرة فأين أقطع التلبية؟ قال عليه السّلام:

حيال العقبة، عقبة المدنيين، فقلت أين عقبة المدنيين؟ قال: بحيال القصّارين» (4) و غيرها من الأخبار. فأسقطها عن الاعتبار هجر الأصحاب لها فلا وجه لتوهم المعارضة بينها و بين غيرها.

(88) إجماعا، و نصوصا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا زالت الشمس يوم عرفة فاقطع التلبية عند زوال الشمس» (5)، و في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «الحاج يقطع التلبية يوم عرفة زوال الشمس» (6)، و قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «قطع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله التلبية حين زاغت الشمس يوم عرفة. و كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقطع التلبية إذا زاغت الشمس يوم عرفة» (7).

ص: 113


1- الوسائل باب: 45 من أبواب الإحرام حديث: 8.
2- الوسائل باب: 45 من أبواب الإحرام حديث: 4.
3- الوسائل باب: 45 من أبواب الإحرام حديث: 3.
4- الوسائل باب: 45 من أبواب الإحرام حديث: 11.
5- الوسائل باب: 44 من أبواب الإحرام حديث: 5.
6- الوسائل باب: 44 من أبواب الإحرام حديث: 1.
7- الوسائل باب: 44 من أبواب الإحرام حديث: 2.

الوجوب (89)، و هو الأحوط و قد يقال بكونه مستحبا.

مسألة 22: الظاهر أنّه لا يلزم- في تكرار التلبية- أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الإحرام

(مسألة 22): الظاهر أنّه لا يلزم- في تكرار التلبية- أن يكون بالصورة المعتبرة في انعقاد الإحرام بل و لا بإحدى الصور المذكورة في الأخبار- بل يكفي أن يقول: «لبّيك اللّهمّ لبّيك» بل لا يبعد كفاية تكرار اللفظ:

«لبّيك» (90).

مسألة 23: إذا شك بعد الإتيان بالتلبية أنّه أتى بها صحيحة أم لا؟

(مسألة 23): إذا شك بعد الإتيان بالتلبية أنّه أتى بها صحيحة أم لا؟

بنى على الصحة (91).

مسألة 24: إذا أتى بالنية و لبس الثوبين و شك في أنّه أتى بالتلبية أيضا

(مسألة 24): إذا أتى بالنية و لبس الثوبين و شك في أنّه أتى بالتلبية أيضا حتى يجب عليه ترك المحرّمات أو لا، يبني على عدم الإتيان بها فيجوز له فعلها و لا كفارة عليه (92).

مسألة 25: إذا أتى بما يوجب الكفارة و شك في أنّه كان بعد التلبية حتى تجب عليه أو قبلها

(مسألة 25): إذا أتى بما يوجب الكفارة و شك في أنّه كان بعد التلبية حتى تجب عليه أو قبلها، فإن كانا مجهولي التاريخ أو كان تاريخ التلبية

______________________________

(89) لظهور الأدلة في ذلك، مضافا إلى إجماع الخلاف عليه. و منشأ التردد أنّ ما دلّ على قطعها لا يستفاد منها أزيد من مطلق الرجحان لموردها في مورد نفي أصل استحباب التلبية فغاية ما يستفاد منها عدم رجحان التلبية لا عدم المشروعية لها.

(90) جمودا على الإطلاقات التي لا مقيّد لها إلا دعوى الانصراف إلى المعهود و هو بدويّ لا يعتنى به، و المسألة بحسب الأصل من صغريات الأقلّ و الأكثر.

(91) لقاعدة الفراغ المعبّر عنها بقاعدة الصحة أيضا.

(92) لأصالة عدم الإتيان بها، و أصالة عدم تحقق موجب الكفارة فلا موضوع للإثم و لا للكفارة.

ص: 114

مجهولا لم تجب عليه الكفارة (93)، و إن كان تاريخ إتيان الموجب مجهولا، فيحتمل أن يقال بوجوبها، لأصالة التأخر لكن الأقوى عدمه، لأنّ الأصل لا يثبت كونه بعد التلبية (94).

______________________________

(93) لأصالة البراءة عن وجوبها في الصورة الأولى بعد عدم جريان الأصول الموضوعية، أو جريانها و سقوطها بالمعارضة، و لأصالة عدم التلبية، و عدم تحقق منشأ الكفارة في الصورة الثانية.

(94) و مع إثبات ذلك بالأصل فيرجع في هذه الصورة أيضا إلى أصالة البراءة.

و قد جرت على لساني في بعض تلك المشاعر العظام جملة من التلبيات المنظومة نشير إلى بعضها:

لبّيك يا مقصد كلّ عارف و ملجأ النّاس من المخاوف

لبّيك يا كاشف كلّ كربه و مبدأ الخير و كلّ نعمه

لبّيك يا سرّ القلوب الوالهة و مالك الملك و ننفي الالهة

ننفي شريكا لك من كلّ جهة في الذّات و الفعل و في كلّ صفه

لبّيك يا ذا العزّ و المعارج و منزل القرآن ذي المناهج

جئتك محتاجا إلى نوالك و مستجيرا بك في المهالك

ما قدر ذنب بل ذنوب تنتهي في جنب فضل هو ليس ينتهي

وفدنا إليك بشوق شديد و أفئدة و إلهه من بعيد

أتيناك يا شاهدا لا يرى بآمال ليس لها ملتجا

سوى فيض إحسانك المنتظر لتعف به ذنب كلّ البشر

أ ليس دعانا إليك الخليل و نادى هلمّوا لبيت الجليل

أ ليس المضيف يسرّ الضّيوف أ لست المليك العطوف الرّءوف

أ لست ترغبنا بالكرم و تطلب منّا معالي الشّيم

و تطلب أن نعفو عمّن ظلم فأنت الأحقّ و والى النّعم

و من كلّ فجّ بعيد عميق وفدنا إليك و أنت الشّفيق

أتينا لترفدنا من نداك انجبه ردّا الى من سواك

و حقّك لا ينبغي منك ذاك و لا ارتضي ما ينافي علاك

ص: 115

الثالث: من واجبات الإحرام لبس الثوبين بعد التجرد عما يجب

اشارة

الثالث: من واجبات الإحرام لبس الثوبين (95) بعد التجرد عما يجب

______________________________

(95) استدل على وجوبه بالإجماع، و السيرة العملية، و التأسي، و اشتمال جملة من الأخبار الواردة في آداب الإحرام كقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «ثمَّ استك، و اغتسل، و البس ثوبيك» (1) و لكن السيرة و التأسي أعم من الوجوب، و الأخبار وردت لبيان السنن و الآداب فلا يستفاد منها الوجوب فالعمدة هو الإجماع.

فرع: هل يختص لبسهما بخصوص الرجال- كما يظهر من صاحب الحدائق- أو يجب على النساء أيضا- كما يظهر من إطلاق جملة من الفتاوى- قولان يمكن أن يستظهر الأول مما ورد في جواز لبس المخيط لهنّ في حال الإحرام (2)، و خلوّ النصوص عن التعرض لذلك مع كثرة الابتلاء به لهنّ، و ما ورد في إحرام أسماء بنت عميس حين أحرمت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و لم يعلّمها الرسول لبس الثوبين، و الرواية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام كما في صحيح ابن عمار: «إنّ أسماء بنت عميس نفست بمحمد ابن أبي بكر بالبيداء لأربع بقين من ذي القعدة في حجة الوداع فأمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فاغتسلت، و احتشت و أحرمت و لبت مع النبيّ صلى اللّه عليه و آله و أصحابه، فلما قدموا مكة لم تطهر حتى نفروا من منى و قد شهدت المواقف كلها عرفات و جمعا و رمت الجمار و لكن لم تطف بالبيت و لم تسع بين الصفا و المروة فلما نفروا من منى أمرها رسول اللّه فاغتسلت و طافت

ص: 116


1- الوسائل باب: 6 من أبواب الإحرام حديث: 4.
2- راجع الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام.

على المحرم اجتنابه (96)، يتزر بأحدهما، و يرتدي بالآخر (97)، و الأقوى عدم كون لبسهما شرطا في تحقق الإحرام. بل كونه واجبا تعبديا (98)،

______________________________

بالبيت و بالصفا و المروة» (1).

نعم، في موثق يونس قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الحائض تريد الإحرام. قال تغتسل، و تستثفر، و تحتشي بالكرسف و تلبس ثوبا دون ثياب إحرامها» (2) و عن الشحام عنه عليه السّلام أيضا: «سئل عن امرأة حاضت و هي تريد الإحرام فتطمث قال عليه السّلام: تغتسل، و تحتشي بكرسف، و تلبس ثياب الإحرام، و تحرم» (3)، و في خبر الدعائم: «تتجرد المحرمة في ثوبين نقيين أبيضين» (4)، و قد يستدل بقاعدة الاشتراك أيضا.

و يمكن الخدشة في الخبرين بأنّ المراد بثياب الإحرام فيهما ما جرت عادتهنّ على تهيئة ثوب نظيف للإحرام و الصلاة. لا أن يكون المراد الإزار و القميص المعهود في الإحرام و لا ريب في أنّ ثياب الإحرام أعمّ منهما، و خبر الدعائم لا يصلح إلا للندب. كما أنه يشكل الاستدلال بقاعدة الاشتراك في المقام بعد عدم وجوب التجرد من ثيابهنّ عليهنّ، و جواز لبس المخيط لهنّ، فلا دليل على الوجوب. و طريق الاحتياط واضح.

(96) يأتي ما يتعلق به في حرمة لبس المخيط على المحرم.

(97) لظهور الاتفاق على الاجتزاء بذلك في الجملة، و تقتضيه السيرة خلفا عن السلف بين المسلمين.

(98) البحث في هذه المسألة من جهتين:

ص: 117


1- الوسائل باب: 49 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 48 من أبواب الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 48 من أبواب الإحرام حديث: 3.
4- مستدرك الوسائل باب: 29 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

.....

______________________________

الأولى: في أنّ التجرد عن المخيط هل هو شرط لصحة الإحرام أو لا، فيصح الإحرام و لو لم يتجرد عن المخيط؟

الثانية: في أنّ لبس ثوبي الإحرام هل يكون شرطا في صحته أو لا؟ فيصح الإحرام مجردا عن الثياب مطلقا أو في المخيط كذلك؟

أما الجهة الأولى: فمقتضى الأصل و الإطلاق عدم اعتباره، و يدل عليه أيضا ظهور الإجماع على أنّه لو أحرم في ثيابه ينزعها و يصح إحرامه و لا يحتاج إلى تجديد النية و التلبية و لو كان شرطا وجب تجديدهما، و يدل عليه أيضا صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل أحرم و عليه قميصه. فقال:

ينزعه و لا يشقه. و إن كان لبسه بعد ما أحرم شقه و أخرجه مما يلي رجليه» (1) فإنّ ظهوره في عدم الشرطية مما لا ينكر و كذا خبر ابن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«فيمن لبس قميصا فقال عليه السّلام: له متى لبست قميصك؟ أبعد ما لبيت أم قبل؟ قال:

قبل أن ألبي قال عليه السّلام: فأخرجه من رأسك، فإنّه ليس عليك بدنة، و ليس عليك الحج من قابل أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه» (2) و مثله خبر الأصم (3).

و أما صحيح معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «إن لبست ثوبا في إحرامك لا يصلح لك لبسه فلبّ و أعد غسلك، و إن لبست قميصا فشقه و أخرجه من تحت قدميك» (4) فمهجور بين الأصحاب من حيث التفصيل المذكور فيه بين القميص و سائر الثياب، مع أنّه يمكن حمله على ما لا ينافي سائر أخبار الباب.

الجهة الثانية: مقتضى الأصل و الإطلاقات فيها عدم الاشتراط أيضا، مضافا إلى إطلاق قول أبي عبد اللّه في صحيح معاوية: «يوجب الإحرام ثلاثة

ص: 118


1- الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
4- الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.

و الظاهر عدم اعتبار كيفية مخصوصة في لبسهما، فيجوز الاتزار بأحدهما كيف شاء، و الارتداء بالآخر، أو التوشح به، أو غير ذلك من الهيئات (99) لكن الأحوط لبسهما على الطريق المألوف (100)، و كذا الأحوط عدم عقد الإزار في عنقه (101)

______________________________

أشياء: التلبية، و الإشعار، و التقليد. فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم» (1) و الظاهر أنّ الحكم مسلّم بين الفقهاء رحمهم اللّه أيضا.

(99) كل ذلك للأصل، و الإطلاق و عدم ما يصلح للتقييد. و لفظ الإزار و الرداء و إن وردا في صحيح ابن سنان: «لما نزل الشجرة- يعني: رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله- أمر الناس بنتف الإبط، و حلق العانة، و الغسل، و التجرد في إزار و رداء، أو إزار و عمامة يضعها على عاتقه لمن لم يكن له رداء» (2)، و لفظ الثوبين و إن ورد في بعض الأخبار (3) لكن وروده في بيان السنن و الآداب يمنع عن الاعتماد عليه للوجوب، مع أنّها مطلقة من حيث كيفية لبسهما أيضا فلا يصلحان لتقييد المطلقات من هذه الجهة.

(100) لاحتمال الانصراف إلى ما هو المتعارف المألوف، و في خبر الاحتجاج: «و الأفضل لكل أحد شدّه على السبل المألوفة المعروفة للناس جميعا» (4). و لكن خبر الاحتجاج قاصرا سندا و الطريق المألوف غالبي لا يصلح لتقييد المطلقات.

(101) لموثق الأعرج: «أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم بعقد إزاره في

ص: 119


1- الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 20.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 15.
3- تقدم في صحيح ابن عمار صفحة: 201.
4- الوسائل باب: 53 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

بل عدم عقده مطلقا (102)، و لو بعضه ببعض، و عدم غرزه بإبرة و نحوها و كذا في الرداء الأحوط عدم عقده (103) لكن الأقوى جواز ذلك كله في كل منهما (104)، ما لم يخرج عن كونه رداء أو إزارا و يكفي فيهما المسمّى و إن كان الأولى- بل الأحوط أيضا- كون الإزار مما يستر السرّة و الركبة، و الرداء مما يستر المنكبين (105)،

______________________________

عنقه؟ قال عليه السّلام: لا» (1)، و في صحيح ابن جعفر عن أخيه موسى عليه السّلام: «المحرم لا يصلح له أن يعقد إزاره على رقبته و لكن يثنيه على عنقه و لا يعقده» (2) و الثاني لا يستفاد منه الحرمة، و كذا الأول أيضا، لأنّ السؤال في مورد احتمال وجوب العقد تحفظا على عدم وقوع الثوب فأجاب عليه السّلام بعدم الوجوب و هو لا يدل على الحرمة مع أنّ جميع ما ورد في الإحرام سياقها سياق السنن و الآداب إلا مع القرينة الخارجية على الخلاف.

(102) لإطلاق خبر الاحتجاج: «جائز أن يتزر الإنسان كيف شاء إذا لم يحدث في المئزر حدثا بمقراض، و لا إبرة تخرجه به عن حدّ الميزر و غرزه غرزا و لم يشدّ بعضه ببعض- الحديث-» و لكنه قاصر سندا عن إثبات الحرمة

(103) لما تقدم في موثق الأعرج بناء على أنّ المراد بالإزار فيه هو الرداء، لأنّه الذي يعقد في العنق. و عن جمع منهم العلامة، و الشهيد الفتوى بعدم الجواز لذلك و قد مرت المناقشة في استفادة الحرمة منه.

(104) للأصل، و الإطلاق، و قصور ما تقدم من الأخبار عن إثبات الحرمة إما لأجل قصور في السند أو في الدلالة كما تقدم، مع أنّها كانت بمرأى من المشهور، و مسمع، و محضر منهم و مع ذلك لم يفتوا بعدم الجواز.

(105) أما كفاية المسمّى، فللأصل و الإطلاق. و أما الاحتياط بما ذكر في

ص: 120


1- الوسائل باب: 53 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 53 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.

و الأحوط عدم الاكتفاء بثوب طويل يتزر ببعضه و يرتدي بالباقي، إلا في حال الضرورة (106)، و الأحوط كون اللبس قبل النية و التلبية (107)، فلو قدّمهما عليه أعادهما بعده و الأحوط ملاحظة النية في اللبس (108)، و أما التجرد فلا يعتبر فيه النية (109)، و إن كان الأحوط و الأولى اعتبارها فيه أيضا.

مسألة 26: لو أحرم في قميص عالما عامدا أعاد

(مسألة 26): لو أحرم في قميص عالما عامدا أعاد لا لشرطية لبس الثوبين، لمنعها- كما عرفت- بل لأنّه مناف للنية، حيث إنّه يعتبر فيها العزم على ترك المحرّمات التي منها لبس المخيط، و على هذا فلو لبسهما فوق القميص أو تحته كان الأمر كذلك أيضا، لأنّه مثله في المنافاة للنية الا أن يمنع كون الإحرام هو العزم على ترك المحرّمات بل هو البناء على

______________________________

المتن، فلأنّ المعروف بينهم ذلك و لكن في كون ذلك موجبا لوجوب الاحتياط إشكال بل منع فلا دليل لهم عليه و المناط الصدق العرفيّ فيهما.

(106) منشأ الاحتياط الجمود على الاثنينية المستفادة من ظاهر الأدلة و يمكن حملها على الغالب فلا يستفاد منها التقييد، فالمرجع حينئذ الأصل و الإطلاق. و لعله لذلك اختار الشهيد الجواز و استوجهه في الجواهر. و أما في حال الضرورة فظاهرهم الاتفاق على الجواز.

(107) على المشهور مستندا إلى ظاهر النص، و الفتوى و لكن استفادة الوجوب من النص مشكل، لما مرّ مرارا من أنّ سياقه سياق الآداب و السنن، ففي كون هذا الاحتياط واجبا إشكال.

(108) بناء على كونه من العبادات- كما هو كذلك- بحسب المرتكزات.

(109) للأصل، و الإطلاق، و كونه كسائر تروك الإحرام التي لا تعتبر فيها النية.

ص: 121

تحريمها على نفسه (110)، فلا تجب الإعادة حينئذ هذا و لو أحرم في القميص جاهلا بل أو ناسيا أيضا نزعه و صح إحرامه (111)، أما إذا لبسه بعد الإحرام فاللازم شقه و إخراجه من تحت، و الفرق بين الصورتين من حيث النزع و الشق تعبد (112) لا لكون الإحرام باطلا في الصورة الأولى كما قد قيل.

مسألة 27: لا يجب استدامة لبس الثوبين

(مسألة 27): لا يجب استدامة لبس الثوبين، بل يجوز تبديلهما و نزعهما لإزالة الوسخ أو للتطهير بل الظاهر جواز التجرد منهما، مع الأمن من الناظر أو كون العورة مستورة بشي ء آخر (113).

______________________________

(110) ليس الإحرام هذا و لا ذاك، كما مرّ بل هو: جعل نفسه معرضا لأحكام خاصّة في الشريعة في مدّة معينة. و مقتضى إطلاق الفتاوى، و إطلاق قوله عليه السّلام فيما تقدم من صحيح ابن عمار: «يوجب الإحرام ثلاثة أشياء: التلبية، و الإشعار، و التقليد. فإذا فعل شيئا من هذه الثلاثة فقد أحرم» (1) تحقق الإحرام و لو مع لبس المخيط حين النية، كما أنّ مقتضاه عدم الفرق بين العلم، و الجهل، و النسيان. نعم، في خبر ابن بشير: «أي رجل ركب أمرا بجهالة فلا شي ء عليه» (2) و هو و إن اقتضى تقييد المطلقات به و لكنه يحتاج إلى مزيد فحص في أنّ المشهور عملوا بالتقييد أو لا فراجع المطولات و تأمل تجدها غير وافية بالمقصود.

(111) لما تقدم في صحيح ابن عمار فراجع.

(112) مرّ ذلك في صحيح معاوية بن عمار أيضا.

(113) كل ذلك للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق، و في خبر الشحام:

ص: 122


1- الوسائل باب: 12 من أبواب أقسام الحج حديث: 2.
2- الوسائل باب: 45 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
مسألة 28: لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام

(مسألة 28): لا بأس بالزيادة على الثوبين في ابتداء الإحرام و في الأثناء- للاتقاء عن البرد و الحرّ بل و لو اختيارا (114).

تمَّ كتاب الحج بعون اللّه تعالى و صلى اللّه على محمد و آله الطاهرين.

______________________________

«عن امرأة حاضت و هي تريد الإحرام فطمثت، فقال عليه السّلام: تغتسل، و تحتشي بكرسف، و تلبس ثياب الإحرام و تحرم، فإذا كان الليل خلعتها و لبست ثيابها الأخر حتى تطهر» (1).

(114) للنص، و الإجماع، ففي صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يتردى بالثوبين؟ قال عليه السّلام: نعم، و الثلاثة إن شاء، يتقى بها البرد و الحر» (2)، و في صحيح ابن عمار عنه عليه السّلام أيضا: «المحرم يقارن بين ثيابه و غيرها التي أحرم فيها؟ قال عليه السّلام: لا بأس بذلك إذا كانت طاهرة» (3) و يقتضي ذلك كله الأصل، و الإطلاق أيضا.

ص: 123


1- الوسائل باب: 48 من أبواب الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 30 من أبواب الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 30 من أبواب الإحرام حديث: 2.

بسم اللّه الرحمن الرحيم

مسألة 29: لو اضطر المحرم إلى لبس القباء

(مسألة 29): [1] لو اضطر المحرم إلى لبس القباء في ابتداء إحرامه أو في الأثناء- يلبسه (115)،

______________________________

(115) للنصوص، و الإجماع قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إذا اضطر المحرم إلى القباء و لم يجد ثوبا غيره فليلبسه مقلوبا، و لا يدخل يديه في يدي القباء» (1).

و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن يزيد: «يلبس المحرم الخفين إذا لم يجد نعلين، و إن لم يكن له رداء طرح قميصه على عنقه أو قباء بعد أن ينكسه» (2).

و في صحيح ابن عمار: «لا تلبس ثوبا له إزار و أنت محرم إلا أن تنكّسه، و لا ثوبا تدرعه، و لا سراويل إلا أن لا يكون لك إزار، و لا خفين إلا أن لا يكون لك نعلين» (3).

و إطلاقها يشمل ابتداء الإحرام و أثناءه أيضا.

______________________________

[1] المتن من هنا يكون لسيدنا الوالد- قدّس سره- إلى انتهاء كتاب البيع و بعده تستأنف الكتب الفقهية الموجودة في كتاب العروة الوثقى. و ما سواها يكون لسماحته- قدس سرّه- أيضا و بذلك تتم الدورة الفقهية الكاملة إن شاء اللّه تعالى.

محمد الموسوي السبزواري

ص: 124


1- الوسائل باب: 44 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 35 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

و يجعل أعلاه أسفله (116) و الأولى مع ذلك جعل ظاهره باطنه (117).

مسألة 30: لو لم يكن له رداء وجب عليه لبس القباء منكوسا عوضا عنه

(مسألة 30): لو لم يكن له رداء وجب عليه لبس القباء منكوسا عوضا عنه (118) و لو لم يكن له رداء و لا قباء وجب عليه طرح القميص على عنقه عوض الرداء بعد أن ينكسه (119) و لو لم يكن له إلا الرّداء اتزر به و لبس القباء منكوسا عوض الرّداء (120).

______________________________

أقول: معنى قوله عليه السّلام: «و لا ثوبا تدرعه» أي: يدخل يديه في كميه كما فسّر به في سائر الأخبار.

(116) ذكر القلب، و النكس في الأخبار و قد فسّره جمع بذلك منهم الحليّ، و الفاضل، و الشهيد. و هو الظاهر من إطلاق كل من قال: «يلبسه مقلوبا» و هو المناسب لبعده عن اللبس المعهود، و في خبر المثنّى عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«من اضطر إلى ثوب و هو محرم و ليس معه إلا قباء فلينكسه و ليجعل أعلاه أسفله و يلبسه» (1)، و في صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «و يلبس المحرم القباء إذا لم يكن له رداء و يقلب ظهره لباطنه» (2)، و عن المسالك الإجماع على الاجتزاء بالأول.

(117) كما عن بعض، و يشهد له ذيل خبر المثنّى المتقدم، و صيرورة ذلك بعيدا عن اللبس المعهود من كل جهة.

(118) لقاعدة الميسور، و لظاهر ما تقدم من الأخبار، كصحيح الحلبي و غيره مضافا إلى إطلاق الأمر بلبس الثوبين الذي هذا بدل عن أحدهما.

(119) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن يزيد- المتقدم- «إن لم يكن معه رداء طرح قميصه على عنقه بعد أن ينكسه»، و تقتضيه قاعدة الميسور، و سائر الأخبار أيضا بعد حمل ذكر القباء فيها على مجرد المثال.

(120) لأنّه متمكن حينئذ من لبس ثوبي الإحرام، فيجب عليه لبسهما.

ص: 125


1- الوسائل باب: 44 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 44 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
مسألة 31: لو لم يكن معه إزار يلبس السّراويل عوضا عنه

(مسألة 31): لو لم يكن معه إزار يلبس السّراويل عوضا عنه، و لا يجب قلبه، و إن كان أحوط (121).

مسألة 32: الظاهر انصراف لبس المخيط المحرّم عن وضع القميص أو القباء على أحد عاتقيه

(مسألة 32): الظاهر انصراف لبس المخيط المحرّم عن وضع القميص أو القباء على أحد عاتقيه من دون أن يدخل يده في كمه (122).

مسألة 33: لا تجب الفدية في لبس القباء مقلوبا

(مسألة 33): لا تجب الفدية في لبس القباء مقلوبا (123).

مسألة 34: يجب في ثوبي الإحرام حال الإحرام بهما أن يكونا مما تصح فيه الصّلاة

(مسألة 34): يجب في ثوبي الإحرام حال الإحرام بهما أن يكونا مما

______________________________

للإطلاقات، و العمومات الدالة على لبسهما و هذا هو المشهور أيضا.

(121) لما مرّ من قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «و لا سراويل إلا أن لا يكون لك إزار»، و مقتضى الأصل و الإطلاق عدم وجوب قلبه و فتقه.

و لكن الاحتياط حسن بالنسبة إلى القلب. و قد ورد القلب في القباء- كما تقدم- و الشق من ظهر القدم في الخفّين- كما سيأتي. و أما الاحتياط في فتق السراويل، فمعارض بالاحتياط بعدم ضياع المال مع عدم نصّ في البين، و أنّ فتق السراويل مخالف للستر المطلوب من لبسه غالبا.

(122) لأنّه لا يصدق عليه اللبس عرفا.

(123) للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق. نعم، لو خالف الوظيفة المعتبرة، فإن أدخل يده في كمّ القباء تجب الفدية حينئذ و يأتي في كفارة لبس المخيط ما ينفع المقام.

ثمَّ إنّه قد ورد في أخبار المقام لفظ: «القباء» و «القيص» و «الطيلسان» و «السراويل» (1) و الظاهر كون ذلك كله من باب المثال فيشمل ما يسمّى في هذه العصور ب «السترة و البانطلون» أو «كت» كما لا فرق في لبس القباء عند الجواز بين أنحاء خياطته و أصناف قماشه، للإطلاق الشامل للجميع.

______________________________

(1)

ص: 126


1- راجع الوسائل باب: 35 و 36 و 44 و 45 من أبواب تروك الإحرام.

تصح فيه الصّلاة (124)، فيجب طهارتهما عما لا يعفى عنه في الصلاة، و عدم كونهما مما لا يؤكل لحمه، و لا مغصوبا، و لا ذهبا، و لا حريرا و غير ذلك مما لا تصح الصلاة فيه، و لكن لا يبطل الإحرام (125) و إن أثم به (126).

و الأولى اجتناب ذلك في الاستدامة أيضا (127). كما أنّ الأولى

______________________________

(124) للنصوص، و الإجماع، ففي صحيح حريز عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«كل ثوب تصلي فيه فلا بأس أن تحرم فيه» (1)، و في صحيح معاوية ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن المحرم يصيب ثوبه الجنابة قال عليه السّلام: لا يلبسه حتى يغسله و إحرامه تام» (2)، و عنه أيضا عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن المحرم يقارن بين ثيابه التي أحرم فيها و بين غيرها قال عليه السّلام: نعم، إذا كانت طاهرة» (3)، و في خبر أبي بصير قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الخميصة سداها إبريسم و لحمتها من غزل قال عليه السّلام: لا بأس بأن يحرم فيها، إنّما يكره الخالص منه» (4) و نحوه خبر النهدي (5) و المراد من الكراهة الحرمة.

(125) لما تقدم من عدم شرطية أصل لبس ثوبي الإحرام في صحته فضلا عن صفات الملبوس.

(126) لأنّه لا معنى للوجوب إلا أنّ تركه العمدي يوجب الإثم، و كما أنّ أصل لبس الثوبين يكون واجبا نفسيا لا أن يكون شرطا لصحة الإحرام تكون صفاته كذلك.

(127) أما عدم الوجوب، فللأصل و الإطلاق و إنّما خرج خصوص

ص: 127


1- الوسائل باب: 27 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 37 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 37 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
4- الوسائل باب: 29 من أبواب الإحرام حديث: 1.
5- الوسائل باب: 29 من أبواب الإحرام حديث: 3.

إزالة النجاسة عن البدن ابتداء و استدامة (128).

مسألة 35: كلما صدق عليه الثوب عرفا يصح الإحرام فيه

(مسألة 35): كلما صدق عليه الثوب عرفا يصح الإحرام فيه، سواء كان قطنا، أو كتّانا، أو صوفا أو غيرها مع خلوّه عن الموانع (129).

مسألة 36: يجوز لبس الحرير المحض للنساء حال الإحرام

(مسألة 36): يجوز لبس الحرير المحض للنساء حال الإحرام و إن كان مكروها، بل الأحوط تركه (130).

______________________________

الابتداء بالإجماع دون غيره فيبقى على مقتضى الأصل. و لا إطلاق في النصوص حتى يشمل الاستدامة و على فرضه فهو موهون بالهجر. و من المستبعد جدا وجوب إزالة النجاسة مثلا استدامة عن الثوب دون البدن و أما الأولى الاجتناب في الاستدامة أيضا، فلحسنة مطلقا.

(128) أما عدم الوجوب، فللأصل، و الإطلاق. و أما الأولوية، فلأنّه حسن على كل حال، مع أنّه يمكن استفادتها عن النصوص الواردة في ثوب الإحرام كما مرّ.

(129) للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق. و يجوز في النايلون، و جلد المأكول و نحوهما أيضا.

(130) أما أصل الجواز، فنسب إلى أكثر المتأخرين، لجملة من الأخبار.

منها: صحيح ابن شعيب قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: المرأة تلبس القميص تزره عليها، و تلبس الحرير و الخز و الديباج فقال عليه السّلام: نعم، لا بأس به» (1)، الظاهر في حال الإحرام، و خبر ابن سويد عن أبي الحسن الرضا عليه السّلام قال:

«سألته عن المحرمة أيّ شي ء تلبس من الثياب؟ قال عليه السّلام: تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة بالزعفران و الورس» (2)، و تقدم قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «كل ثوب

ص: 128


1- الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام حديث: 2.
مسألة 37: لا تعتبر الطهارة من الحدث الأصغر

(مسألة 37): لا تعتبر الطهارة من الحدث الأصغر، و لا من الأكبر في صحة الإحرام، فيصح من الجنب، و الحائض و النفساء (131).

______________________________

تصلي فيه فلا بأس أن تحرم فيه».

و أما الكراهة: فلقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر عيص بن القاسم: «المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفازين» (1) المحمول على الكراهة بقرينة موثق سماعة: «لا ينبغي للمرأة ان تلبس الحرير المحض و هي محرمة» (2)، و خبر أبي بصير أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام: «عن القز تلبسه المرأة في الإحرام؟ قال عليه السّلام: لا بأس إنّما يكره الحرير المبهم» (3)، و في خبر سماعة سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام: «عن المحرمة تلبس الحرير فقال عليه السّلام: لا يصلح أن تلبس حريرا محضا لا خلط فيه» (4) و الأحوط الترك خروجا عن خلاف الشيخ، و الصدوق حيث ذهبا إلى الحرمة و إن كان لا دليل لهما بعد ردّ الأدلة بعضها إلى بعض ثمَّ ملاحظة مجموعها.

(131) للأصل، و النص، و الإجماع قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي:

«لا بأس بأن تلبّي و أنت على غير طهر و على كل حال» (5)، و في صحيح ابن حازم قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام المرأة الحائض تحرم و هي لا تصلي؟ قال عليه السّلام نعم، إذا بلغت الوقت فلتحرم» (6) و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن عمار: «إنّ أسماء بنت عميس ولدت محمدا ابنها بالبيداء و كان في ولادتها بركة للنساء لمن ولدت منهنّ أن طمثت فأمرها رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله فاستثفرت و تمنطقت بمنطق

ص: 129


1- الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام حديث: 9.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب لباس المصلي حديث: 6.
3- الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام حديث: 5.
4- الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام حديث: 7.
5- الوسائل باب: 42 من أبواب الإحرام حديث: 1.
6- الوسائل باب: 48 من أبواب الإحرام حديث: 1.
مسألة 38: يستحب أن يكون ثوبا الإحرام من القطن و أن يكونا أبيضين

(مسألة 38): يستحب أن يكون ثوبا الإحرام من القطن و أن يكونا أبيضين، و يكره الإحرام في الثوب الأسود (132)، و يكره في الثياب الوسخة و إن كانت طاهرة، و إن عرض لها الوسخ في الأثناء أخر غسلها إلى أن يحلّ (133).

______________________________

و أحرمت (1).

و عن العيص بن قاسم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام أ تحرم المرأة و هي طامث؟ قال عليه السّلام: نعم، تغتسل و تلبّي» (2) إلى غير ذلك من النصوص. و المراد بهذا الغسل غسل الإحرام لا غسل الحيض أو النفاس لفرض بقاء الحدث بعد و لا محذور في صحة غسل الإحرام من الحائض و النفساء.

(132) إجماعا، و نصّا في الجميع قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار:

«كان ثوبا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله اللذين أحرم فيهما يمانيين عبرى و أظفار، و فيهما كفن» (3). و عن بعض: ظفار بالفتح و هو محلّ باليمن، و عن أبي جعفر عليه السّلام في خبر الدعائم: «يتجرد المحرم في ثوبين نقيين أبيضين» (4)، و في خبر ابن المختار قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام يحرم الرجل بالثوب الأسود؟ قال عليه السّلام: لا يحرم في الثوب الأسود و لا يكفّن به الميت» (5) المحمول على الكراهة إجماعا.

(133) لصحيح علاء بن رزين قال: «سئل أحدهما عليهما السّلام عن الثوب الوسخ أ يحرم فيه المحرم؟ فقال عليه السّلام: لا، و لا أقول: إنّه حرام، و لكن تطهيره أحبّ إليه و طهوره غسله» (6).

ص: 130


1- الوسائل باب: 49 من أبواب الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 48 من أبواب الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 27 من أبواب الإحرام حديث: 2.
4- مستدرك الوسائل باب: 29 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
5- الوسائل باب: 26 من أبواب الإحرام.
6- الوسائل باب: 38 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
مسألة 39: تقدم أنّه يجوز تبديل ثوبي الإحرام

(مسألة 39): تقدم أنّه يجوز تبديل ثوبي الإحرام، و لكن يستحبّ له إذا دخل مكة أن يلبس ثوبه الذي أحرم فيه، و يكره بيعهما (134).

______________________________

و في صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «و لا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحلّ و إن توسخ إلا أن تصيبه جنابة أو شي ء فيغسله» (1) المحمول على الكراهة إجماعا.

(134) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «لا بأس بأن يغيّر المحرم ثيابه، و لكن إذا دخل مكة لبس ثوبي إحرامه الذين أحرم فيهما، و كره أن يبيعهما» (2)، و في خبر ابن عمار: «كان يكره للمحرم أن يبيع ثوبا أحرم فيه» (3) و لعلّ السرّ في ذلك أنّ هذا الثوب الذي صار من أهمّ مظاهر العبودية في هذه العبادة العظمى أجلّ من أن يعاوض بالأموال الدنيوية و يأتي إن شاء اللّه في (فصل مكروهات الإحرام) بعض ما يتعلق بالمقام.

ص: 131


1- الوسائل باب: 38 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- راجع الوسائل باب: 31 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
3- راجع الوسائل باب: 31 من أبواب أقسام الحج حديث: 3.

فصل لا يجوز لمن أحرم بنسك أن ينشئ إحراما آخر لغيره حتى يكمل أفعال إحرامه الأول

اشارة

فصل لا يجوز لمن أحرم بنسك أن ينشئ إحراما آخر لغيره حتى يكمل أفعال إحرامه الأول (1).

مسألة 1: لو أحرم قبل إتمام أعمال إحرامه الأول كان إحرامه الثاني باطلا

(مسألة 1): لو أحرم قبل إتمام أعمال إحرامه الأول كان إحرامه الثاني باطلا عامدا كان أو ناسيا (2)-

______________________________

فصل

(1) للإجماع، و النصوص المشتملة على كيفية حج التمتع المصرّحة بأنّ الإهلال بحجة إنّما هو بعد الإحلال من عمرته(1)، و ما ورد من أنّه لا بد من إتمام الحج و العمرة للّه فإن «أحصرتم فما استيسر من الهدي» (2) الظاهر في انحصار الإحلال في الإتمام، و يقتضيه أصالة بقاء إحرامه الأول و عدم الخروج عنه إلا بالإحلال منه بعد كون التقصير جزء من النسك، لظاهر النصوص، و ظهور الإجماع عليه لا أن يكون خارجا عنها كما نسب إلى أحد قولي الشافعي. هذا إذا لم نقل بأنّ البناء على ترك بعض النسك يكشف عن بطلان أصل الإحرام و إلا فيبطل الإحرام الأول، و يصح الثاني كما أنّ البناء على ترك بعض أفعال الصّلاة يكشف عن سقوط تكبيرة الإحرام عن الاعتبار.

(2) لعدم الأمر به حينئذ، فلا وجه للصحة، فمقتضى الأصل بقاء إحرامه

ص: 132


1- راجع الوسائل باب: 2 من أبواب أقسام الحج حديث: 1 و 2 و غيره.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب الصدّ و الإحصار.

بل و يأثم مع العمد أيضا (3).

مسألة 2: لو أحرم قبله جاهلا يبطل إحرامه الثاني

(مسألة 2): لو أحرم قبله جاهلا يبطل إحرامه الثاني قاصرا كان أو مقصرا (4).

مسألة 3: لو أحرم لعمرة التمتع و دخل مكة و طاف و سعى و أحرم بالحج قبل التقصير

(مسألة 3): لو أحرم لعمرة التمتع و دخل مكة و طاف و سعى و أحرم بالحج قبل التقصير ناسيا صحت عمرته و يصح حجه أيضا (5)، و يستحب

______________________________

الأول و وجوب إتمام أعماله عليه.

(3) للنهي عنه الموجب للإثم مع العلم و العمد، كما هو مقتضى كل نهي إذا خولف.

(4) لما تقدم من عدم الأمر به، فلا موجب للصحة. و هذا حكم وضعيّ لا فرق فيه بين صورتي العلم و الجهل بقسميه، مضافا إلى ظهور الإجماع على عدم الفرق بينها.

(5) للإجماع، و لنصوص كثيرة كصحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «في رجل متمتع نسي أن يقصّر حتى أحرم بالحج قال عليه السّلام: يستغفر اللّه عزّ و جلّ» (1)، و في صحيح ابن الحجاج قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام عن رجل تمتع بالعمرة إلى الحج فدخل مكة فطاف، و سعى و لبس ثيابه، و أحلّ و نسي أن يقصّر حتى خرج إلى عرفات قال عليه السّلام: لا بأس به، يبني على العمرة و طوافها و طواف الحج على أثره» (2).

و في صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن رجل أهلّ بالعمرة و نسي أن يقصّر حتى دخل في الحج قال عليه السّلام: يستغفر اللّه و لا شي ء عليه و قد تمت عمرته» (3).

ص: 133


1- الوسائل باب: 54 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 54 من أبواب الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 54 من أبواب الإحرام حديث: 3.

الفداء بشاة (6)، بل هو الأحوط (7).

مسألة 4: لو أحرم للعمرة التمتعية و دخل مكة و طاف و سعى و أحرم للحج قبل التقصير عمدا

اشارة

(مسألة 4): لو أحرم للعمرة التمتعية و دخل مكة و طاف و سعى و أحرم للحج قبل التقصير عمدا بطلت متعته و يكون حجه إفرادا (8).

______________________________

و لا معارض لها إلا موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «المتمتع إذا طاف و سعى ثمَّ لبّى بالحج قبل أن يقصّر، فليس له أن يقصّر، و ليس عليه متعة» (1)، و في خبر ابن فضيل قال: «سألته عن رجل متمتع طاف ثمَّ أهلّ بالحج قبل أن يقصّر قال عليه السّلام: بطلت متعته هي حجة مبتولة» (2) و لكنّهما محمولان على صورة العمد جمعا بينهما و بين ما تقدم.

(6) مقتضى الأصل، و ما تقدم من قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «يستغفر اللّه و لا شي ء عليه و تمت عمرته» عدم الفداء عليه و لكن في موثق ابن عمار:

«قلت لأبي إبراهيم عليه السّلام: الرجل يتمتع فينسى أن يقصّر حتى يهلّ بالحج؟

فقال عليه السّلام: عليه دم يهريقه» (3). و حكي العمل به عن جمع منهم الشيخ، و بنو زهرة، و البراج، و حمزة. و لكن قوله عليه السّلام: «و لا شي ء عليه و قد تمت عمرته» غير قابل للتخصيص بالموثق عرفا فلا بد من حمله على الندب، كما هو المشهور بين المتأخرين.

(7) خروجا عن خلاف من اختار الوجوب و إن لم يكن دليل معتبر عليه.

(8) لما تقدم من موثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «المتمتع إذا طاف و سعى ثمَّ لبّى قبل أن يقصّر، فليس له أن يقصّر، و ليس عليه متعة»، و كذا خبر ابن فضيل: «سألته عن رجل متمتع طاف ثمَّ أهل بالحج قبل أن يقصّر قال عليه السّلام:

بطلت متعته هي حجة مبتولة» و نسب ذلك إلى الشهرة. و لكن عن الحلّي،

ص: 134


1- الوسائل باب: 54 من أبواب الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 54 من أبواب الإحرام حديث: 4.
3- الوسائل باب: 54 من أبواب الإحرام حديث: 6.

و الأحوط عدم الإجزاء عن فرضه الذي هو التمتع (9) كما أنّ الأحوط أن يقصّر، ثمَّ يهلّ لحج التمتع و يتممه، ثمَّ يستأنف في القابل.

______________________________

و الفاضل، و الشهيد أنّه يبني على إحرامه الأول و كان الثاني باطلا، للأصل، و النهي عن الثاني الموجب لفساده و حملوا الخبرين على متمتع عدل إلى الإفراد ثمَّ لبّى بعد ما سعى، كما في خبر إسحاق به عمار قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام:

رجل يفرد بالحج فيطوف بالبيت، و يسعى بين الصفا و المروة ثمَّ يبدو له أن يجعلها عمرة؟ فقال عليه السّلام: إن كان لبّى بعد ما سعى قبل أن يقصّر فلا متعة له» (1).

و فيه: أنّ الأصل محكوم بالموثق و غيره و مع وجودهما لا وجه لقاعدة: إنّ النهي في العبادة يوجب الفساد لخروج المورد عنها لأجل الدليل الدال على الصحة، و الحمل المذكور بعيد. كما أنّ الاستشهاد بالخبر كذلك أيضا، لأنّه فيما إذا قصد الإفراد بالحج ثمَّ عدل إلى غيره و المقام فيما إذا قصد للعمرة التمتعية ثمَّ أهلّ بالحج قبل تمامها.

(9) لأصالة عدم الإجزاء، و إمكان التشكيك في كون الخبرين واردين مورد البيان من هذه الجهة.

ص: 135


1- الوسائل باب: 19 من أبواب أقسام الحج حديث: 1.
فصل في تروك الإحرام
اشارة

فصل في تروك الإحرام و هي أربعة و عشرون (1).

الأول: صيد الحيوان البرّيّ
اشارة

الأول: صيد الحيوان البرّيّ (2) الممتنع بالأصالة و لا

______________________________

فصل في تروك الإحرام

(1) و جعلها في الشرائع عشرين، و في الدروس ثلاثة و عشرين، و في القواعد ثمانية و عشرين، و في التبصرة أربعة و عشرين. و لكل وجه و عمدة الاختلاف حصل من الاقتصار على ذكر النوع، فتصير الأقسام قليلة. أو ذكر الأصناف فتصير كثيرة لا محالة و يأتي التعرض لاختلافهم في بعض الموارد أيضا في الحرمة و الكراهة كما يأتي أنّها إما مشتركة بين الرجل و المرأة أو مختصة بالأول أو مختصة بالأخيرة.

(2) بالأدلة الثلاثة: كتابا، و سنة، و إجماعا من المسلمين في الجملة قال تعالى لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَ أَنْتُمْ حُرُمٌ (1)، و قوله تعالى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً (2) قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي: «لا تستحلنّ شيئا من الصيد و أنت حرام، و لا و أنت حلال في الحرم- الحديث-» (3).

و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن يزيد: «و اجتنب في إحرامك صيد البر كله» (4) و في صحيح ابن عمار عنه عليه السّلام: «إذا فرض على نفسه الحج ثمَّ أتم

ص: 136


1- سورة المائدة: 95.
2- سورة المائدة: 96.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.

مالك له (3).

مسألة 1: تحرم الإعانة عليه إشارة و دلالة و إغلاقا

(مسألة 1): تحرم الإعانة عليه إشارة و دلالة و إغلاقا، و سائر أنواع الإعانات (4)، بشرط أن يكون ذلك لإرادة صيده (5). و أما لو دل المحرم عليه من لا يريد صيده، أو لا يستطيعه فلا بأس (6).

مسألة 2: لا فرق في الصيد بين مأكول اللحم و غيره

(مسألة 2): لا فرق في الصيد بين مأكول اللحم و غيره و لا بين ما تأهل بالعارض و عدمه، و لا بين الطير و غيره (7).

______________________________

بالتلبية فقد حرم عليه الصيد» (1).

(3) لأنّه المنساق من الصيد لغة، و عرفا و يأتي البحث عن اعتبار حليّة أكل لحمه و عدمها.

(4) إجماعا، و نصوصا قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن حازم: «المحرم لا يدل على الصيد، فإن دل عليه فقتل فعليه الفداء» (2)، و عنه عليه السّلام في صحيح الحلبي: «و لا تدلنّ عليه محلا و لا محرما فيصطاده، و لا تشر إليه فيستحلّ من أجلك فإنّ فيه فداء لمن تعمّده» (3) و إطلاق قوله عليه السّلام: «من أجلك» يشمل كل ما كانت فيه المنشئيّة.

(5) لأنّه المنساق من الأدلة عرفا.

(6) للأصل بعد ظهور الأدلة في خلافه يعني كون التسبيب لأجل الصيد.

(7) للإطلاق الشامل للجميع بعد صدق الصيد عليه عرفا، و إطلاق قول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا أحرمت فاتق الدواب كلها إلّا الأفعى، و العقرب و الفارة- الحديث-» (4) و لا ملازمة بين عدم ثبوت الكفارة لصيد

ص: 137


1- الوسائل باب: 1 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
مسألة 3: يجوز للمحرم قتل السباع إذا أرادته

(مسألة 3): يجوز للمحرم قتل السباع إذا أرادته، بل و سباع الطير مع إيذائهن حمام الحرم (8).

مسألة 4: لا يجوز للمحرم أكل ما صاده المحلّ

(مسألة 4): لا يجوز للمحرم أكل ما صاده المحلّ أو ذبحه (9).

مسألة 5: لو ذبحه المحرم كان ميتة

(مسألة 5): لو ذبحه المحرم كان ميتة تحرم على المحلّ و المحرم (10).

______________________________

بعض أنواع غير مأكول اللحم و عدم صدق الصيد عليه لا من نقل و لا من عرف.

نعم، الغالب استعمال الصيد في مأكول اللحم و هو لا يوجب التقييد كما ثبت في محله و يأتي في أحكام الكفارات بعض ما ينفع المقام.

(8) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح حريز: «كل ما يخاف المحرم على نفسه من السباع، و الحيّات و غيرها فليقتله، و إن لم يردك فلا ترده» (1)، و في صحيح ابن عمار أنّه أتي أبو عبد اللّه عليه السّلام فقيل له: «إن سبعا من سباع الطير على الكعبة ليس يمر به شي ء من حمام الحرم إلا ضربه» فقال عليه السّلام: فانصبوا له و اقتلوه فإنّه قد ألحد» (2) و هذا هو المشهور بين الفقهاء رحمهم اللّه و يأتي في الكفارات ما ينفع المقام.

(9) إجماعا، و نصّا قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «لا تأكل شيئا من الصيد و أنت محرم و إن صاده حلال» (3)، و في موثقة الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «لا تأكل من الصيد و أنت حرام و إن كان أصابه محلّ» (4) و إطلاق الذيل يشمل الصيد، و الذبح، و مطلق تذكيته.

(10) لخبر وهب بن وهب- المنجبر- عن جعفر، عن أبيه، عن عليّ بن

ص: 138


1- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 42 من أبواب كفارات الصيد و توابعها حديث: 1.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

..........

______________________________

الحسين عليهم السّلام قال: «إذا ذبح المحرم الصيد لم يأكله الحلال و الحرام و هو كالميتة، و إذا ذبح الصيد في الحرم فهو ميتة حلال ذبحه أو حرام» (1)، و خبر إسحاق عن جعفر عليه السّلام أيضا: «إنّ عليا عليه السّلام كان يقول: إذا ذبح المحرم الصيد في غير الحرم فهو ميتة لا يأكله محلّ و لا محرم، و إذا ذبح المحلّ الصيد في جوف الحرم فهو ميتة لا يأكله محلّ و لا محرم» (2)، و قصور سندهما منجبر بعمل المشهور، بل دعوى الإجماع عليه، و يشهد له مرسل ابن أبي عمير عن الصادق عليه السّلام: «قلت له:

المحرم يصيب الصيد فيفديه أ يطعمه أو يطرحه؟ قال عليه السّلام: إذا يكون عليه فداء آخر. قلت: فما يصنع به؟ قال عليه السّلام يدفنه» (3).

و استشهد له أيضا تارة: بأنّ التذكية تتقوّم بذكر اسم اللّه تعالى و لا يتحقق ذلك بالنسبة إلى المحرم.

و أخرى: بما ورد في تعارض الصيد و الميتة بالنسبة إلى المحرم و تقديم الميتة على الصيد (4).

و ثالثة: بخبر ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «إذا أصاب المحرم الصيد في الحرم و هو محرم فإنّه ينبغي له أن يدفنه و لا يأكله أحد، و إذا أصاب في الحلّ فإنّ الحلال يأكله و عليه الفداء» (5).

و أشكل على الأول: بأنّه لا منافاة بين الذكر و الحرمة- كما في تذكية المغصوب- لأنّ النهي في غير العبادات لا يوجب الفساد إلا أن يقال: إنّ حالة الإحرام حالة لا يناسبها التسمية للتذكية الصيدية ففرق بينها و بين الحيوان المغصوب.

و على الثاني: بما يأتي من ترجيح الصيد على الميتة و في بعض

ص: 139


1- الوسائل باب: 10 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
4- الوسائل باب: 43 من أبواب كفارات الصيد حديث: 9 و 11 و 10.
5- الوسائل باب: 3 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

.....

______________________________

النصوص تعليله بأنّه ماله لأنّه يعطيه فداء (1) و هو ظاهر في عدم كونه ميتة.

و على الأخير: بأنّه لاشتماله على لفظ «ينبغي» مشعر بالجواز، مع أنّه مشتمل على التفصيل المنافي للمطلوب.

فالعمدة الخبران المنجبران بالعمل. و لكن في جملة من الصحاح جواز أكل المحلّ ما صاده المحرم، و حكي ذلك عن الفقيه، و المقنع. و مال إليه بعض متأخري المتأخرين.

منها: صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن رجل أصاب صيدا و هو محرم أ يأكل منه الحلال؟ فقال عليه السّلام: لا بأس، إنّما الفداء على المحرم» (2).

و صحيح ابن حازم قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أصاب من صيد أصابه محرم و هو حلال؟ قال عليه السّلام فليأكل منه الحلال، و ليس عليه شي ء إنّما الفداء على المحرم» (3)، و مثله صحيح حريز (4)، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاؤه و يتصدّق بالصيد على مسكين» (5)، و في صحيح ابن حازم عنه عليه السّلام قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام رجل أصاب صيدا و هو محرم آكل منه و أنا حلالا؟ قال عليه السّلام: أنا كنت فاعلا، قلت له: فرجل أصاب مالا حراما فقال عليه السّلام: ليس هذا مثل هذا يرحمك اللّه إنّ ذلك عليه» (6) فيكون المراد بما اشتمل على أنّه ميتة أي: بالنسبة إلى خصوص المحرم فقط و لكن الشهرة العظيمة بل دعوى الإجماع على خلافها أوهن الاعتماد عليها و إن صحّ إسنادها فليحمل على ما إذا كان إصابة الصيد و قتله بتسبيب المحرم لا بمباشرته.

ص: 140


1- الوسائل باب: 43 من أبواب كفارات الصيد و توابعها حديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
5- الوسائل باب: 10 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
6- الوسائل باب: 3 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
مسألة 6: الأحوط استحبابا جريان جميع أحكام الميتة

(مسألة 6): الأحوط استحبابا جريان جميع أحكام الميتة فلا يجوز الصلاة في جلدها، و كذا سائر الاستعمالات (11).

مسألة 7: إذا ذبح المحلّ للصيد في الحرم

(مسألة 7): إذا ذبح المحلّ للصيد في الحرم يحرم على المحلّ و المحرم (12).

______________________________

ثمَّ إنّه لا بد من تقييد حرمة صيد المحرم، و أنّه ميتة بحال العمد و الاختيار، و أما مع الضرورة و الاضطرار فيحلّ أكله، لحديث الرفع (1) و ما ورد من أنّه «ما من شي ء حرّمه اللّه إلا و قد أحلّه لمن اضطر إليه» (2).

(11) لأنّ مقتضى إطلاق ما تقدم من خبري وهب، و إسحاق و إن كان جريان جميع أحكام الميتة عليه. و لكن قوة احتمال أن يكون المراد التنزيل منزلة الميتة في خصوص الأكل فقط يمنع عن الأخذ بهذا الإطلاق و لا بأس باستحباب الاحتياط، لاحتمال الإطلاق، و خروجا عن خلاف العلامة رحمه اللّه حيث استقرب كونه كالميتة مطلقا.

(12) إجماعا، و نصوصا.

منها: ما تقدم من خبري وهب و إسحاق.

و منها: صحيح ابن حازم عن الصادق عليه السّلام: «في حمام ذبح في الحلّ قال عليه السّلام: لا يأكله محرم، و إذا أدخل مكة أكله المحلّ بمكة، و إذا أدخل الحرم حيّا ثمَّ ذبح في الحرم فلا يأكله لأنّه ذبح بعد ما دخل مأمنه» (3)، و في موثق ابن عتيبة قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام ما تقول في حمام أهليّ ذبح في الحلّ و أدخل في الحرم قال عليه السّلام: لا بأس بأكله لمن كان محلا، فإن كان محرما فلا و قال: إن أدخل الحرم فذبح فيه فإنّه ذبح بعد ما دخل مأمنه» (4) و قريب منهما غيره و إطلاقهما

ص: 141


1- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس حديث: 3.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب القيام حديث: 6. (كتاب الصلاة).
3- الوسائل باب: 5 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
مسألة 8: لو ذبحه المحلّ في الحلّ

(مسألة 8): لو ذبحه المحلّ في الحلّ جاز أكله في الحرم للمحل (13)، حتى لو كان صيده بدلالة المحرم و إعانته (14).

مسألة 9: لو ذبح المحرم الصيد في الحلّ فهو ميتة

(مسألة 9): لو ذبح المحرم الصيد في الحلّ فهو ميتة (15).

مسألة 10: لو اشترى صيدا مذبوحا من مسلم و شك في أنّه حلال أو لا

(مسألة 10): لو اشترى صيدا مذبوحا من مسلم و شك في أنّه حلال أو لا، فهو حلال (16)،

______________________________

يشمل ما إذا ذبحه المحلّ أيضا.

(13) للأصل، و الإجماع، و النصوص.

منها: صحيح الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «أنّه سئل عن الصيد يصاد في الحلّ ثمَّ يجاء به إلى الحرم و هو حيّ، قال عليه السّلام: إذا أدخله إلى الحرم فقد حرم عليه أكله و إمساكه فلا يشترينّ في الحرم إلا مذبوحا ذبح في الحلّ ثمَّ جي ء به إلى الحرم مذبوحا فلا بأس به للحلال» (1).

(14) للإطلاق الشامل لذلك أيضا.

(15) إجماعا، و نصّا تقدم في خبري وهب، و إسحاق.

(16) لقاعدة اعتبار يد المسلم بلا دليل حاكم عليها. و أما صحيح ابن حازم قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام أهدي لنا طير مذبح بمكة فأكله أهلنا؟

فقال عليه السّلام: لا يرى أهل مكة بأسا، قلت: فأيّ شي ء تقول أنت؟ قال عليه السّلام: عليهم ثمنه» (2) فيمكن حمله على ما إذا ذبح في الحرم فالأقسام خمسة:

الأول: ذبح المحرم الصيد في الحلّ.

الثاني: ذبح المحرم الصيد في الحرم، و في الصورتين يكون بحكم الميتة.

ص: 142


1- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الصيد حديث: 6.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الصيد حديث: 7.

و إن كان الأحوط الاجتناب عنه (17).

مسألة 11: البيض و الفرخ كالأصل في الحرمة على المحرم

(مسألة 11): البيض و الفرخ كالأصل في الحرمة على المحرم، أكلا و إتلافا، مباشرة أو تسبيبا (18) و لا يحرم البيض الذي أخذه المحرم أو كسره على المحلّ سواء كان في الحلّ أو الحرم (19)

مسألة 12: الجراد كالصيد البريّ

(مسألة 12): الجراد كالصيد البريّ (20)، و كلّما يعيش في البر فهو

______________________________

الثالث: ذبح المحلّ الصيد في الحرم و في هذه الصورة يكون بحكم الميتة أيضا.

الرابع: ذبح المحل الصيد في الحلّ يحرم على المحرم و يحلّ للمحلّ و لو في الحرم حتى لو كان بدلالة المحرم و إعانته بدفع سلاح و نحوه.

الخامس: الشك في أنّه من أيّ الأقسام، و مقتضى قاعدة يد المسلم حليته للمحلّ حتى في الحرم.

(17) لحسن الاحتياط على كل حال.

(18) إجماعا، و نصوصا كثيرة يأتي التعرض لها في الكفارات.

(19) للأصل، و عدم اشتراط حمله بالتذكية و لكن الأحوط الاجتناب و قد نسب الخلاف إلى المبسوط.

(20) إجماعا، و نصوصا.

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ليس للمحرم أن يأكل جرادا و لا يقتله قلت:

ما تقول في رجل قتل جرادة و هو محرم؟ قال عليه السّلام: تمرة خير من جرادة و هي من البحر و كل شي ء أصله من البحر و يكون في البر و البحر، فلا ينبغي للمحرم أن يقتله، فإن قتله متعمدا فعليه الفداء كما قال اللّه تعالى» (1)، و في صحيح ابن عمار عنه عليه السّلام أيضا: «ليس للمحرم أن يأكل جرادا و لا يقتله» (2) و يأتي في

ص: 143


1- الوسائل باب: 37 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.

بريّ، و كلّما يعيش في البحر فهو بحريّ، و في المتردد بينهما يكون الدار على البيض و الفرخ (21).

مسألة 13: يجوز صيد البحر للمحرم مباشرة و تسبيبا أكلا و تزودا

(مسألة 13): يجوز صيد البحر للمحرم مباشرة و تسبيبا أكلا و تزودا (22)، و المراد بالبحر ما يعمّ النهر أيضا (23).

مسألة 14: الأحوط وجوبا اجتناب كلّ صيد لم يعلم أنّه بحري
اشارة

(مسألة 14): الأحوط وجوبا اجتناب كلّ صيد لم يعلم أنّه بحري أو بري (24).

______________________________

الكفارات ما يتعلق بالمقام.

(21) على المشهور و المدعى عليه الإجماع، و يشهد له العرف و الاعتبار أيضا و يأتي في الكفارات بعض ما ينفع المقام.

(22) بالأدلة الثلاثة: قال تعالى أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَ لِلسَّيّارَةِ (1) و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح حريز: «لا بأس بأن يصيد المحرم السمك و يأكل مالحه و طريّه و يتزود» (2)، و يدل عليه إجماع المسلمين أيضا.

(23) لما ادعى القطع بذلك في الجواهر، و نقل عن التبيان أنّ العرف يسمّي البحر نهرا، و منه قوله تعالى ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَ الْبَحْرِ (3) فالبحر هو الماء الكثير و للكثرة مراتب متفاوتة جدّا، و للبحر عرض عريض كذلك.

(24) لإمكان دعوى: أنّ كل صيد يحرم على المحرم إلا إذا أحرز أنّه بحريّ. و أما التمسك بعموم حرمة صيد البر فهو من التمسك بالعام في الشبهة المصداقية كما لا يخفى، فما عن صاحب الجواهر من أنّ فائدة العموم دخول

ص: 144


1- سورة المائدة: 96.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
3- سورة الروم: 41.
مسألة 15: لا فرق في الصيد المحرّم بين المملوك منه و المباح

(مسألة 15): لا فرق في الصيد المحرّم بين المملوك منه و المباح (25)، و إن وجبت القيمة في الأول لمالكه مع الجزاء (26) كما لا فرق بين قتله و كسر قرنه و يده مثلا (27).

مسألة 16: لا بأس بصيد الدّجاج الحبشيّ

(مسألة 16): لا بأس بصيد الدّجاج الحبشيّ المسمّى بالسندي و العرعر (28)، بلا فرق بين الوحشيّ منه و الإنسيّ (29).

______________________________

الفرد المشتبه لا وجه له إن أراد به التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. و يمكن أن يستفاد ما قلناه من صحيح ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «الجراد من البحر، و قال: كل شي ء يكون أصله في البحر و يكون في البر و البحر فلا ينبغي للمحرم أن يقتله، فإن قتله فعليه الفداء كما قال اللّه تعالى» (1)، إذ يستفاد منه أنّ الصيد الحلال ما أحرز أنّه بحريّ فقط.

(25) لإطلاق الأدلة الشامل، لكل منهما.

(26) لقاعدة اليد بالنسبة إلى الضمان. و أما الجزاء فللأدلة الخاصّة التي تأتي في الكفارات.

(27) لما يستفاد من الأدلة من أصالة الضّمان في الصيد مطلقا إلا ما خرج بالدليل و يأتي التفصيل في الكفارات.

(28) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح معاوية: «أنّه سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الدجاج الحبشيّ فقال عليه السّلام: ليس من الصيد إنّما الطير ما طار بين السماء و الأرض وصف» (2)، و في صحيح ابن مسلم قال: «سئل أبو عبد اللّه عليه السّلام عن الدجاج السنديّ يخرج به من الحرم؟ فقال عليه السّلام: نعم، لأنّها لا تستقل بالطيران» (3) إلى غير ذلك من الأخبار.

(29) للإطلاق الشامل لها مع ظهور الاتفاق على عدم الفرق بينهما.

ص: 145


1- الوسائل باب: 37 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- الوسائل باب: 40 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
مسألة 17: لا بأس بالنعم و إن توحشت و امتنعت

(مسألة 17): لا بأس بالنعم و إن توحشت و امتنعت (30).

مسألة 18: لو تولد بين ما يجوز صيده و ما لا يجوز

(مسألة 18): لو تولد بين ما يجوز صيده و ما لا يجوز، فإن تبع أحدها في الاسم يتبعه في الحكم أيضا (31). و إن انتفى عنه الاسمان، فالأحوط الاجتناب عنه (32).

الثاني: الاستمتاع بالنساء
اشارة

الثاني: الاستمتاع بالنساء وطيا، و لمسا، و تقبيلا، و نظرا بشهوة (33).

______________________________

(30) للإجماع بل الضرورة من المذهب، مضافا إلى النصوص الخاصة.

منها: ما أفاده الصادق عليه السّلام من بيان قاعدة كلية و هي قوله في صحيح حريز: «المحرم يذبح الإبل و البقر و الغنم، و كل ما لم يصف من الطير، و ما أحلّ للحلال أن يذبحه في الحرم و هو محرم في الحلّ و الحرم».

و أما صحيح أبي بصير «لا تذبح في الحرم الإبل و البقر و الدجاج» في رواية الشيخ.

و أما رواية الصدوق «لا تذبح في الحرم إلا الإبل و البقر و الدجاج» فلا منافاة بينها و بين رواية الشيخ رحمه اللّه بعد كون الحصر إضافيا بقرينة سائر الروايات.

و يدل عليه الأصل، و إطلاق أدلة حلّها من غير ما يصلح للتقييد.

(31) لأنّ انطباق الحكم عليه حينئذ قهريّ، فإن صدق عليه اسم ما يجوز صيده يشمله إطلاق دليله فيجوز و إن صدق عليه اسم ما لا يجوز صيده يشمل إطلاق دليله لا محالة فلا يجوز.

(32) لما مرّ في [مسألة 14] فراجع.

(33) أما حرمة الوطي، فيدل عليه- مضافا إلى الإجماع- نصوص كثيرة:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا أحرمت فعليك بتقوى اللّه- إلى أن قال:- قال اللّه عزّ و جلّ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ فالرفث: الجماع، و الفسوق: الكذب-

ص: 146

.....

______________________________

الحديث-» (1).

و في موثق ابن جعفر قال: «سألت أخي موسى الكاظم عليه السّلام عن الرفث و الفسوق و الجدال ما هو و ما على من فعله؟ فقال: الرفث جماع النساء» (2) و إطلاقه يشمل القبل و الدبر.

و أما حرمة اللمس و التقبيل، و النظر بشهوة فيدل على الحرمة فيها، مضافا إلى الإجماع، جملة من النصوص الظاهرة في حرمة إعمال الشهوة مع النساء مطلقا، و تقتضيه المرتكزات أيضا بالنسبة إلى حالة الإحرام التي تكون حالة التلبس بالعبادة و مظهر من مظاهر المحشر كما في بعض الأخبار (3).

منها: صحيح ابن مسلم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل حمل امرأته و هو محرم فأمنى أو أمذى قال عليه السّلام: إن كان حملها أو مسّها بشي ء من الشهوة فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه، فإن حملها أو مسها لغير شهوة فأمنى أو أمذى فليس عليه شي ء» (4).

و في صحيح الحلبي قال: «سألته عن المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته قال عليه السّلام: نعم، يصلح عليها خمارها، و يصلح عليها ثوبها و محملها قلت:

أ فيمسّها و هي محرمة؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت: المحرم يضع يده بشهوة؟ قال عليه السّلام:

يهريق دم شاة، قلت: فإن قبّل؟ قال عليه السّلام: هذا أشد ينحر بدنة» (5).

و عن ابن حماد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يقبّل أمه؟

قال عليه السّلام: لا بأس به هذه قبلة رحمة إنّما تكره قبلة الشهوة» (6).

و هذه الأخبار قرينة عرفية على أنّ المحرّم من اللمس و التقبيل، و النظر ما

ص: 147


1- الوسائل باب: 32 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب وجوب الحج.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 6.
5- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2 و باب: 18 منها حديث: 1.
6- الوسائل باب: 18 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 5.
مسألة 1: الأحوط وجوبا ترك اللمس و التقبيل

(مسألة 1): الأحوط وجوبا ترك اللمس و التقبيل و النظر مع مطلق الالتذاذ و لو لم يكن مع الشهوة لو فرض ذلك (34) و لا بأس به مع عدم الشهوة و الالتذاذ فعلا و إن تعقبه الالتذاذ بعد ذلك ما لم يكن مقصودا حين العمل (35). و لا فرق- في جميع ما تقدم- بين الدائمة و المنقطعة، و لا بين إحرام الحج أو العمرة (36) و لا بأس بقبلة الرحمة سواء كانت من الأم أو من غيرها من الأرحام (37) و إن كان الأولى تركه أيضا.

______________________________

كان بشهوة دون المطلق منها و لو لم يكن بشهوة فلا بد من إرجاع ما توهم الإطلاق إليها أو حملها على مطلق المرجوحية كما أنّه لا بد من حمل موثق ابن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في محرم نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى؟ قال عليه السّلام:

ليس عليه شي ء» (1) على عدم بطلان الإحرام، و كذا خبر عليّ بن يقطين عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألته عن رجل قال لامرأته أو لجاريته بعد ما حلق و لم يطف و لم يسع بين الصفا و المروة: اطرحي ثوبك و نظر إلى فرجها قال عليه السّلام: لا شي ء عليه إذا لم يكن غير النظر» (2) و تأمل.

(34) لإمكان أن يقال: إنّ المستفاد من الأدلة حرمة مطلق مثل هذه الالتذاذات في حال الإحرام و يشهد له المتعارف بين المتشرعين و المتشرعات فيرون حال الإحرام حال الانقطاع عن العلائق الجسمانية مطلقا فضلا عن إعمال القوة الجنسية.

(35) كل ذلك للأصل بعد عدم دليل عليه، و تقدم في الأخبار ما يدل على الجواز أيضا فراجع.

(36) للإطلاق الشامل للجميع، مضافا إلى ظهور الاتفاق على عدم الفرق.

(37) للأصل، و ما تقدم من خبر حماد.

ص: 148


1- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 7.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 4.
مسألة 2: حرمة جميع ما تقدم بالنسبة إلى الأجنبية أشدّ

(مسألة 2): حرمة جميع ما تقدم بالنسبة إلى الأجنبية أشدّ و أقوى (38).

الثالث: الاستمناء
اشارة

الثالث: الاستمناء، أي: طلب إخراج المنيّ بأيّ نحو أمكن (39) من ملاعبة أو بيد، أو كل ما يكون سببا له (40).

مسألة 3: الأحوط عدم التلذذ بالتخيل و نحوه

(مسألة 3): الأحوط عدم التلذذ بالتخيل و نحوه مما يدل تحت الاختيار، و لو كان بما هو حلال كزوجته (41).

مسألة 4: لو سبقه المنيّ من غير شي ء

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج 13، ص: 149

(مسألة 4): لو سبقه المنيّ من غير شي ء لا إثم و لا كفارة عليه (42)،

______________________________

(38) لما هو المتسالم عليه بين الفقهاء من اشتداد الحرمة في حالات خاصة، و أزمنة- و أمكنة- مخصوصة.

(39) إجماعا، و نصّا، ففي صحيح ابن الحجاج قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل يعبث بأهله و هو محرم حتى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما؟ قال عليه السّلام: عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع» (1)، و عن ابن عمار عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «قلت ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى؟ قال عليه السّلام: أرى عليه مثل ما على من أتى أهله و هو محرم بدنة و الحج من قابل» (2).

(40) لظهور الإجماع على عدم الفرق بين أسبابه و أنّ ما ذكر في الخبرين من باب المثال لا التقييد.

(41) تقدم وجه ذلك في ذيل المسألة الأولى فيكون الاحتياط في ترك تخيل ما هو حرام أشدّ و آكد.

(42) للأصل بعد ظهور الأدلة في أعمال عمل يوجب خروجه.

ص: 149


1- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.

كما لا كفارة في إعمال المقدمات مع عدم خروجه لأمر اختياريّ أو غير اختياري (43) و إن أثم بذلك (44).

مسألة 5: المرأة كالرجل في جميع ما تقدم في الاستمتاع بزوجها

(مسألة 5): المرأة كالرجل في جميع ما تقدم في الاستمتاع بزوجها، فيحرم عليها تقبيله و لمسه و النظر إليه بالشهوة، و كذا الوطي و الاستمناء (45).

الرابع: عقد النكاح لنفسه، أو لغيره

الرابع: عقد النكاح لنفسه، أو لغيره (46)، ولاية أو وكالة دواما أو انقطاعا (47).

______________________________

(43) للأصل بعد انسباق خروج المنيّ من الأدلة.

(44) لإطلاق ما دل على حرمة الاستمناء. و يأتي في كتاب الحدود و التعزيرات ما ينفع المقام.

(45) لقاعدة الاشتراك و أنّ أحكام الإحرام عامة لجميع المحرمين و المحرمات إلا مع النص على الخلاف و هو مفقود في المقام.

(46) للنصوص، و الإجماع.

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «ليس للمحرم أن يتزوج و لا يزوج، و إن تزوج أو زوج محلا فتزويجه باطل» (1)، و في خبر أبي الصّباح الكناني قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن محرم يتزوج، قال عليه السّلام: نكاحه باطل» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر أبي بصير: «المحرم يطلّق و لا يتزوج» (3).

(47) لإطلاق الروايات و الكلمات الشامل لجميع ذلك بل التصريح بالتعميم عن جمع فراجع المطولات.

ص: 150


1- الوسائل باب: 14 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
مسألة 6: المرأة كالرجل في جميع ما مرّ

(مسألة 6): المرأة كالرجل في جميع ما مرّ (48)، و يجوز للمحرم مراجعة المطلقة، و مفارقة النساء بطلاق و نحوه، كما يجوز له خطبة النساء، و إن كره الأخير (49).

______________________________

ثمَّ أنّه تارة: يكون الزوج و الوكيل محرمين و لا إشكال في الحرمة و البطلان حينئذ.

و أخرى: يكون الزوج محرما و الوكيل محلّا و أوقع العقد في حال إحرام الزوج و مقتضى الإطلاقات حرمته و بطلانه أيضا.

و ثالثة: يكون الزوج محرما و الوكيل محلا مع إيقاع العقد في حال الإحلال و الظاهر الصحة، للأصل، و الإطلاقات بعد عدم شمول أخبار المقام له.

و لا فرق بين كون الوكالة واقعة في حال الإحلال أو في حال الإحرام، إذ لا أثر لمجرد الإذن في حال الإحرام بعد صدور عقد النكاح في حال إحلال الموكل و الوكيل.

و رابعة: يكون الوكيل محرما و الزوج محلا مع وقوع العقد في حال إحرام الوكيل، و مقتضى إطلاق أدلة المقام حرمته و بطلانه.

و أما العقد الواقع فضولا، فإن كان العقد و الإجازة كلاهما في حال الإحرام فلا ريب في الحرمة و البطلان، لإطلاق أدلة المقام. و إن كان العقد في حال الإحرام و الإجازة بعد الإحلال فكذلك بناء على الكشف. و إن كان العقد في حال الأحلام و الإجازة في حال الإحرام، فيمكن القول بالصّحة بناء على الكشف، و لكنه خلاف الاحتياط و لا أثر لإجازة الغير للعقد الصادر من المحرم فضولا، لوقوع العقد باطلا فلا موضوع للإجازة، لأنّ المجيز مثل الأجنبيّ بالنسبة إلى هذا العقد الذي وقع باطلا.

(48) لقاعدة الاشتراك، و ظهور أدلة المقام في ثبوت الأحكام لذات المحرم من حيث هو بلا فرق بين الرجل و المرأة و لا دليل على الخلاف.

(49) كل ذلك للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق. و أما مرسل ابن فضال

ص: 151

مسألة 7: يحرم على المحرم شهادة عقد النكاح

(مسألة 7): يحرم على المحرم شهادة عقد النكاح للمحلّين و المحرمين بقصد إقامتها (50)، بل مطلقا (51).

______________________________

عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «المحرم لا ينكح و لا ينكح، و لا يشهد، و لا يخطب، فإن نكح فنكاحه باطل» (1) فمحمول بالنسبة إلى الأخير على الكراهة، إجماعا و إطلاقه يشمل الخطبة للمحلّين أيضا.

(50) إجماعا، و نصّا ففي مرسل ابن فضال المتقدم- المنجبر-: «المحرم لا ينكح، و لا ينكح، و لا يخطب، و لا يشهد النكاح»، و في مرسل أبي شجرة:

«المحرم يشهد على نكاح محلّين؟ قال عليه السّلام: لا يشهد» (2) و إطلاقهما كإطلاق الكلمات يشمل الأقسام الثلاثة.

(51) لظهور الإطلاق. و الانصراف إلى صورة قصد إقامة الشهادة بدويّ لا اعتبار به. ثمَّ إنّ الأقسام خمسة:

الأول: نفس حضور مجلس عقد النكاح.

الثاني: حضوره لأجل تحمل الشهادة.

الثالث: إقامة الشهادة محرما مع تحمله كذلك، و مقتضى الإطلاق حرمة هذه الأقسام الثلاثة.

الرابع: إقامة الشهادة في حال الإحرام و قد تحمّلها محلا، و نسب إلى المشهور حرمة هذا القسم أيضا. و في الحدائق ظاهرهم الاتفاق عليه.

الخامس: التحمل محرما و الإقامة محلا و الظاهر صحة الإقامة بعد عدم خروجه عن العدالة بالتحمل، لأنّه ليس من الكبائر و لا من الإصرار مع جواز الجهل و الغفلة و التوبة أو التفكير بالحسنات و لو خاف من ترك التحمل الوقوع في الزنا فإن أمكن التسبب إلى التأخير وجب و الا فالظاهر سقوط الحرمة،

ص: 152


1- الوسائل باب: 14 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
الخامس: الطيب
اشارة

الخامس: الطيب (52) مسّا، و شمّا، و أكلا، و سعوطا، و اكتحالا، و استعمالا في اللباس و الفراش و غيرها (53).

مسألة 1: كلما يسمّى طيبا عرفا يحرم استعماله عليه

(مسألة 1): كلما يسمّى طيبا عرفا يحرم استعماله عليه بلا اختصاص له بقسم دون قسم (54).

______________________________

لأهمية مراعاة ترك وقوع الزنا عن هذه الحرمة.

(52) للنصوص المتواترة، و إجماع المسلمين.

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «لا تمس شيئا من الطيب، و لا من الدهن في إحرامك، و اتق الطيب في طعامك، و أمسك على أنفك من الرائحة الطيبة، و لا تمسك عليه من الرائحة المنتنة» (1)، و قوله عليه السّلام: أيضا في صحيح حريز: «لا يمس المحرم شيئا من الطيب، و لا الريحان، و لا يتلذذ به، فمن ابتلى بشي ء من ذلك فليتصدّق بقدر ما صنع بقدر شبعه» (2)، و عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله:

«أنّ محرما وقصت ناقته فقال صلى اللّه عليه و آله: لا تقربوه طيبا، فإنّه يحشر يوم القيامة ملبيا» (3).

(53) لشمول الإطلاق لجميع ذلك مما يسمّى استعمالا للطيب عرفا.

(54) لأنّه من الموضوعات العرفية و الأدلة منزلة عليها إلا إذا ورد تحديد من الشارع و لم يرد ذلك، و ما ذكر في بعض الأخبار من بعض مصاديقه إنّما هو من باب المثال، و الغالب في تلك الأزمان لا التخصيص كقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إنّما يحرم عليك من الطيب أربعة أشياء: المسك، و العنبر، و الورس، و الزعفران غير أنّه يكره للمحرم الأدهان الطيبة الريح» (4) كما

ص: 153


1- الوسائل باب: 18 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب تروك الإحرام حديث: 11.
3- راجع صحيح ابن مسلم ج: 1 صفحة: 457.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب تروك الإحرام حديث: 14.
مسألة 2: لو كان شي ء طيبا عند قوم دون آخرين يحرم على من هو طيب عنده دون غيره

(مسألة 2): لو كان شي ء طيبا عند قوم دون آخرين يحرم على من هو طيب عنده دون غيره، و إن كان الأحوط اجتنابه أيضا (55).

مسألة 3: يحرم على المحرم شمّ الطيب و لو كان عند غيره

(مسألة 3): يحرم على المحرم شمّ الطيب و لو كان عند غيره، فيجب عليه إمساك أنفه منه (56).

مسألة 4: لا بأس باجتياز المحرم في محلّ يباع فيه الطيب أو الجلوس عنده
اشارة

(مسألة 4): لا بأس باجتياز المحرم في محلّ يباع فيه الطيب أو الجلوس عنده مع عدم اكتساب ثوبه أو بدنه للطيب و يجوز له بيعه و شراؤه مع الإمساك على أنفه في ذلك كله (57).

______________________________

أنّ الكراهة في ذيله لا بد و أن تحمل على الحرمة بقرينة غيره.

و ما يقال: إنّ ظاهر الحصر هو التخصص (مردود) بأنّه كذلك إن كان حقيقيا. و أما إن كان إضافيا فلا يدل عليه، و الظاهر هو الأخير كما يظهر من مجموع ما ورد في المحرم، و ما ورد «من أنّ الحاج شعث أغبر» (1)المنافي لذلك، و ما ورد في عدم البأس بالفواكه إنّها ليست بطيب (2) إلى غير ذلك مما يستفاد منه الإطلاق منطوقا و مفهوما.

(55) لأنّ الحكم تابع للموضوع و المفروض أنّه لا موضوع للطيب بالنسبة إلى الآخر. و الأحوط اجتناب الآخر أيضا، لاحتمال أن يكون صرف وجود الطيب موضوعا للحكم مطلقا و لو لم يكن من الطيب المطلق عند الكل بل المناط مطلق الطيب.

(56) لظهور الإطلاق و الاتفاق.

(57) للأصل، و الإجماع، و عدم صدق استعمال الطيب و التطيب على

ص: 154


1- سنن البيهقي جزء 5 صفحة 58 و في الوسائل باب 1 من أبواب وجوب الحج حديث: 11 قريب منه.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
مسألة 5: لا بأس بشمّ خلوق الكعبة

(مسألة 5): لا بأس بشمّ خلوق الكعبة و علوق شي ء منه بثيابه (58).

مسألة 6: لو أصاب ثوبه أو بدنه شي ء من الطيب تجب إزالته

(مسألة 6): لو أصاب ثوبه أو بدنه شي ء من الطيب تجب إزالته

______________________________

ذلك كله و تقدم قول الصادق عليه السّلام: «و أمسك على أنفك من الرائحة الطيبة» (1).

و في صحيح ابن بزيع: «رأيت أبا الحسن عليه السّلام كشف بين يديه طيب لينظر إليه و هو محرّم فأمسك بيده على أنفه بثوبه من رائحته» (2).

(58) للنصوص، و الإجماع ففي صحيح حماد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن خلوق الكعبة، و خلوق القبر يكون في ثوب الإحرام، فقال عليه السّلام:

لا بأس بهما، هما طهوران» (3).

و في صحيح ابن سنان: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن خلوق الكعبة يصيب ثوب المحرم قال عليه السّلام: لا بأس و لا يغسله فإنّه طهور» (4).

و لا يجب إمساك الأنف عنه لإطلاق الأدلة بل قد يشكل جوازه. و الخلوق نحو من الطيب و الظاهر اختلافه باختلاف الأزمنة و كان يعمل في الأزمنة القديمة من جملة من مواد أعظم أجزائه الزعفران مع أنّه من الضرورة التي ظاهرهم الاتفاق على الجواز حينئذ و عدم الحرمة، بل و عدم الكفارة لأنّ هذه ضرورة نوعية دائمية لنوع الطائفين مع أنّ من إطلاق التعليل فإنّه طهور، و هما طهوران يستفاد نفي كل شي ء. و كيف نثبت الكفارة و الحرمة فيما هو طهور، و الطهور مطلوب في كل حال و جميع الأحوال و هو من فروع قوله تعالى:

وَ طَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطّائِفِينَ وَ الْقائِمِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ (5).

ص: 155


1- الوسائل باب: 24 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
4- الوسائل باب: 21 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
5- سورة الحج: 26.

فورا (59)، و الأحوط عدم إزالته بمباشرة يده، بل يزيله بآلة أو بمباشرة المحل (60).

مسألة 7: لو كان موضع من ثوبه أو بدنه متنجسا و موضع آخر منه وصل إليه الطيب

(مسألة 7): لو كان موضع من ثوبه أو بدنه متنجسا و موضع آخر منه وصل إليه الطيب و كان عنده ماء لا يكفي إلا لأحدهما يتخيّر في صرفه في إزالة أيّهما شاء إن لم يمكن إزالة الطيب بغير الماء (61)، و أما لو دار بين

______________________________

(59) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في المحرم يصيب ثوبه الطيب: «لا بأس بأن يغسله بيد نفسه» (1)، و لقوله صلى اللّه عليه و آله، لمن رأى عليه طيبا: «اغسل عنك الطيب» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «المحرم يمس الطيب و هو نائم لا يعلم، قال عليه السّلام: يغسله و ليس عليه شي ء، و عن المحرم يدهنه الحلال بالدهن الطيب و المحرم لا يعلم ما عليه؟ قال عليه السّلام: يغسله أيضا و ليحذر» (3) مع ظهور الإجماع على حرمته مطلقا ابتداء و استدامة، و مقتضى إطلاقهما جواز الإزالة بالمباشرة و لو بمس يده، مع أنّه لا يصدق عليه التطيب، بل هو إزالة للطيب.

و في مرسل ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في المحرم يصيب ثوبه الطيب قال عليه السّلام: لا بأس بأن يغسله بيد نفسه» (4) كما أنّ مقتضى حرمة مطلق الاستدامة فورية الإزالة.

(60) لاحتمال أن يكون المراد بالخبرين الأولين التسبيب. و بالأخير صورة الضرورة و لذا ذهب الشهيد قدس سرّه إلى لزوم أن يكون بالآلة أو بيد المحل.

(61) لعدم الترجيح في صرفه في أحدهما المعيّن، فيتحقق التخيير لا محالة. هذا إذا لم يمكن إزالة الطيب أولا، ثمَّ استعمال الغسالة في إزالة النجاسة

ص: 156


1- الوسائل باب: 22 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
2- راجع صحيح ابن مسلم ج: 4 صفحة: 4.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
4- الوسائل باب: 22 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

إزالة الطيب و الطهارة المائية، فقد يقال: بتقديم الإزالة، لأنّ للطهارة المائية بدل (62).

مسألة 8: يحرم إمساك الأنف عن الرائحة الكريهة

(مسألة 8): يحرم إمساك الأنف عن الرائحة الكريهة (63).

مسألة 9: لا بأس بأكل ذي الرائحة الطيبة، كالتفاح و نحوه

(مسألة 9): لا بأس بأكل ذي الرائحة الطيبة، كالتفاح و نحوه، و لا بشم ذي الرائحة الطيبة ما لم يكن من الطيب عرفا (64).

______________________________

و إلّا يتعيّن ذلك إن لم تحمل الغسالة من الطيب شيئا.

(62) القائل بذلك صاحب المدارك. و يمكن الخدشة فيه بأنّ تقديم ما لا بدل له على ماله البدل إنّما هو فيما ثبتت الأهمية في الجملة لما لا بد له و ثبوتها لإزالة الطيب في المقام غير معلوم و الشك في ثبوت الأهمية لها يكفي في عدم تعين تقديمها فيتخيّر فيهما أيضا كما اختاره صاحب الدروس، و الجواهر و لعله الأوجه.

(63) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «المحرم إذا مرّ على جيفة فلا يمسك على أنفه» (1) و في صحيح ابن مسلم عنه عليه السّلام أيضا: «و لا يمسك على أنفه من الريح الخبيثة» (2) و ظهوره في الحرمة مما لا ينكر و هذا هو المشهور بل قد نفي الخلاف عنها و لا وجه لاحتمال إرادة نفي الوجوب في مقابل الريح الطيب حتى لا يكون ظاهرا في الحرمة. هذا مع عدم الحرج و المشقة و إلا فالظاهر الجواز إن لم يمكن الفرار.

(64) كل ذلك للأصل، و الإجماع، و إطلاق أدلة حلّ الطيّبات، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «لا بأس بأن تشم الإذخر، و القيصوم، و الخزامي، و الشيح و أشباهه و أنت محرم» (3).

ص: 157


1- الوسائل باب: 24 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 25 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
مسألة 10: لا بأس باستعمال الطيب عند الضرورة إليه

(مسألة 10): لا بأس باستعمال الطيب عند الضرورة إليه أكلا، أو شمّا، أو سعوطا (65)- مع الاقتصار على ما ترتفع به الضّرورة (66).

مسألة 11: لا فرق في حرمة استعمال الطيب بين استعماله بنفسه

(مسألة 11): لا فرق في حرمة استعمال الطيب بين استعماله بنفسه أو بمزجه مع غيره (67).

نعم، لو صار مستهلكا بالمزج بحيث لا يصدق عليه الطيب لا بأس باستعماله حينئذ (68).

______________________________

و في خبر الساباطي: «أنّه سئل الصادق عليه السّلام عن المحرم يتخلّل قال عليه السّلام: لا بأس به، قلت له: أ يأكل الأترج؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت له: فإنّ له رائحة طيبة قال عليه السّلام: إنّ الأترج طعام و ليس هو من الطيب» (1) و الأولى الإمساك عن شمه، لمرسل ابن أبي عمير قال: «سألته عن التفاح و الأترج، و النبق، و ما طاب ريحه، فقال عليه السّلام: يمسك على شمه و يأكله» (2).

(65) إجماعا، و نصّا، لأنّه «ليس شي ء مما حرّمه اللّه إلا و قد أحلّه لمن اضطر إليه» (3)، و في صحيح ابن جابر: «و كانت عرضت له ريح في وجهه من علة أصابته و هو محرم قال: فقلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّ الطبيب الذي يعالجني وصف لي سعوطا فيه مسك، فقال عليه السّلام: أسعط به» (4).

(66) لإطلاق أدلة الحرمة بالنسبة إلى غير مقدار الضرورة، و قاعدة (أنّ الضرورات تتقدّر بقدرها).

(67) لإطلاق أدلة الشامل لصورة المزج أيضا، مع ظهور الإجماع على عدم الفرق بين الصورتين.

(68) لانتفاء الموضوع بالاستهلاك فلا موضوع حتى تشمله الأدلة.

ص: 158


1- أورد صدر هذه الرواية في الوسائل باب: 26 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2، و ذيله في باب: 92 حديث: 3 منها.
2- الوسائل باب: 26 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب القيام حديث: 6 (كتاب الصلاة).
4- الوسائل باب: 19 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
مسألة 12: لا فرق في الطيب بين ما كان من الأدهان أو من غيرها

(مسألة 12): لا فرق في الطيب بين ما كان من الأدهان أو من غيرها (69)، و لا يحرم كلّما كان طيّب الرائحة و لم يكن طيبا، سواء كان من النباتات أو من الأثمار (70).

مسألة 13: كل ما شك في أنّه من الطيب أو لا

(مسألة 13): كل ما شك في أنّه من الطيب أو لا يجوز للمحرم استعماله (71).

مسألة 14: لا بأس بحمل الطيب إذا لم يظهر أثره في البدن و اللباس

(مسألة 14): لا بأس بحمل الطيب إذا لم يظهر أثره في البدن و اللباس، و كذا لبس اللباس الذي كانت فيه رائحة الطيب ثمَّ ذهب أثرها (72).

مسألة 15: إذا استعمل طيبا في بدنه أو لباسه قبل الإحرام ثمَّ أحرم وجب عليه إزالته

(مسألة 15): إذا استعمل طيبا في بدنه أو لباسه قبل الإحرام ثمَّ أحرم وجب عليه إزالته (73).

______________________________

(69) لإطلاق الأدلة، و معاقد الإجماعات الشامل لهما.

(70) لما تقدم من النص، و الأصل، و إطلاق أدلة حل الطيبات، و السيرة في الفواكه و الرياحين، و النباتات، و في صحيح ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن الحناء فقال عليه السّلام: إنّ المحرم ليمسه و يداوي به بعيره و ما هو بطيب و ما به بأس» (1).

فظهر مما تقدم أنّه يجوز أكل مثل الدارجين، و الهيل، و القرنفل و نحوها في الطعام و غيره، لعدم كونها من الطيب عرفا.

(71) للأصل بعد كون التمسك بدليل الحرمة من التمسك. بالعام في الشبهة المصداقية.

(72) كل ذلك للأصل، و الإطلاق، و ظهور الاتفاق.

(73) لشمول إطلاق الدليل مطلق التطيب به حدوثا و بقاء، و تقدم في

ص: 159


1- الوسائل باب: 23 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
مسألة 16: يجوز للمحرم بيع الطيب، و شراؤه

(مسألة 16): يجوز للمحرم بيع الطيب، و شراؤه و النظر إليه (74) مع التحفظ عن شمّه، و علوقه ببدنه و لباسه (75).

مسألة 17: يجوز للمحرم استعمال الأدهان مطلقا

(مسألة 17): يجوز للمحرم استعمال الأدهان مطلقا ما لم يكن فيه طيب (76).

مسألة 18: من الطيب المحرّم تبخير البدن

(مسألة 18): من الطيب المحرّم تبخير البدن، أو اللباس، أو البيت بما فيه طيب كالعود و نحوه (77).

مسألة 19: فاقد حاسة الشم لا يحرم عليه شم الطيب

(مسألة 19): فاقد حاسة الشم لا يحرم عليه شم الطيب (78)، و يلحق به المزكوم و إن كان الأحوط خلافه (79).

مسألة 20: يحرم على المحرم دخول بيت يشم فيها الطيب

(مسألة 20): يحرم على المحرم دخول بيت يشم فيها الطيب إلا مع إمساك أنفه، و كذا المصاحبة مع محل استعمل الطيب. و المعانقة، و المصافحة مع إلا مع الإمساك (80).

______________________________

[مسألة 7] ما ينفع المقام.

(74) للأصل، و الإطلاق، و الاتفاق.

(75) لما تقدم من النصوص.

(76) لأصالة الإباحة، و عدم الدليل على الحرمة مضافا إلى بعض النصوص (1).

(77) لأنّه طيب عرفا، فتشمله الأدلة قهرا.

(78) لانتفاء الموضوع بالنسبة إليه، و كذا بالنسبة إلى المزكوم.

(79) جمودا على الإطلاقات المتقدمة كقوله عليه السّلام: «و أمسك على أنفك من الرائحة الطيبة».

(80) لأنّ كل ذلك من شمّ الطيب بلا ضرورة، فتشمله الأدلة الدالة على

ص: 160


1- راجع الوسائل باب: 31 من أبواب تروك الإحرام.
السادس: لبس المخيط
اشارة

السادس: لبس المخيط (81)

______________________________

حرمة شمّ الطيب للمحرم.

(81) للإجماع، و النصوص المشتملة على النهي عن لبس القميص، و الطيلسان، و السراويل، و الخفين التي قد تقدم بعضها في لبس ثوبي الإحرام.

و يأتي التعرض لبعضها الآخر و إلا فلفظ المخيط لم يرد فيما وصل إلينا من النصوص الموجودة لدينا كما اعترف به غير واحد منهم الشهيد في الدروس.

و في صحيح زرارة عن أحدهما عليهما السّلام قال: «سألته عما يكره للمحرم أن يلبسه فقال عليه السّلام: يلبس كل ثوب إلا ثوبا يتدرعه» (1) أي: تدخل اليد في يدي الثوب و كل ما أدخلت شيئا في جوف شي ء فقد ادرعته.

و عن الصادق عليه السّلام في موثق ابن عمار: «لا تلبس و أنت تريد الإحرام ثوبا تزره و لا تدرعه، و لا تلبس السراويل إلا أن لا يكون لك إزار، و لا خفين إلا أن لا يكون لك نعلان» (2).

و في صحيح الحلبي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يلبس الطيلسان المزرور فقال عليه السّلام: نعم، و في كتاب عليّ عليه السّلام لا تلبس طيلسانا حتى ينزع أزراره فحدثني أبي أنّه إنّما كره ذلك مخافة أن يزره الجاهل عليه فأما الفقيه فلا بأس أن يلبسه» (3).

و قريب منه صحيح ابن شعيب إلى غير ذلك من الأخبار الظاهرة في أنّ المدار على الادراع، و الدر لا لبس المخيط، فيحرم أزراره و تدرعه لا أصل لبسه بدون ذلك و يشهد له ما ورد في طرح القميص على العاتق إن لم يكن له رداء،

ص: 161


1- الوسائل باب: 36 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 35 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 36 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2 و 3.

للرجال (82)، و لا فرق بين المخيط القليل أو الكثير (83)، كما لا فرق بين أن يضمّ جميع البدن أو بعضه، كالعرقجين مثلا (84).

مسألة 1: الأحوط وجوبا إلحاق المنسوج و الملبد

(مسألة 1): الأحوط وجوبا إلحاق المنسوج و الملبد، أو الثوب الملصق بعضه ببعض و نحوهما مما لا خيط فيه بالمخيط فلا يجوز لبسها للمحرم (85).

______________________________

و لبس القباء منكوسا من غير إدخال اليدين في الكمين (1) المستفاد من الجميع أنّ المانع إنّما هو اللبس الخاص لا خصوص المخيطة. و في تعبير الفقهاء في معاقد إجماعاتهم شهادة لذلك أيضا حيث عبّروا بلبس المخيط لا باجتناب المخيط.

(82) إجماعا، و نصوصا يأتي التعرض لبعضها.

(83) لإطلاق معاقد الإجماعات الشامل لهما إلا أن يدعى أنّ المتيقن منه ما كانت له خياطة معتد بها و كان من الثياب المخيطة المتعارفة و ليس في الأدلة اللفظية لفظ المخيط حتى يتمسك بإطلاقه كما إذا خرق موضع من إزاره أو ردائه بقدر إصبع- مثلا- فخاطه و لكن الأحوط الاجتناب جمودا على إطلاق الكلمات.

(84) لظهور إطلاق معاقد الإجماع. و نسب إلى ابن الجنيد تخصيصه بما كان ضاما للبدن و لا دليل له عليه إلا الانصراف إلى الضام و الاقتصار على المتيقن من الإجماع. و يرد عليه: أنّ الانصراف إنّما هو فيما إذا كان الدليل لفظيا و لا وجه له في المقام، لما تقدم من أنّه لم يرد المخيط في الأدلة اللفظية. كما لا وجه للاقتصار على المتيقن مع ظهور إطلاق الكلمات.

(85) جمودا على لفظ القميص، و السراويل و نحوهما الوارد في الأدلة

ص: 162


1- راجع الوسائل باب: 44 من أبواب تروك الإحرام.
مسألة 2: لا يحرم حمل المخيط و لا نقله

(مسألة 2): لا يحرم حمل المخيط و لا نقله، و لا افتراشه و لا التدثر أو التوشح به (86)، و إن كان الأحوط ترك الأخيرين (87).

مسألة 3: لا بأس بالمنطقة، و الهميان، و الفتق بند، و عصابة القروح و نحوها

(مسألة 3): لا بأس بالمنطقة، و الهميان، و الفتق بند، و عصابة القروح و نحوها (88)، و إن كان الأحوط الاقتصار على حال الضرورة.

______________________________

فإنّ إطلاقها يشمل غير المخيط أيضا. و في المدارك: «و ألحق الأصحاب بالمخيط ما أشبهه كالدرع المنسوج وجبة اللبد و الملصق بعضه ببعض» و قريب منه ما عن التذكرة. هذا إذا كان بهيئة القميص و السراويل و نحوهما و أما إن لم يكن كذلك و لم يكن مخيطا أيضا، فمقتضى الأصل الجواز بعد عدم شمول الكلمات له.

(86) كل ذلك للأصل بعد كون المحرّم هو اللبس و لا يصدق اللبس على شي ء مما ذكر.

(87) خروجا عن مخالفة من حرمها كابن الجنيد و إن كان لا دليل على الحرمة يصح الاعتماد عليه.

(88) للأصل بعد عدم عدّ ذلك كلّه من اللباس المتعارف، و في صحيح ابن شعيب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يصيّر الدراهم في ثوبه قال عليه السّلام: نعم، و يلبس المنطقة و الهميان» (1)، و في خبر ابن سالم عنه عليه السّلام أيضا:

«تكون معي الدراهم فيها تماثيل و أنا محرم فأجعلها في هميان و أشدّه في وسطي؟ فقال عليه السّلام: لا بأس أو ليس هي نفقتك و عليها اعتمادك بعد اللّه عزّ و جلّ؟» (2).

و عن يونس بن يعقوب عنه عليه السّلام أيضا: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: المحرم

ص: 163


1- الوسائل باب: 47 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 47 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
مسألة 4: يجوز شد العمامة على بطنه

(مسألة 4): يجوز شد العمامة على بطنه و إن كان بقصد أن يعصب بها الإزار، و الأولى الترك الا مع الضرورة (89).

مسألة 5: لا بأس بلبس المخيط في حال الضرورة

(مسألة 5): لا بأس بلبس المخيط في حال الضرورة، و لكن تجب الكفارة (90).

______________________________

يشدّ الهميان في وسطه؟ فقال عليه السّلام: نعم، و ما خيره بعد نفقته؟!» (1).

و في صحيح أبي بصير عنه عليه السّلام أيضا: «المحرم يشد على بطنه العمامة؟

قال عليه السّلام: لا، ثمَّ قال: كان أبي عليه السّلام يشدّ على بطنه المنطقة التي فيها نفقته، يستوثق منها فإنّها من تمام حجه» (2) و هو معارض بالنسبة إلى شدّ العمامة بصحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا قال: «المحرم يشدّ على بطنه العمامة، و إن شاء يعصبها على موضع الإزار، و لا يرفعها إلى صدره» (3) فيحمل صحيح أبي بصير على مطلق المرجوحية، و مما ورد في الهميان يستفاد حكم الفتق بند أيضا مع أنّه من الضرورات العرفية.

(89) تقدم ذلك في صحيح الحلبي. و وجه أولوية الترك ما تقدم في صحيح أبي بصير.

(90) إجماعا، و نصّا، فعن ابن مسلم في صحيحه قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب يلبسها قال عليه السّلام: عليه لكل صنف منها فداء» (4) و يأتي في الكفارات ما ينفع المقام.

ثمَّ إنّ المحرم لو كان مضطرا إلى لبس المخيط فهل يجب عليه لبس ثوبي الإحرام أيضا أو لا؟ مقتضى الإطلاقات هو الأول، لما مرّ من أنّه واجب نفسيّ

ص: 164


1- الوسائل باب: 47 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 47 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 72 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
مسألة 6: يجوز للنساء لبس المخيط في حال الإحرام بلا فرق بين أقسام المخيط

(مسألة 6): يجوز للنساء لبس المخيط في حال الإحرام بلا فرق بين أقسام المخيط (91)، و كذا الخنثى المشكل (92)، و تحرم عليهنّ القفازان (93).

______________________________

و لا وجه لسقوطه.

(91) إجماعا، و نصوصا ففي صحيح العيص عن الصادق عليه السّلام: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: المرأة المحرمة تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفازين» (1)، و في خبر أبي عيينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته ما يحلّ للمرأة أن تلبس و هي محرمة؟ فقال عليه السّلام: الثياب كلها ما خلا القفازين، و البرقع، و الحرير، قلت: أ تلبس الخز؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت: فإنّ سداه إبريسم و هو حرير قال عليه السّلام: ما لم يكن حريرا خالصا فلا بأس» (2) إلى غير ذلك من الأخبار.

و قال في السرائر: «الأظهر عند أصحابنا أنّ لبس الثياب المخيطة غير محرمة على النساء بل عمل الطائفة و فتواهم، و إجماعهم على ذلك، و كذلك عمل المسلمين» و في المنتهى: «لا يعلم فيه خلافا إلا قولا شاذا للشيخ لا اعتداد به».

(92) للأصل بعد عدم كونها رجلا. و احتمال كون المراد بالمحرم في أخبار التحريم الجنس، فيشمل الخنثى أيضا و إنّما خرجت خصوص المرأة بعيد، لظهورها في خصوص الرجل و إنّما تعم المرأة بقاعدة الاشتراك و هي مخصصة في المقام بالأخبار- كما تقدم. و أما الخنثى التي يشك في أنّها طبيعة ثالثة أو لا؟ فلا وجه لشمول الأدلة لها، كما أنّه لا وجه لجريان قاعدة الاشتراك أيضا، لاحتمال كونها طبيعة ثالثة.

(93) نصوصا، و إجماعا، ففي صحيح العيص- المتقدم- «المرأة المحرمة

ص: 165


1- الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام حديث: 9.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام حديث: 3.

و أما البرقع فالظاهر جواز لبسهنّ له (94)، و إن كان الأحوط الترك (95).

______________________________

تلبس ما شاءت من الثياب غير الحرير و القفازين» (1)، و في خبر نضر بن سويد عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «سألته عن المحرمة أيّ شي ء تلبس من الثياب؟

قال عليه السّلام تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة بالزعفران، و الورس و لا تلبس القفازين» (2).

و ما عن بعض متأخري المتأخرين من حمل النهي على الكراهة لأنّهما ليسا من سنخ الثياب اجتهاد في مقابل النص الخاص. ثمَّ إنّ كلامهم مختلف في معنى القفاز و في مثله لا بد و أن يقتصر على المتيقن من الجميع و يمكن أن يستفاد من خبر النضر حيث ذكرهما في عداد الثوب المصبوغ بالزعفران، و الورس أنّهما مما يستعملان في اليدين للتزين فهما نحو زينة. و عن ابن دريد، و ابن فارس، و عباد ذلك أيضا فيرجع في غيرها إلى الأصل، و إطلاق ما دل على أنّها تلبس ما شاءت من الثياب بعد إجمال الدليل المخصص.

(94) للأصل، و إطلاق ما دل على أنّها تلبس ما شاءت من الثياب و هذا هو المشهور بين الفقهاء.

(95) لخبر يحيى ابن أبي العلاء عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام: «أنّه كره للمرأة المحرمة البرقع و القفازين» (3)، و خبر عيينة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال:

«سألته ما يحلّ للمرأة أن تلبس و هي محرمة فقال عليه السّلام: الثياب كلها ما خلا القفازين، و البرقع، و الحرير- الحديث-» (4) و لكن قصور الخبرين، و إعراض المشهور عنهما- إذ لم ينسب الفتوى بالحرمة فيه إلا إلى العلامة في التذكرة-

ص: 166


1- الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام حديث: 9.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام حديث: 6.
4- الوسائل باب: 33 من أبواب الإحرام حديث: 3.
مسألة 7: لا بأس بلبس الأحذية و النعال ما لم تكن مخيطة

(مسألة 7): لا بأس بلبس الأحذية و النعال ما لم تكن مخيطة و لم تستر ظهر القدم (96).

السابع: لبس الخف و الجورب

السابع: لبس الخف و الجورب (97)، بل كلّما يستر ظهر القدم و لو كان من غيرهما إن كان مما أعدّ لستر ظهر القدم (98) و لا فرق فيه بين كونه مخيطا أو لا (99)، و الأحوط وجوبا عدم الفرق فيه بين الرجال و النساء (100).

مسألة 1: يجوز ستر جميع ظهر القدم بما لم يعد لستر القدم

(مسألة 1): يجوز ستر جميع ظهر القدم بما لم يعد لستر القدم، كالجلوس عليه، و إلقاء طرف الإزار عليه، و كونه تحت اللحاف و الغطاء

______________________________

أسقطهما عن الاعتبار مع احتمال أن يكون المراد البرقع الذي يستعمل للزينة.

(96) كل ذلك للأصل، و ظهور الاتفاق، و عدم الدليل على الخلاف.

(97) إجماعا، و نصوصا كقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «و لا خفين إلا أن لا يكون لك نعلان» (1).

و صحيح الحلبي: «أيّ محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخفين إذا اضطر إلى ذلك، و الجوربين يلبسهما إذا اضطر إلى لبسهما» (2).

(98) لأنّ الظاهر أنّ ذكرهما في الأخبار و الكلمات من باب الغالب و المثال لا الخصوصية.

(99) لظهور الإطلاق الشامل لها إلا أن يدعى الانصراف إلى المخيط.

(100) لظهور الإطلاق، و قاعدة الاشتراك. نعم، احتمال كون المنع لأجل كونه من المخيط يوجب الاختصاص بالرجال بل عن الشهيد الجزم و حكي عن الحسن أيضا.

ص: 167


1- الوسائل باب: 51 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 51 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

و نحو ذلك (101)، كما لا تحرم ستر بعض القدم مما أعدّ لستره نعلا كان أو غيره (102).

مسألة 2: يجوز لبس الخفّ و الجورب مع الضرورة

(مسألة 2): يجوز لبس الخفّ و الجورب مع الضرورة و يكفي فيها عدم النعلين، و لا فدية فيه (103).

مسألة 3: لا يجب شق ظهر القدم و لا الساقين عند جواز لبسهما

(مسألة 3): لا يجب شق ظهر القدم و لا الساقين عند جواز لبسهما (104).

______________________________

(101) كل ذلك للأصل، و الإجماع بعد ظهور الأدلة في حرمة ما اختص بكونه من ألبسه القدم المتعارفة.

(102) لظهور الأدلة في حرمة ستر تمامه فيرجع في غيره إلى الأصل، فلا وجه لما في الروضة من أنّ الظاهر أنّ بعض الظهر كالجميع إلا ما يتوقف عليه لبس النعلين. نعم، هو الأحوط خروجا عن خلاف مثله.

(103) إجماعا، و نصوصا يأتي بعضها، و مقتضى إطلاقها عدم الفدية، مضافا إلى الإجماع المدّعى على عدمها في التذكرة.

(104) للأصل، و دعوى الإجماع عن ابن إدريس على عدمه، و لأنّه إفساد للمال و هو حرام، و روى العامة عن عليّ عليه السّلام- كما في الجواهر- أنّه قال: «قطع الخفّين فساد يلبسهما كما هما».

و رووا عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله أنّه: «رخص للمحرم أن يلبس الخفّين و لا يقطعهما» (1).

و أما خبر ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «في المحرم يلبس الخف إذا لم يكن له نعل؟ قال عليه السّلام: نعم، لكن يشق ظهر القدم» (2).

ص: 168


1- سنن أبي داود ج: 1 صفحة: 425.
2- الوسائل باب: 51 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
مسألة 4: لا يجوز لبس الخفّ و الجورب مع الشق في حال الاختيار

(مسألة 4): لا يجوز لبس الخفّ و الجورب مع الشق في حال الاختيار، و كذا ما كان مشقوقا صنعة (105).

الثامن: الاكتحال بالسواد

الثامن: الاكتحال بالسواد (106)، بلا فرق فيه بين الرجل

______________________________

و قريب منه ما نقل عن الصادق عليه السّلام في المرسل: «لا بأس للمحرم إذا لم يجد نعلا و احتاج أن يلبس خفا دون الكعبين» (1). و لكن قصور سندها و إعراض الأصحاب عنها و مخالفتها لما دل على حرمة الإسراف و الإفساد أسقطها عن الاعتبار.

(105) لإطلاق دليل الحرمة في حال الاختيار الشامل لهما أيضا.

(106) لنصوص مستفيضة:

منها: قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح معاوية بن عمار: «لا يكتحل الرجل و المرأة المحرمان بالكحل الأسود إلا من علة» (2).

و قوله عليه السّلام في صحيح حريز: «لا تكتحل المرأة المحرمة بالسواد، إنّ السواد زينة» (3) و ظاهر التعليل الحرمة سواء قصد الزينة أم لا.

و أما قول الصادق عليه السّلام في خبر ابن حمزة: «لا يكحل المحرم عينيه بكحل فيه زعفران و ليكتحل بكحل فارسيّ» (4) بناء على أنّه الإثمد الذي فيه سواد، و قوله عليه السّلام أيضا في صحيح معاوية: «لا بأس بأن تكتحل و أنت محرم بما لم يكن فيه طيب يوجد ريحه فأما للزينة فلا» (5) و مقتضى الصناعة تقييدها بما تقدم من المستفيضة، فلا وجه لما نسب إلى جمع من حمل المستفيضة على الكراهة،

ص: 169


1- مستدرك الوسائل باب: 41 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 33 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
4- الوسائل باب: 33 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
5- الوسائل باب: 33 من أبواب تروك الإحرام حديث: 8.

و المرأة (107)، و لا بأس به للضرورة (108). و كذا لا يجوز بما فيه طيب و لو لم يكن فيه سواد و لم يكن للزينة (109). و لا بأس بما ليس فيه سواد، و لا طيب، و لا زينة (110).

التاسع: النظر في المرآة للزينة

التاسع: النظر في المرآة للزينة (111)، و الأحوط اجتنابه و إن لم

______________________________

كما لا وجه لما عن الشيخ من دعوى الإجماع عليها مع ذهاب كثير من القدماء إلى الحرمة.

(107) للتنصيص عليه فيما تقدم من صحيح معاوية.

(108) لعموم ما دل على الإباحة مع الضرورة، و في صحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «يكتحل المحرم إن هو رمد بكحل ليس فيه زعفران» (1). و هو محمول على ما إذا دفعت الضرورة بذلك. و أما إن لم يرفع إلا بكحل فيه طيب، فيجوز أيضا لما تقدم من حليّة الطيب عند الاضطرار إليه مطلقا.

و في حسنة الكاهلي عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سأله رجل ضرير و أنا حاضر فقال: اكتحل إذا أحرمت؟ قال عليه السّلام: لا و لم تكتحل؟ قال: إنّي ضرير البصر و إذا أنا اكتحلت نفعني، و إن لم أكتحل ضرّ بي؟ قال عليه السّلام: فاكتحل، قال: فإنّي أجعل على كل عين خرقة و أعصبهما بعصابة إلى قفاي، فإذا فعلت ذلك نفعني و إذا تركته ضرّني؟ قال عليه السّلام: فاصنعه» (2).

(109) على المشهور المدعى عليه الإجماع، لعموم ما دل على حرمة استعمال الطيب، و يقتضيه ما تقدم من إطلاق صحيح ابن سنان أيضا.

(110) للأصل بعد عدم دليل على الحرمة.

(111) لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح حماد: «لا تنظر في المرآة و أنت محرم فإنّه من الزينة» (3)، و في صحيح حريز: «لا تنظر في المرآة و أنت محرم،

ص: 170


1- الوسائل باب: 33 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 33 من أبواب تروك الإحرام حديث: 10.
3- الوسائل باب: 34 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

يقصد الزينة (112)، و تستحب التلبية لو فعل (113). و لا فرق فيه بين الرجل و المرأة (114)، و لا بأس بالنظر في ما يحكي الوجه، كالماء الصافي و الجسم الصيقل (115). كما لا بأس في النظر في المرآة إن لم يكن على نحو المعتاد (116).

العاشر: الفسوق

العاشر: الفسوق (117)، و هو: الكذب سيّما على اللّه و رسوله

______________________________

لأنّه من الزينة» (1)، و في حسن معاوية: «لا ينظر المحرم في المرآة لزينة فإن نظر فليلب» (2) و هذا هو قول الأكثر، و نسب إلى جمع منهم المحقق في النافع أنّه مكروه قال في الجواهر: «و لكن يحتمل الحرمة منها، للاستدلال عليها بالإجماع و طريقة الاحتياط» مع أنّ النصوص المزبورة لا ينكر ظهورها في الحرمة.

(112) لإطلاق قوله عليه السّلام في صحيح حريز، لأنّه الزينة الشامل لما إذا لم يقصدها أيضا و إن احتمل انصرافه إلى الزينة القصدية المتعارفة.

(113) لما تقدم في حسن معاوية المحمول على الندب إجماعا، و قد ورد تجديد التلبية في الفسوق، و تغطية الرّأس نسيانا أيضا كما يأتي.

(114) لقاعدة الاشتراك، و التعليل الوارد في صحيح حريز.

(115) لاختصاص الأدلة بخصوص المرآة فيرجع في غيرها إلى أصالة الإباحة.

(116) لأصالة الإباحة بعد اختصاص الحرمة بما إذا صدق الزينة عليه قهرا، و كذا لا بأس بما إذا كان للضرورة و الاضطرار.

(117) بالأدلة الثلاثة: قال تعالى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ، وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ (3) و النصوص

ص: 171


1- الوسائل باب: 34 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
3- سورة البقرة: 197.

و السباب، و المفاخرة (118)، و الأحوط جعل البذاء و اللفظ القبيح منه، بل و جميع المعاصي، فتكون حرمتها مؤكدة على المحرم (119). و لا فرق في

______________________________

مستفيضة مشتملة على الاستشهاد بالآية الكريمة، و الإجماع حاصل بين الإمامية بل المسلمين.

(118) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار- في قوله تعالى فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ: «الفسوق الكذب، و السباب» (1)، و قول الكاظم عليه السّلام في صحيح أخيه: «و الفسوق الكذب و المفاخرة» (2).

و الظاهر بل المقطوع به أنّه ليس كل منهما في مقام الحصر الحقيقيّ حتى يتحقق التنافي بينهما و ليس في الروايات الكذب على اللّه و رسوله صلى اللّه عليه و آله و الأئمة عليهم السّلام بل ذكر فيها مطلق الكذب و يستفاد ذلك بالفحوى.

نعم، ذكر ذلك بعض الفقهاء فراجع المطوّلات. و لا فائدة مهمة في تطويل البحث في الفسوق بعد القطع بحرمته على كل تفسير سواء كان من الإمام أو من الفقهاء بعد حرمة الجميع، و عدم الكفارة فيه غير الاستغفار.

(119) أما البذاء و اللفظ القبيح فقد فسّر بعض الفقهاء الفسوق بهما، و عن أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «و اتق المفاخرة و عليك بورع يحجزك عن المعاصي فإنّ اللّه عزّ و جلّ يقول ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَ لْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَ لْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ قال عليه السّلام: من التفث أن تتكلم بإحرامك بكلام قبيح» (3).

و أما تأكد حرمة سائر المحرمات، فلاقتضاء حالة الإحرامية لذلك، و يشهد له قوله عليه السّلام: «و عليك بورع يحجزك عن معاصي اللّه».

ص: 172


1- الوسائل باب: 32 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.

حرمته في الإحرام بين كونه لحج أو عمرة التمتع أو الإفراد (120)، و لا يفسد الإحرام لو وقع فيه (121)، و لا كفارة فيه سوى الاستغفار (122)، و يستحب أن يتصدّق بشي ء و لو كفّا من طعام (123).

الحادي عشر: الجدال
اشارة

الحادي عشر: الجدال (124) و هو الخصومة المؤكدة بقول: «لا

______________________________

(120) لإطلاق الأدلة الشامل للجميع، و يظهر من المدارك اختصاص حرمته بإحرام الحج و عمرة التمتع جمودا على قوله تعالى الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ، وَ لا فُسُوقَ، وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ و عمرة التمتع من الحج أيضا.

و فيه ما لا يخفى:

أولا: لذكر الرفث و هو الجماع و لا اختصاص به بالحج و عمرة التمتع.

و ثانيا: أنّ ذكر الحج من باب التغليب أريد به مطلق حال الإحرام للطواف و نحوه.

(121) لأنّ تروك الإحرام تكاليف نفسية لا غيرية. و نسب إلى المفيد كون الكذب مفسدا للإحرام و هو واضح الضعف كما في الجواهر.

(122) لصحيح ابن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «أرأيت إن ابتلى بالفسوق ما عليه؟ قال عليه السّلام: لم يجعل اللّه له حدّا يستغفر اللّه تعالى» (1) و ظاهرهم الإجماع عليه.

(123) لما في فقه الرضا عليه السّلام: «و الفسوق الكذب فاستغفر اللّه منه و تصدّق بشي ء كفّ من طعام» (2) و قصور سنده مانع عن استفادة الوجوب منه.

(124) بالأدلة الثلاثة قال تعالى فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ و النصوص كثيرة يأتي بعضها، و الإجماع حاصل عند الإمامية بل

ص: 173


1- الفقيه ج: 2 صفحة: 212.
2- مستدرك الوسائل باب: 2 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 2.

و اللّه»، و «بلى و اللّه» (125)، و يكفي أحدهما أيضا في الحرمة (126).

______________________________

المسلمين.

(125) بإجماع الطائفة، و أصالة البراءة من حرمة غيره، و قول الصادق في صحيح ابن عمار: «الجدال قول الرجل لا و اللّه، و بلى و اللّه» (1)، و مثله صحيحه الآخر: «إذا أحرمت فعليك بتقوى اللّه تعالى و ذكر اللّه تعالى و قلة الكلام إلا بخير، فإنّ تمام الحج و العمرة أن يحفظ المرء لسانه إلا من خير كما قال اللّه تعالى:

فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَ لا فُسُوقَ وَ لا جِدالَ فِي الْحَجِّ فالرفث الجماع، و الفسوق الكذب و السباب، و الجدال قول الرجل لا و اللّه و بلى و اللّه» (2).

و المنساق منها عرفا صورة المخاصمة. و على فرض الإطلاق لا بد من تقييدها بالإجماع.

و أما قوله عليه السّلام في صحيحه الثالث: «و اعلم أنّ الرجل إذا حلف بثلاث أيمان ولاء في مقام واحد و هو محرّم فقد جادل، فعليه دم يهريقه و يتصدق به، و إذا حلف يمينا واحدة كاذبة فقد جادل، و عليه دم يهريقه و يتصدق به» (3)و نحوه غيره من النصوص المشتملة على المرتين فإنّما هو في مقام بيان إثبات الكفارة لا بيان أصل الجدال المحرّم، لتطابق النص و الفتوى على حرمة المرتين و يأتي في الكفارات ما ينفع المقام.

(126) كما عن جمع من الفقهاء منهم العلامة، و ابن إدريس لصدق الجدال عرفا بذلك، و ما ورد في النصوص من أنّه «لا و اللّه و بلى و اللّه» (4) ليس المراد الجمع بينهما بل إنّما في مقام تعداد مصاديق الجدال لكل منهما كما يقال

ص: 174


1- الوسائل باب: 32 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 3.
4- الوسائل باب: 32 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
مسألة 1: لا يحرم الحلف باللّه بغير لفظ «لا و اللّه، و بلى و اللّه

(مسألة 1): لا يحرم الحلف باللّه بغير لفظ «لا و اللّه، و بلى و اللّه، و لا باللّه» مع عدم الخصومة (127)، و إن كان هو الأحوط (128).

مسألة 2: لا تعتبر فيه العربية

(مسألة 2): لا تعتبر فيه العربية، بل يتحقق بالفارسية و سائر اللغات أيضا (129).

______________________________

الشتم أن نقول: «لعنك اللّه مع أنّه يكفي كل واحد منهما في الشتم مع احتمال أن يكون لفظ: «لا و اللّه» و «بلى و اللّه» من خصمه و منه يستفاد التخاصم الذي اعتبره مثلا الفقهاء في مورد الجدال. مضافا إلى أنّ التكرار غالبيّ تأكيديّ و في مثله لا وجه للتقييد.

(127) لأصالة البراءة بعد عدم دليل على الحرمة، و اختصاص الأدلة الدالة عليها بالصيغة المخصصة في مورد الخصومة كما تقدم.

(128) خروجا عن خلاف ما نسب إلى الانتصار و جمل العلم و العمل من أنّه الحلف باللّه الذي هو أعمّ من الصيغتين، و في الدروس القول بتعدّيه إلى ما يسمّى يمينا أشبه، و في الرياض: «فيقوي القول بأنّه مطلق الحلف باللّه تعالى، و ما يسمّى يمينا كما عليه الماتن و الشهيد» و إن كان ذلك كله من الاجتهاد في مقابل النص كما مرّ.

هذا بالنسبة إلى غير الصيغتين. و أما بالنسبة إليهما مع عدم الخصومة، فلما نسب إلى ظاهر الدروس، و المنتهى، و التذكرة من العموم للخصومة و غيرها و لكنّه خلاف الإجماع على اعتبار الخصومة فيه و تقدم إمكان استفادتها من لفظ «لا و اللّه» و «بلى و اللّه» المشتمل على النفي و الإثبات الذي لا يكونان غالبا إلا في مورد الخصومة.

(129) لصدق معنى الجدال بالنسبة إلى اللغات المشتملة على معنى الصيغتين فيشملها إطلاق الأدلة. كما لا فرق بين كونه في الإخبار أو الإنشاء، للإطلاق، و ما في بعض الأخبار من التقسيم بين الصدق و الكذب فالظاهر

ص: 175

مسألة 3: لا يعتبر في الجدال الكذب

(مسألة 3): لا يعتبر في الجدال الكذب و لا البغضاء (130).

مسألة 4: ليس من الجدال أن يقول: «و اللّه لافعلن هذا الفعل»

(مسألة 4): ليس من الجدال أن يقول: «و اللّه لا فعلن هذا الفعل» و قال صاحبه: «و اللّه لا تفعل» إن لم يكن خصومة في البين، بل لأجل الأغراض الأخر (131).

مسألة 5: ليس من الجدال الحلف باللّه صادقا

(مسألة 5): ليس من الجدال الحلف باللّه صادقا، أو لدفع دعوى باطلة مع عدم قصد التمجيد للّه، أو الحلف لغوا و مع عدم القصد الجدي (132).

مسألة 6: لو اضطر إلى الجدال لإثبات حق أو نفي باطل

(مسألة 6): لو اضطر إلى الجدال لإثبات حق أو نفي باطل لا بأس به (133).

الثاني عشر: يحرم عليه قتل هوام الجسد

الثاني عشر: يحرم عليه قتل هوام الجسد (134)، و كذا

______________________________

كونه من باب الغالب، مع أنّ الإنشاء قد يتصف بالصدق و الكذب اعتبارا.

(130) لظهور الإطلاق الشامل للصادق و الكاذب، و مورد البغضاء و غيره.

(131) لعدم الخصومة فيه، و تقدم أنّ مطلق اليمين ليس بجدال، فمقتضى الأصل الإباحة. و يدل عليه صحيح أبي بصير الآتي في الكفارات.

(132) لعدم قصد الخصومة في جميع ذلك، فالمرجع أصالة البراءة.

(133) لأدلة العسر و الحرج، و أنّه «ليس شي ء حرّم اللّه تعالى إلا و قد أحلّه لمن اضطر إليه» (1).

(134) الهوام: كالدواب لفظا، و معنى، و جمعا، و إفرادا و لعلّ تعبير الفقهاء بالهوام من هذه الجهة و إلا فلم يرد لفظ الهوام في نصوص المقام. نعم، في صحيح حريز عن الصادق عليه السّلام: «مرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على كعب بن عجرة الأنصاريّ و القمل يتناثر من رأسه و هو محرم، فقال صلى اللّه عليه و آله: أ تؤذيك هوامّك؟

فقال: نعم- الحديث» (2).

ص: 176


1- الوسائل باب: 1 من أبواب القيام حديث: 7 (كتاب الصلاة).
2- الوسائل باب: 14 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

.....

______________________________

و يدل على أصل الحكم قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا أحرمت فاتق قتل الدوابّ كلها» (1)، و صحيح زرارة: «عن المحرم هل يحك رأسه و يغتسل بالماء؟ قال عليه السّلام: يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة» (2)، و خبر أبي الجارود المنجبر: «عن رجل قتل قملة و هو محرم؟ قال عليه السّلام: بئس ما صنع» (3).

و الظاهر أنّ الإطلاق من باب تطبيق الكليّ على الفرد لا الاسم على المسمّى. نعم، مثل خبر أبي الجارود من إطلاق الاسم على المسمّى و لكنّه من باب ذكر إحدى مصاديق الدوابّ و الهوامّ أيضا ففيه قال:

«سأل رجل أبا جعفر عليه السّلام عن رجل قتل قملة و هو محرم؟ قال عليه السّلام: بئس ما صنع. قال: فما فداؤها؟ قال عليه السّلام: لا فداء لها».

و في صحيح حماد قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يبين القملة عن جسده فيلقيها قال عليه السّلام: يطعم مكانها إطعاما» (4).

و نحوه صحيح ابن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «سألته عن المحرم ينزع القملة عن جسده فليقيها؟ قال عليه السّلام: يطعم مكانها طعاما» (5).

و هذا هو المشهور كما في المدارك، و الذخيرة. و لا وجه لما في الجواهر:

«من أنا لم نحققها في العنوان المزبور» لأنّ الهامّة و الهوامّ عبارة أخرى عن الدّابة و الدوابّ، و قد ورد الأخيران في النص كما في صحيحي ابن عمار، و زرارة ففي الأول عنه عليه السّلام أيضا قال: «إذا أحرمت فاتق قتل الدوابّ كلها» (6)، و في الثاني:

«سألته عن المحرم هل يحك رأسه أو يغتسل بالماء؟ قال عليه السّلام: يحك رأسه ما لم

ص: 177


1- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 73 حديث: 4.
3- الوسائل باب: 78 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 15 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
5- الوسائل باب: 15 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 2.
6- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

.....

______________________________

يتعمّد قتل دابّة» (1) و عن النهاية، و السرائر لا يجوز قتل شي ء من الدوابّ.

و أشكل على هذه الأخبار:

أولا: بأنّها موافقة للعامة.

و ثانيا: بمعارضتها بجملة أخرى من الأخبار كصحيح معاوية: «سأل الصادق عليه السّلام: ما تقول في محرم قتل قملة؟ قال عليه السّلام: لا شي ء عليه في القمل، و لا ينبغي أن يتعمّد قتلها» (2).

و صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «لا بأس بقتل النمل و البق في الحرم، و لا بأس بقتل القملة في الحرم» (3).

و مرسل ابن فضال: «لا بأس بقتل البرغوث و القملة و البقة في الحرم» (4).

و خبر ابن خالد أنّه سأل الصادق عليه السّلام: «عن المحرم يلقي القملة فقال عليه السّلام ألقوها أبعدها اللّه غير محمودة و لا مفقودة» (5) مع موافقة هذه الأخبار للأصل و التسهيل على المحرمين، و إذا جاز بمقتضى هذه الأخبار يصح الإلقاء بالأولى.

و فيه: أنّ القسم الأول من الأخبار و إن كان موافقا للعامة لكن ليس كل موافقة لهم موهنة بعد اعتماد المشهور عليها و عملهم بها، و القسم الثاني من الأخبار و إن كان مخالفا للعامة، و لكنه لا أثر لها بعد إعراض الأصحاب عنها، مع أنّ قوله عليه السّلام في صحيح معاوية: «لا شي ء عليه» يمكن أن يراد به نفي الكفارة، فيحمل قوله عليه السّلام: «لا ينبغي أن يتعمد ذلك على الحرمة» بقرينة ما تقدّم في صحيحي زرارة و ابن عمار المعتضدان بالشهرة بل الإجماع. و أما قوله عليه السّلام: «لا بأس بقتل القمل في الحرم» فهو أعم من حكم المحرم، و كذا مرسل ابن فضال، كما أنّه يحمل خبر ابن خالد على الضرورة و الأذية. هذا مضافا إلى قصور

ص: 178


1- الوسائل باب: 73 و باب: 75 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4 و 3.
2- الوسائل باب: 78 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 84 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
4- الوسائل باب: 84 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
5- الوسائل باب: 78 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.

إلقاؤها (135).

مسألة 1: لا فرق في حرمة القتل و الإلقاء بين كونهما من جسده أو ثيابه

(مسألة 1): لا فرق في حرمة القتل و الإلقاء بين كونهما من جسده أو ثيابه بالمباشرة أو بالتسبيب، أو عن نفسه، أو عن محرم آخر (136)، بل يحرم عليه تمكين الغير من قتله و إلقائه و إن كان الغير محلا (137).

مسألة 2: يحرم عليه قتل هوامّ بدن المحلّ أيضا

(مسألة 2): يحرم عليه قتل هوامّ بدن المحلّ أيضا، بل و كذا بدن الحيوانات (138).

______________________________

سندهما، و عدم الانجبار.

فتخلص من جميع ما مرّ: حرمة قتل القمل، و إلقائه. و اقتصار بعض القدماء على الثاني ليس للتخصيص به بل الظاهر كونه من باب الاستغناء عن الفرد الجليّ بذكر الفرد الخفيّ و هو شائع في المحاورات فلا وجه لقول ابن حمزة من جواز قتل القمل على البدن و إن حرم إلقاؤه عنه.

(135) لأنّه من القتل تسبيبا، و لاتفاق الأصحاب على حرمة الإلقاء- كما تقدم.

(136) كل ذلك لظهور الإطلاق الشامل لجميع ذلك، و إنّ المستفاد من الأدلة عدم حصول القتل من المحرم بأيّ وجه كان ذلك.

(137) لأنّه من التسبيب، و إطلاق الأدلة يشمل المباشرة و التسبيب و أما قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «المحرم يلقي عنه الدوابّ كلّها» (1) فموهون هذه الجملة بالإعراض أو محمول على بعض المحامل.

(138) لإطلاق قوله عليه السّلام: «إذا أحرمت فاتق قتل الدوابّ كلّها» (2) الشامل لجميع ذلك.

ص: 179


1- الوسائل باب: 78 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب تروك الإحرام حديث: 9.
مسألة 3: الأحوط وجوبا عدم قتل بيض القمّل

(مسألة 3): الأحوط وجوبا عدم قتل بيض القمّل و نحوه أيضا (139).

مسألة 4: يجوز دفع البرغوث و البق و الذباب لدفع الأذية

(مسألة 4): يجوز دفع البرغوث و البق و الذباب لدفع الأذية و إن حصل به قتلها (140)، و مع عدمها فلا يجوز خصوصا في الحرم (141).

مسألة 5: يجوز له نقل القمّل من محلّ إلى محلّ آخر أحرز منه

(مسألة 5): يجوز له نقل القمّل من محلّ إلى محلّ آخر أحرز منه، بل و المساوي أيضا (142).

مسألة 6: الأحوط وجوبا عدم نقلها

(مسألة 6): الأحوط وجوبا عدم نقلها إلى محلّ يكون معرضا للسقوط (143).

______________________________

(139) لأنّه من هوام الجسد، فيشمله إطلاق الكلمات، كما يشمله إطلاق الأخبار أيضا بالتبع تبعية عرفية.

(140) للأصل، و خبر زرارة عن أحدهما عليهما السّلام: «سألته عن المحرم يقتل البقة، و البرغوث إذا أراده قال عليهما السّلام: نعم» (1) و في نسخة «إذا رآه» (2)، و في الصحيح المروي عن آخر السرائر: «عن المحرم يقتل البقة، و البراغيث إذا آذاه؟

قال عليه السّلام: نعم» (3) و الظاهر أنّ ذكر البقة، و البرغوث من باب المثال فيشمل الذباب و نحوه أيضا.

(141) أما عدم الجواز، فلما مرّ من الأدلة، و أما الحرم فلأنّه مأمن و أمان.

(142) للأصل، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «المحرم يلقي عنه الدواب كلها إلا القمّلة فإنّها من جسده فإذا أراد أن يحوّله من مكان إلى مكان فلا يضرّه» (4).

(143) لأنّه في معنى الإلقاء عرفا.

ص: 180


1- الوسائل باب: 79 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 79 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 78 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
4- الوسائل باب: 78 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.

الثالث عشر: لبس الخاتم للزينة

اشارة

الثالث عشر: لبس الخاتم للزينة (144)، و يجوز للسنة أو غرض آخر غير الزينة (145) و الفارق القصد و النية (146). و لو كان اللبس للزينة و غيرها بحيث يكون كل منهما جزء للعلة يجوز (147)، و إن كان الأحوط

______________________________

(144) لخبر مسمع عن الصادق عليه السّلام: «سألته أ يلبس المحرم الخاتم؟

قال عليه السّلام: لا يلبسه للزينة» (1) المعتضدة بما ورد في الاكتحال بالسواد أنّه زينة (2)، و في النظر في المرآة (3) لأنّه من الزينة، و بما ورد في المحرم من أنّه «أشعث أغبر» (4) المنافي ذلك للترفه و الزينة و هذا هو المشهور بين الأصحاب، و قطع به أكثرهم و لا يعرف الخلاف فيه.

(145) للأصل، و إطلاق قول أبي الحسن عليه السّلام: «لا بأس بلبس الخاتم للمحرم» (5) المقتصر في تقييد بخصوص ما كان للزينة، و في صحيح ابن بزيع:

«رأيت العبد الصالح و هو محرم و عليه خاتم و هو يطوف طواف الفريضة» (6) و هذا أولى من الجمع بين النصوص بحمل ما دل على المنع على الكراهة، لما مرّ من المعتضدات للحرمة و الشواهد عليها.

(146) لأنّ كل ما ليس فيه تعين خارجيّ في البين يرجع في تعينه إلى القصد و النية إلا إذا كان بحيث انطبقت الزينة عليه قهرا، فيشكل الجواز حينئذ و إن قصد غيرها.

(147) للأصل بعد عدم صدق اللبس للزينة عليه بناء على أنّ المنساق

ص: 181


1- الوسائل باب: 46 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 32 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5 و 11.
3- الوسائل باب: 34 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
4- الوسائل باب: 46 من أبواب الإحرام حديث: 2.
5- الوسائل باب: 46 من أبواب الإحرام حديث: 3.
6- الوسائل باب: 46 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

المنع (148).

مسألة 1: لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة

(مسألة 1): لا فرق في ذلك بين الرجل و المرأة (149).

مسألة 2: يحرم على المحرمة لبس الحليّ للزينة

(مسألة 2): يحرم على المحرمة لبس الحليّ للزينة، سواء كانت معتادة أو لا (150)، و لو كانت معتادة و لم تقصد به الزينة فلا يحرم عليها

______________________________

منه ما كانت علة منحصرة للبس.

(148) لاحتمال أن يكون المانع صرف وجود قصد الزينة و لو بنحو جزء العلة.

(149) لقاعدة الاشتراك من دون دليل على الخلاف.

(150) لما تقدم من حرمة التزين، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن مسلم: «المحرمة تلبس الحليّ كله إلا حليّا مشهورا للزينة» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر الكاهلي: «تلبس المرأة المحرمة الحليّ كلها إلا القرط المشهور و القلادة المشهورة» (2).

و قد اعتمد الفقهاء على هذه الأخبار و أفتوا بمفادها، و الظاهر أنّ المراد بالمشهور الظاهر للزينة، فيكون المراد بقوله عليه السّلام في الخبر الأول مشهورا للزينة أي: ظاهرا لأجل التزين به، لأنّ المتعارف من لبس الحليّ إنّما هو للزينة و هي متقومة بالإظهار. و مع انتفاء الإظهار لا وجه للزينة فلا موضوع للحرمة، و في خبر ابن سويد عن أبي الحسن عليه السّلام: «سألته عن المرأة المحرمة أي شي ء تلبس من الثياب؟ قال عليه السّلام: تلبس الثياب كلها إلا المصبوغة بالزعفران و الورس، و لا تلبس القفازي و لا حليا تتزين بها لزوجها، و لا تكتحل إلا من علة و لا تمس طيبا، و لا تلبس حليا، و لا فرندا و لا بأس بالعلم في الثوب» (3).

ص: 182


1- الوسائل باب: 49 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 49 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
3- الوسائل باب: 49 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

لبسه (151)، و لكن يحرم إظهارها حتى للزوج

______________________________

و الظاهر أنّ قوله عليه السّلام: «تتزين لزوجها» ليس للتخصيص بخصوص الزوج كما يأتي في صحيح ابن الحجاج. و أما صحيح حريز عن الصادق عليه السّلام:

«إذا كان للمرأة حلي لم تحدثه للإحرام لم ينزع عنها»(1) فيمكن أن يراد به ما كان معتادا و لم يقصد به الزينة.

(151) إجماعا، و نصّا، ففي صحيح ابن الحجاج قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المرأة يكون عليها الحلي و الخلخال و المسكة، و القرطان من الذهب و الورق تحرم فيه و هو عليها و قد كانت تلبسه في بيتها قبل حجها أ تنزعه إذا أحرمت أو تتركه على حاله؟ قال عليه السّلام: تحرم فيه و تلبسه من غير أن تظهره للرجال في مركبها و مسيرها» (2) فالمستفاد من جميع النصوص بعد رد بعضها إلى بعض أنّ حليّ المرأة على أقسام:

الأول: ما قصدت به الزينة و لا إشكال في الحرمة سواء كان معتادا أو لا.

الثاني: ما إذا ترتبت عليه الزينة مع عدم القصد لها و الأحوط وجوبا الترك أيضا، لما تقدم في خبر مسمع من قوله عليه السّلام: لأنّه من الزينة الشامل لما إذا صدقت الزينة خارجا و لو لم يقصد.

الثالث: ما إذا أحدثت الزينة للإحرام و لا ريب في الحرمة، لما تقدم في صحيح حريز.

الرابع: ما إذا كانت متزينة به قبل الإحرام و كانت معتادة لها فلا يجب عليها نزعها في حال الإحرام و لكن يحرم عليها إظهارها للرجال في مركبها و مسيرها، كما تقدم في صحيح ابن الحجاج، و مقتضى التقييد بالرجال أنّه يجوز لها إظهارها للنساء.

ص: 183


1- الوسائل باب: 49 من أبواب تروك الإحرام حديث: 9.
2- الوسائل باب: 49 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

و المحارم (152).

مسألة 3: تترتب الأحكام المذكورة على كلّما تسمّى زينة

(مسألة 3): تترتب الأحكام المذكورة على كلّما تسمّى زينة المختلفة باختلاف الأشخاص و الأزمنة و الأمكنة (153).

الرابع عشر: إزالة الشعر

الرابع عشر: إزالة الشعر (154) قليله و كثيره و لو بعض الشعرة عن

______________________________

(152) لإطلاق صحيح ابن الحجاج الشامل للجميع.

(153) لتعلق الحكم بعنوان الزينة و لها مراتب مختلفة كما هو المعلوم، فيشمل جميع المراتب ما لم يكن دليل على الخلاف و هو مفقود.

(154) إجماعا، و نصوصا، بل و كتابا في بعض أفراده قال تعالى وَ لا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ حَتّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ (1)، و قال أبو جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «من حلق رأسه، أو نتف إبطه ناسيا، أو ساهيا، أو جاهلا فلا شي ء عليه، و من فعله متعمدا فعليه دم» (2).

و عن الصادق عليه السّلام في صحيح حريز: «إذا نتف الرجل إبطيه بعد الإحرام فعليه دم» (3)، و عنه عليه السّلام في صحيح معاوية: «المحرم كيف يحك رأسه؟ قال عليه السّلام:

بأظافيره ما لم يدم أو يقطع الشعر» (4).

و في صحيح الحلبيّ عنه عليه السّلام أيضا: «المحرم يحتجم؟ قال عليه السّلام: لا إلا أن لا يجد بدأ فليحتجم و لا يحلق مكان المحاجم»(5).

و عنه عليه السّلام أيضا: «لا بأس بحك الرأس و اللحية ما لم يلق الشعر» (6)

ص: 184


1- سورة البقرة: 196.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 73 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
5- الوسائل باب: 62 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
6- الوسائل باب: 73 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

الرأس أو اللحية، و الإبط، أو غيرهما بالحلق، أو القص، أو النورة أو غيرها مباشرة أو تسبيبا (155).

مسألة 1: لا بأس بإزالة الشعر مع الضرورة

(مسألة 1): لا بأس بإزالة الشعر مع الضرورة و لكن لا تسقط الفدية (156)، بلا فرق فيها بين أقسام الإزالة (157)، كما لا فرق بين كون الضرورة بنفس الشعر أو بغيره، كالقمّل و نحوه (158).

مسألة 2: لا بأس بسقوط الشعر عند الحكّ و التسريح

(مسألة 2): لا بأس بسقوط الشعر عند الحكّ و التسريح، أو الوضوء أو الغسل و مسّ الحاجب و اللحية مع عدم قصد إزالة الشعر

______________________________

فيستفاد من الجميع حرمة إزالة الشعر التي عنونها الفقهاء في كتبهم، فاستنبطوا الحكم الكليّ من استقصاء الجزئيات كما هو المتعارف في المحاورات.

(155) كل ذلك للإطلاق الشامل للجميع الذي منها الحلق، و قد ذكر النتف و القطع، و الإجماع بقسميه يدل على حرمة النورة و القص أيضا.

(156) للأصل، و الإجماع، و أدلة نفي الحرج، و الضرر، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح حريز: «مرّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على كعب ابن عجرة الأنصاري و القمّل يتناثر من رأسه فقال له صلى اللّه عليه و آله أ تؤذيك هوامك؟ فقال: نعم، فنزلت هذه الآية فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فأمره رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله بحلق رأسه و جعل عليه الصيام ثلاثة أيام- الحديث-» (1) و منه يظهر عدم سقوط الفدية.

(157) لظهور الإطلاق، و الاتفاق الشامل للجميع.

(158) للإطلاق الشامل لهما. نعم، فرّق جمع في الفدية فأثبتها في الأخير دون الأول تنظيرا له على الحيوان المؤذي إذا أراد المحرم. و هو مخالف لإطلاق ما دل على ثبوت الفدية مطلقا و يأتي في الكفارات ما ينفع المقام.

ص: 185


1- الوسائل باب: 14 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

و عدم العلم به (159).

مسألة 3: لو انقطعت جلدة من بدنه عليها شعر لا شي ء عليه

(مسألة 3): لو انقطعت جلدة من بدنه عليها شعر لا شي ء عليه، و كذا لو أقطعها كذلك (160).

مسألة 4: يحرم على المحرم إزالة شعر غيره

(مسألة 4): يحرم على المحرم إزالة شعر غيره محرما كان الغير أو محلا (161).

مسألة 5: لو مس لحيته مثلا فرأى في يده شعرة

(مسألة 5): لو مس لحيته مثلا فرأى في يده شعرة و شك في أنّه قطعت بمسّه أو كانت منسلّة قبل ذلك فلا شي ء عليه و إن كان الأحوط الفدية (162).

الخامس عشر: تغطية الرجل رأسه

اشارة

الخامس عشر: تغطية الرجل رأسه (163)، بلا فرق بين كله

______________________________

(159) كل ذلك للأصل، و ظهور الأدلة في العمد، و الاختيار، مضافا إلى عدم الخلاف.

(160) للأصل بعد كون المنساق من الأدلة إزالة نفس الشعر دون زوال محله أو إزالته.

(161) لأنّ المنساق من الأدلة عدم جواز تسبيب المحرم لذلك، مضافا إلى الإجماع، و قول أبي عبد اللّه في صحيح معاوية: «لا يأخذ المحرم من شعر الحلال» (1) و يأتي في كفارة إزالة الشعر فروع تتعلق بالمقام.

(162) أما أنّه لا شي ء عليه، فللأصل بعد الشك في تعلق التكليف بالنسبة إليه. و أما الاحتياط فللخروج عن خلاف الشهيد في الدروس حيث استقرب الفدية، و لكنّه مخالف للأصل من غير دليل عليه و يأتي في الكفّارات ما ينفع المقام.

(163) إجماعا، و نصوصا مستفيضة، بل متواترة قال أبو جعفر عليه السّلام في

ص: 186


1- الوسائل باب: 63 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

و بعضه (164)، و الأذنين من الرأس (165).

مسألة 1: المراد بالرأس منابت الشعر

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج 13، ص: 187

(مسألة 1): المراد بالرأس منابت الشعر (166)، فلا تحرم تغطية

______________________________

خبر القداح: «إحرام المرأة في وجهها، و إحرام الرجل في رأسه» (1)، و عن الصادق عليه السّلام في صحيح ابن الحجاج: «المحرم يجد البرد في أذنيه يغطّيهما؟

قال عليه السّلام: لا» (2)، و في صحيح حريز قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن محرم غطّى رأسه ناسيا قال عليه السّلام: يلقي القناع عن رأسه و يلبي و لا شي ء عليه» (3).

(164) لإطلاق الأدلة الشامل للكل و البعض.

(165) لما تقدم في صحيح ابن الحجاج. مع أنّ الرأس في المقام عرفا عبارة عن العضو المخصوص المشتمل على الأذنين فلا وجه لتردد العلامة فيهما في التذكرة و المنتهى، مع أنّه أفتى بالدخول في التحرير، و في خبر سماعة قال: «سألته عن المحرم يصيب اذنه الريح، فيخاف أن يمرض هل يصلح أن يسدّ أذنيه بالقطن؟ قال عليه السّلام: نعم، لا بأس بذلك إذا خاف ذلك و إلا فلا» (4) و هو يدل مفهوما، و منطوقا على عدم جواز تغطيتهما مع الاختيار.

(166) كما عن جمع من الأصحاب. و على هذا فدخول الأذنين فيه إنّما هو لأجل الدليل الخاص. و لكن الكلام فيما عن جمع من الأصحاب من الاختصاص بمنابت الشعر. و لعلّهم استفادوا ذلك من الاستعمالات العرفية يقال: حلق رأسه، و كثر شعر رأسه، و نحو ذلك مما يمكن أن يستظهر منه الاختصاص. و لكن الظاهر أنّ استفادة الاختصاص في هذه الاستعمالات من القرينة و لا ثمرة في هذا البحث أصلا بعد ورود الصحيح بدخول الأذنين في

ص: 187


1- الوسائل باب: 48 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 55 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 55 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 70 من أبواب تروك الإحرام حديث: 8.

غيرها و غير الأذنين (167).

مسألة 2: لا فرق بين أقسام التغطية

(مسألة 2): لا فرق بين أقسام التغطية، كالطين، و الحناء، و حمل المتاع، و الرمس في الماء أو غيره من المائعات كما لا فرق في الغطاء بين ما يحكي ما تحته و ما لا يحكي (168).

______________________________

الرأس.

(167) للأصل، و ظهور الإجماع على عدم الحرمة في غير منابت الشعر، و الأذنين.

(168) كل ذلك لصدق التغطية، فيشملها الإطلاق، و كذا قوله عليه السّلام: «إحرام الرجل في رأسه» (1) قال في الجواهر: «بل لا أجد فيه خلافا» بل عن التذكرة نسبته إلى علمائنا، مضافا إلى قول الصادق عليه السّلام في صحيح حريز: «لا يرتمس المحرم في الماء» (2)، و قوله عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «و لا ترتمس في الماء تدخل فيه رأسك» (3).

و ظهورهما في التعميم مما لا ينكر، كما أنّ من قوله عليه السّلام: «تدخل فيه رأسك» يستفاد التعميم لكل ما يدخل فيه الرأس من أنحاء المائعات و لو لم يكن من الماء و المدار على تغطية الرأس، و تخميره كما في الروايات (4) و الظاهر صدقها بجميع ذلك. نعم، لو شك في الصدق لا يجوز التمسك بالأدلة اللفظية حينئذ، و يكفي الإجماع المدعى في التذكرة على التعميم، و لكن الظاهر عدم الشك خصوصا بعد ما ورد في الرمس في الماء- كما تقدم- و استثناء عصام القربة (5) فلا وجه لما عن صاحبي المدارك، و الذخيرة من حمل الأدلة على

ص: 188


1- الوسائل باب: 48 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 58 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 58 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- راجع الوسائل باب: 59 من أبواب تروك الإحرام.
5- الوسائل باب: 57 من أبواب تروك الإحرام.

مسألة 3: لا بأس للمحرم بإفاضة الماء، و الحك

(مسألة 3): لا بأس للمحرم بإفاضة الماء، و الحك، و التوسد، و عصام القربة على رأسه (169).

______________________________

الستر المتعارف فلا يشمل غيره، لأنّه خلاف ظهور إطلاق المعتبرة. و الإجماع المدعى في التذكرة، و موافق لما عن جمع من العامة.

و أما قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح زرارة: «عن المحرم هل يحك رأسه، و يغتسل بالماء؟ قال عليه السّلام: يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة، و لا بأس أن يغتسل بالماء و يصب على رأسه ما لم يكن ملبدا، فإن كان ملبدا فلا يفيض على رأسه الماء إلا من الاحتلام» (1). ففيه أنّه يمكن أن يكون التلبد للضرورة، أو كان بنحو لا يصدق عليه التغطية، مع إمكان حمله على التقية لما رووا من أنّ: «رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أهلّ ملبدا» (2).

(169) أما الأول، فيدل عليه مضافا إلى الإجماع، و أنّه ليس من التغطية جملة من النصوص:

منها: صحيح ابن شعيب عن الصادق عليه السّلام: «المحرم يغتسل قال: نعم، يفيض على رأسه الماء و لا يدلكه» (3)، و قد تقدم في [مسألة 33] من كتاب الصوم من (فصل ما يجب الإمساك عنه) بعض ما ينفع المقام فراجع.

و يدل على الثاني: مضافا إلى الأصل، و الإجماع صحيح زرارة- المتقدم- عن الصادق عليه السّلام: «عن المحرم هل يحك رأسه أو يغتسل بالماء؟ قال عليه السّلام:

يحك رأسه ما لم يتعمد قتل دابة».

و أما التوسد فقد صرّح بجوازه جماعة، و يدل عليه مضافا إلى الأصل

ص: 189


1- أورد صدر الرواية في الوسائل باب: 73 من تروك الإحرام حديث: 4 و ذيلها في باب: 75 حديث: 3.
2- راجع صحيح ابن مسلم ج: 4 صفحة: 8.
3- الوسائل باب: 75 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

مسألة 4: لا بأس بالتعصيب و التلبد للضرورة

(مسألة 4): لا بأس بالتعصيب و التلبد للضرورة أي ضرورة كانت- (170). و كذا لا بأس بالستر باليد و الذراع (171).

مسألة 5: يشترط في ستر الرأس أن يكون الساتر ملاصقا للرأس

(مسألة 5): يشترط في ستر الرأس أن يكون الساتر ملاصقا للرأس (172)، فإن كان منفصلا يجري عليه حكم التظليل (173).

______________________________

صدق أنّه مكشوف الرأس عرفا. فيقال: نام مكشوف الرأس فهو مثل ما إذا قام و اتكأ برأسه المكشوف على حائط أو نحوه.

و أما الأخير فيدل عليه الإجماع، و النص، ففي صحيح ابن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «المحرم يضع عصابة القربة على رأسه إذا استسقى؟ قال عليه السّلام:

نعم» (1) و إطلاقه يشمل حال الاختيار أيضا.

(170) نصّا، و إجماعا قال الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية بن وهب: «لا بأس أن يعصّب المحرم رأسه من الصداع» (2)، و الظاهر أنّ ذكر الصداع من باب المثال لكل ضرورة، و تدل عليه أدلة نفي العسر و الحرج.

(171) للأصل، و ما تقدم من جواز حك رأسه بيده، و لأنّه ليس من الستر، و التغطية، و التخمير المحرّم عرفا، لانسباق الستر بالشي ء الخارجي من الأدلة، و قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض» (3).

(172) لأنّه المتفاهم من الستر، و التغطية، و التخمير عرفا و في غير ذلك يكون المرجع هو الأصل بعد عدم صحة التمسك بإطلاق الأدلة من جهة الشك في الموضوع.

(173) إن صدق عليه التظليل عرفا و إلا فمقتضى الأصل عدم ترتب حكم

ص: 190


1- الوسائل باب: 57 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 56 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 67 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

مسألة 6: يجوز للمحرم ستر جميع وجهه

(مسألة 6): يجوز للمحرم ستر جميع وجهه فضلا عن بعضه في حال الاختيار (174)، و لا تجب عليه الكفارة، و إن كانت أحوط استحبابا (175).

مسألة 7: يكره له أن يجوز بثوبه فوق أنفه

(مسألة 7): يكره له أن يجوز بثوبه فوق أنفه، أو أن يجوز أنفه بثوبه من أسفل (176).

______________________________

الستر و التظليل عليه أيضا.

(174) للأصل، و الإجماع، و النصوص:

منها: قول أبي جعفر عليه السّلام: «إحرام المرأة في وجهها، و إحرام الرجل في رأسه»(1)، و عن ابن حازم: «رأيت أبا عبد اللّه عليه السّلام و قد توضأ و هو محرم ثمَّ أخذ منديلا فمسح به وجهه» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «الرجل المحرم يتوضأ ثمَّ يخلل وجهه بالمنديل يخمره كله قال عليه السّلام: لا بأس» (3).

فما عن ابن عقيل من الحرمة، و الكفارة. و ما عن الشيخ من الجواز و الكفارة مخالف لما تقدم من غير دليل يدل عليه إلا مضمر الحلبي: «المحرم إذا غطى رأسه فليطعم مسكينا في يده و لا بأس بأن ينام على وجهه و على راحلته» (4) المحمول على الندب جمعا مع وهنه بالإعراض، و خلوّ النصوص المتقدمة الواردة في مقام البيان عن الكفارة.

(175) خروجا عن مخالفة ابن أبي عقيل بل قال رحمه اللّه: «إنّه متى لم ينو الكفارة لم يجز له ذلك».

(176) لقول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «يكره للمحرم أن يجوز بثوبه فوق أنفه» (5).

ص: 191


1- الوسائل باب: 48 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 61 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 59 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
4- الوسائل باب: 5 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
5- الوسائل باب: 61 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

مسألة 8: لو غطّى رأسه ساهيا وجب عليه إلقاؤه متى تذكر

(مسألة 8): لو غطّى رأسه ساهيا وجب عليه إلقاؤه متى تذكر، و يستحب تجديد التلبية (177).

مسألة 9: يجب عليه كشف بعض الأطراف

(مسألة 9): يجب عليه كشف بعض الأطراف و هذا الوجوب مقدميّ لأن يكون نفسيا (178).

السادس عشر: تغطية المرأة وجهها

اشارة

السادس عشر: تغطية المرأة وجهها (179)، بلا فرق بين الكل

______________________________

و عنه عليه السّلام أيضا: «يكره للمحرم أن يجوز بثوبه أنفه من أسفل» (1).

(177) لحرمة استدامة التغطية كالابتداء، و في صحيح حريز قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن محرم غطّى رأسه ناسيا قال عليه السّلام: يلقي القناع عن رأسه و يلبي و لا شي ء عليه» (2)، و في صحيح الحلبي «سئل الصادق عليه السّلام عن المحرم يغطي رأسه نائما، أو ناسيا، فقال عليه السّلام يلبّي إذا ذكر» (3) و ظاهرهما و إن كان وجوب التلبية إلّا أنّه لا قائل به كما في المدارك و إن نسب إلى ظاهر الشيخ، و ابني حمزة و سعيد. و لكنه مخدوش، لأنّ السياق الرجحان لا الإلزام كما في سائر الموارد التي ورد فيها تجديد التلبية.

(178) مقدمة لحصول العلم بكشف تمام الرأس.

(179) إجماعا، و نصوصا كثيرة منها قول الصادقين عليهما السّلام- كما تقدم-:

«إحرام الرجل في رأسه و إحرام المرأة في وجهها» و عن الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «مرّ أبو جعفر عليه السّلام بامرأة متنقبة و هي محرمة، فقال عليه السّلام: أحرمي، و أسفري، و أرخي ثوبك من فوق رأسك، فإنّك إن تنقبت لم يتغيّر لونك قال:

رجل إلى أين ترخيه؟ قال: تغطّي عينها، قلت: تبلغ فمها؟ قال عليه السّلام: نعم» (4)،

ص: 192


1- الوسائل باب: 55 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 55 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
3- الوسائل باب: 55 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
4- الوسائل باب: 48 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

و البعض، و لا بين التغطية بالمعتاد و غيره (180).

مسألة 1: لا بأس بنومها على المخدّة على أحد الجانبين

(مسألة 1): لا بأس بنومها على المخدّة على أحد الجانبين و إن استلزم ستر بعض وجهها (181).

نعم، لا يجوز لها تغطية وجهها عند النوم (182).

______________________________

و في خبر أحمد بن أبي نصر عن أبي الحسن عليه السّلام قال: «مرّ أبو جعفر عليه السّلام بامرأة محرمة قد استترت بمروحة فأماط المروحة بنفسه عن وجهها» (1).

(180) لإطلاق الأدلة الشامل للكل، و البعض، و المعتاد و غيره. و تقدم في ستر الرأس و خلاف صاحب المدارك جار في المقام أيضا و الجواب عين ما تقدم في ستر رأس الرجل، لمساواة وجه المرأة مع رأس الرجل في المقام حكما و إشكالا و جوابا.

(181) لما تقدم في توسد الرجل المحرم من غير فرق بينهما في ذلك فراجع.

(182) لشمول الإطلاق لتلك الحال أيضا.

نعم، في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «الرجل المحرم يريد أن ينام يغطّي وجهه من الذباب قال عليه السّلام: نعم، و لا يخمر رأسه و المرأة المحرمة لا بأس أن تغطي وجهها كله» (2) و قال في الجواهر: «و لم أقف على راد له كما أنّي لم أقف على من استثناه من حكم التغطية».

أقول: يمكن حمله على ما إذا تأذت من الذباب على وجهها، كما يشهد له صدر الحديث فيكون ذلك من موارد الضرورة فتجوز حينئذ.

ص: 193


1- الوسائل باب: 48 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 55 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.

مسألة 2: يجوز لها الإسدال و نحوه من الرأس إلى الأنف

(مسألة 2): يجوز لها الإسدال و نحوه من الرأس إلى الأنف، بل إلى النحر (183) للتستّر عن الأجنبيّ أو لغرض آخر (184). و لا يجب انفصاله عن الوجه (185).

______________________________

(183) للنصوص، و الإجماع قال الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «تسدل المرأة الثوب على وجهها من أعلاها إلى النحر إذا كانت راكبة» (1)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح زرارة: «المحرمة تسدل ثوبها إلى نحرها» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح حريز: «تسدل الثوب على وجهها إلى الذقن» (3)، و في صحيح العيص: «تسدل الثوب على وجهها؟ قلت: حدّ ذلك إلى أين؟ قال عليه السّلام: إلى طرف الأنف»(4) و يمكن أن يحمل ذلك على مراتب قصر المقنعة و طولها، أو أغراض أخرى تدعو لها كاختلاف العادات، و الأشخاص، و الحالات.

(184) لإطلاق الأخبار الشامل لجميع ذلك.

(185) لإطلاق الأخبار و الفتاوى، مع غلبة المماسة لها و لم يشر في حديث إلى عدم اعتبار ذلك. و نسب إلى المبسوط، و الجامع اعتبار الانفصال و عدم المباشرة، فلا بد و أن يمنع عن ذلك إما بيدها، أو بخشبة، أو نحوها. بل عن الأول الكفارة مع تعمد المباشرة و إطلاقه يشمل ما إذا أزيل أو أزالته بسرعة و لا دليل على شي ء من ذلك إلا دعوى: أنّه مقتضى الجمع بين ما دل على جواز السدل و ما دل على حرمة التغطية بحمل الأول على المنفصل و الأخير على المتصل. و إلا دعوى: أنّ الأصل في التروك الإحرامية الكفارة إلا ما خرج بالدليل.

و فيه: أنّه ليس في الأدلة اللفظية التغطية و إنّما ورد: «إحرام المرأة في وجهها» كما تقدم، و قوله عليه السّلام: «أحرمي، و أسفري» (5) و مثل هذه التعبيرات

ص: 194


1- الوسائل باب: 48 من أبواب تروك الإحرام حديث: 8.
2- الوسائل باب: 48 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
3- الوسائل باب: 48 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
4- الوسائل باب: 48 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
5- الوسائل باب: 48 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

و إن كان أحوط (186).

مسألة 3: يجب عليها ستر بعض أطراف وجهها مقدمة لستر رأسها في الصلاة

(مسألة 3): يجب عليها ستر بعض أطراف وجهها مقدمة لستر رأسها في الصلاة، فإذا فرغت من الصلاة رفعته فورا (187)، و الخنثى المشكل إن

______________________________

ظاهرة في أنّ الستر مطلقا لا يجوز سواء كان بالإسدال أو بغيره و قد خرج الإسدال عن ذلك بدليل خاص، فالأدلة من المطلق و المقيد، فلا يجوز الستر مطلقا سواء كان بالنقاب المخصوص للوجه أو بغيره إلا بالإسدال. و أما أنّ الأصل في التروك الإحرامية الكفارة إلا ما خرج بالدليل فهو مما لا أصل له، بل مقتضى الأصل عدمها مطلقا.

إن قلت: إنّ المناط في وجوب الإسفار تغير اللون، كما تقدم في خبر الحلبي (1)، و كون «إحرام المرأة في وجهها» فلا وجه للإسدال أيضا.

قلت: أولا: أنّه من الحكمة لا العلة.

و ثانيا: إنّ الشارع غلب جهة الاهتمام بستر الرأس على كشف الوجه و هو نحو مبالغة في ستر الرأس قرّرها الشارع مقدمة لستره في هذا المشهد العظيم.

(186) خروجا عن خلاف مثل الشيخ رحمه اللّه و الأحوط الفدية بشاة أيضا كما نسب إليه و إن أزاله بسرعة أو زال بنفسه.

(187) أما وجوب ستر بعض أطراف الوجه مقدمة للعلم بحصول الستر الواجب فقد تقدم في الستر الصلاتي في [مسألة 3] من (فصل الستر و الساتر) ما ينفع المقام.

و أما بقاء الوجوب حتى في حال إحرامها، فلاحتمال أهمية مراعاة الستر الصّلاتي عن الكشف الإحرامي. و لو فرض عدم احتمال الأهمية فيها، فالحكم هو التخيير، لأنّ احتمال أهمية الكشف الإحراميّ عن الستر الصلاتي مما لا وجه له.

ص: 195


1- الوسائل باب: 48 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

كانت طبيعة ثالثة لا يجب عليها كشف الرأس و الوجه (188)، و إن كانت مرددة بينهما وجب عليها كشفهما مقدمة لتحقق الامتثال، و لكن لا كفارة عليها الا مع سترهما معا.

مسألة 4: لو كان هناك ناظر بريبة إلى وجهها وجب التستر منه

(مسألة 4): لو كان هناك ناظر بريبة إلى وجهها وجب التستر منه إن انحصر التستر منه بذلك (189)، و الا تتستّر بوجه آخر.

السابع عشر: يحرم التظليل اختيارا للرجل

اشارة

السابع عشر: يحرم التظليل اختيارا للرجل (190) في حال

______________________________

(188) للأصل بعد عدم شمول الأدلة لها. و أما وجوب كشفهما مع التردد، فللعلم الإجمالي. و أما عدم الكفارة، فلأنّه لا كفارة في تغطية المرأة وجهها، فتجري أصالة البراءة عن كفارة تغطية الرأس بلا معارض إلا إذا قلنا بتعارض الأصول حتى إذا لم يكن في الأطراف أثر إلزامي، فتجب الكفارة حينئذ بسترهما معا بخلاف ستر أحدهما فقط، إذ يجري الأصل عن وجوبها حينئذ بلا معارض من كل جهة.

(189) لأهمية دفع الريبة عن الكشف الإحرامي.

(190) للنصوص المستفيضة- مضافا إلى الإجماع:

منها: صحيح ابن المغيرة قال: «قلت لأبي الحسن الأول عليه السّلام أظلل و أنا محرم؟ قال عليه السّلام: لا، قلت: فأظلل و أكفر؟ قال عليه السّلام: لا، قلت: فإن مرضت؟

قال عليه السّلام ظلل و كفّر أما علمت أنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قال: ما من حاج يضحي ملبيا حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه معها» (1).

و صحيح ابن سالم عن الصادق عليه السّلام: «المحرم يركب في الكنيسة فقال عليه السّلام: لا، و هو للنساء جائز» (2).

و صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «المحرم يركب القبة فقال عليه السّلام: لا،

ص: 196


1- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.

السير (191)، سواء كان بالمظلّة، أو بسقف القطار أو السيارة أو الطيارة، أو السفينة، أو غيرها (192).

______________________________

قلت: فالمرأة المحرمة؟ قال عليه السّلام: نعم» (1).

و موثق ابن عمار عن أبي الحسن عليه السّلام: «المحرم يظلل عليه و هو محرم قال عليه السّلام: لا إلا مريضا، أو من به علة، و الذي لا يطيق حرّ الشمس»(2) إلى غير ذلك من النصوص.

و عن الإسكافي أنّه قال: «يستحب للمحرم أن لا يظلّل على نفسه لأنّ السنة جرت بذلك» و استشهد له بالأصل.

و صحيح الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «عن المحرم يركب في القبة قال عليه السّلام:

ما يعجبني ذلك إلا أن يكون مريضا» (3).

و عن ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «أظلل و أنا محرم؟ فقال عليه السّلام: نعم، و عليك الكفارة قال: فرأيت عليا إذا قدم مكة ينحر بدنة لكفارة الظل» (4).

و صحيح الجميل: «لا بأس بالظلال للنساء و قد رخص فيه للرجال أيضا» (5).

و فيه: أنّ الأصل مقطوع بالمستفيضة الدالة على الحرمة، و الأخبار موافقة للعامة، و موهونة بهجر الأصحاب لها مع إمكان حملها على الضرورة فلا وجه لتوهم المعارضة بينها و بين المستفيضة مع مخالفتها للعامة و موافقتها للمشهور فتوى و عملا.

(191) إجماعا، و نصوصا يأتي التعرض لها.

(192) يدل عليه- مضافا إلى ظهور الإجماع- إطلاق التظليل الوارد في

ص: 197


1- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
3- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 2.
5- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 10.

مسألة 1: لو لم يكن الظلّ من فوق الرأس

(مسألة 1): لو لم يكن الظلّ من فوق الرأس، بل كان من أحد الجانبين، كما إذا مشى في ظلّ جدار و نحوه فلا بأس به (193). و كذا إذا استتر بالثوب و نحوه من إحدى الجوانب على وجه لا يكون على رأسه،

______________________________

جملة من النصوص، فيشمل جميع ذلك و قد ذكر لفظ المحمل، و العمارية، و القبة، و الكنيسة في الأخبار لكنّه من باب الغالب في تلك الأزمنة لا الخصوصية فلا يصلح للتقييد، و يدل عليه إطلاق النصوص المشتملة على الإضحاء أيضا.

(193) على المشهور، للأصل بعد انسباق ما كان فوق الرأس مما دل على النهي عن التظليل، و الأمر بالإضحاء قال الشهيد في الروضة: «و المعتبر فيه ما كان فوق رأسه فلا يحرم الكون تحت ظلّ المحمل عند ميل الشمس إلى أحد جانبيه» و قريب منه ما قاله في المسالك، و عن الحدائق استظهار أنّ العلة في التحريم عدم البروز للشمس لا الستر و فرّع عليه حرمة التظليل و إن لم يكن فوق الرأس.

و فيه: أنّ مقتضى الأصل عدم وجوب الإضحاء أي: البروز للشمس و لا يستفاد من الأخبار إلا مجرّد الرجحان في الجملة، لأنّه يناسب كون المحرم:

«شعثا غبرا» (1)، و للتعليل الوارد فيه من قوله صلى اللّه عليه و آله: «ما من حاج يضحي ملبيا حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه معها» (2)، مع إطلاق صحيح ابن بزيع: «كتبت إلى الرضا عليه السّلام: هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظل المحمل؟، فكتب عليه السّلام:

نعم» (3)، مضافا إلى ظهور صحيح هشام في الكراهة قال الصادق عليه السّلام: «إنّه يكره للمحرم أن يجوز بثوبه أنفه من أسفل و قال أضح لمن أحرمت له» (4).

ص: 198


1- الوسائل باب: 1 من أبواب وجوب الحج حديث: 11.
2- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 67 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 61 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

و إن كان الأحوط الترك (194).

مسألة 2: لا بأس بالتظليل بالنسبة إلى سائر الجسد

(مسألة 2): لا بأس بالتظليل بالنسبة إلى سائر الجسد، بل و جميع البدن (195)، و لا بأس بالتظليل مع الاضطرار إليه لمرض أو نحوه (196)، كما لا بأس بالتظليل للمرأة و الصبيان (197).

______________________________

(194) خروجا عن خلاف صاحب الحدائق.

(195) لأصالة البراءة بعد ظهور الأدلة في حرمة التظليل من طرف الرأس.

(196) إجماعا، و نصوصا ففي صحيح ابن الحجاج قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن الرجل المحرم كان إذا أصابته الشمس شق عليه و صدع فيستتر منها فقال عليه السّلام: هو أعلم بنفسه إذا علم أنّه لا يستطيع أن تصيبه الشمس فليستظل منها» (1).

و في موثق ابن عمار عنه عليه السّلام أيضا: «المحرم يظلّل عليه و هو محرم؟

قال عليه السّلام إلا المريض، أو من به علة، و الذي لا يطيق حرّ الشمس» (2).

و المرجع في الضرورة و الاضطرار هو المتعارف بالنسبة إلى الشخص، لتنزل الأدلة على ذلك و ليس بعض مراتب الحرّ و البرد من الضرورة و الاضطرار، لأنّ الأسفار مطلقا موضوعة على تحمل مثل ذلك خصوصا في الأسفار القديمة.

(197) إجماعا، و نصّا قال الصادق عليه السّلام في صحيح حريز: «لا بأس بالقبة على النساء و الصبيان و هم محرمون» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح جميل: «لا بأس بالظلال للنساء» (4).

ص: 199


1- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
2- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
3- الوسائل باب: 65 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 10.

مسألة 3: لا فرق في حرمة التظليل بين الراكب و الماشي

(مسألة 3): لا فرق في حرمة التظليل بين الراكب و الماشي إلى الحج و كون التظليل فوق رأسه بمظلة أو نحوها (198).

مسألة 4: يجوز السير تحت ظلّ مستقر

(مسألة 4): يجوز السير تحت ظلّ مستقر، كتحت ساباط، أو سقف مبنيّ و نحوهما مما يكون ثابتا (199).

مسألة 5: تختص حرمته بخصوص حال السير و طيّ المنزل

(مسألة 5): تختص حرمته بخصوص حال السير و طيّ المنزل، و أما بعد النزول في المنزل- كمكة، و منى، و عرفات و المشعر و نحوها- فلا يحرم ذلك، فلا بأس بالجلوس و النوم و الوقوف تحت الخيمة و السقف

______________________________

(198) لإطلاق الأدلة الشامل للراكب، و الماشي. و هذا هو المشهور. و عن الشهيد الثاني رحمه اللّه اختصاص الحرمة بحال الركوب، لذكر القبة، و الكنيسة، و المحمل، و العمارية في الأدلة- كما سبق- و لصحيح ابن بزيع «كتبت إلى الرضا عليه السّلام هل يجوز للمحرم أن يمشي تحت ظلّ المحمل؟ فكتب عليه السّلام:

نعم» (1)، و في خبر الاحتجاج: «يجوز له المشي تحت الظلال»(2).

و فيه: ما تقدم من أنّ ذكر مثل القبة من باب المثال للسير إلى الحج لا الخصوصية. و الصحيح يحتمل إرادة ظلّ المحمل من إحدى الجوانب لا تحت المحمل، بل لا بد من حمله عليه بقرينة غيره، و كذا خبر الاحتجاج، و يمكن إرادة الظل المستقر منه كما يأتي. و على فرض الظهور لا بد و أن يحمل على خصوص مورده لا أن يراد منه المشي في مقابل الركوب.

(199) للأصل بعد انسباق التظليل المتنقل مع الشخص من النصوص، و عدم إشارة في الأدلة إلى الظلّ الثابت مع كونه مورد الابتلاء. و عن فخر المحققين دعوى القطع بأنّ المحرّم عليه سائرا إنّما هو الاستظلال بما ينتقل معه كالمحمل. أما لو مر تحت سقف، أو ظلّ بيت أو سوق و شبهه فلا بأس.

ص: 200


1- الوسائل باب: 67 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 66 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.

و الشجرة و نحوها (200).

مسألة 6: لا بأس بالتظليل بعد النزول عند التردد في حوائجه

(مسألة 6): لا بأس بالتظليل بعد النزول عند التردد في حوائجه، راكبا كان أو ماشيا (201)، و إن كان الأحوط الترك (202).

مسألة 7: لا ملازمة بين حرمة التظليل و التغطية

(مسألة 7): لا ملازمة بين حرمة التظليل و التغطية، فيحرم الأول و إن جاز الثاني للضرورة (203).

مسألة 8: لا اختصاص لحرمة التظليل بخصوص اليوم

(مسألة 8): لا اختصاص لحرمة التظليل بخصوص اليوم، بل يحرم في الليل أيضا، و كذا لا يختص بالشمس، بل يحرم في يوم الغيم و المطر أيضا (204).

______________________________

(200) للأصل، و الإجماع، و النصوص:

منها: خبر المثنّى عن أبي الحسن عليه السّلام: «كان رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله يركب راحلته فلا يستظلّ عليها و تؤذيه الشمس، فيستر بعض جسده ببعض و ربما يستر وجهه بيده، و إذا نزل استظلّ بالخباء، و في البيت، و بالجدار» (1) و نحوه غيره، و تقتضيه قاعدة نفي العسر و الحرج في الجملة.

(201) للأصل، بعد كون المستفاد من مجموع الأدلة إنّما هو حرمة التظليل في حال طيّ المنزل لا بعد النزول فيه، و قوىّ الجواز في نجاة العباد، و عدم الجواز في الجاهر، فراجع كلامه فيهما.

(202) جمودا على إطلاق الأدلة المانعة، و رعاية للاحتياط الذي هو حسن في كل حال.

(203) لعدم دليل على الملازمة، بل مقتضى الأصل و ظواهر الأدلة عدمها، و ظاهر عمومات حرمة التظليل حرمته حتى مع جواز التغطية لأجل الضرورة كما أنّه يجوز التظليل مع الاضطرار إليه و إن حرمت التغطية.

(204) قال في المستند: «و كما يجب ترك التستر عن الشمس كذلك

ص: 201


1- الوسائل باب: 66 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

.....

______________________________

يجب ترك التظليل عن السماء أيضا فلا يجوز الجلوس في نحو المحمل المسقف في الليل، و لا في يوم الغيم، و كذا في يوم الصحو في أول النّهار و آخره إذا جلس مواجها للشمس، لأنّ المراد من التظليل أعمّ منهما كما تفصح عنه طائفة من الأخبار المتقدمة المتضمنة للاستظلال من المطر، و لأنّ الإضحاء المأمور به بل التظليل أيضا محتمل لإرادة الإبراز للسماء، و للإبراز للشمس».

أقول: الأخبار الواردة في المقام على أقسام ثلاثة:

الأول: جملة من الإطلاقات المشتملة على التظليل كصحيح ابن المغيرة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «أظلل و أنا محرم؟ قال عليه السّلام: لا» (1)، و موثق ابن عمار عن أبي الحسن عليه السّلام: «المحرم يظل عليه و هو محرم؟ قال عليه السّلام: لا، إلا مريض، أو من به علة، و الذي لا يطيق الشمس» (2)، و صحيح ابن بزيع عن الرضا عليه السّلام:

«سألته عن رجل عن الظلال للمحرم من أذى مطر، أو شمس و أنا أسمع فأمره أن يفدي شاة و يذبحها بمنى» (3).

و نحوها غيرها و لا ريب في شمولها لكل تظليل في اليوم، أو الليلة، أو الشمس، أو غيرها. و الظلّ كل ما يدفع الأذى من جهة الفوق سواء كان المدفوع أذى الشمس أو غيرها و إن كان الغالب استعماله في الأول و لكنّه لا يوجب التقييد.

الثاني: ما يشتمل على القبة، و الكنيسة، و المحمل، و العمارية (4)و ظهورها في الإطلاق مما لا ينكر.

الثالث: نصوص الإضحاء كقوله عليه السّلام في خبر هشام: «أضح لمن أحرمت له»(5) و قوله صلى اللّه عليه و آله: «ما من حاج يضحي ملبيا حتى تغيب الشمس إلا غابت ذنوبه

ص: 202


1- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 6.
4- راجع جميع تلك التعبيرات في باب: 64 و 65 و 67 من أبواب كفارات الإحرام.
5- الوسائل باب: 61 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

.....

______________________________

معها» (1) و الإضحاء يحتمل أن يراد به الإضحاء للسماء أو الإضحاء للشمس و لا يبعد الظهور في الأخير و لكن لا دليل على كونه من العلة التامة المنحصرة، و يمكن أن يكون من بعض الحكم الموجب لمزيد الثواب، و محو الذنوب و العقاب فلا يقيد المطلقات، بل لا يكون بنفسه موجبا لتشريع الحكم.

نعم، لا ريب في كونه من بعض المصالح و الحكم في فضيلة الفرد لا في تشريع أصل الحكم.

هذا و لكن لا بد من تحقيق المسألة أولا بحسب الأصل.

و ثانيا بحسب مجموع الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض.

و ثالثا: بحسب الكلمات.

أما الأول: فالتظليل من الشمس، و المطر، و نحوهما من العوارض حرام قطعا و في غير ذلك نشك في أصل الحرمة و مقتضى الأصل البراءة إلا إذا ثبتت حرمة التظليل نفسا للمحرم، كحرمة الزينة مثلا عليه و إثباته من الأدلة التي وصلت إلينا مشكل.

أما الثاني: فأصل مادة التظليل إنّما تكون لأجل المدافعة مع عارض من شمس، أو برد، أو نحو ذلك. و جعل القبة، و الكنيسة، و السقف لجميع المراكب إنّما هو لذلك، و في الأخبار قرائن تدل عليه، ففي خبر إسماعيل عن الصادق عليه السّلام: «هل يستتر المحرم من الشمس؟ قال عليه السّلام: لا إلا أن يكون شيخا كبيرا» (2)، و عن عمار بن عيسى: «قلت لأبي الحسن الأول عليه السّلام: إنّ عليّ بن شهاب يشكو رأسه و البرد شديد و يريد أن يحرم فقال عليه السّلام: إن كان كما زعم، فليظلّل و أما أنت فأضح لمن أحرمت له» (3).

و هو ظاهر في أنّ التظليل لدفع البرد و نحوه، و في خبر عبد الرحمن عن أبي الحسن عليه السّلام: «عن الرجل المحرم كان إذا أصابته الشمس شق عليه و صدع

ص: 203


1- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 9.
3- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 13.

مسألة 9: لو شك في شي ء أنّه من التظليل المحرّم أو لا

(مسألة 9): لو شك في شي ء أنّه من التظليل المحرّم أو لا، فلا يحرم التظليل به (205)، و إن كان الأحوط الاجتناب عنه.

مسألة 10: لو زامل صحيح عليلا أو امرأة يحرم التظليل بالنسبة إلى الأول دون الأخير

(مسألة 10): لو زامل صحيح عليلا أو امرأة يحرم التظليل بالنسبة إلى الأول دون الأخير (206).

______________________________

فيستتر منها فقال عليه السّلام: هو أعلم بنفسه إذا علم أنّه لا يستطيع أن تصيبه الشمس، فليستظلّ منها» (1) و ظهوره في أنّ المناط في الحرمة إصابة الشمس مما لا ينكر.

و بالجملة: التظليل نحو من الترفه يستعمل لدفع الحر، و البرد، و أذية الشمس، و المطر و نحو ذلك و هذا هو المتعارف بين الناس، و النهي إنّما تعلق بما هو المتعارف فلا يجوز مع عدم الحرج و يجوز معه، فتصير الأقسام ثلاثة:

الأول: ما لا يتظلّل فيه متعارف الناس في نوع أسفارهم و مقاصدهم العقلائية كالليل، و أوائل طلوع الشمس، و أوان غروبها إذا لم يكن في البين موجب آخر للتظليل- كالمطر و نحوه.

الثاني: ما يظللون فيه عن الشمس، أو المطر، أو نحوهما.

الثالث: ما يشك فيه أنّه من أيّهما.

و في الثاني يحرم التظليل إن لم يكن حرج في البين قطعا، و في الأول لا يجب لقصور الأدلة عن إثباته بعد حملها على المتعارف. و المرجع في الأخير هو البراءة عن الحرمة بعد عدم صحة التمسك بالأدلة، لكونه من التمسك بالدليل في الموضوع المشكوك. هذا و أما الكلمات فلا اعتبار بها ما لم يكن من الإجماع المعتبر و تحققه بالنسبة إلى الأقسام الثلاثة مشكل جدّا و المتيقن منه على فرض التحقق هو القسم الأول. و طريق الاحتياط واضح.

(205) لأصالة البراءة بعد عدم جواز التمسك بالأدلة، لأنّه من الشبهة الموضوعية.

(206) لعمومات الحرمة بالنسبة إلى الصحيح و الجواز بالنسبة إلى

ص: 204


1- الوسائل باب: 64 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.

مسألة 11: لا بأس بوضع الذراع على الوجه و التستر ببعض الجسد

(مسألة 11): لا بأس بوضع الذراع على الوجه و التستر ببعض الجسد (207).

الثامن عشر: الحجامة

الثامن عشر: الحجامة (208)، و يلحق مطلق إخراج الدم من بدنه،

______________________________

العليل، مضافا إلى الإجماع، و النص الخاص ففي خبر بكر بن صالح قال: «كتبت إلى أبي جعفر الثاني عليه السّلام: إنّ عمتي معي و هي زميلتي و يشتد عليها الحر إذا أحرمت أ فترى أن أظلل عليّ و عليها؟ فكتب عليه السّلام ظلّل عليها وحدها» (1). و أما خبر ابن معروف عن الصادق عليه السّلام: «المحرم له زميل فاعتل فظلل على رأسه إله أن يستظل؟ قال عليه السّلام نعم» (2) فقاصر سندا، و مهجور دلالة فلا وجه للاعتماد عليه.

(207) للأصل، و صحيح ابن عمار: «لا بأس أن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حرّ الشمس، و لا بأس بأن يستر بعض جسده ببعض» (3)، و قد ورد عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله إنّه كان «يستر بعض جسده ببعض و ربما يستر وجهه بيده» (4).

(208) لجملة من الأخبار كخبر الصيقل عن الصادق عليه السّلام: «المحرم يحتجم؟ قال عليه السّلام: لا إلا أن يخاف التلف، و لا يستطيع الصلاة، و قال عليه السّلام إذا آذاه الدم فلا بأس به و يحتجم، و لا يحلق الشعر» (5)، و عن الحلبي عنه عليه السّلام أيضا:

«المحرم يحتجم؟ فقال عليه السّلام: لا إلا أن لا يجد بدا فليحتجم و لا يحلق مكان المحاجم» (6)، و في خبر ذريح: «المحرم يحتجم؟ فقال عليه السّلام: نعم، إذا خشي الدم» (7)، و عن أبي جعفر عليه السّلام في خبر زرارة: «لا يحتجم المحرم إلا أن يخاف

ص: 205


1- الوسائل باب: 68 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 68 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 67 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
4- الوسائل باب: 66 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
5- الوسائل باب: 62 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
6- الوسائل باب: 62 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
7- الوسائل باب: 62 من أبواب تروك الإحرام حديث: 8.

سواء كان بالقصد، أو الخدش، أو الحك مع قصد الإدماء أو نحو ذلك، و كذا السواك، أو قلع الضرس المفضي إليه (209).

______________________________

على نفسه أن لا يستطيع الصلاة» (1). و هذا هو المشهور بين الأصحاب.

و عن جمع منهم الشيخ في الخلاف، و المحقق في النافع الكراهة، للجمع بين ما مرّ من الأخبار، و صحيح حريز عن الصادق عليه السّلام: «لا بأس أن يحتجم المحرم ما لم يحلق، أو يقطع الشعر» (2)، و خبر ابن يعقوب عنه عليه السّلام أيضا:

«المحرم يحتجم؟ قال عليه السّلام: لا أحبه» (3) و مرسل الفقيه: «احتجم الحسن عليه السّلام و هو محرم» (4).

و فيه: أنّ حملها على الضرورة من أحسن طرق الجمع، مع و هن إطلاقها بالإعراض و قصور سند غير الأول منها و إجمال كيفية احتجام الحسن عليه السّلام.

(209) ففي صحيح عمار: «سأل الصادق عليه السّلام عن المحرم كيف يحك رأسه؟ قال عليه السّلام: بأظافيره ما لم يدم، أو يقطع الشعر» (5).

و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «المحرم يستاك؟ قال عليه السّلام: نعم و لا يدمي» (6).

و عنه عليه السّلام أيضا في خبر أبي بصير: «إذا حككت رأسك، فحكه حكا رقيقا و لا تحكنّ بالأظفار، و لكن بأطراف الأصابع» (7).

و عنه عليه السّلام في خبر عمر بن يزيد: «و يحك الجسد ما لم يدمه» (8).

ص: 206


1- الوسائل باب: 62 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 62 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 62 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
4- الوسائل باب: 62 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
5- الوسائل باب: 73 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
6- الوسائل باب: 73 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
7- الوسائل باب: 71 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
8- الوسائل باب: 73 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

.....

______________________________

و يستفاد من مجموع هذه الأخبار قاعدة كلية و هي حرمة مطلق الإدماء على المحرم بلا فرق في مورده بين أيّ جزء من أجزاء البدن لشمول الجسد لجميع ذلك و يعمّ قلع الضرس الموجب للإدماء أيضا و قد حملها جمع من الأصحاب منهم الشيخ، و المحقق على الكراهة بقرينة خبر ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «المحرم هل يصلح له أن يستاك؟ قال عليه السّلام: لا بأس، و لا ينبغي أن يدمي فيه» (1) بناء على إشعار «لا ينبغي» بالكراهة.

و صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «المحرم يستاك؟ قال عليه السّلام: نعم.

قلت: فإن أدمى يستاك؟ قال عليه السّلام: نعم، هو من السنة» (2).

و تقدم صحيح حريز في الاحتجام (3)، و في موثق ابن عمار: «المحرم يعصر الدمل، و يربط عليه الخرقة؟ قال عليه السّلام: لا بأس» (4).

و في موثق الساباطي: «المحرم يكون به الجرب، فيؤذيه؟ قال عليه السّلام: يحكه فإن سال منه الدم فلا بأس» (5).

و فيه: أنّ لفظ «لا ينبغي» يستعمل كثيرا في الحرمة و على فرض كونه أعمّ من الكراهة، فيحمل على الحرمة في المقام بقرينة ما تقدم من الأخبار التي هي ظاهرة في الحرمة، فتكون قرينة على تعين إرادة الحرمة منه. و صحيح ابن عمار يحمل على الإدماء اتفاقا لا قصدا و اختيارا، و تقدم ما في صحيح حريز، و موثق ابن عمار محمول على الضرورة، لموثق الساباطي، فلا وجه لرفع اليد عن الأخبار المتقدمة مع مناسبتها لحال الإحرام المؤيدة بفهم جمع من القدماء الأعلام- كالمفيد، و السيد، و النهاية، و القاضي، و الحلبي، و الحلي.

ص: 207


1- الوسائل باب: 73 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 92 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 62 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
4- الوسائل باب: 70 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
5- الوسائل باب: 71 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

و لا بأس به عند الضرورة (210)، كما لا بأس بإخراجه عن جسد الغير محلا كان أو محرما (211)، و إن كان الأحوط الترك.

التاسع عشر: قلع الضرس و لو لم يدم

التاسع عشر: قلع الضرس و لو لم يدم (212)، و لا بأس به مع الأذى (213).

العشرون: تقلم الأظفار

العشرون: تقلم الأظفار (214) أو بعضها من اليد أو الرجل و لو

______________________________

(210) لأدلة نفي العسر، و الحرج، و الإجماع، و ما تقدم من الأخبار.

(211) للأصل بعد عدم دليل على الحرمة من جهة الإحرام.

نعم، في خبر ابن سعيد عن الصادق عليه السّلام: «المحرم يعالج دبر الجمل فقال عليه السّلام يلقي عنه الدواب و لا يدميه» (1) و يأتي في الكفارات تتمة الكلام.

(212) يظهر ذلك من المشهور، و يمكن أن يستدل عليه بأولوية قطع الضرس عن قطع الشعر، و بمفهوم خبر الصيقل عن الصادق عليه السّلام: «المحرم يؤذيه ضرسه أ يقلعه؟ قال عليه السّلام: نعم، لا بأس به» (2).

و بثبوت الكفارة له في خبر ابن عيسى عن عدة من أصحابنا: «عن رجل من أهل خراسان أنّ مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه فيها شي ء، محرم قلع ضرسه؟ فكتب عليه السّلام: يهريق دما» (3).

ثمَّ إنّه و إن أمكنت الخدشة في كل واحد منها لكن المجموع يوجب الاطمئنان بالحكم.

(213) للإجماع، و أدلة نفي الحرج، و ما تقدم من خبر الصيقل.

(214) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «من قلّم أظافيره ناسيا، أو ساهيا، أو جاهلا فلا شي ء عليه. و من فعله

ص: 208


1- الوسائل: 80 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
2- الوسائل باب: 95 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 19 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

واحدا أوب عضه، بأيّ آلة من مقراض أو نحوه (215).

و لا بأس به مع الضرورة (216).

الحادي و العشرون: لبس ما يسمّى سلاحا عرفا و يصدق عليه أنّه متسلح فعلا

الحادي و العشرون: لبس ما يسمّى سلاحا عرفا و يصدق عليه أنّه متسلح فعلا (217)،

______________________________

متعمدا فعليه دم» (1).

و في صحيح معاوية عن الصادق عليه السّلام: «المحرم تطول أظفاره، أو ينكسر بعضها قال عليه السّلام: لا يقص منها شيئا إن استطاع فإن كانت تؤذيه، فليقصها و ليطعم مكان كل ظفر قبضة من طعام» (2)، و عن ابن عمار: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجل أحرم، و نسي أن يقلّم أظفاره فقال عليه السّلام: يدعها. قلت: طوال؟ قال عليه السّلام: و إن كانت» (3).

(215) كل ذلك لإطلاق ما تقدم من صحيح معاوية الشامل للجميع.

(216) لأدلة الحرج، و ما مرّ من الصحيح، و يأتي في أحكام الكفارات بعض ما ينفع المقام.

(217) كصحيح ابن سنان عن الصادق عليه السّلام: «أ يحمل المحرم السلاح؟

فقال عليه السّلام: إذا خاف المحرم عدوّا، أو سرقا فليلبس السلاح» (4)، و صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «المحرم إذا خاف العدوّ يلبس السلاح فلا كفارة عليه» (5)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن سنان: «المحرم إذا خاف لبس السلاح» (6) و إطلاقها يشمل كل ما يسمّى سلاحا و يختلف ذلك بحسب العصور و الأوقات،

ص: 209


1- الوسائل باب: 10 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 77 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 77 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
4- الوسائل باب: 54 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
5- الوسائل باب: 54 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
6- الوسائل باب: 54 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

و لا بأس به مع الضرورة (218).

الثاني و العشرون: يحرم على المحرم و غيره قلع ما ينبت في الحرم و قطعه

اشارة

الثاني و العشرون: يحرم على المحرم و غيره قلع ما ينبت في الحرم و قطعه (219).

______________________________

بل الأشخاص أيضا و هذا هو المشهور بين الفقهاء.

و عن جمع منهم العلامة في جملة من كتبهم، و المحقق في الشرائع الكراهية، للأصل، لأنّ دلالة الأخبار بالمفهوم و هي دلالة ضعيفة لا تقاوم الأصل.

و فيه: أنّه إن ثبتت الدلالة فهي معتبرة إلا أن يناقش في أصل ثبوتها، و الظاهر أنّه لا وجه لها و قد ثبت في الأصول أنّ النزاع في حجية المفهوم صغرويّ لا أن يكون كبرويا فراجع و عن الحليين تحريم اشتهاره و إن لم يصدق عليه أنّه متسلح، لإطلاق حديث الأربعمائة: «و لا تخرجوا بالسيوف إلى الحرم» (1).

و صحيح حريز عن الصادق عليه السّلام: «لا ينبغي أن يدخل الحرم بسلاح إلا أن يدخله في جوالق، أو يغيبه» (2).

و لكن قصور سند الأول و دلالة الأخير يمنع عن استفادة الحرمة مع أنّها بالنسبة إلى الحرم دون المحرم هذا كله بحسب العنوان الأولي و أما بحسب العناوين الثانوية فقد يحرم بها و قد يجب.

(218) إجماعا، و نصّا تقدم بعضها، و تقتضيه أدلة نفي الضرر أيضا.

(219) إجماعا من المسلمين، و نصوصا مستفيضة قال رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله:

«ألا إنّ اللّه تعالى قد حرّم مكة يوم خلق السموات و الأرض فهي حرام يحرم إلى يوم القيامة لا ينفر صيدها، و لا يعضد شجرها، و لا يختلى خلاها» (3) أي: لا

ص: 210


1- الوسائل باب: 25 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 3.
2- الوسائل باب: 25 من أبواب مقدمات الطواف حديث: 1.
3- الوسائل باب: 88 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

مسألة 1: لا فرق بين الورق، و الغصن، و الثمر

(مسألة 1): لا فرق بين الورق، و الغصن، و الثمر، و الرطب و اليابس، و لا بين ذي الشوك و غيره، و لا بين ما ينبت لو قطع و ما لا ينبت (220).

مسألة 2: لا بأس بالغصن المكسور و الورق الساقط و نحوها

(مسألة 2): لا بأس بالغصن المكسور و الورق الساقط و نحوها، و إن كان ذلك بفعل آدميّ (221).

مسألة 3: كلّما يتكوّن في باطن الأرض أو يشك في أنّه من نباتات الأرض أو لا يجوز أخذه

(مسألة 3): كلّما يتكوّن في باطن الأرض أو يشك في أنّه من نباتات الأرض أو لا يجوز أخذه (222).

______________________________

يقطع حشيشها.

و قال الصادق عليه السّلام في صحيح حريز: «كل شي ء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا ما أنبته أنت أو غرسته» (1).

و في صحيح معاوية عنه عليه السّلام أيضا: «عن شجرة أصلها في الحرم و فرعها في الحلّ فقال عليه السّلام: حرم فرعها لمكان أصلها قلت: فإن كان أصلها في الحلّ و فرعها في الحرم قال عليه السّلام: حرم أصلها لمكان فرعها» (2).

و إطلاق هذه الأخبار يشمل القلع، و الكسر. و في صحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «المحرم ينزع الحشيش من غير الحرم؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت فمن الحرم؟ قال عليه السّلام: لا» (3).

(220) كل ذلك لإطلاق الأدلة الشامل للجميع. و نسب إلى الشهيدين و العلامة جواز قطع اليابس، فإنّه كقطع أعضاء الميتة من الصيد.

و فيه: أنّه قياس باطل.

(221) للأصل بعد ظهور الأدلة في غيرها، و عن المنتهى دعوى الإجماع عليه و لا وجه لقياسه بالصيد المذبوح في الحرم، لوجود النص فيه دون المقام.

(222) للأصل بعد الشك في شمول الأدلة لها.

ص: 211


1- الوسائل باب: 86 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 90 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 85 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

مسألة 4: يجوز قطع ما ينبت في منزله في الحرم بعد نزوله فيها

(مسألة 4): يجوز قطع ما ينبت في منزله في الحرم بعد نزوله فيها، سواء أنبته بنفسه أو أنبته اللّه تعالى (223).

______________________________

(223) إجماعا، و نصوصا:

منها: موثق حماد عن الصادق عليه السّلام: «في الشجرة يقلعها الرجل من منزله في الحرم فقال عليه السّلام: إن بني المنزل و الشجرة فيه، فليس له أن يقلعها و إن كانت نبتت في منزله و هو له فليقلعها» (1).

و موثقه الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «الرجل يقلع الشجرة من مضربه، أو داره في الحرم فقال عليه السّلام: إن كانت الشجرة لم تزل قبل أن يبنى الدار، أو يتخذ المضرب فليس له أن يقلعها و إن كانت طريت عليه فله قلعها» (2).

و مثلهما غيرهما و إطلاقها يشمل ما أنبته بنفسه، أو أنبته اللّه تعالى و كذا ما إذا كان المنزل ملكا له، أو كان له نحو اختصا به، بل الظاهر عدم الفرق بين المنزل و غيره بقرينة ذكر المضرب، و إطلاق قوله عليه السّلام: «أقلع ما كان داخلا عليك» (3) فيكون المراد بالمنزل مطلق محلّ النزول سواء كان مالكا للذات، أو المنفعة أو الانتفاع. كما لا فرق بين ما أنبته بنفسه أو أنبته غيره، إذ المحرم إنّما هو قطع نبات الحرم النابت فيه من حيث الحرمية، فلو تغيّرت هذه الحيثية بأن كان النابت إنسانا، أو كان النابت في المنزل و إن أنبته اللّه تعالى، فنزول الحرمة لتغير العنوان. و لا فرق أيضا بين ما سمّي شجرا و كان له ساق أولا، لقول الصادق عليه السّلام الوارد في مقام القاعدة الكلية: «كل شي ء ينبت في الحرم فهو حرام على الناس أجمعين إلا ما أنبته أنت أو غرسته» (4) و مثل هذا القول غير قابل للتقييد، و ما ذكر فيه لفظ الشجرة ذكر من باب المثال و الغالب لا التقييد.

ص: 212


1- الوسائل باب: 87 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 87 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 87 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
4- الوسائل باب: 86 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.

مسألة 5: يجوز قطع شجر الفواكه و لو أنبتها اللّه تعالى

(مسألة 5): يجوز قطع شجر الفواكه و لو أنبتها اللّه تعالى (224). و كذا الإذخر (225).

مسألة 6: لا بأس بأن يترك المحرم دوابه في أن ترعى من الحرم

(مسألة 6): لا بأس بأن يترك المحرم دوابه في أن ترعى من الحرم

______________________________

(224) للإجماع، و النص، و السيرة قال الصادق عليه السّلام في خبر ابن خالد: «لا ينزع من شجر مكة شي ء إلا النخل، و شجر الفواكه» (1) و المراد بمكة مطلق الحرم إجماعا.

(225) لقول أبي جعفر عليه السّلام في الصحيح: «حرّم اللّه حرمه بريدا في بريد أن يختلى خلاه، أو يعضد شجره إلا الإذخر» (2) و أما استثناء عصى الراعي فلم يوجد في نصّ معتبر.

نعم، ذكر في دعائم الإسلام (3)، و قصور سنده يمنع عن الاعتماد عليه فيما هو مخالف للعمومات و الإطلاقات، و كذا عود المحالة، إذ لم يرد فيه الا خبر مرسل غير منجبر عن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «رخص رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله قطع عودي المحالة، و هي البكرة التي يستقى بها من شجر الحرم و الإذخر» (4).

نعم، في صحيحه استثناء عودي الناضح عن حرمة قطع شجر حرم المدينة، فعن أبي جعفر عليه السّلام: «حرم اللّه حرّمه بريدا في بريد أن يختلى خلاه، و يعضد شجره إلا الإذخر، أو يصاد طيره، و حرم رسول اللّه المدينة ما بين لابتيها صيدها، و حرم ما حولها بريدا في بريد أن يختلى خلاها، و يعضد شجرها إلا عودي الناضح» (5) و لكنه مبنيّ على ثبوت الحرمة أولا في حرم المدينة ثمَّ القول

ص: 213


1- الوسائل باب: 87 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 87 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
3- مستدرك الوسائل باب: 68 و 69 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
4- الوسائل باب: 87 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
5- الوسائل باب: 87 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.

ما شاءت (226)، و لكن لا يقطع هو لها على الأحوط (227).

مسألة 7: لا بأس بالمشي في الحرم- و لو راكبا- بالمتعارف بلا تعمد لقطع شي ء من نباته

اشارة

(مسألة 7): لا بأس بالمشي في الحرم- و لو راكبا- بالمتعارف بلا تعمد لقطع شي ء من نباته و إن انقطع شي ء منه بلا عمد و اختيار (228).

______________________________

بعدم الفصل بين الحرمين و يأتي الإشكال في كل منهما في محله و لكن الأحوط الاجتناب.

(226) للأصل، و الإجماع، و السيرة و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح حريز: «تخلى عن البعير في الحرم يأكل ما شاء» (1) و الظاهر أنّ ذكر البعير من باب المثال لا الخصوصية.

(227) لعمومات المنع من غير ما يصلح للتخصيص.

نعم، في صحيح جميل و محمد بن حمران قالا: «سألنا أبا عبد اللّه عليه السّلام عن النبت الذي في أرض الحرم أ ينزع؟ فقال عليه السّلام: أما شي ء تأكله الإبل فليس به بأس أن تنزعه» (2) و قد عمل به في المدارك، و المستند.

و فيه: أولا: وهنه بالإعراض.

و ثانيا: يحتمل أن يكون المراد بقوله عليه السّلام: «تنزعه» أي: تنزع الإبل بقرينة ما تقدم من صحيح حريز.

(228) للأصل، و السيرة، و إطلاق أدلة الحج و العمرة مع إحاطة الحرم بالمسجد الحرام.

تنبيه: الحرم المكيّ: بريد في بريد كما ورد في أخبارنا- المستفيضة- و يأتي التعرض لبعضها. و البريد: أربع فراسخ- و كل فرسخ خمس كيلو مترات و نصف

ص: 214


1- الوسائل باب: 89 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 89 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
مسألة 8: يحرم تغسيل المحرم إن مات بالكافور

(مسألة 8): يحرم تغسيل المحرم إن مات بالكافور، و كذا تحنيطه به (229).

______________________________

تقريبا- و أعلام الحرم في خمس جهات علمان عند الحديبية على بعد عشرين ميلا عن المسجد، و علمان عند التنعيم على بعد ستة أميال عن المسجد، و علمان عند الجعرانة على بعد ثلاثة عشر ميلا عنه، و علمان عند عرفة على بعد ثمانية عشر ميلا عنه، و علمان عند إضاءة على بعد اثني عشر ميلا و تحد هذه الأعلام الحرم المقدس و هي واضحة لكل أحد في تحديد الحرم.

(229) إجماعا، و نصوصا، ففي صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام:

«عن المحرم إذا مات كيف يصنع به؟ قال عليه السّلام: يغطى على وجهه، و يصنع به كما يصنع بالحلال إلا أنّه لا يقر به طيبا»(1) و مقتضى إطلاقه حرمة مطلق الطيب بلا اختصاص بالكافور إلا أن يدعى الانصراف إليه و قد تقدم في [مسألة 9] من (فصل كيفية غسل الميت) ما ينفع المقام. و اللّه العالم.

ص: 215


1- الوسائل باب: 83 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

فصل في مكروهات الإحرام

اشارة

فصل في مكروهات الإحرام

مسألة 1: يكره الإحرام في الثياب السود

(مسألة 1): يكره الإحرام في الثياب السود (1)، و كذا ما يوجب الشهرة (2).

______________________________

فصل في مكروهات الإحرام

(1) لقول الصادق عليه السّلام في موثق ابن مختار: «لا يحرم في الثوب الأسود و لا يكفن به الميت» (1) المحمول على الكراهة إجماعا.

(2) لخبر أبان: «سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام أخي و أنا حاضر عن الثوب يكون مصبوغا بالعصفر ثمَّ يغسله ألبسه و أنا محرم؟ فقال عليه السّلام: نعم، ليس العصفر من الطيب، و لكن أكره أن تلبس ما يشهرك بين الناس» (2).

و في خبر ابن جذاعة: «سأل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن مصبغات الثياب يلبسها المحرم؟ قال عليه السّلام: لا بأس به إلا المقدم المشهور» (3).

و المقدم: الثوب المصبوغ بالحمرة صبغا مشبعا هذا مع أنّ حال الإحرام يناسب الشعث الغبر كما في الحديث (4) و لا يناسب الألوان المشبعة المستعملة للزينة- و إطلاقه يشمل كل ما أوجب الشهرة سواء كان للونه أو غيره بل و لو كان لونا خفيفا يوجب الشهرة.

و عن بعض احتمال أنّ المراد بالشهرة الشهرة في المذهب في مقابل

ص: 216


1- الوسائل باب: 26 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 40 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب وجوب الحج حديث: 11.

مسألة 2: يكره للمحرم النّوم على الفراش الأصفر، و المرفقة الصفراء

(مسألة 2): يكره للمحرم النّوم على الفراش الأصفر، و المرفقة الصفراء (3).

______________________________

العامة.

و فيه: أنّه خلاف ظاهر الإطلاق. و عن العلامة: «لا بأس بالمعصفر من الثياب، و يكره إذا كان شبعا و عليه علماؤنا- و قال رحمه اللّه أيضا- و لا يكره إذا لم يكن شبعا عند علمائنا و الظاهر أنّ المشبع من كل لون يوجب الشهرة بقرينة خبر ابن جذاعة.

و أما خبر خالد: «رأيت أبا جعفر عليه السّلام و عليه برد أخضر و هو محرم» (1)، و خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام: «سمعته و هو يقول: كان عليّ عليه السّلام محرما و معه بعض صبيانه و عليه ثوبان مصبوغان، فمر به عمر بن الخطاب، فقال: يا أبا الحسن عليه السّلام ما هذان الثوبان المصبوغان؟ فقال له عليّ عليه السّلام: ما نريد أحدا يعلّمنا السنة إنّما هما ثوبان صبغا بالمشق» (2)- و المشق: طين أحمر يصبغ به الثوب- فيمكن الحمل على أنّه لم يكن مشبعا، أو على بيان الجواز فقط، فإنّهم عليهم السّلام ربما يفعلون بعض المكروهات لمصالح كثيرة، و في خبر ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام:

«يلبس المحرم الثوب المشبع بالمعصفر؟ فقال عليه السّلام: إذا لم يكن فيه طيب فلا بأس» (3) و هو دليل نفي الحرمة كما زعمها بعض العامة.

(3) على المشهور و الظاهر أنّ مرادهم ما كان فيه نوع ترفه بما لا يناسب كون المحرم أشعث أغبر، و في خبر أبي بصير عن أبي جعفر عليه السّلام: «يكره للمحرم أن ينام على الفراش الأصفر، و المرفقة الصفراء» (4) و نحوه خبر المعلّى عن الصادق عليه السّلام (5) و الأولى الاجتناب عن كل فراش و مرفقة يناسب الترفه

ص: 217


1- الوسائل باب: 28 من أبواب الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 42 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 40 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
4- الوسائل باب: 28 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
5- الوسائل باب: 28 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

مسألة 3: يكره الإحرام في الثياب الوسخة و إن كانت طاهرة

(مسألة 3): يكره الإحرام في الثياب الوسخة و إن كانت طاهرة (4)، و لو عرض الوسخ في الأثناء أخّر غسله إلى أن يحلّ (5).

و يكره للمحرم لبس الثياب المعلمة (6).

______________________________

و التزين و المرفقة: المخدّة.

(4) لصحيح ابن مسلم عن أحدهما عليهما السّلام: «الرجل يحرم في ثوب وسخ قال عليه السّلام: لا، و لا أقول: إنّه حرام و لكن تطهيره أحبّ إليّ و طهوره غسله» (1).

(5) لقول أحدهما عليهما السّلام في صحيح ابن مسلم: «لا يغسل الرجل ثوبه الذي يحرم فيه حتى يحلّ و إن توسخ إلا أن تصيبه جنابة أو شي ء فيغسله» (2) المحمول على الكراهة إجماعا.

(6) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «لا بأس أن يحرم الرجل في الثوب المعلم و تركه أحبّ إليّ إذا قدر على غيره» (3). و أما صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «الرجل يحرم في ثوب له علّم؟ فقال عليه السّلام: لا بأس به» (4) فهو دليل أصل الجواز و لا ينافي غيره، كما أنّه لا تنافي بين صحيح المرادي عنه عليه السّلام أيضا:

«عن الثوب المعلم هل يحرم فيه الرجل؟ قال عليه السّلام: نعم، إنّما يكره الملحم» (5) لأنّه محمول على شدة الكراهة فيه جمعا بينه و بين غيره و المعلم: الثوب المشتمل على لونين بالحياكة، أو بالصبغ و الملحّم ما كان بالحياكة.

و يظهر من بعض الأخبار اختصاص الكراهة بالرجل، ففي خبر سماعة عن الصادق عليه السّلام: «أما الخز و العلم في الثوب فلا بأس أن تلبسه المرأة و هي

: 218


1- الوسائل باب: 38 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 38 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 39 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.
4- الوسائل باب: 39 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.
5- فروع الكافي ج: 4 صفحة: 342 و الفقيه ج: 2 صفحة: 216. و لكن في الوسائل باب: 39 من أبواب تروك الإحرام: «إنّما يحرم الملحم».

مسألة 4: يكره للمحرم دخول الحمام

(مسألة 4): يكره للمحرم دخول الحمام، و تدليك الجسد فيه أو في غيره (7).

مسألة 5: يكره له تلبية من يناديه

(مسألة 5): يكره له تلبية من يناديه (8)، و يكره استعمال الرياحين التي ليست بطيب عرفا (9).

______________________________

محرمة» (1).

(7) و يدل عليهما- مضافا إلى الإجماع- خبر ابن خالد عن الصادق عليه السّلام:

«المحرم يدخل الحمام؟ قال عليه السّلام: لا يدخل» (2)، و صحيح ابن شعيب عنه عليه السّلام أيضا: «المحرم يغتسل؟ قال عليه السّلام: نعم، يفيض الماء على رأسه و لا يدلكه» (3) المحمولان على الكراهة إجماعا، و لقوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «لا بأس أن يدخل المحرم الحمام و لكن لا يتدلك» (4) و ذيله محمول على الكراهة بالإجماع.

(8) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح حماد: «ليس للمحرم أن يلبّي من دعاه حتى يقضي إحرامه قال: قلت: كيف يقول؟ قال عليه السّلام: يقول يا سعد» (5) المحمول على الكراهة بقرينة قوله عليه السّلام أيضا: «يكره للرجل أن يجيب بالتلبية إذا نودي و هو محرم» (6)، مع أنّ ذلك يشهد له الاعتبار أيضا، لأنّه في مقام تلبية الخالق فلا ينبغي أن يلبّي المخلوق.

(9) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «لا تمس ريحانا و أنت محرم» (7)، و قوله عليه السّلام في خبر حريز: «لا يمس الحرم شيئا من الطيب و لا

ص: 219


1- الوسائل باب: 39 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 76 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 75 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 76 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
5- الوسائل باب: 91 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
6- الوسائل باب: 91 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
7- الوسائل باب: 18 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

مسألة 6: يكره للمحرم الاحتباء

(مسألة 6): يكره للمحرم الاحتباء، و كذا في المسجد الحرام، و كذا تكره المصارعة، و رواية الشعر و إن كان شعر حق (10).

______________________________

الريحان، و لا يتلذذ و لا بريح طيبة»(1) المحمول على الكراهة جمعا بينه و بين قوله الآخر في صحيح معاوية: «لا بأس أن تشمّ الإذخر، و القيصوم، و الخزامي، و الشيح، و أشباهه و أنت محرم» (2).

(10) على المشهور قال الصادق عليه السّلام: في خبر ابن عثمان: «يكره الاحتباء للمحرم، و يكره في المسجد الحرام» (3)، و عنه عليه السّلام أيضا في خبر حماد: «يكره رواية الشعر للصائم، و المحرم، و في الحرم، و في يوم الجمعة، و إن يروي بالليل قال: قلت: و إن كان شعر حق؟ قال عليه السّلام: و إن كان شعر حق» (4)، و عن عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «سألته عن المحرم يصارع هل يصلح له؟ قال عليه السّلام: لا يصلح له مخافة أن يصيبه جراح أو يقع بعض شعره» (5) و اللّه تعالى هو العالم.

ص: 220


1- الوسائل باب: 18 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
2- الوسائل باب: 25 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 93 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 96 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
5- الوسائل باب: 94 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

فصل في كفارات تروك الإحرام

اشارة

فصل في كفارات تروك الإحرام و هي أقسام:

الأول: ما لا كفارة لها، و هي أحد عشر تروكا

اشارة

الأول: ما لا كفارة لها، و هي أحد عشر تروكا.

الثاني: ما يتعلق بالصيد.

الثالث: ما يتعلق باستمتاع النساء.

الرابع: في سائر تروك الإحرام.

مسألة 1: لا كفارة في الاكتحال بالسواد

(مسألة 1): لا كفارة في الاكتحال بالسواد، و النظر في المرآة، و لبس المرأة الحليّ للزينة، و لبس الخاتم للزينة و الحناء للزينة، و كذا التزين بغيرها (1).

مسألة 2: لا كفارة في لبس ما يستر ظهر القدم ما لم يكن مخيطا

(مسألة 2): لا كفارة في لبس ما يستر ظهر القدم ما لم يكن مخيطا (2)، و إن كان الأحوط الكفارة و لو لم يكن

______________________________

فصل في كفارات تروك الإحرام

(1) كل ذلك للأصل، مضافا إلى ظهور الاتفاق عليه، و إطلاق أدلة حرمتها من غير تعرض للكفارة فيها.

نعم، يستحب تجديد النية بعد النظر في المرآة، لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في حسن معاوية: «لا ينظر المحرم في المرآة لزينة، فإن نظر فليلب» (1) المحمول على الندب إجماعا.

(2) للأصل، و ظهور الاتفاق، و إطلاق أدلة حرمته من غير تعرض

ص: 221


1- الوسائل باب: 34 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

مخيطا (3). و لا كفارة في التدهين ما لم يكن فيه طيب (4).

و كذا لا تجب الكفارة في الفسوق أيضا (5). و لا كفارة في قتل البرغوث و البق (6)، و الأحوط استحبابا في القمّلة كفّ من

______________________________

للكفارة.

(3) خروجا عن خلاف ما نسب إلى بعض من إطلاق وجوبها فيه و إن لم يكن عليه دليل.

(4) لما تقدم من الأصل، و الاتفاق، و ظهور الإطلاق. و لو كان فيه طيب، فكفارته كفارة الطيب.

(5) لصحيح الحلبي، و ابن مسلم أنّهما قالا لأبي عبد اللّه عليه السّلام: «أرأيت من ابتلى بالفسوق ما عليه؟ قال عليه السّلام: لم يجعل اللّه له حدّا يستغفر اللّه و يلبّي» (1) و لكن في فقه الرضا عليه السّلام: «و الفسوق الكذب فاستغفر اللّه منه، و تصدّق بكفّ من طعام» (2) و قصور سنده، و إعراض الأصحاب عنه أسقطه عن إفادة الوجوب.

نعم، هو الأحوط.

و عن الحسن: أنّه لا كفارة في الفسوق سوى الكلام الطيب، لصحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «من التفث أن تتكلم في إحرامك بكلام قبيح، فإذا دخلت مكة و طفت بالبيت تكلّمت بكلام طيب فكان ذلك كفارة» (3) و المشهور عدم الوجوب و سياق الحديث ظاهر في الندب أيضا.

(6) للأصل، و إطلاق خبر زرارة عن أحدهما عليهما السّلام: «المحرم يقتل البقة، و البرغوث إذا رآه؟ قال عليه السّلام: نعم» (4) إلا أن يقال: يجريان ما يأتي في القمّلة فيهما أيضا، لكنه مشكل، لكونه نوعا من القياس و إن كان أحوط رجاء.

ص: 222


1- الوسائل باب: 2 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 6.
2- مستدرك الوسائل باب: 2 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 32 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
4- الوسائل باب: 79 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

طعام (7)، سواء ألقاها من بدنه أو ثوبه أو قتلها (8)

مسألة 3: لا كفارة في إخراج الدم، و لبس السلاح

(مسألة 3): لا كفارة في إخراج الدم، و لبس السلاح، و تغطية المرأة وجهها (9).

______________________________

(7) للأصل، و إطلاق جملة من الأخبار كصحيح معاوية عن الصادق عليه السّلام:

«ما تقول في محرم قتل قمّلة؟ قال عليه السّلام: لا شي ء عليه في القمّلة و لا ينبغي أن يتعمد قتلها» (1)، و في صحيح ابن عمار: «لا شي ء عليه و لا يعود» (2)، و خبر مولى الخالد: «ألقوها أبعدها اللّه غير محمودة و لا مفقودة» (3)، و خبر أبي الجارود عن أبي جعفر عليه السّلام: «عن رجل قتل قمّلة و هو محرم قال عليه السّلام: بئس ما صنع قال: فما فداؤها؟ قال عليه السّلام: لا فداء لها» (4).

و يظهر من صاحب الجواهر- أنّ المشهور عدم الفدية أيضا و لكن في حسن أبي العلاء: «المحرم لا ينزع القمّلة من جسده و لا من ثوبه متعمدا و إن فعل شيئا من ذلك خطأ فليطعم مكانها طعاما قبضة بيده» (5). و يمكن حمل الطائفة الأولى من الأخبار على نفي الدم لا مطلق الكفارة بقرينة الطائفة الثانية منها، كما يمكن الحمل على الندب. و الأول بعيد و الأخير شائع كما لا يخفى.

(8) لأولوية القتل من الإلقاء عرفا في الكفارة مع شمول إطلاق النزع و الإبانة لكل منها.

(9) كل ذلك للأصل بعد خلوّ النصوص الواردة فيها، مع كونها في مقام البيان عن التعرض للكفارة.

نعم، قد ورد في خبر قرب الإسناد عن أبي جعفر عن أخيه عليه السّلام: «لكل

ص: 223


1- الوسائل باب: 78 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 78 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
4- الوسائل باب: 15 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 8.
5- الوسائل باب: 15 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 3.
مسألة 4: لا كفارة في صيد البحر

(مسألة 4): لا كفارة في صيد البحر (10)، و لا في صيد الدجاج الحبشيّ المسمّى بالعرعر (11). و كذا لا كفارة في ذبح النعم و إن توحشت (12). و لا كفارة في قتل السّباع ماشية كانت أو طائرة، أرادتك أو لا (13)، و يجوز قتلها مع الخوف (14).

______________________________

شي ء خرجت من حجك فعليك فيه دم يهريقه حيث شئت» (1) و لكنه قاصر سندا، و مجمل متنا، و لم يظهر عامل بإطلاقه. و نسب إلى الشيخ رحمه اللّه وجوب الدم في تغطية المرأة وجهها و إطلاقه يشمل ما إذا إزالتها بسرعة و لكن اعترف في الحدائق بعدم العثور على دليل له عليه.

نعم، هو الأحوط، فهذه أحد عشر من تروك الإحرام مما لا دليل عليه وجوب الكفاة فيها.

نعم، يجب فيها الاستغفار لوجوبه في ارتكاب كل معصية كبيرة كانت أو صغيرة.

(10) للأصل، و إجماع المسلمين، و أنّه لا وجه للكفارة فيما ليس من تروك الإحرام أصلا.

(11) نصّا، و إجماعا ففي صحيح معاوية قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الدجاج الحبش فقال عليه السّلام: ليس من الصيد- الحديث-» (2) أي: لا يجري عليه حكم الصيد من الكفارة و غيرها.

(12) للأصل، و الإطلاق، و الإجماع.

(13) للأصل، و الإجماع المدعى في الخلاف، و التذكرة.

(14) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح حريز: «كل ما يخاف المحرم على نفسه من السباع، و الحيات، و غيرها فليقتله. و إن لم يردك فلا ترده» (3)،

ص: 224


1- الوسائل باب: 8 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 40 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1 و 7.
3- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.

و أما بدونه فلا يجوز (15) خصوصا في الحرم (16).

______________________________

و قوله عليه السّلام أيضا في مرسل المقنعة: «و كل شي ء أراده من السباع، و الهوام فلا حرج عليه في قتله» (1) و لا وجه للاستدلال بمثل هذه الأخبار لعدم الكفارة، لأنّ جواز القتل أعمّ من عدمها.

(15) لظاهر ما تقدم من قول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «و إن لم يردك فلا ترده»، و مفهوم قوله عليه السّلام: «يقتل المحرم كل ما خشيه على نفسه» (2) و يحتمل الحمل على الكراهة لكنه بلا شاهد.

(16) لصحيح ابن أبي عمير عن الصادق عليه السّلام: «رجل أدخل فهدا إلى الحرم إله أن يخرجه؟ فقال عليه السّلام: هو سبع و كل ما أدخلت من السبع الحرم أسيرا فلك أن تخرجه» (3).

و الظاهر أنّه لا موضوعية للخشية على نفسه فقط، فلو خاف على نفس محترمة من أهله أو غيره يجوز أيضا، لأنّ الحكم امتنانيّ يشمل الجميع. كما أنّ الخوف أعمّ من الفعلي منه و الاستقبالي، لظهور الإطلاق.

ثمَّ إنّه ورد في خبر أبي سعد: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل قتل أسدا في الحرم قال عليه السّلام: عليه كبش يذبحه» (4) و إطلاقه يشمل صورتي الإرادة و غيرها و يمكن تقييده بما تقدم من صحيح حريز. و لكن عن ابن زهرة الإجماع على الكفارة و لو مع عدم الإرادة. و عن الخلاف الإجماع على أنّ عليه كبشا، فيشمل ما إذا قتل في غير الحرم أيضا، و يعضده إطلاق الرضوي (5).

ص: 225


1- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
2- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 13.
3- الوسائل باب: 41 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
4- الوسائل باب: 39 من أبواب كفارات الصيد حديث: 9.
5- مستدرك الوسائل باب: 28 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
مسألة 5: لا بأس بقتل العقرب، و الأفعى، و الفارة

(مسألة 5): لا بأس بقتل العقرب، و الأفعى، و الفارة (17) بلا فرق بين الحرم و غيره (18). و لا بأس برمي الحدأة و الغراب (19) في الحرم

______________________________

(17) نصّا، و إجماعا قال الصادق عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «إذا أحرمت فاتق قتل الدواب كلّها إلا الأفعى، و العقرب، و الفأرة- إلى أن قال عليه السّلام- و الأسود الغدر فاقتله على كلّ حال، و ارم الغراب، و الحدأة رميا على ظهر بعيرك» 2(1) و قال عليه السّلام أيضا في خبر أبي العلاء: «يقتل المحرم الأسود الغدر، و الأفعى، و العقرب، و الفارة» (2) و لا إشكال في الحكم في صورة الإرادة. و أما مع عدمها فقد مر في صحيح حريز: «و إن لم يردك فلا ترده» و لكن قال في الجواهر:

«التأمل في النصوص أجمع يقتضي الجواز في هذه الثلاثة، و الأسود الغدر الذي هو قسم من الحيات المصرّح في النص يقتله على كل حال، مع أنّه لا قائل بالتفصيل في الحيات فلا بد حينئذ بالجمع بينها بحمل النهي مع الإرادة على الكراهة».

(18) للإطلاق الشامل لهما.

(19) لما تقدم في صحيح ابن عمار، و الظاهر أنّ التقييد فيه بظهر البعير من باب بيان إحدى المصاديق لا الخصوصية و قد وردت أخبار غير مقيدة بذلك كقوله عليه السّلام في صحيح الحلبي: «و يرجم الغراب و الحدأة رجما» (3)، و قوله عليه السّلام: «و لا بأس للمحرم أن يرمي الحدأة» (4) و لذا أطلق المحقق رحمه اللّه في الشرائع ذلك.

و أما تقييد الغراب بالأبقع في رواية سدير (5)فالظاهر أنّه من الباب غلبة

ص: 226


1- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
4- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 10.
5- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 11.

و الإحرام (20). و لا كفارة في قتلهما (21). و لا فرق بين كون الرمي بقصد التنفر أو القتل (22)، و الأحوط الاقتصار على الأول (23).

مسألة 6: يجوز قتل الزنبور إن أراده

(مسألة 6): يجوز قتل الزنبور إن أراده (24)، و لا كفارة فيه حينئذ.

و كذا إن قتله خطأ (25)، و في قتله عمدا صدقة و لو بكف من طعام (26).

______________________________

شرارته، فيكون القيد واردا مورد الغالب، فلا أثر له حينئذ.

(20) للإطلاق الشامل لها.

(21) لما في المبسوط من اتفاق الأمة على العدم.

(22) لإطلاق الأدلة الشامل لكل منهما.

و لكن في شمول الإطلاق للذبح الاختياريّ إشكال لاحتمال الانصراف عنه فيرجع إلى الأصل.

(23) خروجا عن خلاف من قوىّ حرمة الرمي بقصد القتل كصاحب الجواهر في النجاة، و لكنّه مخالف لظهور الإطلاق.

(24) إجماعا، و نصوصا.

منها: قول الصادق عليه السّلام: «كل ما يخاف المحرم على نفسه من السباع، و الحيات، و غيرها فليقتله و إن لم يردك فلا ترده» (1)، و قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «سألته عن محرم قتل زنبورا؟ قال: إن كان خطأ فليس عليه شي ء. قلت: لا بل متعمدا قال عليه السّلام: يطعم شيئا من طعام. قلت: إنّه أرادني قال عليه السّلام: إن أرادك فاقتله» (2).

(25) للأصل، و ظاهر ما تقدم من صحيح ابن عمار.

(26) لما تقدم من صحيح ابن عمار، و يشهد له الفقه الرضوي (3)، و خبر

ص: 227


1- الوسائل باب: 81 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- مستدرك الوسائل باب: 8 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
مسألة 7: الأحوط وجوبا ترك إخراج القماريّ، و الدباسيّ من مكة

(مسألة 7): الأحوط وجوبا ترك إخراج القماريّ، و الدباسيّ من مكة، و يحرم ذبحها و أكلها في الحرم و الإحرام (27).

القسم الثاني: في ما يتعلق بالصيد، و هو قسمان

اشارة

القسم الثاني: في ما يتعلق بالصيد، و هو قسمان:

الأول: ما لكفارته بدل مخصوص، و هو خمسة أقسام
اشارة

الأول: ما لكفارته بدل مخصوص، و هو خمسة أقسام (28):

الأول: النعامة، ففي قتلها بدنة
اشارة

الأول: النعامة، ففي قتلها بدنة (29).

______________________________

الدعائم (1).

(27) أما الأول، فلجملة من الأخبار:

منها: ما عن زرارة عن الصادق عليه السّلام: «رجل أخرج طيرا له من مكة إلى الكوفة قال عليه السّلام: يرده إلى مكة» (2) و إطلاقها يشمل القماري، و الدباسي و غيرهما، و مثله خبره الآخر عن أبي جعفر عليه السّلام (3).

نعم، في خبر عيص بن القاسم قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شراء القماري يخرج من مكة و المدينة قال عليه السّلام: ما أحبّ أن يخرج منهما شي ء» (4) و قد ادعى ظهوره في الجواز و لكنه مشكل، مع أنّه مختص بخصوص القماري.

و أما الأخير: فللإجماع، و العمومات.

(28) على ما يأتي التعرض لها تفصيلا إن شاء اللّه تعالى.

(29) إجماعا، و نصوصا قال الصادق عليه السّلام في صحيح حريز في قول اللّه عز و جل:- مثل ما قتل من النّعم- «في النعامة بدنة، و في حمار الوحش بقرة، و في الظبي شاة، و في البقرة بقرة» (5)، و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح زرارة، و ابن مسلم:

«في محرم قتل نعامة قال عليه السّلام: عليه بدنة، فإن لم يجد فإطعام ستين مسكينا فإن

ص: 228


1- مستدرك الوسائل باب: 8 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الصيد حديث: 8.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الصيد حديث:
5- الوسائل باب: 1 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
مسألة 1: الأحوط وجوبا في الكفارة الاقتصار على الإبل

(مسألة 1): الأحوط وجوبا في الكفارة الاقتصار على الإبل، و يجب أن يتم لها خمس سنين و دخل في السادسة (30).

مسألة 2: لو عجز عن البدنة دفع عن قيمتها طعاما

(مسألة 2): لو عجز عن البدنة دفع عن قيمتها طعاما، و تصدّق به لكل مسكين مدّ و هو ثلاثة أرباع الكيلو و الأحوط مدان- و هو كيلو و نصف- فإن زاد ذلك عن ستين لم يلزم به، كما أنّه لم يجب إكمال الناقص (31). فإن

______________________________

كان قيمة البدنة أكثر من إطعام ستين مسكينا لم يزد على إطعام ستين مسكينا.

و إن كان قيمة البدنة أقلّ من إطعام ستين مسكينا لم يكن عليه إلا قيمة البدنة» (1).

و عنه عليه السّلام أيضا في صحيح ابن خالد: «في الظبي شاة، و في البقرة بقرة، و في الحمار بدنة، و في النعامة بدنة، و في ما سوى ذلك قيمته» (2) و لا تنافي بينها و بين قوله عليه السّلام في خبر أبي الصلاح: «في الظبي شاة، و في حمار الوحش بقرة، و في النعامة جزور» (3) إذ الجزور يطلق على البدنة أيضا كالعكس، كما عن بعض اللغويين لكن المنساق منهما عرفا المغايرة كما لا يخفى، مع أنّ خبر أبي الصباح قاصر سندا، لمحمد بن الفضل، فإن صح الإطلاق فهو و إلا فالترجيح للبدنة، لكثرة الأخبار الدالة عليه، و صحة السند، و الموافقة للمشهور. و البدنة:

تعمّ الذكر و الأنثى عند جمهور اللغويين و جمع من الفقهاء.

(30) أما الاقتصار على الإبل. فلأنّه المنساق من البدنة عرفا و إن صح الإطلاق على البقرة لغة. و أما السن فلأنّها من الهدي، فيعتبر فيها ما يعتبر فيه. و ما عن العلامة من اعتبار المماثلة في السن مع النعامة، لإطلاق قوله تعالى مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ (4) اجتهاد في مقابل النص.

(31) على المشهور، لما تقدم في صحيح زرارة، و ابن مسلم، و إطلاق

ص: 229


1- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 7.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
4- سورة المائدة: 95.

.....

______________________________

قوله عليه السّلام فيه و في غيره من النصوص يشمل ما يجزي في مطلق الكفارات.

نعم، ذكر البرقي خبر الزهري فقط عن السجاد عليه السّلام: «يقوّم الصيد قيمة عدل ثمَّ يفض تلك القيمة على البر ثمَّ يكال ذلك البر أصواعا فيصوم لكل نصف صاع يوما» (1) و لكن قصور سنده، و قوة احتمال أنّ ذكره من باب المثال يمنع عن تقييد المطلقات به.

ثمَّ إنّ أخبار المقام على ثلاثة أقسام:

الأول: ما اشتمل على لفظ المدّ، كصحيح ابن عمار «يطعم ستين مسكينا كل مسكين مدّ» (2)، و خبر أبي بصير: «و الصدقة مدّ لكل مسكين» (3) و هو المعروف نصّا، و فتوى في سائر الكفارات أيضا.

الثاني: ما اشتمل على نصف صاع كصحيح أبي عبيدة عن الصادق عليه السّلام:

«ثمَّ قومت الدراهم طعاما ثمَّ جعل لكل مسكين نصف صاع، فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما» (4) و ذكر نصف صاع في خبر الزهري، و فقه الرضا أيضا (5).

الثالث: ما اشتمل على إطعام ستين مسكينا من دون التعرض لكمية الطعام و المنساق منها المدّ أيضا كما تقدّم في صحيح زرارة و ابن مسلم.

و أحسن طرق الجمع بين القسمين الأولين حمل نصف صاع الذي هو عبارة عن المدين على الندب كما في كفارة اليمين حيث فيها مدان المحمول على الندب جمعا بينه و بين سائر ما ورد فيها فلا وجه لما ظهر من المحقق رحمه اللّه في الشرائع أولا من تعين البر. و ثانيا من المدّين لكل مسكين، و كذا ما يظهر من النجاة من تعين المدّين، مع أنّ الزيادة على المدّ شك في أصل التكليف و يدفع بالبراءة و لكن الأحوط في المقام المدان، لما نسب ذلك إلى المشهور.

ص: 230


1- الوسائل باب: 1 من أبواب بقية الصوم الواجب حديث: 1 (كتاب الصوم).
2- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 11.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
5- مستدرك الوسائل باب: 1 من أبواب بقية الصوم حديث: 1.

كانت قيمة البدنة أكثر من إطعام ستين مسكينا لم يزد على إطعام الستين، و إن كانت أقلّ منه لا تجب عليه الا قيمة البدنة (32).

مسألة 3: لو عجز عن قيمة البدنة

(مسألة 3): لو عجز عن قيمة البدنة صام بقدر ما بلغ لكلّ مسكين يوما (33)، و مع العجز عنه صام ثمانية عشر يوما (34). و في فرخ النعامة

______________________________

ثمَّ إنّه لا بد و أن تكون مثلية الجزاء بنظر الثقة من أهل الخبرة بل الأحوط التعدد و العدالة.

(32) تقدم ذلك في صحيح ابن مسلم و زرارة.

(33) على المشهور المدعى عليه الإجماع، و يدل عليه ما تقدم من صحيح أبي عبيد بناء على أنّ لكل مسكين نصف صاع، و صحيح ابن مسلم:

«فإن لم يكن عنده فليصم بقدر ما بلغ لكل طعام مسكين يوما» (1) بناء على ما نسب إلى المشهور من تفريق مدّين لكل مسكين يكون صوم كل يوم بدلا عنه.

و بناء على أنّه مدّ لكل يوم يكون صوم كل يوم بدلا عنه و مقتضى البدلية عدم تعين الصوم في ستين يوما بل يكون بقدر ما بلغ الطعام كما في صحيح ابن مسلم فالتعبير بالستين لعله من باب الغالب من بلوغ القيمة إلى إطعام الستين لا الخصوصية و لم أظفر على نصّ يشتمل على صيام ستين يوما.

نعم، يستفاد ذلك بالملازمة من ذكر إطعام ستين مسكينا و كون صوم كل يوم بدلا عن كل مسكين.

(34) على المشهور المنصوص، ففي خبر أبي بصير: «قلت: فإن لم يقدر على أن يتصدق؟ قال عليه السّلام: يصوم ثمانية عشر يوما» (2) المحمول على عجزه عن صوم الستين. و لو قدر على الزائد لا يجب، للأصل و لو شرع في الصوم بقصد إتمام الستين، فعجز بعد إتمام ثمانية عشر يوما، فالظاهر الإجزاء، و كذا لو

ص: 231


1- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 8.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.

في سنه من الإبل (35).

الثاني: بقر الوحش، و حمار الوحش

الثاني: بقر الوحش، و حمار الوحش. و في كل واحد منهما بقرة أهلية (36)، و مع العجز دفع عن القيمة ما يجزي في الكفارة لكلّ مسكين مدّ- ثلاثة أرباع الكيلو- و الأحوط مدان- أي كيلو و نصف- حتى يبلغ ثلاثين، و لا يجب الزائد لو زادت القيمة، كما لا يجب إكمال الناقص. لو نقصت، و مع العجز يصوم عن إطعام كل مسكين يوما، فإن عجز صام تسعة أيام (37).

______________________________

عجز بعد التجاوز عنه بيوم أو أيام، كل ذلك لتحقق الموضوع، فينطبق الحكم عليه قهرا.

(35) لإطلاق المماثلة الواردة في الآية الكريمة (1)، و لأصالة البراءة عن وجوب الزائد، و لمرسل المحقق رحمه اللّه في الشرائع، و لكن في صحيح أبان: إنّ فيه بدنة أيضا (2) و يمكن حمله على الندب.

(36) نصّا و إجماعا، ففي صحيح حريز: «في حمار الوحش بقرة، و في الظبي شاة، و في البقرة بقرة» و غيره من الصحاح. و أما ما دل على أنّ في حمار الوحش بدنة كصحيح ابن خالد و غيره فيمكن حمله على التخيير لو لم يكن دليل البقرة مرجحا عليه من جهة دعوى الإجماع.

(37) إجماعا، و نصوصا منها قول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «و من كان عليه شي ء من الصيد فداؤه بقرة فإن لم يجد فليطعم ثلاثين مسكينا، فإن لم يجد فليصم تسعة أيام» (3).

و عنه عليه السّلام في صحيح حريز: «في حمار الوحش بقرة، و في الظبي شاة،

ص: 232


1- و هي قوله تعالى فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ المائدة: 95.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 9.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 11.
الثالث: الظبي، و في قتله شاة

الثالث: الظبي، و في قتله شاة، فإن عجز يدفع عن قدر القيمة ما يجزي في الكفارة لكلّ مسكين مدّ- أي ثلاثة أرباع الكيلو- و الأحوط مدان على عشر مساكين، و لا يلزم ما زاد كما لا يجب إكمال الناقص، فإن عجز صام عن إطعام كل مسكين يوما، و إن عجز صام ثلاثة أيام (38).

______________________________

و في البقرة بقرة» (1).

و لا بد من تقييده بما ذكرناه، بقرينة الإجماع. و الكلام في المد، و المدين و البرعين ما تقدم في النعامة فلا وجه للإعادة مع عدم كون هذه المسائل مورد الابتلاء، و كذا في ما يأتي من نظير المقام، فلا وجه للتطويل في ما لا موضوع له أصلا.

(38) إجماعا، و نصّا فعن أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «قلت: فإن أصاب ظبيا؟ قال عليه السّلام: عليه شاة قلت: فإن لم يقدر؟ قال عليه السّلام: فإطعام عشرة مساكين، فإن لم يقدر على ما يتصدّق به فعليه صيام ثلاثة أيام» (2) و لا بد من حمله على التفصيل الذي ذكرناه في المتن لتسالمهم عليه، مضافا إلى إطلاق الآية الشريفة (3)، و قول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين، فمن لم يجد صام ثلاثة أيام» (4).

و تقدم في بدل فداء النعامة ما ينفع المقام فما عن المحقق، و الصدوقين، و ابن الجنيد، و ابن أبي عقيل، و المسالك من عدم البدل، للأصل (مخدوش) إلا أن يقال: إن كون الصحيحين في مقام بيان القاعدة الكلية لكل من عليه شاة أول الكلام و الشك في ذلك يكفي في عدم جواز التمسك بهما، للكلية و المنصرف منهما خصوص ما نصّ فيه على البدن و هو الظبي.

ص: 233


1- الوسائل باب: 1 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
3- سورة المائدة: 95.
4- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 11.

و الثعلب و الأرنب مثل الظبي فداء و بدلا (39). و الأبدال في الأقسام الثلاثة على الترتيب (40).

______________________________

(39) أما الأول: فيدل عليه- مضافا إلى الإجماع- صحيح أحمد بن محمد قال: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المحرم أصاب أرنبا أو ثعلبا؟ قال عليه السّلام:

في الأرنب شاة» (1).

و في خبر أبي بصير: «في الأرنب دم مثل ما في الثعلب شاة» (2).

المنجبر بفتوى المشهور و خبر تحف العقول، قال عليه السّلام: «و كذلك إذا أصاب أرنبا أو ثعلبا فعليه شاة».

و أما الثاني: فلإطلاق صحيح معاوية- المتقدم-: «من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد صام ثلاثة أيام» فإنّ ظاهره أنّه في مقام بيان القاعدة الكلية، و كذا صحيح أبي عبيدة: «إذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفّر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوّم جزاءه من النعم دراهم ثمَّ قوّمت الدراهم طعاما، ثمَّ جعل لكل مسكين نصف صاع، فإن لم يقدر على الطعام صام لكل نصف صاع يوما» (3).

(40) على المشهور، لظاهر ما تقدم من النصوص المنزلة عليه الآية الكريمة (4)، فيقيد بتلك النصوص قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في صحيح حريز: «كل شي ء في القرآن (أو) فصاحبه فيه بالخيار يختار ما يشاء» (5) و على هذا فلا وجه للقول بالتخيير كما نسب إلى جمع.

ص: 234


1- الوسائل باب: 4 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
4- سورة المائدة: 95.
5- الوسائل باب: 14 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
الرابع: كسر بيض النعام

الرابع: كسر بيض النعام، في كل بيضة إذا تحرّك الفرخ فيها بكارة من الإبل بنت مخاض فصاعدا، و مع عدم التحرك، أو عدم الفرخ فيها يرسل الفحل من الإبل على الإناث بعدد البيض فما ينتج فهو هدي و ما لم ينتج فلا شي ء عليه (41). و مع العجز فعن كلّ بيضة شاة، و مع العجز إطعام عشرة

______________________________

(41) إجماعا، و نصّا، ففي صحيح ابن جعفر عليه السّلام عن أخيه: «رجل كسر بيض نعام، و في البيض فراخ قد تحرّك فقال عليه السّلام: عليه لكل فرخ تحرك بعير ينحره في المنحر»(1).

و عن الصادق عليه السّلام: «إنّ في كتاب عليّ عليه السّلام في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل» (2).

و لا بدّ من حمله على ما إذا تحرك. و البكارة من الغنم و الإبل الفتي منهما، فيشمل بنت المخاض و ما فوقها و يجزي البكر أيضا، إذ البكارة جمع البكر و البكرة. و يدل على الحكم الأخير جملة من النصوص:

منها: ما عن الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «من أصاب بيض نعام و هو محرم، فعليه أن يرسل الفحل في مثل عدد البيض من الإبل، فإنّه ربما فسد كله و ربما خلق كله، و ربما صلح بعضه و فسد بعضه فما نتجت الإبل فهديا بالغ الكعبة» (3).

و نسب إلى الصدوقين أنّه مع عدم التحرك لكل بيضة شاة للفقه الرضوي (4)، و خبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «في بيضة النعامة شاة» (5)، و خبر ابن الفضل- على ما في الجواهر- «و إذا أصاب المحرم بيض نعام ذبح عن كل

ص: 235


1- الوسائل باب: 24 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
4- مستدرك الوسائل باب: 18 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
5- الوسائل باب: 23 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.

مساكين لكل مسكين مدّ، و مع العجز صيام ثلاثة أيام (42). و لا فرق بين الكسر مباشرة أو تسبيبا، كما لا فرق بين الكسر فقط أو الكسر و الأكل (43).

و لو كسر بيضة فيها فرخ ميت، أو كانت فاسدة، أو خرج فرخها فعاش لا

______________________________

بيضة شاة» (1) و يمكن حملهما على صورة العجز عن الإرسال جمعا بين الأخبار، مع إعراض المشهور عن ظاهر الأخيرين قال في الجواهر:

«لم نعرف أحدا وافقه عليه بل ذلك و نحوه منه أعظم شاهد على إرادة تعبيره بمضمون بعض النصوص التي عثر عليها من غير التفات إلى تحقيق حال أو تنقيح المراد منها و الجمع بين مضامينها كما هو عادة أهل الأخبار في الأصول و الفروع».

(42) نصّا، و اتفاقا، ففي خبر عليّ بن أبي الحسن عليه السّلام: «رجل أصاب بيض نعامة و هو محرم قال عليه السّلام: يرسل الفحل في الإبل- إلى أن قال- فمن لم يجد إبلا فعليه لكل بيضة شاة فإن لم يجد تصدّق على عشرة مساكين لكل مسكين مدّ فإن لم يقدر فصيام ثلاثة أيام» (2). و أما خبرا أبي بصير، و ابن الفضيل المقدم فيهما الصيام على الإطعام فأسقطهما عن الاعتبار إعراض الأصحاب عنهما.

(43) للإطلاق الشامل للجميع، مضافا إلى المرسل عن عليّ عليه السّلام فيمن وطئت ناقته بيض نعام، فكسرته فقال له الحسن عليه السّلام: «يجب عليك أن ترسل فحولة الإبل في إناثها بعدد ما انكسر من البيض» (3)، و أصالة البراءة عن الفداء للأكل غير فداء الكسر، إذ المسألة من موارد الأقل و الأكثر.

ص: 236


1- لم نعثر على هذا الحديث إلا في الفقيه ج: 2 صفحة: 234.
2- الوسائل باب: 23 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.
3- الوسائل باب: 23 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.

شي ء عليه (44). و مصرفه مصرف سائر كفارات الصيد، و لا يجب تربيته (45).

الخامس: بيض القطاة، و الحجل، و الدرّاج

الخامس: بيض القطاة، و الحجل، و الدرّاج فمع تحرّك الفرخ فيها صغار من الغنم، و قبل التحرك، أو كسر ما لا فرخ فيه يرسل الفحل في الإناث من الغنم بعدد البيض، كما تقدم في بيض النعام (46). و مع العجز فعليه لكلّ بيضة شاة فإن لم يجد أطعم لكلّ بيضة عشرة مساكين، فإن لم

______________________________

(44) كل ذلك للأصل بعد ظهور الأدلة في غيرها.

(45) أما الأول، فلإطلاق أدلة مصرف جزاء الصيد الشامل للمقام أيضا.

و أما الأخير، فلأصالة البراءة عن وجوب التربية بل يصرفه في ذلك الوقت و لو لم يرب.

(46) لصحيح ابن خالد قال الصادق عليه السّلام: «في بيض القطاة بكارة من الغنم إذا أصابه المحرم مثل ما في بيض النعام بكارة من الإبل» (1) و لم يرد في النصوص إلا القطاة و الظاهر أنّ القطاة ذكر من باب المثال، فيشمل الحجل، و الدراج أيضا- و عن الشهيد الثاني إلحاقه بالحمام في البيض- و مثله صحيحه الآخر (2)، و في مرسل ابن رباط عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن بيض القطاة قال عليه السّلام: يصنع فيه في الغنم كما يصنع في بيض النعام في الإبل» (3) و الأفضل أن يكون مخاض من الغنم، لمضمر ابن خالد (4) و لا بد من حملها على صورة التحرك، للإجماع، و ظاهر التشبيه ببيض النعام، و بقرينة صحيح ابن خالد، و منصور قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن محرم وطأ بيض القطاة فشدخه؟

ص: 237


1- الوسائل باب: 24 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
2- الوسائل باب: 24 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
3- الوسائل باب: 25 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
4- الوسائل باب: 25 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.

يجد صام لكلّ بيضة ثلاثة أيّام (47).

القسم الثاني من الصيد: ما ليس لكفارته بدل مخصوص، و هو خمسة أقسام أيضا
اشارة

القسم الثاني من الصيد: ما ليس لكفارته بدل مخصوص، و هو خمسة أقسام أيضا:

الأول: الحمام
اشارة

الأول: الحمام (48)، و في قتل الحمامة شاة على المحرم في

______________________________

فقال عليه السّلام: يرسل الفحل- في عدد البيض- من الغنم كما يرسل الفحل في عدد البيض في الإبل» (1) و إطلاق المماثلة يشمل جميع ما تقدم من الأحكام في بيض النعام.

(47) نسب ذلك إلى المفيد، و الشيخ، و العلامة في القواعد، و ظاهر المحقق في الشرائع ذلك أيضا و دليلهم عليه إطلاق المماثلة الوارد في الأخبار بين بيض القطاة و بيض النعام كصحيحي ابن خالد، و مضمرة، و مرسل ابن رباط و هذه الأخبار و إن لم تكن صريحة في المدعى و لكن لها نوع ظهور فيه و هو يكفي و لا دليل على اعتبار أزيد منه في الظنون الاجتهادية فلا وجه لما عن المحقق رحمه اللّه في النكت من عدم النص، و لا لما عن العلامة في جملة من كتبه من التردد من هذه الجهة، كما لا وجه لما أشكله في الروضة بأنّ الشاة لا تجب في البيضة ابتداء و إنّما تجب نتاجها على فرض الحصول و هي أقل من الشاة بكثير فكيف تجب مع العجز، و لذا فسره جمع بأنّ المراد بالمماثلة: المماثلة في الإطعام و الصيام فقط دون الشاة، إذ فيه أنّه صحيح مع قطع النظر عن إطلاق أخبار المماثلة، لأنّ المسألة حينئذ خالية عن الدليل و المرجع فيها الأصل. و أما مع ملاحظة إطلاق تلك الأخبار، فلا وجه للإشكال لكفايته في الاستدلال فيكون حكما تعبديا لم يعرف حكمته كما في كثير من الأحكام.

(48) المعروف بين الفقهاء أنّه كل طائر يشرب الماء كالدواب لا كمثل الدجاج، و يشهد له العرف الخاص أيضا. و عن جمع من أهل اللغة إنّه كل طير

ص: 238


1- الوسائل باب: 25 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.

الحلّ (49)، و الأحوط في المطوّق من الطير ذلك أيضا (50) عدا القطاة و الحجل و الدرّاج (51). و يجب على المحلّ في قتلها في الحرم درهم (52)،

______________________________

مطوّق بأيّ لون كان الطوق، و لا يبعد الملازمة في الجملة بين ما قاله الفقهاء و ما نقل عن أهل اللغة و في مورد الاختلاف يؤخذ بقول الفقهاء، لأنا نرى شيوع استعمال الحمام على ما يعبّ الماء و لا طوق له مطلقا بل إما أبيض محض، أو رماديّ كذلك، أو ملون بلون آخر في تمام جسده بلا طوق فيه، فالمدار على التسمية العرفية و في مورد الشك لا يلحقه الحكم الخاص بالحمام من جهة الشك في الموضوع.

(49) نصوصا، و إجماعا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح حريز: «المحرم إذا أصاب حمامة ففيه شاة، و إن قتل فراخه ففيه حمل، و إن وطأ البيض فعليه درهم» (1) و لا بد من حمله على ما إذا كان قتل المحرم للحمامة في غير الحرم بقرينة ما يأتي من صحيح الحلبي.

(50) لما عن جمع من اللغويين، و بعض الفقهاء أنّ الحمام عبارة عن المطوق من الطير.

(51) لما يأتي من الكفارة الخاصة لها. و ما عن جمع من القدماء مما يوهم الخلاف فإن أمكن إرجاعه إلى المشهور فهو و إلا فلا بد من رده إليهم.

(52) على المشهور المنصوص، ففي خبر محمد بن الفضل عن أبي الحسن عليه السّلام: «سألته عن رجل قتل حمامة من حمام الحرم و هو غير محرم قال عليه السّلام: عليه قيمتها و هو درهم يتصدق به، أو يشتري طعاما لحمام الحرم» (2).

و عنه عليه السّلام أيضا: في خبر صفوان «من أصاب طيرا في الحرم و هو محلّ

ص: 239


1- الوسائل باب: 9 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب كفارات الصيد حديث: 6.

و الأحوط القيمة مع زيادتها عليه (53)، و في فرخها على المحرم في الحلّ حمل (54)، و على المحلّ في الحرم نصف درهم (55). و لو كان محرما

______________________________

فعليه القيمة و القيمة: درهم يشتري به علفا لحمام الحرم»(1) إلى غير ذلك من النصوص التي يستفاد منها أنّ الدراهم قيمة شرعية لها كما يمكن أن يستفاد ذلك مما مرّ في خبر محمد بن الفضل.

(53) لاحتمال أن يكون التقويم الشرعيّ بلحاظ القيمة التي كانت للحمامة في تلك الأزمنة، و يشهد له ما في صحيح ابن منصور عن الصادق عليه السّلام:

«عليك الثمن» (2)، و قد ذكر لفظ الثمن في صحيح ابن عمار أيضا (3)، و الأخبار بين صريح في الدرهم و مفسّر للقيمة به، و مشتمل على الدرهم و شبهه، و على الثمن، و على مثل، و على أفضل من الثمن و يأتي نقل جملة منها، و يمكن انطباق الجميع على الدرهم كما فهمه الأصحاب، فأطلقوا وجوب الدرهم مطلقا، فيشكل ما في المدارك: «من أنّ المتجه اعتبار القيمة مطلقا» لمخالفته لظاهر كلام الأصحاب.

نعم، الأحوط الأزيد من الدرهم و من القيمة كما نسب إلى التذكرة.

(54) على المشهور المنصوص، و تقدم قول الصادق عليه السّلام في صحيح حريز. و الحمل (بالتحريك) ما تمَّ له أربعة أشهر. و أما صحيح ابن سنان: «و إن كان فرخا فجدي، أو حمل صغير من الضأن» (4) فهو ساقط بالإعراض، و في المدارك إنّي لم أجد له موافقا.

(55) على المشهور، لصحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام: «في قيمة الحمامة درهم، و في الفرخ نصف درهم، و في البيض ربع درهم» (5)، و مثله

ص: 240


1- الوسائل باب: 10 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب كفارات الصيد حديث: 8.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.
4- الوسائل باب: 9 من أبواب كفارات الصيد حديث: 6.
5- الوسائل باب: 10 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

و فعل ذلك في الحرم اجتمع عليه الأمران (56)، و الأحوط تضاعف الفداء (57)، و في بيضها مع تحرّك الفرخ حمل (58)، و قبل

______________________________

صحيح حفص (1) و لا بد من حملهما على المحلّ في الحرم، بقرينة غيرهما من الإجماع و الأخبار.

(56) نصّا، و إجماعا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح الحلبي: «إن قتل المحرم حمامة في الحرم فعليه شاة، و ثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدق به، أو يطعمه حمام مكة»(2) و نحوه غيره، و في خبر أبي بصير عنه عليه السّلام أيضا: «فيمن قتل طيرا من طير الحرم و هو محرم في الحرم قال عليه السّلام: عليه شاة و قيمة الحمامة درهم يعلف به حمام الحرم و إن كان فرخا فعليه حمل و قيمة الفرخ» (3).

و تقتضيه قاعدة تعدد المسبّب بتعدد السبب، و هتكه لحرمة الحرم و الإحرام و يمكن أن يكون هذا هو المراد بقوله عليه السّلام أيضا في الصحيح: «إن أصبت الصيد و أنت حرام في الحرم فالفداء مضاعف عليك» (4) لا تضاعف نفس الفداء من حيث هو فلا وجه لما نسب إلى الإسكافي و ابن إدريس من تضاعفه مطلقا، و عن الشيخ ما لم يبلغ بدنة، لمرسل ابن فضال عنه عليه السّلام أيضا:

«في الصيد يضاعفه ما بينه و بين البدنة فإذا بلغ البدنة فليس عليه التضعيف» (5) و مثله مرسله الآخر، و لكن قصور سندهما يمنع عن الاعتماد عليهما.

(57) خروجا عن خلاف الإسكافي، و ابن إدريس.

(58) كما صرّح به الشهيدان، لشمول إطلاق أدلة الفرخ له أيضا، و في صحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «رجل كسر بيض الحمام و في البيض فراخ قد

ص: 241


1- الوسائل باب: 10 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.
4- الوسائل باب: 44 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.
5- الوسائل باب: 46 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1 و 2.

التحرك على المحلّ في الحلّ درهم (59)، و على المحلّ في الحرم ربع درهم (60). و لو كان محرما في الحرم يجب عليه درهم و ربع (61) و يستوي الإنسيّ و الوحشيّ في الفداء إذا قتل في الحرم (62).

مسألة 5: يتخيّر في فداء الحمام الحرميّ بين أن يتصدّق به و بين أن يشتري به علفا لحمام الحرم

(مسألة 5): يتخيّر في فداء الحمام الحرميّ بين أن يتصدّق به و بين أن يشتري به علفا لحمام الحرم (63) و الأولى أن يشتري به حنطة و يطعم به

______________________________

تحرك قال عليه السّلام: عليه أن يتصدّق عن كل فرخ قد تحرك فيه بشاة و يتصدّق بلحومها إن كان محرما، و إن كان الفراخ لم تتحرك تصدّق بقيمته ورقا يشتري به علفا يطرحه لحمام الحرم» (1).

و لا بد من حمل الشاة على الحمل بقرينة سائر الأخبار، كما أنّه لا بد من حمل الصحيح على ما إذا كان ذلك من المحرم في الحل جمعا بينه و بين ما مر من صحيح حريز، و الحلبي (2)، و يظهر من المحقق في الشرائع الإطلاق و حكي عن التذكرة و القواعد، و مال إليه في المدارك، و لكنه خلاف الجمع بين النصوص و حمل بعضا على البعض ثمَّ الأخذ بالمحصل منها.

(59) لما تقدم من صحيح حريز بعد حمله على المحرم في غير الحرم على ما مرّ من التفصيل.

(60) لقول الصادق عليه السّلام في صحيحي حفص و الحجاج «في الحمامة درهم، و في الفرخ نصف درهم، و في البيض ربع درهم المحمول على ما يكون من الحل في الحرم.

(61) لقاعدة تعدد السبب المقتضية لتعدد المسبب.

(62) للإطلاق الشامل لها كما يستويان في الفداء مع القتل في الحل لذلك أيضا.

(63) لقول الصادق عليه السّلام: في صحيح الحلبي: «إن قتل المحرم حمامة في

ص: 242


1- الوسائل باب: 26 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 9 و 11 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1 و 3.

حمام الحرم (64).

مسألة 6: فداء الحمام غير الحرميّ التصدّق به

(مسألة 6): فداء الحمام غير الحرميّ التصدّق به (65).

مسألة 7: لو كان الحمام مملوكا ضمن قيمته لمالكه

(مسألة 7): لو كان الحمام مملوكا ضمن قيمته لمالكه مضافا إلى الفداء (66).

______________________________

الحرم فعليه شاة، و ثمن الحمامة درهم أو شبهه يتصدّق به أو يطعمه حمامة مكة فإن قتلها في الحرم و ليس بمحرم فعليه ثمنها» (1)، و في خبر الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «يتصدّق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم» (2) و نحوهما غيرهما.

و أما خبر حماد: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أصاب طيرين واحدا من حمام الحرم و الآخر من غير حمام الحرم قال عليه السّلام: يشتري بقيمة الذي من حمام الحرم قمحا فيطعمه حمام الحرم و يتصدّق بجزاء الآخر» (3) فهو محمول على بيان أحد فردي التخيير بالنسبة إلى فداء حمام الحرم لا التعيين، مضافا إلى قصور سنده عن إفادة الوجوب و التعيين.

(64) لخبر حماد القاصر عن إفادة الوجوب و الصالح لمطلق الأولوية و الأفضلية.

(65) لتطابق النص، و الفتوى عليه كما في الجواهر.

(66) لإطلاق دليل الفداء، و إطلاق أدلة ضمان مال الغير مع الإتلاف، و تصوير المملوكية بناء على أنّ الصيد يملك في الحرم و إن وجب إرساله لا إشكال فيه، و كذا بناء على عدم الملكية كما نسب إلى المشهور، فإنّه يصح تصورها بأن يتملك بيضا من خارج الحرم ثمَّ يضعه تحت حمام الحرم فيصير فرخا فيملكه حينئذ.

ص: 243


1- الوسائل باب: 11 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- الوسائل باب: 22 من أبواب كفارات الصيد حديث: 6.
الثاني: في كل واحد من القطاة، و الحجل، و الدرّاج حمل قد فطم

الثاني: في كل واحد من القطاة، و الحجل، و الدرّاج حمل قد فطم، و رعي من الشجر (67). و الأحوط استحبابا ذلك في نظائرهنّ أيضا (68).

الثالث: في كل واحد من القنفذ، و الضب، و اليربوع جدي

الثالث: في كل واحد من القنفذ، و الضب، و اليربوع جدي (69).

و الأحوط استحبابا إلحاق أشباهها بها (70).

______________________________

(67) إجماعا، و نصّا في القطا قال الصادق عليه السّلام: في صحيح ابن خالد:

«وجدنا في كتاب عليّ عليه السّلام في القطاة إذا أصابها المحرم حمل قد فطم من اللبن و أكل من الشجر» (1) و يتم الحكم في الأخيرين بعدم القول بالفصل، و يشهد له قول أبي جعفر عليه السّلام في خبر ابن خالد «في كتاب عليّ عليه السّلام من أصاب قطاة، أو حجلة، أو دراجة، أو نظيرهنّ فعليه دم» (2) بعد حمل الدم على حمل قد فطم، كما مرّ في صحيحه.

(68) لما تقدم في خبر ابن خالد القاصر سندا عن إفادة الوجوب و لو كان ذلك من المحرم في الحرم، فالظاهر لزوم القيمة أيضا و تتعيّن القيمة على المحل في الحرم.

(69) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح مسمع: «و اليربوع، و القنفذ، و الضب إذا أصابه المحرم فعليه جدي، و الجدي خير منه و إنّما جعل عليه هذا لكي ينكل عن فعل غيره من الصيد» (3) و هذا هو المشهور بين الأخبار أيضا و الجدي من أولاد المعز من أربعة أشهر إلى أن يرعى.

(70) و عن السيد، و الشيخين، و بني إدريس، و سعيد، و حمزة الفتوى به و تبعهم المحقق الثاني و عمدة دليلهم إطلاق المماثلة في الآية الكريمة (4)، و التعليل المزبور في صحيح مسمع عن الصادق عليه السّلام- كما تقدم- و لكن شمول

ص: 244


1- الوسائل باب: 5 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 5 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
4- سورة المائدة: 95.
الرابع: في كل واحد من العصفور، و القبرة، و الصعوة، مدّ ثلاثة أرباع الكيلو- من الحنطة

الرابع: في كل واحد من العصفور، و القبرة، و الصعوة، مدّ ثلاثة أرباع الكيلو- من الحنطة (71).

الخامس: في قتل الجرادة تمرة
اشارة

الخامس: في قتل الجرادة تمرة، و كذا في أكلها (72) و الأحوط في

______________________________

الإطلاق لها مشكوك، و التعليل عليل و النص ساكت، و الشهرة غير متحققة فالفتوى بالوجوب مشكل و بالندب لا بأس به لابتنائه على المسامحة.

(71) لمرسل صفوان- المنجبر بعمل المشهور- عن الصادق عليه السّلام:

«القنبرة، و الصعوة، و العصفور إذا قتله المحرم فعليه مدّ من الطعام» (1).

و أما صحيح ابن سنان عنه عليه السّلام أيضا: «في محرم ذبح طيرا إنّ عليه دم شاة» (2)، فيمكن حمله على الحمام، مع إنّه مهجور فلا وجه لما نسب إلى الصدوقين من الشاة في كل طائر عدا النعامة كما لا وجه لما نسب إلى الإسكافي من القيمة مستندا إلى خبر سليمان بن خالد عنه عليه السّلام أيضا- المتقدم- لأنّه قاصر سندا، و مهجور عند الأصحاب.

نعم، الأحوط مراعاة ذلك كله خصوصا في الكركي، و يجمع بين الفداء و القيمة على المحرم و تتعيّن القيمة على المحل فيه.

(72) أما الأول فلصحيح زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في محرم قتل جرادة قال عليه السّلام يطعم تمرة، و تمرة خير من جرادة» (3)، و مثله صحيح معاوية عنه عليه السّلام أيضا (4). و أما خبر ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام: «عن محرم قتل جرادة قال عليه السّلام: كفّ من طعام و إن كان كثيرا فعليه شاة» (5) فقصور سنده يمنع عن الاعتماد عليه.

ص: 245


1- الوسائل باب: 7 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب كفارات الصيد حديث: 6.
3- الوسائل باب: 37 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
4- الوسائل باب: 37 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
5- الوسائل باب: 37 من أبواب كفارات الصيد حديث: 6.

الأول كفّ من الطعام، و في الأخير شاة (73).

و في الكثير من قتل الجراد شاة أيضا (74)، و مع عدم إمكان التحرز عن قتله، فلا إثم عليه و لا كفارة فيه (75).

______________________________

نعم، في خبره الصحيح «قتل جرادا» (1)، و في بعض النسخ «قتل جردا كثيرا» (2) فيشكل الاعتماد على ذلك كله بالنسبة إلى الجرادة.

و أما الأخير فلإطلاق قوله عليه السّلام: «تمرة خير من جرادة» (3) الشامل للأكل أيضا. و أما خبر الحناط عن الصادق عليه السّلام: «في رجل أصاب جرادة فأكلها قال عليه السّلام: عليه دم» (4) فلا يصلح للإيجاب، لضعف سنده و عدم الجابر له.

(73) ظهر وجهه مما مرّ في خبر ابن مسلم، و خبر الحناط.

(74) على المشهور، بل المجمع عليه، و لقول الصادق عليه السّلام في صحيح ابن مسلم: «و إن قتل جرادا كثيرا فشاة» (5) و المرجع في الكثرة إلى العرف و مع الشك يجزي التمرة لكل جراد، لأصالة البراءة عن الزائد.

(75) لقاعدة نفي الحرج، و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في الصحيح: «على المحرم أن يتنكب الجراد إذا كان على طريقه فإن لم يجد بدّا فقتل فلا بأس» (6)، و صحيح معاوية عنه عليه السّلام أيضا: «الجراد يكون في ظهر الطريق و القوم محرمون، فكيف يصنعوا؟ قال عليه السّلام: يتنكبونه ما استطاعوا قلت: فإن قتلوا منه شيئا فما عليهم؟ قال عليه السّلام: لا شي ء عليهم» (7).

ص: 246


1- الوسائل باب: 37 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
2- الوسائل باب: 37 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- الوسائل باب: 37 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.
4- الوسائل باب: 37 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
5- الوسائل باب: 37 من أبواب كفارات الصيد حديث:.
6- الوسائل باب: 38 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
7- الوسائل باب: 38 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
مسألة 8: كل ما لا تقدير لفديته ففي قتله قيمته

(مسألة 8): كل ما لا تقدير لفديته ففي قتله قيمته (76)، و كذا البيوض التي لا تقدير لفديتها (77).

مسألة 9: يكفي في التقويم قول أهل الخبرة

(مسألة 9): يكفي في التقويم قول أهل الخبرة الموجب للاطمئنان العرفيّ (78) و لا يعتبر التعدد و العدالة و إن كان أحوط (79).

مسألة 10: لو قتل صيدا معيبا يجوز له الفداء بمثله في العيب

(مسألة 10): لو قتل صيدا معيبا يجوز له الفداء بمثله في العيب (80) و الأفضل الفداء بالصحيح (81) و يفدي الذكر بمثله، و الأنثى كذلك (82).

______________________________

(76) إجماعا، و نصّا قال الصادق عليه السّلام في الصحيح: «في الظبي شاة، و في البقرة بقرة، و في الحمار بدنة و في النعامة بدنة، و في ما سوى ذلك قيمته» (1) و تقتضيه قاعدة ضمان المال المحترم أيضا.

(77) للإجماع، و قاعدة الاحترام، و إطلاق قوله عليه السّلام: «و فيما سوى ذلك قيمته».

(78) لأنّه حجة عقلائية و عليه يبتني أمر المعاش و المعاد و مقتضى الأصل عدم اعتبار شي ء آخر بعد حصول الاطمئنان و كون العدالة طريقا إلى حصول الاطمئنان لا أن يكون لها موضوعية.

(79) خروجا عن خلاف من أوجبها و إن لم يكن له دليل عليه، إذ المقام من الرجوع إلى أهل الخبرة لا الشهادة حتى يعتبر فيها التعدد و العدالة.

(80) لإطلاق المماثلة الواردة في الآية الكريمة، و تقتضيه قاعدة العدل و الإنصاف، و الأحوط اعتبار المماثلة في خصوصيات العيب أيضا، جمودا على إطلاق المماثلة، فالأعور باليمنى يفدي بمثله، و الأعرج باليسرى كذلك، و المريض يفدي بمثل مرضه لا مرض آخر و هكذا.

(81) لأنّه نحو تأدب و إعظام للكعبة التي يهدي إليها الهدي.

(82) لأنّ المماثلة العرفية في ذلك ملحوظة أيضا، فلا بد من اعتبارها.

ص: 247


1- الوسائل باب: 1 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
مسألة 11: الاعتبار بقيمة الجزاء وقت الإخراج

(مسألة 11): الاعتبار بقيمة الجزاء وقت الإخراج، و كذا في مالا تقدير لجزائه (83) و محلّ التقويم منى في إحرام الحج، و مكة في إحرام العمرة (84). و مع اختلاف القيمة فيهما يجزي الأقل و إن كان الأحوط الأكثر (85).

مسألة 12: إذا قتل ماخضا مما له مثل من النعم

(مسألة 12): إذا قتل ماخضا مما له مثل من النعم وجب الفداء بماخض مثله (86) و لو تعذر قوّم الجزاء ماخضا (87).

مسألة 13: لو لم تزد قيمة الشاة حاملا عن قيمتها حائلا

(مسألة 13): لو لم تزد قيمة الشاة حاملا عن قيمتها حائلا، فلا موضع لملاحظة الحمل حينئذ إن أريد القيمة (88) بخلاف ما إذا أريد المثل فلا بد

______________________________

إلا أن يقال: إنّ المماثلة من الأمور التشكيكية، فيؤخذ بالمتيقن منها و يرجع في غيره إلى البراءة. و أما اعتبار المماثلة في اللون و نحوه مما لا يعتنى منها في العرف، فالظاهر عدم وجوبها و إن كان أحوط.

(83) لما ثبت في محلّه من بقاء نفس العين في الذمة بقاء اعتباريا، و اشتغال الذمة بها إلى حين فراغها منها، فيكون المدار، على عين الأداء.

(84) لما يأتي من أنّ محلّ ذبح كفارات إحرام الحج منى و محلّ ذبحها من إحرام العمرة مكة و محلّ الذبح هو محلّ الأداء لا محالة.

(85) لأنّ المقام حينئذ من مورد الأقلّ و الأكثر، و مقتضى الأصل البراءة عن الأخير. هذا مع الصدق العرفيّ بالنسبة إلى الأقلّ و إلا وجب ما يصدق عليه عرفا و لو كان هو الأكثر.

(86) لأنّه لا تتحقق المماثلة إلا بذلك مع أنّه لا خلاف يوجد فيه كما في الجواهر فلا وجه لما نسب إلى السرائر و التذكرة من النظر في الإجزاء.

(87) لأنّه هو المثل الذي ينتقل بتعذره إلى القيمة.

(88) لأنّ المفروض عدم اختلاف القيمة بوجود الحمل و عدمه فلا

ص: 248

من ملاحظته حينئذ (89).

مسألة 14: لو زاد جزاء الحامل عن إطعام المقدر

(مسألة 14): لو زاد جزاء الحامل عن إطعام المقدر، كالعشرة في شاة الظبي، فلا تجب الزيادة (90) و لكنّه الأحوط و إن زاد على العشرين (91).

مسألة 15: لو كانت حاملا باثنين فصاعدا تعدّد الجزاء

(مسألة 15): لو كانت حاملا باثنين فصاعدا تعدّد الجزاء و القيمة لو كان محرما في الحرم (92).

مسألة 16: لو أصاب صيدا حاملا فألقت جنينا حيّا و ماتا بالإصابة

(مسألة 16): لو أصاب صيدا حاملا فألقت جنينا حيّا و ماتا بالإصابة فدى الامّ بمثلها و الصغير بمثله (93)، و لو عاشا معا أثم و لا فداء لأحدهما

______________________________

موضوع لملاحظته.

(89) لما مرّ من عدم تحقق المماثلة العرفية حينئذ إلا بذلك.

(90) للأصل، و إطلاق خبر أبي بصير: «قلت: فإن أصاب ظبيا؟ قال عليه السّلام:

عليه شاة» (1) الشامل للحامل و غيره.

(91) لاحتمال أن يكون المراد بالاقتصار على العشرة بالنسبة إلى خصوص الأم فقط دون مجموع الأم و الحمل، فيعمل حينئذ بما دل على صرف القيمة مدّا مدّا على الإطعام بالغا ما بلغ.

و فيه: أنّه خلاف ظاهر قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «من كانت عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام» (2) فإنّ إطلاقه يشمل الام وحدها و مجموع الام و الحمل و استقرب في الدروس وجوب الزيادة ما لم يزد على العشرين و احتاط وجوبا في النجاة و إن زاد على العشرين.

(92) لقاعدة أنّ تعدد السبب يقتضي تعدد المسبّب ما لم يدل دليل على الخلاف و لا دليل كذلك في المقام.

(93) لإطلاق المماثلة، و ظهور الإجماع في المقام.

ص: 249


1- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 11.

مع عدم العيب (94) و الا ضمن أرش العيب (95)، و لو مات أحدهما دون الآخر وجب الفداء للميت دون الحيّ (96).

مسألة 17: لو ألقت جنينا فظهر أنّه كان ميتا قبل الضرب وجب عليه الأرش

(مسألة 17): لو ألقت جنينا فظهر أنّه كان ميتا قبل الضرب وجب عليه الأرش و هو تفاوت ما بين قيمتها حاملا و ماخضا (97).

مسألة 18: لو ضرب ظبيا فنقص عشر قيمته وجب عليه عشر الشاة مع الإمكان

(مسألة 18): لو ضرب ظبيا فنقص عشر قيمته وجب عليه عشر الشاة مع الإمكان. و مع التعذر فعشر قيمتها (98).

مسألة 19: لو أبطل امتناع الصيد ضمن الأرش

(مسألة 19): لو أبطل امتناع الصيد ضمن الأرش (99) و الأحوط كمال الفداء (100)،

______________________________

(94) أما تحقق الإثم، فللتجرّي. و أما عدم الفداء، فلعدم الموضوع له من القتل و الجناية.

(95) لقاعدة الضمان التي لا فرق فيها بين الجزء، و الكل، و بين الصفة و غيرها مما تتفاوت المالية بحسبها.

(96) أما الفداء للميت، فلوجود المقتضي بوجوبه و فقد المانع. و أما عدمه للحيّ، فللأصل بعد عدم دليل عليه.

(97) لقاعدة الضمان الشاملة للكل و الجزء و الصفة على ما تقدم.

(98) أما وجوب عشرها مع الإمكان، فلظهور التقسيط و إطلاق المماثلة.

و أما القيمة مع التعذر، فلجريان حكم الكل على الجزء، و إطلاق دليل التبدل إلى القيمة مع العذر الشامل للمقام أيضا.

(99) لأنّه من فقد الصفة، فيضمن الأرش لا الذات حتى يكون ضامنا لأصل القيمة. و لذا لو قتله محرم آخر ضمن قيمته.

(100) خروجا عن خلاف مثل العلامة حيث جعل فقد الامتناع كالهالك، و كفقد الذات. و يمكن الاختلاف بحسب الموارد فقد يصير بذلك في معرض

ص: 250

و لو أبطل أحد امتناعي الدرّاج تعيّن الأرش (101).

مسألة 20: لو قتل المحرم حيوانا و شك في أنّه صيد أو لا، أو رمى و شك في الإصابة و عدمها

(مسألة 20): لو قتل المحرم حيوانا و شك في أنّه صيد أو لا، أو رمى و شك في الإصابة و عدمها، أو شك في أنّه صيد البحر أو البر لا شي ء عليه في الجميع (102).

نعم، لو علم أنّه صيد و شك في أنّه في الحرم أو لا لا يتضاعف عليه الفداء (103).

______________________________

الهلاك و قد لا يصير و يكون هذا النّزاع لفظيا.

(101) لأنّه حينئذ من فقد الصفة قطعا لبقاء امتناعه الآخر.

(102) لأصالة البراءة بعد الشك في تعلق أصل التكليف به.

(103) هذه المسألة من موارد الأقلّ و الأكثر، فتجري البراءة عن الأكثر المشكوك و يجب الأقلّ المعلوم.

ص: 251

فصل في موجبات الضمان

اشارة

فصل في موجبات الضمان و هي ثلاثة: مباشرة الإتلاف، و اليد، و السبب (1).

أما الأول: و هو مباشرة الإتلاف ففيه مسائل

اشارة

أما الأول: و هو مباشرة الإتلاف ففيه مسائل:

مسألة 1: لو قتل المحرم الصيد في الحلّ وجب الفداء عليه

(مسألة 1): لو قتل المحرم الصيد في الحلّ وجب الفداء عليه، و لو أكله لزمه فداء آخر و لو كان في الحرم تضاعف الفداء (2).

______________________________

فصل في موجبات الضمان

(1) هذا الحصر استقرائيّ و يمكن إرجاع اليد إلى السبب كما في جملة من كتب العلامة و الأمر سهل و تجري هذه الأمور الثلاثة في الغصب، و في الجنايات أيضا كما يأتي إن شاء اللّه تعالى.

(2) أما الأول: فللأدلة الثلاثة. و أما الثاني فهو المشهور، و يدل عليه- مضافا إلى قاعدة تعدد المسبّب بتعدد السبب- نصوص مستفيضة:

منها: صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «من أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعله متعمدا فعليه دم شاة» (1).

و منها: صحيح أبي عبيدة عن الصادق عليه السّلام: «عن رجل محلّ اشترى لمحرم بيض نعامة فأكله المحرم فقال عليه السّلام: على الذي اشتراه للمحرم فداء، و على المحرم فداء قال: و ما عليهما؟ قال عليه السّلام: على المحلّ جزاء قيمة البيض

ص: 252


1- الوسائل باب: 8 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

.....

______________________________

لكل بيضة درهم، و على المحرم الجزاء لكل بيضة شاة» (1) و قريب منهما غيرهما مما يأتي في المسائل الآتية. و أما صحيح أبان الدال على أنّ الفداء بدنة لم يعرف القائل به بل ادعي الإجماع على خلافة.

و عن الشيخ، و العلامة، و المحقق أنّه يضمن قيمة ما أكل، للأصل و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في موثق عمار: «و أيّ قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه، فإنّ على كل إنسان منهم قيمته فإن اجتمعوا في صيد فعليهم مثل ذلك» (2).

و في صحيح ابن منصور عنه عليه السّلام أيضا: «قال: أهدي لنا طائر مذبوح بمكة فأكله أهلنا فقال: لا يرى به أهل مكة بأس قلت: فأيّ شي ء تقول أنت؟ قال عليه السّلام:

عليهم ثمنه» (3).

و فيه: أنّ الأصل لا وجه له مع العلم بوجوب شي ء عليه. إما الفداء أو القيمة و هي قد تكون مساوية للفداء. و قد تكون أكثر منه و قد تكون أقل. و هذا الأخير يصير مورد الأصل، لكونه من موارد الأقل و الأكثر. و لكنه محكوم بما مرّ من الأدلة، و يمكن حمل الموثق على الفداء أيضا، مع أنّه نقل بطريق آخر هكذا:

«إذا اجتمع قوم على صيد و هم محرمون في صيده أو أكلوا منه فعلى كل واحد منهم قيمته» (4) و لا ريب في أنّ المراد بالقيمة فيه الفداء. و أما صحيح ابن منصور رحمه اللّه فليس فيه أنّ المحرم أكل من الصيد. و يمكن أن يكون الأكل محلا فلا ربط له بالمقام.

و بالجملة: ما دل على المشهور نص، و الموثق ظاهر فيحمل الظاهر على النص هذا كله إذا كان ذلك من المحرم في الحلّ.

و أما إن كان منه في الحرم، فيتضاعف الفداء، لقاعدة تعدد المسبّب بتعدد السبب.

ص: 253


1- الوسائل باب: 24 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
مسألة 2: لو رمى المحرم صيدا فأصابه و علم بعدم الأثر لرميه

(مسألة 2): لو رمى المحرم صيدا فأصابه و علم بعدم الأثر لرميه من جرح أو كسر أو نحوهما فلا فداء عليه و يستغفر اللّه (3).

مسألة 3: لو رمى صيدا فكسر رجله أو يده ثمَّ رآه بعد ذلك قد صلح و يرعى فعليه ربع قيمته

(مسألة 3): لو رمى صيدا فكسر رجله أو يده ثمَّ رآه بعد ذلك قد صلح و يرعى فعليه ربع قيمته (4) و إن جرحه فعليه الأرش كغيره من أفراد

______________________________

فرع: مقتضى الإطلاق كفاية مجرد الأكل في وجوب الفداء سواء شبع أو لا، و سواء كان بالمباشرة أو بالتسبيب من محلّ أو محرم.

(3) أما عدم الفداء، فللأصل، و الإجماع، و خبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «سألته عن محرم رمى صيدا فأصاب يده فعرج فقال عليه السّلام: إن كان الظبي قد مشى عليها و رعى و هو ينظر إليه فلا شي ء عليه، و إن كان الظبي ذهب على وجهه و هو رافعها فلا يدري ما صنع فعليه فداؤه، لأنّه لا يدري لعله قد هلك» (1). و أما الاستغفار، فلتحقق التجري و وجوب التوبة منه.

(4) لصحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام «سألته عن رجل رمى صيدا و هو محرم فكسر يده أو رجله فمضى الصيد على وجهه فلم يدر الرجل ما صنع الصيد قال عليه السّلام: عليه الفداء كاملا إذا لم يدر ما صنع الصيد فإن رآه بعد أن كسر يده أو رجله و قد رعى و انصلح فعليه ربع قيمته» (2)، و في خبره الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «سألته عن رجل رمى صيدا فكسر يده أو رجله فتركه فرعى الصيد قال عليه السّلام: عليه ربع الفداء» (3).

و عن أبي بصير قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: «رجل رمى ظبيا و هو محرم فكسر يده أو رجله فذهب الظبي على وجهه فلم يدر ما صنع؟ فقال عليه السّلام: عليه فداؤه.

قلت: فإنّه رآه بعد ذلك مشى؟ قال عليه السّلام: عليه ربع ثمنه»(4).

ص: 254


1- الوسائل باب: 27 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
2- راجع التهذيب ج: 5 صفحة: 359. و في الوسائل باب: 27 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1 و لكن لم يوجد ذيل الأخير للرواية فيه.
3- الوسائل باب: 28 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
4- أوردها في الوسائل باب: 27 و 28 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.

الإصابة الموجبة لتعيبه (5)، و لو لم يعلم مقدار الأرش يتصدّق بما يعلم اشتغال الذمة به (6). هذا إذا علم بحاله و أنّه لم يتلف بالجرح. و لو لم يعلم به و احتمل أنّه هلك بالجرح وجب عليه الفداء كاملا (7). و لو علم أنّه

______________________________

و يمكن إرجاع الضمير في ربع قيمته، و ربع ثمنه إلى الفداء بقرينة الخبر الثاني، و يمكن رجوعه إلى الصيد لكونه أقرب و حينئذ فمع اتحاد القيمتين فلا ثمرة في البين و مع الاختلاف و إجمال الدليل فالمسألة من موارد الأقلّ و الأكثر و لكن الظاهر أنّ بناء المحاورات على إرجاع الضمير إلى الأقرب عند الدوران بينه و بين الأبعد و هو المنسبق من النص و الفتوى كما اعترف به في الجواهر، و طريق الاحتياط المصالحة مع الحاكم الشرعي في الفاضل من القيمتين.

(5) لقاعدة تعين الأرش في كل ضمان لا تقدير له شرعا. و الضمان في أجزاء الصيد ثابت بالإجماع- المدعى في المنتهى- و النصوص الواردة في الأبواب المتفرقة (1) التي يمكن أن يستفاد منها الضمان في أجزاء الصيد مطلقا إلا ما خرج بالدليل.

فما عن جمع منهم المفيد، و الحلي، و الديلمي، و العلامة في المختلف التصديق بشي ء في الإدماء لأنّه جناية لا تقدير لها لا وجه له، لأنّ التقدير إنّما هو الأرش فيما لا تقدير له.

ثمَّ إنّ ظاهر إطلاقهم عدم الفرق بين اندمال الجرح و عدمه مع العلم ببقاء الحيوان و عدم السراية، بل قد صرّح بذلك في الجواهر.

(6) لثبوت أصل الضمان، فتصير المسألة حينئذ من الأقلّ و الأكثر فيجزي الأول و يجري الأصل في الأكثر.

(7) إجماعا، و نصوصا المشتملة على التعليل بأنّه «لا يدري لعله قد هلك» (2) إذ يستفاد منه أنّ احتمال الهلاك في مورد الرمي منجز للتكليف

ص: 255


1- راجع نصوص أبواب 27 و 28 و 31 و 32 من أبواب كفارات الصيد الوسائل.
2- الوسائل باب: 27 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.

أصابه و لم يدر أنّه أثر فيه أو لا يجب الفداء كاملا أيضا (8). و لو لم يعلم بالإصابة، فلا شي ء عليه (9).

مسألة 4: ظهر مما تقدم أنّه يضمن أبعاض الصيد

(مسألة 4): ظهر مما تقدم أنّه يضمن أبعاض الصيد، فيجب الأرش كما يضمن تمامه فيجب الفداء إلا في الغزال فيأتي حكمه في المسألة التالية (10).

مسألة 5: لو كسر المحرم أحد قرني الغزال في الحلّ

(مسألة 5): لو كسر المحرم أحد قرني الغزال في الحلّ ففيه ربع قيمته، و في كسر قرنيه نصف قيمته، و في فق ء عينه تمام قيمته، و في كسر إحدى يديه أو رجليه نصف قيمته و إن فعل به ذلك في الحرم كان عليه دم

______________________________

بالفداء، و في خبر السكوني عن جعفر، عن أبيه، عن آبائه، عن عليّ عليهم السّلام: «في المحرم يصيب الصيد فيدميه ثمَّ يرسله قال عليه السّلام: عليه جزاؤه» (1) و تقتضي شدة الاحتياط المستفادة من الأدلة في الحرم و الإحرام فلا وجه لما عن بعض متأخري المتأخرين من الوسوسة في الحكم بأنّ الروايات أخصّ من المقام لعموم التعليل من حيث إنّ المستفاد من العلة أنّ لاحتمال الهلاك موضوعية في الحكم، مضافا إلى إطلاق كلمات الأعلام.

(8) لعموم التعليل، و غلبة التأثير، و شدة الاحتياط فيما يتعلق بالصيد، و دعوى الإجماع عن جمع و يكفي هذا المقدار في حصول الظنّ الاجتهاديّ بالحكم ففي صورتين من الصور الخمسة يجب الفداء كاملا بخلاف البقية.

(9) تقدم حكمه سابقا فراجع.

نعم، لا ريب في تحقق التجريّ، فيستغفر اللّه تعالى كذلك.

(10) إجماعا، كما عن المختلف، و أنّه لم يخالف فيه إلّا أهل الظاهر كما عن التذكرة، و الخلاف و بلا خلاف بيننا كما عن الجواهر.

ص: 256


1- الوسائل باب: 27 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.

مضافا إلى ما مرّ (11).

______________________________

(11) على المشهور، لخبر أبي بصير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «ما تقول في محرم كسر أحد قرني الغزال في الحلّ؟ قال عليه السّلام: عليه ربع قيمة الغزال قلت: فإن هو كسر قرنيه؟ قال عليه السّلام: عليه نصف قيمته يتصدّق به، قلت: فإن هو فقأ عينيه؟

قال عليه السّلام: عليه قيمته. قلت: فإن هو كسر إحدى رجليه؟ قال: عليه نصف قيمته.

قلت: فإن هو قتله؟ قال عليه السّلام: عليه قيمته. قلت: فإن هو فعل به و هو محرم في الحرم قال عليه السّلام: عليه دم يهريقه و عليه هذه القيمة إذا كان محرما في الحرم» (1).

و أشكل عليه بوجوه:

الأول: قصور سنده بأبي جميلة، و يحيى المبارك.

الثاني: معارضته بما تقدم من صحيح ابن جعفر، و خبر أبي بصير (2) الدال على ربع القيمة في كسر اليد أو الرجل.

الثالث: أنّه معارض بما تقدم من خبر السكوني بلزوم الفداء في الإدماء.

و لكن الكل مردود:

أما الأول: فبالانجبار، و عمل من لا يعمل إلا بالقطعيات من الأخبار.

و الثاني: بأنّ موردهما ما إذا صلح بعد الإصابة و رآه يرعى.

و الأخير: بأنّه في ما إذا يعلم حاله و أنّه هلك بالجرح أولا. فلا وهن و لا تعارض و يتعين العمل به مع الاقتصار على مورده. و في غيره يتعين الأرش، لما مر.

و أما خبره الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «سألته عن محرم كسر قرن ظبي قال عليه السّلام:

يجب عليه الفداء. قلت: فإن كسر يده قال عليه السّلام: إن كسر يده و لم يرع فعليه دم شاة» (3).

ص: 257


1- الوسائل باب: 28 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
2- تقدما في صفحة: 62.
3- الوسائل باب: 28 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
مسألة 6: لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد

(مسألة 6): لو اشترك جماعة محرمون في قتل صيد في الحلّ كان على كلّ واحد منهم فداء كامل و في الحرم يتضاعف (12) و لو كانوا محلّين

______________________________

فيمكن أن يراد بالفداء الربع، لخبره السابق، و بالشاة فيما إذا لم يره يرعى و يحمل عليه أيضا صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «إذا كنت محلا في الحلّ.

فقلت الصيد فيما بينك و بين البريد إلى الحرم فإنّ عليك جزاؤه، فإن فقأت عينه، أو كسرت قرنه أو جرحته تصدقت بصدقة» (1). و مثله خبر الجازي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم إذا أخطر إلى ميتة- الى ان قال- انك إذا كنت حالا و قتلت الصيد ما بين البريد و الحرم فإن عليك جزاءه و إن فقأت عينه أو كسرت قرنه أو جرحته تصدقت بصدقة» (2) فيحمل بالنسبة إلى الغزال على ما ذكر في خبر أبي بصير و بالنسبة إلى غيره على الأرش جمعا بين جميع الأخبار الواردة ورد بعضها إلى بعض، و جعل البعض قرينة على الآخر فإنّ كلام جميعهم عليهم السّلام ككلام واحد يكون بعضه قرينة على البعض.

(12) إجماعا، و نصوصا.

منها: صحيح عبد الرحمن: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن رجلين أصابا صيدا و هما محرمان الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما جزاء؟ قال عليه السّلام: لا، بل عليهما أن يجزي كل واحد منهما الصيد، قلت: إنّ بعض أصحابنا سألني عن ذلك فلم أدر ما عليه، فقال عليه السّلام: إذا أصبتم بمثل هذه فلم تدروا فعليكم بالاحتياط حتى تسألوا عنه فتعلموا» (3).

و أما التضاعف في الحرم، فلما مرّ مرارا من قاعدة تعدد المسبّب بتعدد السبب ما لم يدل دليل على الخلاف و هو مفقود في المقام.

ص: 258


1- الوسائل باب: 32 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 43 حديث: 12. و باب: 32 حديث: 2 من أبواب كفارات الصيد.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب كفارات الصيد حديث: 6.

في الحرم كان على كلّ واحد منهم القيمة (13) و لو اشترك محلّ و محرم في الحلّ أو الحرم كان لكل منهما حكمه لو كان مستقلا (14).

______________________________

(13) لما مرّ من النصوص الدالة على أنّ على المحلّ في صيد الحرم القيمة.

منها: قول الرضا عليه السّلام في صحيح صفوان: «من أصاب طيرا في الحرم و هو محلّ فعليه القيمة. و القيمة درهم يشتري به علفا لحمام الحرم» (1).

و لا فرق في ذلك بين المحرمين و المحلين، و المختلفين، فيلزم كل منهم حكمه لو كانوا منفردا فيجتمع على المحرم منهم في الحرم الفداء و القيمة و على المحلّ القيمة. و لو اشتركا فيه في الحلّ لم يكن على المحلّ شي ء، و على المحرم الفداء، و ذلك كله لإطلاق الأدلة الشامل للانفراد و الاجتماع و الاختلاف.

(14) لما تقدم من الإطلاق الشامل لحالتي الانفراد و الاجتماع محرمين أو محلّين في الحرم، أو مختلفين. و عن المنتهى أنّه لا خلاف فيه بيننا إلا من الشيخ في التهذيب في المحلّ و المحرم إذا اشتركا في صيد حرميّ فأوجب على المحرم الفداء كاملا و على المحلّ نصف الفداء، لخبر إسماعيل بن أبي زياد عن الصادق عليه السّلام عن أبيه عليه السّلام: «كان عليّ عليه السّلام يقول: في محرم و محلّ قتلا صيدا فقال عليه السّلام: على المحرم الفداء كاملا و على المحلّ نصف الفداء» (2).

و يمكن أن يراد القيمة من نصف الفداء. و قد أشكل على أصل الحكم.

تارة: بمنع شمول الإطلاقات لصورة اشتراك المحرم و المحلّ لاشتمالها على الفداء و هو مختص بالمحرم.

و اخرى: بانصرافها إلى المحرم دون المحلّ و لو في الحرم.

و ثالثة: بانصرافها إلى المستقل دون المشترك.

ص: 259


1- الوسائل باب: 22 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
2- الوسائل باب: 21 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
مسألة 7: يجب الفداء الكامل في الاشتراك في أكل الصيد أيضا

(مسألة 7): يجب الفداء الكامل في الاشتراك في أكل الصيد أيضا (15).

مسألة 8: لو اصطاد المحرم طيرا في الحرم فضرب به الأرض فقتله بذلك الضرب

(مسألة 8): لو اصطاد المحرم طيرا في الحرم فضرب به الأرض فقتله بذلك الضرب كان عليه الجزاء، و قيمتان، و التعزير (16).

______________________________

و فيه: أنّ لفظ الفداء لا يقيد الإطلاقات الدالة على حكم المحلّ، و أنّ عليه القيمة لاختلاف المورد. و الانصراف إلى المحرم و المستقل بدويّ لا وجه له ما لم يوجب ظهور اللفظ في المنصرف إليه.

(15) لإطلاق قول الصادق عليه السّلام في الصحيح: «و لا تأكل الصيد و أنت حرام و إن كان أصابه محلّ» (1) الشامل لحالتي الانفراد و الاجتماع، و قوله عليه السّلام في صحيحي زرارة و ابن بكير في الاضطرار إلى أكل الصيد «يأكل الصيد و يفدي» (2) فإنّ إطلاقه شامل للصورتين، كما أنّه يشمل صورة الاختيار بالأولى، مضافا إلى خبر أبي بصير قال: «سألته عن قوم محرمين اشتروا صيدا فاشتركوا فيه، فقالت رفيقة لهم: اجعلوا لي فيه بدرهم، فجعلوا لها فقال عليه السّلام: على كل إنسان منهم شاة» (3).

(16) على المشهور لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في محرم اصطاد طيرا في الحرم فضرب به الأرض فقتله قال عليه السّلام: عليه ثلاث قيمات قيمة لإحرامه، و قيمة للحرم، و قيمة لاستصغاره إياه» (4) و قصور سنده منجبر بالشهرة و عدم الخلاف و المراد بالقيمة لإحرامه هو الجزاء الثابت لما صاده فيما فيه جزاء. و لذا عبّر الفقهاء- كالمحقق و غيره- بالقيمتين.

و أما التعزير فنسب إلى الأثر و استدلوا عليه بثبوته في كل معصية، و خبر

ص: 260


1- الوسائل باب: 2 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3
2- الوسائل باب: 43 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.
4- الوسائل باب: 45 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
مسألة 9: لو أخذ المحرم في الحرم ثدي ظبية

(مسألة 9): لو أخذ المحرم في الحرم ثدي ظبية فاحتلبه و شرب لبنه لزمه شاة و قيمة اللبن (17).

مسألة 10: لو رمى للصيد و هو حلال فأصابه و هو محرم

(مسألة 10): لو رمى للصيد و هو حلال فأصابه و هو محرم، أو جعل في رأسه ما يقتل القمّل- مثلا- في حال الإحلال ثمَّ أحرم فقتله ليس عليه شي ء (18).

______________________________

حمران قال: «قلت لأبي جعفر عليه السّلام: «محرم قتل طيرا فيما بين الصفا و المروة عمدا قال عليه السّلام: عليه الفداء و الجزاء و يعزر قلت له: فإنّه قتله في الكعبة عمدا قال عليه الفداء و الجزاء و يضرب دون الحد و يقام للناس كي ينكل غيره» (1) بعد إلغاء خصوصية المورد من الصفا و الكعبة، إذ المناط الحرم. و أما بناء على الخصوصية كما هو الظاهر منها فلا دلالة لها على المقام.

(17) لخبر يزيد بن عبد الملك: «في رجل مرّ و هو محرم في الحرم فأخذ عنز ظبية فاحتلبها و شرب من لبنها قال عليه السّلام: عليه دم و جزاء في الحرم ثمن اللبن» (2) و قد عمل به المشهور و قصور سنده منجبر بالعمل، و الحكم مخالف للأصل و لا بد فيه من الاقتصار على خصوص مورد النص المنجبر بالعمل فلا يتعدّى إلى غير الظبية، كما لا يتعدّى إلى ما إذا احتلبه و لم يشرب اللبن، أو شرب غيره.

(18) لقاعدة (إنّ كل ما حدث على وجه عدم الضمان لا يوجب الضمان بعد ذلك) لأنّه حينئذ من قبيل تحقق المعلول بلا علة و قد عمل بها المشهور في المقام. و هذه القاعدة متبعة ما لم يدل دليل على الخلاف، و لا دليل عليه في المقام و إن ورد فيما إذا رمى في الحلّ و أصاب في الحرم (3).

ص: 261


1- الوسائل باب: 44 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
2- الوسائل باب: 54 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- راجع الوسائل باب: 29 و 32 من أبواب كفارات الصيد.

نعم، لو تمكن من الإزالة و لم يزل ضمن حينئذ (19).

مسألة 11: لو نصب شبكة بقصد الصيد في حال الإحلال

(مسألة 11): لو نصب شبكة بقصد الصيد في حال الإحلال، فاصطادت بعد الإحرام يكون ضامنا، و كذا لو حفر بئرا كذلك (20).

نعم، لو لم يقصد الصيد بالشبكة و الحفر لا يضمن (21).

الثاني: اليد و فيه مسائل

اشارة

الثاني: اليد و فيه مسائل:

مسألة 1: كلّ من أحرم و معه صيد زال ملكه عنه

(مسألة 1): كلّ من أحرم و معه صيد زال ملكه عنه و وجب عليه إرساله (22)، فلو مات حتف أنفه قبل الإرسال ضمنه فكيف بما إذا

______________________________

(19) لأنّه سبب مستقل حينئذ للضمان حصل بعمده و اختياره.

(20) لتحقق القصد منه إلى الصيد و إمكان الإزالة فيدخل في العمد و الاختيار.

(21) للأصل بعد عدم تحقق القصد منه إلى الاصطياد.

(22) إجماعا، و استدل عليه أيضا- مضافا إلى ذلك- بأنّه لا يملكه ابتداء فكذا استدامته، و لأنّه وجب عليه إرساله، و للآية الكريمة (1)، و لقول أبي عبد اللّه عليه السّلام في خبر أبي سعيد: «لا يحرم أحد و معه شي ء من الصيد حتى يخرجه عن ملكه، فإن أدخله الحرم وجب عليه أن يخليه، فإن لم يفعل حتى يدخل الحرم و مات لزمه الفداء» (2)، و قريب منه خبر بكير بن أعين قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم فقال عليه السّلام: إن كان حين أدخله الحرم خلى سبيله فلا شي ء عليه، و إن أمسكه حتى مات فعليه الفداء» (3) و أما ما في ذيل خبر أبي سعيد: «فإن أدخله الحرم ..»

ص: 262


1- سورة المائدة: 95.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3 و أورد تمامه في التهذيب ج: 5 صفحة: 362.
3- الوسائل باب: 36 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.

أتلفه (23).

______________________________

فيظهر من بعض المحدّثين (1) أنّه ليس من الحديث.

و الكل مخدوش أما الأول فلمنع الحكم في الابتداء، لإطلاق الأدلة، و ما دل على أنّه عند الاضطرار إلى أكل الصيد و الميتة، يقدم الأول، لأنّه ماله (2)، مع عدم دليل من الملازمة من عقل، أو نقل. و المراد بالصيد في الآية الشريفة المعنى المصدريّ أي: الاصطياد لا أن يكون اسما للذات و على فرض الدلالة فالمراد منه الحكم التكليفيّ لا الوضعيّ، فتحرم التصرفات المتوقفة على الملك فلا تدل على نفي أصل الملكية. و الخبران- مضافا إلى قصور سندهما، و قصور دلالتهما أيضا- بأنّ وجوب التخلية، و الفداء أعمّ من عدم أصل الملكية كما هو واضح. و لذا نسب إلى الشيخ و الإسكافيّ عدم الخروج عن ملكه، و مال إليه بعض متأخري المتأخرين، للأصل و الإطلاق. و لكنه مردود، إذ الأصل محكوم بالإجماع، و الإطلاق مقيد به أيضا و إلا مورد المزبورة تصلح للتأييد و إن قصرت عن الاستدلال بها، مضافا إلى ما يأتي من ظهور الأدلة في التنافي بين الإحرام و تملك الصيد.

و تظهر الثمرة فيما لو أخذه المحرم و جنى عليه جان فعلى عدم الملكية لا ضمان عليه، لأنّه حينئذ من الوحوش و باق على إباحة الأولوية بخلاف الملكية، فإنّ الجاني ضامن للمحرم الأخذ للصيد، لوقوع الجناية حينئذ على ملك الغير.

ثمَّ إنّ ظاهرهم أنّ وجوب الإرسال أعمّ من عدم الملكية فيجب عليه إرساله و لو قيل بملكيته له.

(23) إجماعا، و لقاعدة اليد المقتضية للضمان في المقام و المراد به الضمان الشرعيّ و قاعدة اليد تجري في مثله أيضا.

ص: 263


1- هو الفيض الكاشاني في الوافي.
2- راجع الوسائل باب: 43 من أبواب كفارات الصيد حديث: 7 و غيره من الأحاديث.
مسألة 2: لو لم يمكنه الإرسال حتّى تلف، فلا ضمان

(مسألة 2): لو لم يمكنه الإرسال حتّى تلف، فلا ضمان (24) و إن كان أحوط (25).

مسألة 3: لو لم يرسله حتى أحلّ و لم يكن أدخله الحرم فلا شي ء عليه سوى الإثم

(مسألة 3): لو لم يرسله حتى أحلّ و لم يكن أدخله الحرم فلا شي ء عليه سوى الإثم (26) و إن أدخله الحرم ثمَّ أخرجه أعاده إليه على الأحوط (27)،

______________________________

نعم، لو كان المراد الضمان الملكي فلا وجه للضمان حينئذ بلا فرق بين كونه في الحلّ أو في الحرم، لإطلاق الكلمات، و إطلاق القاعدة، و ظاهر خبر أبي سعيد- المتقدم. و إن كان الموت بعد دخول الحرم و لكنه قاصر سندا و مهجور متنا. و قد ذكرنا أنّ ذيل الحديث ليس منه فلا يدل على المطلوب أصلا.

(24) للأصل بعد ظهور أدلة الضمان في إمكان الإرسال.

(25) جمودا على إطلاقات بعض العبارات كالشرائع و نحوه.

(26) أما الإثم، فلتحقق العصيان بالعمد و الاختيار. و أما عدم شي ء عليه، فللأصل بعد عدم تحقق قتل أو جناية.

(27) لا ريب في أنّه من أخرج صيد الحرم وجب عليه إعادته إليها إجماعا، و نصوصا يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى، و إنّ الحرم أمان كتابا (1)، و سنة (2)، و إجماعا فما دخلها من الصيد لا يقتل، و لا يؤذي، و لا يهاج، لأنّه دخل مأمنه و هل يجري حينئذ عليه جميع أحكام الصيد الحرميّ أولا؟ وجهان يمكن التمسك للأول بظاهر التعليل الوارد في صحيح ابن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن طير أهليّ أقبل، فدخل الحرم فقال عليه السّلام: لا يؤخذ و لا يمس لأنّ اللّه عزّ و جل يقول: و من دخله كان آمنا» (3) فإنّ إطلاقه يشمل الدخول و الإدخال، و جميع الأحكام إلا ما خرج بالدليل، و في موثق ابن بكير: «رجل أصاب ظبيا

ص: 264


1- سورة آل عمران: 90.
2- راجع الوسائل باب: 88 من أبواب تروك الإحرام و باب: 13 من أبواب كفارات الصيد.
3- الوسائل باب: 36 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

فإن تلف قبل ذلك ضمنه (28).

مسألة 4: لو اصطاد المحرم صيدا و لم يدخله الحرم

(مسألة 4): لو اصطاد المحرم صيدا و لم يدخله الحرم و لم يرسله حتى أحلّ، فالأحوط وجوب الإرسال إن تنجز حكم الإرسال عليه و خالفه (29).

مسألة 5: لو كان الصيد في يد المحرم، فأرسله مرسل عن يده

(مسألة 5): لو كان الصيد في يد المحرم، فأرسله مرسل عن يده لا

______________________________

فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم؟ فقال عليه السّلام: إن كان حين أدخله خلّا سبيله فلا شي ء عليه، و إن كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء» (1) فيستفاد منه و من غيره وجوب الإرسال كالصيد الحرمي. و لكن يمكن أن يقال: إنّ الحكم مخالف للأصل، فلا بد و أن يقتصر فيه على خصوص مورد النص و هو وجوب الإرسال و حرمة الإيذاء و الإيهاج، و أما وجوب الإعادة لو أخرجه فيكون من مجاري الأصل. و في المسالك نسب وجوب الإعادة إلى الرواة و ناقش فيه في الجواهر بأنّ النص ورد في الطير دون الصيد.

أقول: الأحوط هو ما قلناه.

(28) لما تقدم من موثق ابن بكير.

(29) لاستصحاب وجوب الإرسال عليه حينئذ إلا أن يقال: إنّ الوجوب إنّما كان لأجل الإحرام فإذا انتفى يتبدل الموضوع فلا مجرى حينئذ للاستصحاب. و يمكن أن يقال: إنّ وجوب الإرسال للصيد في حال الإحرام غير مقيد به، فحالة الإحرام علة لحدوث الحكم لا أن تكون علة لبقائه فيصح التمسك حينئذ للوجوب بإطلاق الدليل من دون حاجة إلى الاستصحاب. هذا إذا تنجز الحكم عليه و أهمل و أما مع عدم التنجز فلا يبعد أن يقال: بانصراف الأدلة عن وجوب الإرسال بعد الإحلال، و لكنه مشكل و لو أرسله فالظاهر جواز

ص: 265


1- الوسائل باب: 36 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.

ضمان عليه (30)، كمن دفع المغصوب إلى صاحبه من يد الغاصب،

مسألة 6: لو كان الصيد بيده وديعة أو عارية أو نحوهما

(مسألة 6): لو كان الصيد بيده وديعة أو عارية أو نحوهما فإن أمكن دفعه إلى المالك وجب ذلك و إلا يدفعه إلى الحاكم الشرعيّ، أو وكيله و إلا فإلى عدول المؤمنين و إلا أرسله و يضمن (31).

مسألة 7: لو كان الصيد نائيا عنه حال الإحرام

(مسألة 7): لو كان الصيد نائيا عنه حال الإحرام سواء كان في منزله، أو داره، أو وديعة، أو إجارة عند غيره لا يخرج بالإحرام عن ملكه (32)، فله بيعه، و هبته، و نحوهما بل له تملك الصيد البعيد بشراء، أو اتهاب، أو

______________________________

أخذه له بعد ذلك، لأنّه بالإرسال في حال الإحلال صار من المباحات الأولية فيشمله إطلاق ما دل على صحة حيازته لها.

(30) لأصالة البراءة عن الضمان، و لأنّه محسن و ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ (1).

(31) لما يأتي- إن شاء اللّه تعالى- في كتاب الوديعة أنّ هذا حكم الوديعة و نحوها عند صيرورتها معرضا للتلف و الإرسال معرض له بلا إشكال و لا ينافي كونه بحكم الشارع، كما أنّه لا تنافي بين وجوب الإرسال و الضمان كوجوب الأكل من مال الغير عند الاضطرار إليه مع تحقق الضمان أيضا.

(32) للأصل بعد أنّ المنساق من الأدلة إنّما هو الاصطياد لا ذات الصيد بقرينة قوله تعالى وَ إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا (2).

نعم، قد يحرم بعض أمور أخر في الصيد لأدلة خاصة تقدمت الإشارة إليها، و في صحيح جميل: «سئل الصادق عليه السّلام عن الصيد يكون عند الرجل من الوحش في أهله أو من الطيور يحرم و هو في منزله قال عليه السّلام: و ما به بأس لا

ص: 266


1- سورة التوبة: 91.
2- سورة المائدة: 2.

نحوهما فضلا عن التملك القهريّ كالإرث (33).

مسألة 8: لو أمسك المحرم صيدا في الحلّ فذبحه محرم آخر

(مسألة 8): لو أمسك المحرم صيدا في الحلّ فذبحه محرم آخر ضمن كلّ منهما فداء كاملا (34) و لو كانا في الحرم يتضاعف الجزاء. و لو

______________________________

يضرّه» (1)، و مثله صحيح ابن مسلم (2) و الظاهر أنّ ذكر الأهل من باب المثال لا الخصوصية فيشمل جميع ما قلناه و حينئذ فترتب عليه آثار الملكية من البيع، و الهبة و نحوهما لوجود المقتضي و فقد المانع.

(33) كل ذلك للأصل، و الإطلاق، و عدم ما يصلح للتقييد، و أنّ المراد بالصيد الحرام على المحرم إنّما هو الاصطياد كما مرّ. و أما خبر أبي الربيع: «سئل الصادق عليه السّلام عن رجل خرج إلى مكة و له في منزله حمام طيارة و ألفها طير من الصيد و كان مع حمامه قال عليه السّلام فلينظر أهله في المقدار إلى الوقت الذي يظنون أنّه يحرم فيه و لا يعرضون لذلك الطير و لا يفزعونه و يطعمونه حتى يوم النحر و يحلّ صاحبهم من إحرامه» (3) فلضعف سنده قاصر عن إثبات الوجوب فلا بد من حمله على الندب، مع أنّه ليس من الصيد المحرّم، لأنّ طيره في منزله ليس من آلة الصيد حتى يكون ذلك من الصيد المصطلح عليه في المقام.

ثمَّ إنّ المرجع في كون الصيد نائيا عنه إنّما هو العرف، فمع صدق كونه نائيا عنه يترتب عليه حكمه و مع صدق كونه معه كذلك. و مع الشك يعمل بالحالة السابقة و مع عدمها فالمرجع هو الأصل أي: البراءة عن وجوب شي ء عليه.

(34) إجماعا، و لأنّه أولى من الضمان بالدلالة و المشاركة في الرمي بدون إصابة.

ص: 267


1- الوسائل باب: 34 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 34 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
3- الوسائل باب: 34 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.

كانا محلّين في الحرم لم يتضاعف و لو كان الذابح أو الممسك محرما و الآخر محلا يتضاعف الفداء في حقه دون المحلّ. و لو أمسك الصيد في الحلّ فذبحه المحلّ منه ضمنه المحرم خاصة (35).

مسألة 9: لو نقل المحرم- أو المحلّ- في الحرم بيضا عن موضعه، ففسد ضمنه

(مسألة 9): لو نقل المحرم- أو المحلّ- في الحرم بيضا عن موضعه، ففسد ضمنه (36) بل يضمنه ما لم يخرج الفرخ صحيحا، فلو جهل الحال حينئذ ضمنه (37) و لو أحضنه طيرا آخر، فخرج الفرخ سليما لم يضمنه، و كذا لو كسره فخرج فاسدا (38).

الثالث: السبب و فيه مسائل

اشارة

الثالث: السبب و فيه مسائل:

مسألة 1: لو أغلق المحرم على حمام الحرم

(مسألة 1): لو أغلق المحرم على حمام الحرم، و فراخ كذلك، و بيض ضمن بالإغلاق، فإن زال السبب و أرسلها سليمة سقط الضّمان (39) و لو هلكت ضمن المحرم الحمامة بشاة و الفرخ بحمل، و البيض بدرهم،

______________________________

(35) و قد ظهر الوجه في ذلك كله مما تقدم فراجع.

(36) نسب ذلك إلى غير واحد. و عن الشيخ نسبته إلى الأخبار، و لعله يريد أخبار الكسر كما في الجواهر.

(37) كما عن المسالك، و الدروس. و يمكن أن يستفاد ذلك من الأخبار الواردة فيمن رمى صيدا فغاب عنه و لم يعرف حاله (1) و قد تقدم في المسائل السابقة فراجع.

(38) على المشهور، للأصل بعد عدم دليل عليه و قد تقدم في أحكام البيض ما ينفع المقام فراجع.

(39) على المشهور، لأصالة البراءة، و فحوى ما دل على عدم الضمان بالأخذ ثمَّ الإرسال و يأتي بقية الكلام.

ص: 268


1- الوسائل باب: 27 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.

و المحلّ الحمامة بدرهم، و الفرخ بنصف درهم، و البيضة بربع درهم (40).

______________________________

(40) لصدق الإتلاف بالنسبة إلى كل من الحرم و المحل، فيترتب عليه حكمه، و في خبر يونس: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل أغلق بابه على حمام من حمام الحرم و فراخ و بيض فقال عليه السّلام: إن كان أغلق عليها قبل أن يحرم فإنّ عليه لكل طير درهم، و لكل فرخ نصف درهم، و لكل بيضة ربع درهم. و إن كان أغلق عليها بعد ما أحرم، فإنّ عليه لكل طائر شاة، و لكل فرخ حملا و إن لم يكن تحرك فدرهم، و للبيض نصف درهم» (1) و رواه الصدوق بزيادة «فمات» في السؤال.

و خبر الواسطي قال: «سألت أبا إبراهيم عليه السّلام: عن قوم أغلقوا الباب على حمام من حمام الحرم فقال عليه السّلام: عليهم قيمة كل طائر درهم يشتري به علفا لحمام الحرم» (2) المنزل على المحل كصحيح الحلبي: «في رجل أغلق باب بيت على طير من حمام الحرم فمات قال عليه السّلام: يتصدّق بدرهم أو يطعم به حمام الحرم» (3) و هذا هو المشهور.

و ظاهر النافع، و صريح التلخيص، و نسب إلى الشيخ أيضا استقرار الضمان بنفس الإغلاق، لظاهر الروايات، و لأنّه لو أريد منه الموت لتحقق الفداء و القيمة لا خصوص الأول فقط.

و فيه: أنّها محمولة على الموت بقرينة صحيح الحلبي المتقدم- و صحيح ابن خالد على نسخة الفقيه: «قلنا لأبي عبد اللّه عليه السّلام: رجل أغلق بابه على طير فمات فقال عليه السّلام: إن كان أغلق الباب بعد ما أحرم فعليه شاة، و إن كان أغلق الباب قبل أن يحرم فعليه ثمنه» (4)، و خبر الواسطي بل و المتفاهم العرفي أيضا، و لأنّ

ص: 269


1- الوسائل باب: 16 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
مسألة 2: الأحوط وجوبا وجوب شاة واحدة على من نفر حمام الحرم و عاد

(مسألة 2): الأحوط وجوبا وجوب شاة واحدة على من نفر حمام الحرم و عاد، و عن كل حمامة شاة إن لم يعد (41) و لو شك في العدد بنى

______________________________

الإغلاق مع السلامة أولى بعدم الضمان من الرمي مع عدم الإصابة و من الأخذ ثمَّ الإرسال.

ثمَّ إنّه لو أغلق الباب على حيوان وحشيّ فمات فمقتضى القاعدة لزوم القيمة.

(41) نسب ذلك إلى أكثر الأصحاب منهم الشيخان، و بنو بابويه، و البراج، و حمزة، و إدريس، و سلار، و في المسالك «اشتهر بينهم حتى كاد أن يكون إجماعا» و الأصل في الحكم رسالة ابن بابويه المعروف فيها أنّ الأصحاب إذا أعوزتهم النصوص يرجعون إليها، و الفقه الرضوي: «و إن نفرت حمام الحرم فرجعت فعليك في كلها شاة، و إن لم ترها رجعت فعليك لكل طير دم شاة» (1) و قال المجلسي في أول كتاب البحار: «إنّ أكثر عبارات فقه الرضا موافق لما يذكره الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه من غير سند و ما يذكره والده في رسالته».

و قد مرّ غير مرة أنّ فقه الرضا لا اعتماد على سنده، و رجوع القدماء إلى رسالة ابن بابويه عند إعواز النص- على فرض صحته- لعله كان لأجل قرائن لديهم توجب الوثوق بصدور مضمونها من المعصوم عليه السّلام و هذا لا يوجب الحجية عند من لم تقم لديه القرينة.

نعم، لا يبعد أن يقال: إنّ مضمون رسالة ابن بابويه، و الفقه الرضوي في المقام كالمرسل المنجبر بالعمل، فيصح الاعتماد عليها من هذه الجهة.

ثمَّ إنّ إطلاق الفتاوى في تنفير حمام الحرم و العود يشمل مطلق التنفير من محلّ الاجتماع و العود إليه سواء كان من الحرم إليه، أو من غير الحرم و إليه،

ص: 270


1- مستدرك الوسائل باب: 40 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.

بنى على الأقلّ (42)، و في العود بنى على العدم (43) و يتساوى المحرم و المحلّ فيما مرّ من الأحكام (44).

و لا شي ء في الواحدة إذا رجعت (45).

مسألة 3: لو اشترك جمع في التنفير يجزي جزاء واحد عنهم

(مسألة 3): لو اشترك جمع في التنفير يجزي جزاء واحد عنهم سواء كان فعل كلّ واحد منهم موجبا للنفور أولا، و سواء عاد الحمام أولا (46)،

______________________________

بل يشمل التنفير من غير الحرم و العود إلى مأمنها الذي هو الحرم، كما أنّ مقتضى إطلاقها كفاية مطلق العود سواء استقرت بعد العود أولا.

(42) لأصالة عدم الأكثر، فلو شك في أنّها كانت واحدا أو أكثر و رجعت فلا شي ء عليه.

نعم، لا ثمرة عملية في الشك بين الأقلّ و الأكثر في الزائد على الواحدة مع الرجوع، لوجوب شاة واحدة على أيّ تقدير.

و أما مع عدم الرجوع فتلك ثمرة كما هو واضح.

(43) لاستصحاب عدم العود، فتجب الشاة فيما لم تعد و لو بالأصل.

(44) لإطلاق الفتاوى، و أصالة عدم تعدد الجزاء على المحرم في صورة عدم العود. و أما مع العود فلا إشكال في تساويهما في ذلك و لكن الأحوط التعدد بالنسبة إلى المحرم في صورة عدم العود، من جهة العود و من جهة الإتلاف.

(45) للأصل، و اختصاص الفتاوى بالجمع، مع كون الحمام إما جمع، أو اسم جنس جمعي فلا يشمل الواحدة، مع أنّه لو كان فيها شاة لا فرق فيها بين العود و عدم العود و التلف و هو بعيد جدا.

(46) لإطلاق الفتاوى الشامل لصورة وحدة المنفّر و تعدده، و ما إذا كان فعل كل واحد مقتضيا أو سببا تاما لو لا فعل الآخر و ليست المسألة منصوصة في فروعها حتى يؤخذ بالنص. و القياس على الاشتراك في الإتلاف حيث يكون

ص: 271

و لا فرق بين كون الجميع محلّين، أو محرمين، أو مختلفين في الحلّ أو في الحرم، أو بالاختلاف (47).

مسألة 4: يختص ما تقدم من الأحكام بخصوص حمام الحرم

(مسألة 4): يختص ما تقدم من الأحكام بخصوص حمام الحرم دون غيره من الظباء و نحوها (48).

مسألة 5: لو عاد البعض و لم يعد بعضها الآخر يلحق كلا حكمه

(مسألة 5): لو عاد البعض و لم يعد بعضها الآخر يلحق كلا حكمه (49) و الأحوط وجوب جزء من شاة بنية الجميع فلو كان الجميع

______________________________

على كل واحد فداء باطل و مقتضى الأصل أيضا في صورة العود كفاية الجزاء الواحد. إذ المسألة حينئذ من الأقل و الأكثر.

و أما مع عدم العود، فمقتضى إطلاق كلامهم- إن لكل حمامة شاة- شموله لصورة تعدد المنفّر أيضا، فيجزي عن كل حمامة شاة و لا تجب شاة على كل منفّر لكل حمامة فإذا كان المنفّرون خمسة- مثلا- يجب خمسة شياه إذا لم تعد، و ذلك كله لعدم الدليل على أصل المسألة إلا إطلاق الفتاوى و مقتضى إطلاقها كفاية الواحدة عن كل حمامة لم تعد حتى مع تعدد المنفّر و ذلك مقتضى الأصل أيضا، لما تقدم من كون المسألة من صغريات الأقل و الأكثر ثمَّ إنّه هل يقسم الجزاء على كل واحد من المنفّرين بالسوية فإذا كانوا ثلاثة تجب على كل واحد منهم الثلث أو يقرع بينهم. فمن خرج اسمه يجب عليه، أو يفصّل بين ما إذا كان فعل كل واحد مقتضيا فقط فالأول، أو علة تامة لو لا الآخر فيتعيّن عليه فقط؟

وجوه: و المسألة غير محررة في كلماتهم و طريق الاحتياط التراضي و التصالح فيما بينهم.

(47) كل ذلك لإطلاق الفتاوي التي هي المدرك لأصل المسألة.

(48) للأصل بعد اختصاص الفتاوي، و فقه الرضا- المتقدم- بخصوص حمام الحرم بل يشكل جريانه في مطلق طير الحرم غير الحمام.

(49) فلا شي ء فيما عاد، للأصل. و في كل واحدة مما لم يعد شاة، لإطلاق الفتاوي الشامل لهذه الصورة أيضا.

ص: 272

أربعة و عاد اثنان، فنصف شاة (50).

مسألة 6: يجب على المنفر السعي في إعادتها مع الإمكان

(مسألة 6): يجب على المنفر السعي في إعادتها مع الإمكان و لو افترقت إلى مئونة وجبت (51)، و لو لم يخرج من الحرم و لم يبعد كثيرا عن محلّها الذي نفرت منه لا يجب السعي في الإعادة (52) و إن قلنا بوجوب الجزاء (53).

مسألة 7: المحرمان إذا رميا صيدا، فأصابه أحدهما كان على كلّ واحد منهما جزء

(مسألة 7): المحرمان إذا رميا صيدا، فأصابه أحدهما كان على كلّ واحد منهما جزء (54)،

______________________________

(50) لأنّ الاحتياط حسن في كل حال، و لاحتمال تقسيط الشاة فيما إذا لم يرجع الجميع بالنسبة إلى الأفراد أيضا.

(51) صرّح بذلك في الجواهر، لحرمة التنفير حدوثا و بقاء فيجب الرد مع الإمكان، و لوجوب تحصيل مقدمة الواجب المطلق و لو بالأجرة ما لم يكن ضرر في البين.

(52) لانتفاء فائدة الإعادة حينئذ لفرض كونها في الحرم و عدم الخروج عنها.

(53) جمودا على إطلاق الفتاوى الشامل لمطلق التنفير، و لكنّه مشكل بل ممنوع.

(54) نصّا، و إجماعا، ففي صحيح ضريس قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجلين محرمين رميا صيدا فأصابه أحدهما قال عليه السّلام: على كلّ واحد منهما الفداء» (1)، و في خبر إدريس: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن محرمين يرميان صيدا فأصابه أحدهما الجزاء بينهما أو على كل واحد منهما؟ قال عليه السّلام: عليهما جميعا يفدي كل واحد منهما على حدة» (2).

ص: 273


1- الوسائل باب: 20 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 20 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.

و كذا المحرمون (55) و لا فداء على المخطئ من المحلّين لو رميا في الحرم (56).

مسألة 8: إذا أوقد جماعة محرمون نارا في الحلّ فوقع فيها صيدا

(مسألة 8): إذا أوقد جماعة محرمون نارا في الحلّ فوقع فيها صيدا، فإن قصدوا بالإيقاد الاصطياد لزم كلّ واحد منهم جزاء و إلا فجزاء واحد (57). و لو قصد بعضهم دون الآخر وجب على كلّ قاصد الجزاء و على مجموع الباقين جزاء واحد (58) و إن كان الباقي واحدا على

______________________________

و مقتضى إطلاقهما الشمول لما إذا لم تتحقق إعانة من الآخر أيضا، فلا وجه لما عن بعض من الاختصاص بصورة الإعانة، كما لا وجه لما عن ابن إدريس من عدم الفداء على المخطئ، لأنّه اجتهاد في مقابل النص.

(55) لأنّ الظاهر أنّ ذكر المحرمين فيما تقدم من الخبرين من باب المثال لا الخصوصية.

(56) لكون الحكم مخالفا للأصل فلا بد من الاقتصار على مورد النص و الفتوى. هذا إذا لم يتحقق التسبيب من المخطئ و إلا فيضمن من جهة التسبيب.

(57) لصحيح أبي ولاد: «خرجنا ستة نفر من أصحابنا إلى مكة فأوقدنا نارا عظيمة في بعض المنازل أردنا أن نطرح عليها لحما نكببه و كنا محرمين، فمرّ بنا طائر صاف قال: حمامة أو شبهها فاحترق جناحاه فسقط في النار فمات فاغتممنا لذلك فدخلنا على أبي عبد اللّه عليه السّلام بمكة فأخبرته و سألته فقال عليه السّلام:

عليكم فداء واحد دم شاة و به تشتركون فيه جميعا إن كان ذلك منكم على غير تعمّد و لو كان ذلك منكم تعمدا ليقع الصيد فوقع ألزمت كل رجل منكم دم شاة.

قال أبو ولاد و كان ذلك منا قبل أن ندخل الحرم» (1) مع أنّ الحكم مجمع عليه بينهم.

(58) لتحقق الموضوع بالنسبة إلى كل واحد منهما فيشمله إطلاق

ص: 274


1- الوسائل باب: 19 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

الأحوط وجوبا (59).

و لو فعل ذلك المحلّ في الحرم مع القصد للاصطياد وجبت القيمة (60)، بل الأحوط وجوبها حتى مع عدم القصد (61)، و يتضاعف الجزاء على المحرم في الحرم مع القصد (62) بل الأحوط ذلك حتّى مع عدمه (63).

______________________________

الدليل قهرا.

(59) من صدق عدم التعمد بالنسبة إليه كما في الصحيح، و أنّه الباقي كما في كلمات الفقهاء فتجب عليه الشاة لشمول إطلاق الدليل له أيضا. و من أنّه مستلزم لمساواة القاصد لغير القاصد مع أنّ الثاني لا بد و أن يكون أخفّ من الأول فلا تجب شاة واحدة و لكن لا بأس بالالتزام به في المقام، جمودا على الإطلاق.

إلا أن يقال: إنّ مورد الإطلاق إنّما هو الجماعة فلا يشمل الواحد.

و فيه: أنّه في مورد السؤال و قد اشتهر أنّ المورد لا يقيد إطلاق الحكم. إلا أن يقال: إنّ الشأن في أصل ثبوت الإطلاق. و الحق أنّ المسألة غير محرّرة في كلماتهم فراجع و تأمل.

(60) لأنّه حينئذ من التسبيب إلى الصيد في الحرم و هو يوجب القيمة بالنسبة إلى المحلّ الذي يجب عليه القيمة كما تقدم.

(61) لإمكان دعوى صدق التسبيب حتى مع عدم القصد إلى الاصطياد أيضا. إلا أن يقال: إنّ التفصيل الوارد في صحيح أبي ولاد حاكم عليه و فيه إشكال لأنّ الاهتمام على كون الحرم مأمنا يقتضي التعميم.

(62) لإطلاق ما دل على التضاعف بالنسبة إلى المحرم في الحرم الشامل للمقام أيضا. و الظاهر كونه مقطوعا به عند الأصحاب.

(63) لاحتمال أن يكون مطلق التسبب و لو مع عدم القصد كافيا في

ص: 275

و لو كان الموقد واحدا وجبت الشاة قصد أو لم يقصد (64).

مسألة 9: إذا رمى صيدا فقتله أو جرحه و لم يعلم حاله

(مسألة 9): إذا رمى صيدا فقتله أو جرحه و لم يعلم حاله و لكن اضطرب فقتل فرخا أو صيدا آخر كان عليه فداء الجميع (65) بلا فرق فيه بين المحرم في الحلّ و المحلّ في الحرم، و مع جمع الوصفين يتضاعف الفداء (66).

مسألة 10: المحرم السائق للدابّة في الحلّ يضمن ما تجناه دابته بأيّ جزء منها

(مسألة 10): المحرم السائق للدابّة في الحلّ يضمن ما تجناه دابته بأيّ جزء منها، و كذا الراكب إذا وقف بها (67) و أما إذا سار فيضمن ما تجناه بيدها و رأسها كالقائد (68) و نحوه المحلّ في الحرم. و يتضاعف

______________________________

صدق السبب عرفا، و يقتضيه كثرة التحفظ على كون الحرم مأمنا كما لا يخفى على من راجع مجموع النصوص الواردة فيها.

(64) لتحقق التسبب العرفيّ على كلّ تقدير.

(65) للإجماع، و تحقق سبب الإتلاف بالنسبة إلى الجميع.

(66) لإطلاق أدلة سببية الإتلاف للمحرم مطلقا، و للمحل في الحرم، و ما دل على التضاعف على المحرم في الحرم الشامل لجميع ذلك كما هو واضح.

(67) لاستيلائه عرفا على جميع أجزاء المركوب، و صدق التسبب بالنسبة إلى الجميع و المقام من موارد اجتماع السبب و المباشر و تقديم الأول على الأخير، لكون المباشر كالآلة.

(68) لأنّ استيلاء السائر و القائد بالنسبة إلى الرّأس و اليدين مسلّم و بالنسبة إلى الرجلين مشكوك و مقتضى أصالة عدم التسبّب و عدم المباشرة للإتلاف البراءة عن الضمان، و قد ورد أنّ «الرجل جبار» (1) أي: الإتلاف الحاصل برجل الدابة هدر المحمول على هذه الصورة و يأتي في كتاب الغصب

ص: 276


1- سنن البيهقي ج: 8 صفحة: 343 و كنز العمال ج: 19 صفحة: 8 حديث: 65.

الجزاء مع الاجتماع (69).

مسألة 11: لو أمسك المحرم صيدا في الحلّ أو في الحرم

(مسألة 11): لو أمسك المحرم صيدا في الحلّ أو في الحرم و كان له طفل في الحلّ أو في الحرم فتلف الطفل بالإمساك ضمن ما تلف سواء كان هو الطفل أو الأم، أو هما معا (70)، و يتضاعف الجزاء على المحرم في الحرم (71). و لو أمسك المحلّ صيدا في الحلّ له طفل في الحرم فتلف

______________________________

و الديات عند البحث عن موجبات الضمان ما ينفع المقام فراجع و تأمل و لا بد و إن يحمل على هذا التفصيل قول الصادق عليه السّلام في صحيح الكناني: «ما وطأته أو وطأته بعيرك أو دابتك و أنت محرم فعليك فداؤه» (1) و نحوه حسن معاوية عنه عليه السّلام أيضا: «إنّ ما وطأت من الدبا أو وطأته بعيرك فعليك فداؤه» (2) إذ لا عامل بإطلاقهما كما في الجواهر.

(69) لأنّ الأصحاب قاطعون بأنّ ما يضمنه المحرم في الحلّ يضمنه المحلّ في الحرم، و يتضاعف الجزاء في اجتماع الأمرين كما عن المدارك التصريح به.

أقول: يمكن أن يجعل ذلك قاعدة اصطيادية من مجموع الأخبار الواردة في الضمانات في الإحرام و الحرم، مع أنّه إن كان المقام من تقديم السبب على المباشر فلا اختصاص له بمورد دون مورد بل كل ما كان المباشر فيه كالآلة يقدم فيه السبب بلا فرق بين الموارد. و هل يجري هذا التفصيل في مثل السيارات و العربات أو لا، بل يكون الضمان على السبب؟ وجهان لا يبعد الأخير.

(70) كل ذلك للتسبيب في الإتلاف الموجب للضمان، مضافا إلى ظهور الإجماع و الاتفاق.

(71) لقاعدة تعدد المسبّب بتعدد السبب.

ص: 277


1- الوسائل باب: 53 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
2- الوسائل باب: 53 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.

الطفل بإمساكه يضمن الطّفل و لا يضمن الامّ لو تلفت إلا إذا كانت الأم في الحرم (72)، و لو أمسك المحلّ الأمّ في الحرم فمات الطفل ضمنه، و كذا الام إن ماتت (73).

مسألة 12: إذا أغرى المحرم كلبه بصيد فقتله ضمن

(مسألة 12): إذا أغرى المحرم كلبه بصيد فقتله ضمن سواء كان ذلك في الحلّ أو الحرم و يتضاعف في الحرم (74) و بحكم الإغراء حلّ الكلب المربوط في الحرم، أو في حال الإحرام مع حضور الصيد أو حلّ الصيد مع حضور الكلب، و كذا لو انحل رباط الكلب مع التقصير في الربط (75) و لو

______________________________

(72) أما ضمان الطفل فلأنّه من التسبيب لتلف الصيد الحرميّ. و أما عدم ضمان الأم لو تلفت في الحلّ، فللأصل بعد عدم موجب للضمان لأنّ الإتلاف كان من المحلّ في الحلّ و أما ضمانها لو تلفت في الحرم فلما دل على ضمان الصيد الحرميّ بالإتلاف و لو كان من المحلّ.

(73) أما ضمان الطفل، فللتعليل الوارد في خبر مسمع عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في رجل حلّ في الحرم رمى صيدا خارجا عن الحرم فقتله قال عليه السّلام: عليه الجزاء، لأنّ الآفة جاءت الصيد من الحرم» (1).

و أما ضمان الأم لو ماتت في الحرم فللعمومات و الإطلاقات الدالة عليه.

(74) لقاعدة الضمان بالتسبيب، مضافا إلى ظهور الإجماع. و أما التضاعف، فلأصالة تعدد المسبّب بتعدد السبب.

(75) كل ذلك لصدق التسبيب و الإتلاف عرفا، فيترتب عليه الضمان قهرا.

نعم، يشكل في ما إذا كان حلّ الصيد المربوط لمجرد الإحسان إليه فصادف أنّ الكلب صاده، أو كان ذلك مع الغفلة.

ص: 278


1- الوسائل باب: 33 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

أغرى المحل كلبه في الحلّ فدخل به الصيد الحرم فأخذه الكلب في الحرم ضمن (76)، و كذا لو دخل به الصيد الحرم فأخذه غيره، و كذا لو نصب شبكة فدخل فيها صيد (77).

مسألة 13: لو نفر صيدا فهلك بمصادفته بشي ء

(مسألة 13): لو نفر صيدا فهلك بمصادفته بشي ء أو أخذه جارح، أو أهلكه صيد آخر بمصادفته ضمن (78).

______________________________

إلا أن يقال: إنّ التسبب قد يكون قصديا و قد يكون صدقيا قهريا قصد أم لا كان متوجها إليه أم لا، و ظاهر الإطلاقات إنّه أعمّ من القصديّ و الصدقيّ العرفيّ و لكن ليس في أخبار المقام ذكر السبب حتى يستظهر منه الإطلاق.

نعم، وردت الدلالة و الإشارة و يمكن أن يستفاد منهما حرمة التسبيب بقول مطلق خصوصا من قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «و لا تشر إليه فيستحلّ من أجلك» (1)، إذ يفهم من قوله عليه السّلام: «من أجلك» أنّ كلّ ما يحصل من ناحية الشخص يوجب الضمان، و لذا عبّر الفقهاء بالسبب و أطلقوا القول فيه، فمع صدق التسبيب و لو خطأ يترتب عليه الحكم و مع صدق عدمه لا يترتب و كذا مع الشك، لعدم جواز التمسك بالدليل حينئذ، لأنّه من الشبهة الموضوعية فيرجع إلى الأصل.

(76) لصدق التسبيب عرفا و لم أر إشكالا فيه ممن تعرض له من أصحابنا و نسب الخلاف إلى غيرنا.

(77) لصدق التسبيب عرفا سواء كانت في الحل أم في الحرم، و كذا حفر البئر مع وقوع الصيد فيه إن صدق التسبيب بالنسبة إلى الحفر عند المتعارف.

(78) للتسبيب، و ظهور الإجماع.

ص: 279


1- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

نعم، لو عاد إلى محلّه و تلف بعد ذلك لا ضمان عليه (79).

مسألة 14: لو وقع الصيد في شبكة و أراد تخليصه فهلك أو عاب

(مسألة 14): لو وقع الصيد في شبكة و أراد تخليصه فهلك أو عاب، أو خلّصه من هرّة، أو سبع، أو نحو ذلك ضمن على الأحوط وجوبا (80).

______________________________

(79) لعدم استناد التلف إليه حينئذ بوجه.

نعم، لو كان بحيث يصح استناده إليه ضمن، للتسبيب، و إطلاق قول الكاظم عليه السّلام: «في رجل أخرج حمامة من حمام الحرم إلى الكوفة قال عليه أن يردها، فإن ماتت فعليه ثمنها يتصدّق به» (1).

(80) لصدق التسبيب و لو خطأ. و أما قوله تعالى ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ (2) فظهوره في نفي الإثم لا إشكال فيه، و أما نفي الحكم الوضعيّ و هو الضمان فلا يستفاد منه، فالمرجع إطلاق ما دل على الضمان بالتسبيب. فما ادعاه في المدارك من أنّه ينبغي القطع بعدم الضمان مع عدم التعدّي و التفريط، لأنّه إحسان محض لا وجه له بعد ثبوت مقتضى الضمان و عدم صلاحية المانع للمنع، و كذا لو أخذه للتداوي فهلك في يده بما ناله من السبع مثلا، لتحقق إثبات اليد فيثبت موجب الضمان و لا مانع في البين إلا الأصل، و قاعدة الإحسان و الأول محكوم بما دل على الضمان بالتسبيب و لو خطأ. و الثانية لا تنافي الضمان كما تقدم و لذا قطع به الشهيد، و الفاضل في غير القواعد.

و عن صاحب الجواهر عدم الضمان قال رحمه اللّه: «إنّ المتيقن من الضمان وضع اليد مع العدوان».

و فيه: أنّه مخالف لثبوته مع الغفلة و النسيان ثمَّ ادعى رحمه اللّه وضوح الفرق بين الأخذ للتداوي و أخذه من الشبكة هذا و لكن لا يبعد دعوى انصراف التسبيب الموجب للضمان عن هذه الموارد حكما لا موضوعا.

ص: 280


1- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
2- سورة التوبة: 91.
مسألة 15: من دل على صيد من المحرمين في الحلّ، أو الحرم

(مسألة 15): من دل على صيد من المحرمين في الحلّ، أو الحرم، أو المحلّين في الحرم فقتل، أو جرح، أو أخذ ضمن (81) و لا ضمان مع عدم ترتب شي ء على الدلالة، و كذا لو رآه أو فطن به المدلول قبل الدلالة (82) و لو دل محلّ محرما على الصيد في الحل لم يضمن (83).

______________________________

(81) إجماعا، و نصّا قال الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبيّ: «لا تستحلنّ شيئا من الصيد و أنت حرام و لا و أنت حلال في الحرم و لا تدلنّ عليه محلا و لا محرما فيصطاده و لا تشر إليه فيستحل من أجلك فإنّ فيه فداء من تعمده» (1) و احتمال كون الفداء على المستحلّ لا الدال و المشير واضح الفساد و لو بقرينة الإجماع و سائر الأخبار. و ظاهرهم عدم الفرق بين القتل و الجرح و الأخذ.

(82) كل ذلك للأصل بعد عدم الدليل على الضمان. و عن جمع من القدماء إطلاق الفداء، لخبر ابن حازم- كما عن الشيخ- عن أبي عبد اللّه عليه السّلام الذي لم يذكر فيه لفظ (القتل): «المحرم لا يدل على الصيد فإن دل عليه فقتل فعليه الفداء» (2). (مخدوش) بوجوده في نسخة الكافي، و التهذيب، مضافا إلى أنّه لا وجه للضمان مع عدم تلف شي ء و لعلّ مراد من أطلق من القدماء ذلك أيضا، و لكنّهم أطلقوا لوضوحه.

(83) للأصل، و لأنّه لو صاده مباشرة لم يضمن فكيف يضمن بالتسبيب و في المقام صور كثيرة يتضح حكمها عما ذكرناه، لأنّ الدال و المدلول إما أن يكونا محلّين، أو محرمين، أو بالتفريق. و على كل تقدير إما أن يكون الصيد في الحلّ أو في الحرم فهذه اثنان و ثلاثون صورة و يمكن إنهاؤها إلى أكثر من ذلك و حيث إنّ هذه الفروع غير مبتلى بها فلا وجه للتطويل.

ص: 281


1- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.

فصل في صيد الحرم

اشارة

فصل في صيد الحرم الحرم: محيط بمكة من جميع الجوانب و سمّي حرما: لتحريم اللّه تعالى فيه جملة من الأشياء المحلّلة في غيره، و حدوده معيّنة من عهد هبوط آدم عليه السّلام و وضع أنصابها الخليل بدلالة جبرائيل و هي واضحة في هذه العصور كالشمس في رابعة النهار، و قد عيّنوا مساحتها من كل جهة و قد تقدم تحديد مساحة الحرم المكي من جميع جهاته (1).

و حدّ الحرم الذي لا يجوز قتل صيده، و لا قطع شجرة: بريد في بريد، رواه الشيخ في الموثق عن زرارة قال: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: حرّم اللّه حرمه بريدا في بريد أن يختلى خلاه، أو يعضد شجره إلا الإذخر، أو يصاد طيره، و حرم رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله المدينة ما بين لابتيها صيدها، و حرّم ما حولها بريدا في بريد أن يختلى خلاها و يعضد شجرها إلا عودي الناضح» (2).

و البريد: أربعة فراسخ فيكون حدّ الحرم ستة عشر فرسخا. و للعامة في تحديد الحرم أقوال من شاء العثور عليها فليراجع المطولات، و الكتب المعدّة لذلك و لا ثمرة فيها بعد معلومية أنصاب الحرم في هذه العصور و مقتضى الأصل عدم الدخول في الحرم عند الشك لمن يدخل من الخارج و عدم الخروج عنها عند الشك لمن يخرج منها. لكن الأنصاب إمارة عرفية لا يجري الأصل معها، كما في أنصاب عرفات، و المشعر، و غيرهما من حدود المشاعر العظام.

ص: 282


1- راجع صفحة: 305.
2- الوسائل باب: 87 من أبواب تروك الإحرام حديث: 4.

مسألة 1: يحرم من الصيد في الحرم على المحلّ ما يحرم على المحرم في الحلّ

(مسألة 1): يحرم من الصيد في الحرم على المحلّ ما يحرم على المحرم في الحلّ (1)، فمن قتل من المحلّين صيدا فيه كان عليه قيمته و لو كان محرما وجب عليه الفداء أيضا إن كان له فداء و الا تضاعفت القيمة للإحرام و الحرم (2).

مسألة 2: لو اشترك جمع من المحلّين في قتله فعلى كل واحد قيمته على الأحوط وجوبا

(مسألة 2): لو اشترك جمع من المحلّين في قتله فعلى كل واحد قيمته على الأحوط وجوبا (3) و لا شي ء على المحلّ في قتل القمّل،

______________________________

(1) إجماعا، و نصوصا.

منها: قول الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «لا تستحلنّ شيئا من الصيد و أنت حرام، و لا أنت حلال في الحرم» (1).

(2) تقدم وجه ذلك كله في المسائل السابقة فراجع.

(3) لصدق القتل و الإصابة بالنسبة إلى كل واحد منهم، فيشمله إطلاق الدليل، و لقول الصادق عليه السّلام في خبر ابن عمار: «أيّ قوم اجتمعوا على صيد فأكلوا منه فإنّ على كل إنسان منهم قيمته، فإن اجتمعوا في صيد فعليهم مثل ذلك» (2) و هذا هو المشهور بين الأصحاب.

و نسب الخلاف إلى الشيخ في النهاية، و التهذب. و تردد في الشرائع مما تقدم، و من الأصل، و منع صدق القتل بالنسبة إلى كل واحد منهم، و بأنّه ليس بأعظم من الاشتراك في قتل المؤمن إذا لزمت الدية، و لضعف الخبر، و احتمال اختصاصه بالمحرم، و لخبر ابن أبي زياد عن الصادق عليه السّلام عن أبيه قال: «كان عليّ عليه السّلام يقول في محرم و محلّ قتلا صيدا على المحرم الفداء كاملا و على المحلّ نصف الفداء»(3).

ص: 283


1- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
3- الوسائل باب: 21 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

و البرغوث، و النمل، و نحوها في الحرم (4).

مسألة 3: يكره للمحلّ قتل الصيد الذي يقصد الحرم

(مسألة 3): يكره للمحلّ قتل الصيد الذي يقصد الحرم (5) و لا

______________________________

و الكل مخدوش: لأنّ الأصل لا وجه له في مقابل الخبر المنجبر ضعفه بالعمل، بل ظهور الإجماع مما عدى الشيخ و لصحة نسبة القتل إلى الجميع من جهة المشاركة فيه و كون كل منهم جزء العلة. و القياس بالاشتراك في القتل إذا لزمت الدية باطل، لما يأتي في محلّه، و ضعف الخبر منجبر بالعمل، و احتمال الاختصاص مدفوع بظهور الإطلاق و المراد بالفداء الكامل في خبر أبي زياد الجزاء المضاعف الذي يكون على المحرم في الحرم و المراد بنصفه القيمة فيكون دليلا للمقام لا على خلافه.

(4) للأصل، و النّص، و الإجماع قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح معاوية: «لا بأس بقتل البق و النمل و القمّل في الحرم» (1) و الظاهر أنّ ذكرهما من باب المثال فيشمل البرغوث و نحوه كما ذكره الفقهاء في معاقد إجماعاتهم.

(5) على المشهور بين المتأخرين كافة، للأصل، و صحيح ابن الحجاج:

«سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل رمى صيدا في الحلّ و هو يؤم الحرم فيما بين البريد و المسجد فأصابه في الحلّ فمضى برميته حتى دخل الحرم فمات من رميته هل عليه جزاء؟ فقال عليه السّلام: ليس عليه جزاء» (2)، و في صحيحه الآخر أيضا:

«سأل أبا الحسن عليه السّلام عن رجل رمى صيدا في الحلّ فمضى برميته حتى دخل الحرم فمات أ عليه جزاؤه قال: لا ليس عليه جزاؤه» (3) الشامل بإطلاقه لما أمّ الحرم و غيره، و في خبره الآخر أيضا عن الصادق عليه السّلام: «في الرجل يرمي الصيد و هو يؤم الحرم فتصيبه الرمية فيتحامل بها حتى يدخل الحرم فيموت فيه قال عليه السّلام: ليس عليه شي ء إنّما هو بمنزلة رجل نصب شبكة في الحلّ فوقع فيها

ص: 284


1- الوسائل باب: 84 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1 و 2.
2- الوسائل باب: 30 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
3- الوسائل باب: 30 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.

ضمان عليه حتّى لو أصابه و دخل الحرم و مات (6) و إن استحب ذلك (7).

______________________________

صيد فاضطرب حتى دخل الحرم فمات فيه» (1).

و عن الشيخ في جملة من كتبه الحرمة، للإجماع الذي ادعاه في الخلاف، و لمرسل ابن أبي عمير عن الصادق عليه السّلام: «كان يكره أن يرمى الصيد و هو يؤم الحرم» (2) بناء على إرادة الحرمة من الكراهة.

و خبر ابن عقبة عنه أيضا: «رجل قضى حجته ثمَّ أقبل حتى إذا خرج من الحرم فاستقبله صيد قريبا من الحرم و الصيد متوجه نحو الحرم فرماه فقتله ما عليه في ذلك؟ قال عليه السّلام: يفديه على نحوه» (3).

و صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «إذا كنت محلا في الحلّ فقتلت صيدا فيما بينك و بين البريد إلى الحرم فإنّ عليك جزاؤه فإن فقأت عينيه أو كسرت قرنه تصدّقت بصدقة» (4).

و لكن الإجماع موهون بذهاب المعظم، بل ناقله في الاستبصار إلى عدم الحرمة، و الأخبار محمولة على الكراهة بقرينة ما تقدم، مع قصور سند الأولين، بل و دلالة الأول منها أيضا لأنّ الكراهة أعمّ من الحرمة.

(6) للأصل، و ما تقدم من أخبار ابن الحجاج الظاهرة في عدم الضمان و حملها على عدم الإثم من الحمل البعيد.

(7) لما تقدم من صحيح الحلبي، و خبر ابن عقبة المحمول على الندب جمعا، مع أنّ استفادة كون الموت في الحرم منهما إنّما هو بالإطلاق فقط. فما نسب إلى الشيخ رحمه اللّه و غيره من وجوب الفداء لا وجه له. و أما حسن مسمع عن الصادق عليه السّلام: «في رجل حل رمى صيدا في الحلّ، فتحامل الصيد حتى دخل

ص: 285


1- الوسائل باب: 30 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
2- الوسائل باب: 29 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- الوسائل باب: 30 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
4- الوسائل باب: 32 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

مسألة 4: يكره قتل الصيد للمحلّ في خارج الحرم إلى بريد من كلّ جانب

(مسألة 4): يكره قتل الصيد للمحلّ في خارج الحرم إلى بريد من كلّ جانب و هو المسمّى بحرم الحرم، و يستحب الفداء (8). و يستحب الصدقة لو أصاب صيدا فيه، ففقأت عينه، أو كسر قرنه (9).

مسألة 5: لو ربط صيدا في الحلّ فدخل برباطه في الحرم لم يجز إخراجه

(مسألة 5): لو ربط صيدا في الحلّ فدخل برباطه في الحرم لم يجز إخراجه (10).

______________________________

الحرم فقال عليه السّلام: لحمه حرام مثل الميتة» (1) فهو في مسألة أخرى يأتي التعرض لها إن شاء اللّه تعالى.

(8) لأصالة البراءة عن الحرمة، و إطلاق قوله تعالى إِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا (2) و مفهوم قوله تعالى حُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً (3)، و انحصار الصيد المحرم إما بالحرم، أو بحال الإحرام، و إطلاق ما تقدم من أخبار ابن الحجاج فيحمل ما تقدم من صحيح الحلبي و خبر ابن عقبة على الكراهة جمعا، فلا وجه لما نسب إلى الشيخين و غيرهما من المنع.

(9) لما تقدم من صحيح الحلبي المحمول عليه جمعا، و مقتضى الأصل عدم استحباب شي ء في غيرهما من الجنايات الواردة عليه و إن كان الأولى ذلك تسامحا في الندب، و حملا للصحيح على المثال.

(10) لقوله تعالى وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً (4) و قد استدل به أبو عبد اللّه عليه السّلام لما سأله ابن مسلم: «عن ظبي دخل في الحرم فقال عليه السّلام: لا يؤخذ و لا يمس إنّ اللّه تعالى يقول وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً» (5)، و عن ابن أعين: «سألت

ص: 286


1- الوسائل باب: 29 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
2- سورة المائدة 2.
3- سورة المائدة: 96.
4- سورة آل عمران: 97. راجع ما يتعلق بالآية المباركة في ج: 6 من مواهب الرحمن في تفسير القرآن.
5- الوسائل باب: 36 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.

و الأحوط إجراء حكم صيد الحرم عليه (11).

مسألة 6: لو كان في الحلّ فرمى صيدا في الحرم، أو أرسل الكلب عليه فيه، فعليه الجزاء

(مسألة 6): لو كان في الحلّ فرمى صيدا في الحرم، أو أرسل الكلب عليه فيه، فعليه الجزاء (12). و لو أرسل كلبه إلى صيد في الحلّ فدخل الحرم فقتل صيدا آخر على وجه لم يكن تسبيب منه في ذلك ليس عليه

______________________________

أبا عبد اللّه عليه السّلام: «عن رجل أصاب صيدا في الحلّ فربطه إلى جانب الحرم فمشى الصيد بربطه حتى دخل الحرم و الرباط في عنقه فاجترّه الرجل بحبله حتى أخرجه من الحرم و الرجل في الحلّ فقال عليه السّلام: ثمنه و لحمه حرام مثل الميتة» (1).

(11) لإطلاق قوله تعالى وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً فيستفاد منه الإلحاق الحكميّ بالصيد الحرميّ. و عن المدارك الإلحاق الموضوعيّ أيضا و هو مشكل.

(12) نصّا، و إجماعا قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح ابن سنان: «و ما دخل من الوحش و الطير في الحرم كان آمنا من أن يهاج، أو يؤذى حتى يخرج من الحرم» (2)، و تدل عليه أيضا عمومات أدلة وجوب الجزاء على القاتل في الحرم.

ثمَّ إنّ الصائد و الصيد إما أن يكونا في الحلّ أو في الحرم، أو يكون الصائد في الحلّ و الصيد في الحرم أو بالعكس، و الكلّ فيه الجزاء إلا الأول لما تقدم و يأتي و لا فرق في عدم الضمان في الأول بين أن كان الصيد من الحلّ أو خرج من الحرم و دخل في الحلّ و إن كان الأحوط الفداء في القسم الأخير بل عن الشيخ في أحد قوليه عدم الجواز و اختاره جمع منهم صاحب الحدائق، لصحيح ابن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «حمام الحرم يصاد في الحلّ؟ فقال عليه السّلام: لا يصاد حمام الحرم حيث كان إذا علم أنّه من حمام الحرم» (3) و يمكن حمله على الندب بقرينة خبره الآخر المشتمل على قوله عليه السّلام: «لا يصلح» (4).

ص: 287


1- الوسائل باب: 15 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

شي ء، كما لو استرسل الكلب بنفسه فقتل صيدا في الحرم (13).

مسألة 7: لو أرسله على صيد في الحلّ فدخل الصيد الحرم و تبعه الكلب، فقتله في الحرم ضمن

(مسألة 7): لو أرسله على صيد في الحلّ فدخل الصيد الحرم و تبعه الكلب، فقتله في الحرم ضمن (14)، كما يضمن لو كان في الحرم فرمى صيدا في الحلّ فقتله (15)، بل و كذا لو كان بعض الصيد في الحرم فأصاب ما هو في الحلّ فقتله (16) فضلا عما إذا أصاب ما هو في الحرم.

مسألة 8: لو كان الصيد على فرع شجرة في الحلّ فقتله ضمن

(مسألة 8): لو كان الصيد على فرع شجرة في الحلّ فقتله ضمن إذا كان أصلها في الحرم، و كذا العكس (17).

______________________________

(13) للأصل بعد انتفاء موجبات الضمان من المباشرة و اليد و التسبيب.

(14) لصدق أنّه قتل صيدا في الحرم، و إطلاق ما تقدم من صحيح ابن سنان.

(15) إجماعا، و نصّا، لحسن مسمع عن الصادق عليه السّلام: «في رجل حلّ في الحرم و رمى صيدا خارجا من الحرم فقتله فقال عليه السّلام: عليه الجزاء لأنّ الآفة جاءت الصيد من ناحية الحرم» (1).

(16) لتغليب جانب الحرم، و الإجماع، و إطلاق ما تقدم من صحيح ابن سنان، لصدق الدخول في الحرم و لما يأتي في الشجرة من أنّه إنّما حرم فرعها لمكان أصلها.

(17) نصّا، و إجماعا ففي خبر السكوني عن جعفر عن أبيه عن عليّ عليهم السّلام: «إنّه سئل عن شجرة أصلها في الحرم و أغصانها في الحلّ على غصن منها طير رماه رجل فصرعه قال عليه السّلام: عليه جزاؤه إذا كان أصلها في الحرم» (2)، و في صحيح معاوية: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن شجرة أصلها في الحرم و فرعها في الحلّ قال عليه السّلام: حرم فرعها لمكان أصلها قلت: فإن أصلها في الحلّ و فرعها

ص: 288


1- الوسائل باب: 33 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 90 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.

مسألة 9: من أدخل صيدا حيّا إلى الحرم وجب عليه إرساله

(مسألة 9): من أدخل صيدا حيّا إلى الحرم وجب عليه إرساله (18)، و لو أخرجه من الحرم فتلف كان عليه ضمانه سواء كان التلف بسببه أولا (19).

مسألة 10: لو كان ما أدخله في الحرم طائرا مقصوصا وجب حفظه

(مسألة 10): لو كان ما أدخله في الحرم طائرا مقصوصا وجب حفظه حتّى يكمل ريشه ثمَّ يرسله، و يجوز استيداعه عند من يثق بحفظه له و لو كانت امرأة (20)، و لو توقف ذلك على اجرة وجبت كما تجب مئونته في

______________________________

في الحرم فقال عليه السّلام: حرم أصلها لمكان فرعها» (1) و يستفاد منه تغليب جانب الحرم مطلقا كما هو ظاهر الفتاوى.

(18) إجماعا، و نصوصا قال الصادق عليه السّلام في الصحيح: «أما علمت أنّ ما دخلت به الحرم حيا فقد حرم عليك ذبحه و إمساكه» (2)، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «الصيد يصاد في الحلّ ثمَّ يجاء به إلى الحرم و هو حيّ فقال عليه السّلام:

إذا أدخله إلى الحرم فقد حرم أكله و إمساكه» (3).

(19) لأنّ ما دخل الحرم لا يمس، و لا يؤذي، و لا يهاج. و عن بكير بن أعين قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن رجل أصاب ظبيا فأدخله الحرم فمات الظبي في الحرم فقال عليه السّلام: إن كان حين أدخله خلّى سبيله فلا شي ء عليه و إن كان أمسكه حتى مات فعليه الفداء» (4) و هو يشمل القتل و الإتلاف بالأولى.

(20) نصّا، و إجماعا، ففي صحيح البختري عن الصادق عليه السّلام: «فيمن أصاب طيرا في الحرم قال عليه السّلام: إن كان مستوي الجناح فليخل عنه و إن كان غير مستوي نتفه و أطعمه و أسقاه فإذا استوى جناحاه خلّى عنه» (5)- و سبب النتف،

ص: 289


1- الوسائل باب: 90 من أبواب تروك الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الصيد حديث: 6.
4- الوسائل باب: 36 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
5- الوسائل باب: 12 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

زمان بقائه (21)، و لو أرسله قبل ذلك ضمنه ما لم يعلم بسلامته (22)، و يلحق غير الطير به في ما تقدم (23).

مسألة 11: لو كان هو الذي نتف ريش الطير كان عليه- مضافا إلى ما مر- الأرش أيضا

(مسألة 11): لو كان هو الذي نتف ريش الطير كان عليه- مضافا إلى ما مر- الأرش أيضا بين كونه منتوفا و كونه صحيحا (24).

مسألة 12: من نتف ريشة من حمام الحرم كان عليه صدقة

(مسألة 12): من نتف ريشة من حمام الحرم كان عليه صدقة (25)

______________________________

لأنّه يوجب سرعة الإنبات كما قاله بعض أهل الخبرة- و قريب منه صحيح زرارة (1).

و عن المثنّى قال: «خرجنا إلى مكة فاصطاد النساء قمرية من قماري فخ حيث بلغنا البريد فنتف النساء جناحيه ثمَّ دخلوا به مكة فدخل أبو بصير على أبي عبد اللّه عليه السّلام فأخبره فقال عليه السّلام: ينظرون امرأة لا بأس بها فيعطوها الطير تعلفه و تمسكه حتى إذا استوى جناحاه خلته» (2).

(21) أما وجوب المؤنة، فلما تقدم في النصوص. و أما وجوب الأجرة لو توقف الإبقاء عليها، فلإطلاق وجوب الإبقاء فتجب مقدمة.

(22) لما تقدم من أنّ اليد من موجبات الضمان ما لم يعلم بالسلامة و الأمان.

(23) لأنّ النصّ و إن ورد في الطير، و الحمام، و القماري و لكن يصح دعوى القطع بعدم الفرق بينها و بين سائر الصيود فيعلفه و يحفظه أو يستودعه حتى يستوي ثمَّ يرسله.

(24) لأنّ ضمان الكل مستلزم لضمان البعض مع تحقق البعض في القيمة و وجوب الحفظ و المؤنة حكم آخر دل عليه الدليل بالخصوص.

(25) إجماعا، و نصّا ففي خبر إبراهيم بن ميمون المنجبر: «قلت لأبي

ص: 290


1- الوسائل باب: 12 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب كفارات الصيد حديث: 10.

و يجب أن يسلّمها باليد الجانية (26) و لو تعدّد نتف الريش تعدّدت الصدقة (27)، و لو نتف في دفعة واحدة رياش متعدّدة فالأحوط ذلك أيضا. و لو حدث بالنتف عيب ضمن الأرش أيضا (28).

مسألة 13: لو نتف غير الريش كالوبر- مثلا-

(مسألة 13): لو نتف غير الريش كالوبر مثلا- أو نتف الريش من غير حمام الحرم فلا يجب عليه التصدق (29).

______________________________

عبد اللّه عليه السّلام: رجل نتف ريشة من حمام الحرم قال عليه السّلام: يتصدّق بصدقه على مسكين و يعطي باليد التي نتف بها» (1).

(26) للإجماع، و ما تقدم من النص.

(27) لأصالة تعدد المسبب بتعدد السبب. هذا إذا تعدد النتف، و أما إن كان المنتوف كثيرا و النتف دفعة واحدة فيشك في التعدد حينئذ، للشك في جريان قاعدة تعدد المسبب بتعدد السبب حينئذ، فتجري أصالة البراءة عن الزائد عن الواحدة.

إلا أن يقال: إنّ المناط تعدد إيذاء الطير و لا ريب في أنّه يؤذي إيذاءات متعدّدة و لو كان النتف دفعة واحدة، فالمناط الإيذاء الحاصل بنتف كل ريشة واحدة عن محلّها كان أصل النتف متعددا صورة أو واحدا.

(28) لما تقدم من أنّ ضمان الكل مستلزم لضمان البعض مع النص و هل يجب في الأرش الإعطاء باليد الجانية أيضا أو لا؟ وجهان من الأصل، و من احتمال أن يكون ذكر إعطاء الصدقة باليد الجانية في النص- المتقدم- و مورد الإجماع من باب المثال لمطلق ما يلزم بالجناية و استقرب في الدروس إعطاء عدم الوجوب و لا ريب في أنّ الأحوط الإعطاء بها.

(29) للأصل بعد اختصاص وجوب التصدق بنتف ريش حمام الحرم.

ص: 291


1- الوسائل باب: 13 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.و في الكافي ج: 4 صفحة: 236 قوله عليه السّلام- في ذيل الرواية-: «فإنّه قد أوجعه».

نعم، إن حصل نقص بذلك يضمن الأرش (30) و لا تسقط الصدقة، و لا الأرش بالنبت (31).

مسألة 14: من أخرج صيدا من الحرم وجب إعادته إليه

(مسألة 14): من أخرج صيدا من الحرم وجب إعادته إليه و لو تلف قبل ذلك- و لو بحتف أنفه- ضمنه (32).

مسألة 15: قد تقدم وجوب قيمة الصيد على المحلّ في الحرم

(مسألة 15): قد تقدم وجوب قيمة الصيد على المحلّ في الحرم و وجوب الفداء على المحرم في الحلّ إن كان له فداء، و وجوبه مع القيمة

______________________________

(30) لما مرّ من الملازمة بين ضمان الكلّ و البعض.

(31) للأصل بعد عدم دليل على السقوط.

(32) إجماعا، و نصّا، ففي صحيح ابن جعفر: «سألت أخي موسى عليه السّلام عن رجل أخرج حمامة من حمام الحرم إلى الكوفة أو غيرها قال عليه السّلام: عليه أن يردها، فإن ماتت فعليه ثمنها يتصدّق به» (1) و نحوه صحيحه الآخر (2) و قريب منهما خبر زرارة (3).

هذا في غير الدباسي و القماري و أما فيهما فقد تقدم حكمهما و يظهر من خبر يونس أنّه إذا أدخل الطير من الخارج إلى الحرم ثمَّ أخرج منه يلزم فيه الفداء قال: «أرسلت إلى أبي الحسن عليه السّلام إنّ أخا لي اشترى حماما لي من المدينة فذهبنا بها معا إلى مكة فاعتمرنا و أقمنا إلى الحج ثمَّ أخرجنا الحمام معنا من مكة إلى الكوفة هل علينا في ذلك شي ء؟ فقال عليه السّلام للرسول: فإنهنّ كنّ فرهة!! قل له:

يذبح عن كل طير شاة» (4) و ظاهره أنّ الفداء على الإخراج، لأنّه لم يذكر التلف في الحديث.

ص: 292


1- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الصيد حديث: 8.
4- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الصيد حديث: 9.

على المحرم في الحرم و إن لم يكن له فداء، فقيمتان (33) و التضاعف إنّما هو فيما إذا لم تبلغ البدنة، و إذا بلغها فلا تضاعف حينئذ (34). و إن كان

______________________________

و قال في التهذيب: «و لا يجوز أن يخرج شيئا من طيور الحرم- إلى أن قال-: و إذا أدخل المحرم طيرا فليس له إخراجه منه و إذا أخرجه فعليه دم» و استدل بخبر يونس و لا ريب في أنّه أحوط و يمكن إجراء حكم الصيد الذي أدخل في الحرم عليه و إن لم يكن منه موضوعا فتأمل فإنّ المسألة غير منقحة، و مقتضى الأصل عدم شي ء عليه بعد ظهور إعراض المشهور عن خبر يونس.

(33) للعمومات، و الإطلاقات، و قاعدة تعدد المسبّب بتعدد السبب، و المستفيضة المتقدمة بعضها في الحمام، و الطير، و الفرخ، و البيض و قول أبي عبد اللّه عليه السّلام في حسن ابن عمار: «إن أصبت الصيد و أنت حرام فالفداء مضاعف عليك و إن أصبته و أنت حلال في الحرم فقيمة واحدة، و إن أصبته و أنت حرام فإنّما عليك فداء واحد» (1).

و قوله عليه السّلام أيضا في موثق ابن عمار: «ليس عليك فداء شي ء أتيته و أنت محرم جاهلا به إذا كنت محرما في حجك أو عمرتك إلا الصيد فإنّ عليك الفداء بجهالة كان أو عمد لأنّ اللّه تعالى قد أوجبه عليك. فإن أصبته و أنت حلال في الحرم فعليك قيمة واحدة. و إن أصبته و أنت حرام في الحلّ فعليك القيمة و إن أصبته و أنت حرام في الحرم فعليك الفداء مضاعفا» (2).

و هذا هو المشهور المدعى عليه الإجماع. و هناك أقوال أخر مخالفة للمشهور ربما تبلغ خمسة من شاء العثور عليها مع أدلتها المخدوشة فليراجع المطولات.

(34) للأصل، و قول الصادق عليه السّلام في مرسل ابن فضال: «إنّما يكون الجزاء

ص: 293


1- الوسائل باب: 44 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.
2- الوسائل باب: 31 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4 و 5.

الأحوط التضاعف مطلقا (35).

مسألة 16: ما تكرّر من المحرم من الجناية على الصيد- نسيانا للإحرام، أو خطأ، أو جهلا بالحكم الشرعي

(مسألة 16): ما تكرّر من المحرم من الجناية على الصيد- نسيانا للإحرام، أو خطأ، أو جهلا بالحكم الشرعي تكرّر الكفارة بتكرره (36).

______________________________

مضاعفا فيما دون البدنة حتى يبلغ البدنة فإذا بلغ البدنة فلا تضاعف لأنّه أعظم ما يكون»(1) و نحوه مرسله الآخر (2) فيقيد به إطلاق أدلة المضاعفة و قد نسب هذا القول إلى المشهور.

و نوقش في الأصل بأنّه محكوم بإطلاق أدلة المضاعفة. و يرد بأنّه بعد الشك في شمولها لمثل المقام، فلا وجه للحكومة. و في المرسل:

أولا: بقصور السند.

و ثانيا: بالمعارضة بقول مولانا الجواد عليه السّلام في سؤال يحيى ابن أكثم القاضي: «و إن كان نعامة فعليه بدنة و إن كان ظبيا فعليه شاة و إن كان قتل من ذلك في الحرم فعليه الجزاء مضاعفا هديا بالغ الكعبة» (3) الظاهر في تضاعف البدنة أيضا.

و فيه: ان قصور السند منجبر بالعمل و إمكان حمل المعارض على الندب كما هو الشائع في الفقه، مع موافقة المرسلين لسهولة الشريعة، مضافا إلى ضعف سنده فما نسب إلى جمع من التضاعف مطلقا مخدوش.

نعم هو الأحوط.

(35) خروجا عن خلاف من أوجبه، و حملا لخبر الجواد عليه السّلام عليه.

(36) لقاعدة تكرر المسبب بتكرر السبب، مضافا إلى الإجماع في الأولين.

ص: 294


1- الوسائل باب: 46 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 46 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

و أما إن كانت عن تعمّد وجبت الكفارة للأول فقط (37). و في غيره ينتقم اللّه تعالى منه (38)،

______________________________

(37) نسبه في التبيان، و المجمع إلى مذهب الأصحاب، و ظاهر رواياتنا.

و لا وجه له، لأنّه من التمسك بالمطلق و العام في مقابل المقيد و الخاص.

(38) قال تعالى وَ مَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللّهُ مِنْهُ (1) الظاهر في أنّ الجزاء مع العود انتقام اللّه تعالى منه في مقابل الفدية التي هي جزاء الابتداء، و قال الصادق عليه السّلام في صحيح الحلبي: «المحرم إذا قتل الصيد فعليه جزاءه و يتصدق بالصيد على مسكين فإن عاد فقتل صيدا آخر لم يكن عليه جزاء و ينتقم اللّه منه و النقمة في الآخرة»(2).

و في خبره الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «إذا أصاب آخر فليس عليه كفارة قال اللّه عزّ و جل: و من عاد فينتقم اللّه منه»(3)

و في مرسل ابن أبي عمير: «إذا أصاب المحرم الصيد خطأ فعليه أبدا في كل ما أصاب الكفارة، و إذا أصاب متعمدا فإنّ عليه الكفارة فإن عاد فأصاب ثانيا متعمّدا فليس عليه فيه الكفارة و هو ممن قال عزّ و جلّ: و من عاد فينتقم اللّه منه» (4).

و قريب منها غيرها و هذه الأخبار مقيدة لإطلاق ما دل على التكرر، و مخصصة لعمومه فلا وجه للمناقشة من هذه الجهة، و تكون المناقشات كالاجتهاد في مقابل النص و لا دليل لهم إلا التمسك بإطلاق ما دل على التكرر في الجزاء مع التكرر في السبب و لا وجه له، لأنّه من التمسك بالمطلق و العام في مقابل المقيد و المخصص.

ص: 295


1- سورة المائدة: 95.
2- الوسائل باب: 48 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- الوسائل باب: 48 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
4- الوسائل باب: 48 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.

و لو كان الأول جرادة و الثاني نعامة (39) و لكن الأحوط التكرّر (40) و يختص ذلك بالمحرم دون المحلّ في الحرم، فيتكرّر بتكرره مطلقا و بالإحرام الواحد دون الإحرامين فيتكرّر أيضا و إن تقارب زمانهما بأن كان في آخر الأول و أول الثاني- فضلا عما إذا كانا في شهرين أو أكثر- كما لا فرق في التكرار فيهما بين ارتباط أحدهما بالآخر- كعمرة التمتع، و حجه- و عدمه كحج الإفراد و عمرته (41).

______________________________

(39) لإطلاق ما تقدم من الأخبار و عمومها. و استبعاد ذلك مخالف لأصول الإمامية المبنية على التعبد بما وصل إليهم من المعصوم عليه السّلام.

(40) خروجا عن خلاف من أوجب التكرر في صورة العمد أيضا، كابني الجنيد، و إدريس، و الشيخ في بعض كتبه، و السيد، و الحلي.

فائدة. الظاهر قبول توبة من تعمد تكرار الصيد، للعمومات الدالة على قبول التوبة، و الأدلة المرغبة إليها (1) و حينئذ فينتفي موضوع الانتقام فلا تشمله أخبار المقام. و يلزم على هذا أن يكون التكرر العمدي أخف و أسهل من التكرر خطا، و نسيانا، و جهلا.

إلا أن يقال: إنّ الانتقام من الوضعيات التي لا تزول بالتوبة كما في غير حقوق اللّه تعالى الذي لا يزول بها بل لا بد من أداء حق ذي الحق إليه و يختص هذا الأمر الوضعيّ بخصوص انتقام اللّه تعالى كجملة من الآثار الوضعية لبعض المعاصي التي لا تزول بالتوبة.

(41) كل ذلك للإطلاقات، و العمومات، و قاعدة تعدد المسبّب بتعدد السبب و أنّ المخصص إذا كان منفصلا و مرددا بين الأقل و الأكثر يرجع في غير المتيقن منه إلى العموم و الإطلاق كما ثبت في محله. و أما قوله عليه السّلام فيما تقدم من

ص: 296


1- راجع الوسائل باب: 89- 92 من أبواب جهاد النفس.

مسألة 17: لا فرق في عدم التكرر في صورة العمد بين تخلل التكفير و عدمه

(مسألة 17): لا فرق في عدم التكرر في صورة العمد بين تخلل التكفير و عدمه (42).

مسألة 18: التكرار إما أن يكون عمدا بعد عمد، أو عمدا بعد الخطأ، أو بالعكس

(مسألة 18): التكرار إما أن يكون عمدا بعد عمد، أو عمدا بعد الخطأ، أو بالعكس، و في الكلّ يتكرّر الفداء إلا في الأول (43).

مسألة 19: يضمن الصيد مطلقا

(مسألة 19): يضمن الصيد مطلقا سواء كان قتله عمدا، أو سهوا، أو خطأ (44).

______________________________

مرسل ابن أبي عمير: «فإن عاد فأصاب ثانيا متعمدا فليس عليه (شي ء) الكفارة»(1) فلا بد من حمله على أنّه فإن عاد عمدا فأصاب ثانيا متعمدا أيضا فليس عليه فيه الكفارة و إلا فإنّه خلاف الإجماع.

(42) للإطلاق الشامل للصورتين.

(43) لأنّها المنساق من أدلة الانتقام و المرجع في غيره الإطلاق و العام.

(44) نصوصا، و إجماعا، و لأنّه من الوضعيات التي لا تناط بالعمد و الاختيار قال أبو عبد اللّه عليه السّلام في صحيح معاوية: «و ليس عليك فداء ما أتيته بجهالة إلا الصيد فإنّ عليك الفداء فيه بجهل كان أو بعمد» (2)، و في صحيح البزنطي: «سئل الرضا عليه السّلام عن المحرم يصيب الصيد بجهالة؟ قال عليه السّلام: عليه كفارة. قلت: فإن أصابه خطأ؟ قال عليه السّلام: و أيّ شي ء الخطأ عندكم؟ قال: يرمي هذه النخلة فتصيب نخلة أخرى. قال عليه السّلام: نعم، هذا الخطأ عليه الكفارة» (3).

و قريب منهما غيرهما و لا فرق في العمد بين العلم بالحكم و عدمه و لا بين الاختيار و الاضطرار، لظهور الإطلاق و الاتفاق إلا ما تقدم في الجراد الذي يشق التحرز منه، كما لا فرق في السهو بين السهو عن الإحرام أو الحكم أو

ص: 297


1- الوسائل باب: 48 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.
2- الوسائل باب: 31 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- الوسائل باب: 31 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.

مسألة 20: الصيد لا يدخل في ملك المحرم- في الحلّ أو الحرم بالأسباب الاختيارية

(مسألة 20): الصيد لا يدخل في ملك المحرم- في الحلّ أو الحرم- بالأسباب الاختيارية كالبيع و نحوه- و لا بالأسباب القهرية كالميراث (45)، بل لو كان معه صيد حال إحرامه زال ملكه عنه (46) فليس للمحرم قبض الصيد من البائع، أو الواهب و لا من تركة مورثه (47)، فإن قبض و تلف عنده فعليه الجزاء للّه تعالى، و القيمة للمالك البائع (48).

______________________________

الموضوع، لإطلاق معقد الإجماع الشامل للجميع، فلو أراد التخلص من السبع و نحوه فقتله خطأ ضمنه، و كذا لو رمى صيدا فمرق السهم و قتل آخر كل ذلك لصدق الخطأ فيشمله الإطلاق و الاتفاق بل في الثاني فداءان إن أصابهما معا. و أما ما ورد في صحيح زرارة (1) من التفصيل بين العمد و الجهل في أكل ما لا ينبغي أكله فلا بد من حمله على غير أكل الصيد بقرينة سائر الروايات.

(45) لظهور الأدلة في التنافي بين الإحرام و تملك الصيد و الاستيلاء عليه، لأنّه إما في مأمنه المكانيّ و هو الحرم، أو مأمنه الزمانيّ و هو زمان الإحرام، و الأمن و الاستيلاء الملكيّ متنافيان مع ظهور التنافي بين الضمان و الملكية، إذ لا يضمن الإنسان مال نفسه و تقدم في الموجب الثاني من موجبات الضمان ما ينفع المقام فراجع فإنّ المسألتين متحدتان من حيث الدليل و الفرق بينهما من حيث البقاء و الحدوث و البحث في المسألة السابقة كان من جهة البقاء و في المقام من حيث الحدوث.

(46) تقدم وجهه في الموجب الثاني من موجبات الضمان فراجع.

(47) لما مرّ من عدم ملكه و عدم جواز إثبات يده عليه.

(48) أما وجوب الجزاء للّه تعالى، فلعموم ما دل على الفداء و الجزاء مع التلف. و أما وجوب القيمة للمالك، فلقاعدة اليد، و أصالة الضمان في مال الغير

ص: 298


1- راجع الوسائل باب: 8 من أبواب كفارات الإحرام.

و يبقى المورث على ملك الميت إذا لم يكن له وارث غيره، فإذا حلّ دخل الموروث في ملكه إن لم يكن في الحرم (49)، و إن كان معه مثله في الإرث فإن أحلّ قبل قسمة التركة شارك في الصيد و إلا فلا (50)، و إن لم يكن معه إلا وارث بعيد اختص بالصيد و هو بغيره (51). و لو باع صيدا ثمَّ أحرم و كان البيع خياريّا لشرط، أو عيب، أو غبن، أو نحوها لا بأس بتأخير أعمال الخيار إلى الإحلال (52)، و مع التعاسر يرجعان إلى الحاكم

______________________________

إلا ما خرج بالدليل.

(49) أما الدخول في ملك الوارث إذا لم يكن في الحرم، فلوجود المقتضي له و فقد المانع. و أما عدمه مع كونه في الحرم، فلما تقدم في الصيد الحرميّ من جريان حكم الصيد الإحراميّ عليه حتى بالنسبة إلى المحلّ.

(50) أما الأول فلوجود المقتضي للإرث و فقد المانع عنه. و أما الأخير فلعدم دخول الصيد في ملك المحرم على تفصيل يأتي.

(51) لأنّ القريب إنّما يحجب البعيد مع عدم المانع عن إرثه. و أما معه فلا حجب بالنسبة إلى البعيد فيرث البعيد و لو مع وجود القريب و يأتي ما فيه و قد ذكر ذلك في كشف اللثام على الإطلاق و تبعه في نجاة العباد و تنظر فيه في الجواهر. و يمكن أن يقال: بأنّه يجب إعلام المحرم بالقسمة و بأنّه لو لم يحلّ و كان للميت وارث بعيد يرث البعيد دونه خصوصا إن كان ذلك قريبا من الإحلال بل جواز القسمة حينئذ مشكل، لأنّ المحرم و إن كان لا يملك الصيد بالإرث و لكن اقتضاء الحق و الملكية بالنسبة إليه ثابت و المتيقن من أدلة عدم الملكية بالإرث ليس إلا ذلك، و تقتضيه قاعدة نفي الضرر أيضا و يأتي في موانع الإرث بعض ما يرتبط بالمقام.

(52) لأنّه إن كان متراخيا فلا إشكال في صحة التأخير و إن كان فوريا فعدم جواز رجوع الصيد إلى ملك المحرم عذر شرعيّ و هو كالعقليّ يجوز معه

ص: 299

الشرعيّ (53).

مسألة 21: لو استودع صيدا محلا ثمَّ أراد الودعيّ الإحرام سلّمه إلى المالك

(مسألة 21): لو استودع صيدا محلا ثمَّ أراد الودعيّ الإحرام سلّمه إلى المالك (54)، و إن تعذر فإلى الحاكم الشرعيّ فإن تعذر فإلى ثقة أمين (55)، و إن تعذر ذلك أيضا فإن أمكنه تأخير الإحرام فالأحوط وجوبا ذلك (56) و إلا يرسله و يضمن لمالكه (57) و لو كان عنده إلى أن حرم رده إلى مالكه أو وليه و الأحوط الفداء للّه تعالى (58).

______________________________

التأخير.

(53) لأنّ ذلك من الأمور الحسبية التي تكون له الولاية عليها فيرى فيه رأيه.

(54) لما تقدم من حرمة استيلاء المحرم على الصيد فلا يقدر على حفظه شرعا فيجب رد المال إلى مالكه.

(55) لأنّ هذا حكم كل وديعة يعجز المستودع عن حفظها على ما يأتي التفصيل في كتاب الوديعة. و المسألة من فروع ولاية الحسبة الثابتة للحاكم و مع عدم إمكان الوصول إليه فللثقات الأمناء

(56) لأنّه عند الدوران بين مراعاة حق الناس و حق اللّه تعالى يقدم الأول- كما نسب إلى المشهور- و لكن تقدم عدم الملكية لذلك، بل و عدم دليل تام عليه (1) و إنّما يعمل به فيما إذا أيد بدليل خارجيّ من إجماع أو غيره.

(57) لأنّه من الجمع بين الحقّين مهما أمكن و الأولى لصاحب المال الرضا بدون أخذ الفداء.

(58) أما الرد إلى المالك، أو وليّه، فلوجوب رد الأمانات إلى أهلها بعد سقوط يده الأمينة لأجل الإحرام و بقاء الصيد على ملك مالكه و عدم خروجه

ص: 300


1- راجع ج: 12 صفحة: 75.

مسألة 22: لو اضطر المحرم إلى أكل الصيد جاز أكله و يضمنه

(مسألة 22): لو اضطر المحرم إلى أكل الصيد جاز أكله و يضمنه (59) و لو كان معه ميتة أكل الصيد و فدى في الحال مع التمكن و إلا ثبت في ذمته (60) بلا فرق في ذلك بين الصيد المذبوح في الحلّ

______________________________

عنه بصيرورة المستودع محرما فلا موضوع للفداء على هذا. و أما الاحتياط فيه، فلاحتمال وجوب الإرسال، و حرمة الإمساك حتى لأجل الرد إلى المالك.

(59) نصوصا، و إجماعا ففي الصحيح عن الصادق عليه السّلام: «في رجل اضطر إلى ميتة و صيد و هو محرم قال عليه السّلام: يأكل الصيد و يفدي» (1)، و في صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «يأكل من الصيد أما يحب أن يأكل من ماله» (2) و يؤيده اختصاص الميتة بالحرمة الأصلية و الخبث و الفساد و الإفساد.

و أما خبر الجازي عنه عليه السّلام أيضا: «المحرم إذا اضطر إلى ميتة فوجدها و وجد صيدا قال عليه السّلام: يأكل الميتة و يترك الصيد» (3) و خبر إسحاق عن جعفر عن أبيه عليهما السّلام: «إنّ عليا عليه السّلام كان يقول: إذا اضطر المحرم إلى الصيد و إلى الميتة فليأكل الميتة التي أحلّ اللّه له» (4)فقصور سندهما و هجر الأصحاب لهما و موافقتهما للعامة أسقطهما عن الاعتبار.

و قوله عليه السّلام في صحيح الحلبي- المتقدم-: «اما يجب أن يأكل من ماله» يراد به مجرد الإضافة إليه و يكفي في الإضافة أدنى المناسبة و هي المناسبة التعليقية أي: إنّه لو لم يكن محرما لكان ماله و ملكه و يأتي في خبر يونس معنى آخر لذلك.

(60) لجملة من الأخبار التي تدل على تقديم أكل الصيد على أكل الميتة منها خبر يونس بن يعقوب «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المضطر إلى الميتة و هو

ص: 301


1- الوسائل باب: 43 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
2- الوسائل باب: 43 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- الوسائل باب: 43 من أبواب كفارات الصيد حديث: 12.
4- الوسائل باب: 43 من أبواب كفارات الصيد حديث: 11.

و غيره (61) حتى لو تمكن المحرم من الاصطياد و لو في الحرم يصيد، و يأكل مقدما له على الميتة (62) و إن كان الصيد مملوكا لأحد فعليه القيمة للمالك و الفداء للّه تعالى (63).

______________________________

يجد الصيد قال عليه السّلام: يأكل الصيد- إلى أن قال عليه السّلام- هو من مالك لأنّ عليك فداؤه قلت: فإن لم يكن عندي مال؟ قال عليه السّلام: تقضيه إذا رجعت إلى مالكه» (1).

(61) للإطلاق الشامل للجميع.

(62) كما عن جمع تقديما للحرمة العرضية على الحرام الذاتي، لإطلاق ما دل على تقديم الصيد على الميتة الشامل للاصطياد أيضا، و عن أبي الحسن الثاني عليه السّلام يذبح الصيد و يأكله و يفدي أحبّ إليّ من الميتة» (2) و إطلاقه يشمل المحرم في الحرم أيضا.

(62) كما عن جمع من المحققين، لإطلاق ما دل على ضمان مال الغير، و إطلاق ما دل على الفداء، و أنّه للّه تعالى، و أنّه هدي بالغ الكعبة، و لأصالة عدم التداخل فيجمع بين الحقين هذا إذا قلنا بثبوتهما. و أما مع الشك فالمسألة بحسب الأصل من موارد الأقلّ و الأكثر من جهة القيمة للمالك و الفداء للّه تعالى، فيجب أحدهما و ينفى الآخر بالأصل، للعلم بالإشغال في الجملة و الشك في المقدار و الكمية.

و يظهر من المحقق في الشرائع عدم التعدد و أنّ الفداء واحد و هو للمالك، و نسبه في المسالك إلى إطلاق الأكثر، لعموم أدلة الفداء و هو إنّما يكون للّه تعالى إذا لم يكن للصيد مالك.

و فيه: أنّ ظاهر إطلاق قوله تعالى هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ (3)كون الفداء له تعالى حتى مع كون الصيد مملوكا، كما أنّ مقتضى عموم ما دل على ضمان الأموال بالمثل أو القيمة الضمان للمالك أيضا و لا منافاة في الحكمين مع تعدد

ص: 302


1- الوسائل باب: 43 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
2- الوسائل باب: 43 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
3- سورة المائدة: 95.

مسألة 23: كل ما يجب على المحرم من الفداء يذبحه، أو ينحره بمكة

(مسألة 23): كل ما يجب على المحرم من الفداء يذبحه، أو ينحره بمكة إن كان في إحرام العمرة و بمنى إن كان في إحرام الحج (64).

______________________________

الحيثيتين و تحقق الحقين.

و قد أشكل في المسالك على المحقق رحمه اللّه بأمور سبعة بناء على كون الفداء للمالك لا للّه تعالى يصعب الالتزام بها كما لا يخفى على من راجع المسالك فراجع فإنّ المسألة غير ابتلائية في الأزمنة السابقة فضلا عن هذه العصور فلا وجه لصرف الوقت في ما لا أثر له.

(64) لصحيح ابن سنان قال: «قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: من وجب عليه فداء صيد أصابه و هو محرم فإن كان حاجا نحر هديه الذي يجب عليه بمنى و إن كان معتمرا نحره بمكة قبالة الكعبة» (1)و في موثق زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «في المحرم إذا أصاب صيدا فوجب عليه الفداء فعليه أن ينحره إن كان في الحج بمنى حيث ينحز الناس فإن كان في عمرة نحره بمكة و إن شاء تركه إلى أن يقدم مكة فيشتريه فإنّه يجزي عنه» (2) و ذيله يدل على أنّه لا يجب عليه أن يشتريه من مكان الصيد.

و يمكن حمل الصيد فيهما على المثال لكل ما فيه الكفارة و إنّما ذكر بالخصوص لكثرة أهميته و فروعه كما عليه المشهور للأولوية إذ يبعد أن لا يتعرض الشرع لمكان ذبح الفداء مع كثرة الابتلاء به. و يشهد لذلك ما ورد في كفارة التضليل من كون بعضها في منى و بعضها في مكة.

و يشهد له ما عن المفيد في إرشاده عن مولانا الحجة عليه السّلام: «إذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه و كان إحرامه بالحج نحره بمنى و إن كان إحرامه بالعمرة نحره بمكة» (3).

ص: 303


1- الوسائل باب: 49 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
2- الوسائل باب: 49 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

.....

______________________________

و يظهر منه أنّ الحكم معروف لدى الأئمة عليهم السّلام و أصحابهم إلىّ زمن الحجة عليه السّلام.

و ما عن تفسير القميّ: «المحرم بالحج ينحر الفداء بمنى و المحرم بالعمرة ينحر الفداء بمكة» (1).

و أما خبر حريز «و يذبح الفداء إن شاء بمكة و إن شاء بحزورة»(2) فلا بد من حمله على فداء إحرام العمرة و التخيير إنّما هو في محل الذبح في ما بين الصفا و المروة أو غيرها من محال مكة فلا تنافي بينه و بين غيره.

و أما مرسل أحمد: «من وجب عليه هدي في إحرامه فله أن ينحره حيث شاء إلا فداء الصيد، فإنّ اللّه عزّ و جل يقول: هديا بالغ الكعبة» (3) فقصور سنده و إعراض المشهور عن إطلاقه أوهنه فلا يصلح لتقييد غيره، و كذا خبر ابن عمار:

«يفدي المحرم فداء الصيد من حيث أصابه» (4) فلا بد من طرحه، لعدم وجدان عامل بوجوب الفداء في محل الصيد إلا ما حكي عن الحليين و لم يستبعده الأردبيلي.

و عن الشيخ حمل ذلك على الندب بمعنى استحباب اشتراء الفداء من محل إن أمكن ثمَّ سوقه إلى محل نحره من مكة أو منى، فما يعارضها من الأخبار لا بد من حملها على ذلك أو طرحها، كقول الصادق عليه السّلام في خبر محمّد:

«فليتصدق مكانه بنحو من ثمنه» (5)، و قوله عليه السّلام أيضا في كفارة قتل النعامة: «إذا أصاب المحرم الصيد و لم يجد ما يكفر من موضعه الذي أصاب فيه الصيد قوّم جزاءه» (6). و لكنه حمل بلا شاهد.

و أما موثق إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: «قلت له: الرجل

ص: 304


1- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب الذبح حديث: 1.
3- الوسائل باب: 49 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.
4- الوسائل باب: 51 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
5- الوسائل باب: 10 من أبواب كفارات الصيد حديث: 10.
6- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

.....

______________________________

يخرج من حجته شيئا يلزمه منه دم، يجزيه أن يذبحه إذا رجع إلى أهله؟

فقال عليه السّلام: نعم» (1) و قريب منه موثقاه الآخران (2) فيمكن حملها على العذر من نسيان أو نحوه.

نعم، في صحيح ابن حازم: «سأل الصادق عليه السّلام عن كفارة العمرة المفردة أين تكون؟ قال عليه السّلام: بمكة إلا أن يشاء صاحبها أن يؤخرها إلى منى و يجعلها بمكة أحبّ إليّ و أفضل» (3)و السند تام و الدلالة ظاهرة لو لم يثبت إعراض المشهور عنه.

و يمكن أن يكون المراد من العمرة المفردة في أيام الحج، كما هو السيرة حيث إنّ جمعا من الحجاج يذهبون إلى أدنى الحلّ و يأتون بالعمرة فيصير الذبح في منى أسهل لأنّهم يذبحون فيها.

و أما خبر عليّ بن جعفر عن أخيه عليه السّلام: «لكلّ شي ء خرجت من حجك فعليك دم تهريقه أين شئت» (4) فلا بد من حمله على عدم تيسّر إراقته في المحلّ المعيّن.

و يمكن أن يقال في أصل المسألة: إنّ اختلاف الأخبار في محلّ الذبح يكشف عن عدم كون الحكم إلزاميا و إنّ تعين منى للفداء في إحرام العمرة من باب الأولوية و الأفضلية بل و التسهيل حيث إنّ غالب ذبح الحجاج و نحرهم فيما يتعلق بحجهم إنّما هو في منى و ما يتعلق بعمرتهم إنّما هو في مكة، لعدم كون منى موردا لابتلائهم في عمرتهم خصوصا المفردة و هذه أيضا قرينة أخرى على عدم الوجوب و لكن المشهور أولى و أحوط.

ص: 305


1- الوسائل باب: 5 من أبواب الذبح حديث: 1.
2- الوسائل باب: 52 و 51 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1 منهما.
3- الوسائل باب: 49 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
4- الوسائل باب: 8 من أبواب كفارات الصيد حديث: 5.

مسألة 24: كل من وجب عليه شاة في كفارة الصيد و عجز عنها كان عليه إطعام عشرة مساكين

(مسألة 24): كل من وجب عليه شاة في كفارة الصيد و عجز عنها كان عليه إطعام عشرة مساكين، فإن عجز صام ثلاثة أيّام (65) و الأحوط كون الكفارة في إحرام الحج (66).

مسألة 25: ما يعطى من الطعام عوضا عن المذبوح تابع له في محلّ الإخراج

(مسألة 25): ما يعطى من الطعام عوضا عن المذبوح تابع له في محلّ الإخراج (67).

مسألة 26: مصرف المذبوح، و المنحور، و الصدقة مساكين الحرم

(مسألة 26): مصرف المذبوح، و المنحور، و الصدقة مساكين الحرم

______________________________

(65) لقول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية بن عمار: «من كان عليه شاة فلم يجد فليطعم عشرة مساكين فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام» (1) و هو و إن كان مطلق يشمل كفارة الصيد و غيره لكن يشهد السياق بالاختصاص به، لقوله عليه السّلام قبل ذلك: «و من كان عليه شي ء من الصيد فداؤه بقرة» (2).

(66) لأنّ المحقق نقل الصحيح هكذا: «فمن لم يجد صام ثلاثة أيّام في الحج» (3) و لم يوجد لفظ «في الحج» في كتب الأحاديث التي عندنا كما اعترف به في المدارك و في الجواهر في بعض المقامات ما هذا لفظه: «إنّ المحقق رحمه اللّه ينقل عن بعض الأصول التي ليس عندنا منها أثر».

أقول: لفظ (الحج) على فرض صدوره من الإمام عليه السّلام يحتمل أن يراد به كون الصوم في أشهر الحج لا أن تكون الكفارة في مكة أو منى.

(67) لعموم البدلية، و إطلاق ما تقدم من صحيح ابن حازم، و إطلاق قول الصادق عليه السّلام في المرسل: «من أصاب صيدا فعليه فداؤه من حيث أصابه» (4)، و قوله عليه السّلام أيضا في خبر ابن عمار: «يفدي المحرم فداء الصيد من حيث

ص: 306


1- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 11.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 11.
3- راجع الشرائع كتاب الحج آخر الفصل الرابع في التوابع.
4- الوسائل باب: 51 من أبواب كفارات الصيد حديث: 3.

نعم، لا يتعيّن الصوم بمكان خاص (68).

سواء، كانوا من أهله أو نزلوا فيه من غيره (69).

مسألة 27: الأفضل ترك أكل المالك من كفارته إلا شيئا يسيرا

(مسألة 27): الأفضل ترك أكل المالك من كفارته (70) إلا شيئا يسيرا.

مسألة 28: ما تقدم من تعين محل الذبح، و النحر، و الإطعام إنّما هو مع التمكن و الاختيار

(مسألة 28): ما تقدم من تعين محل الذبح، و النحر، و الإطعام إنّما هو مع التمكن و الاختيار. و أما مع العذر من نسيان، أو نحوه، فمع إمكان

______________________________

أصابه» (1).

(68) للأصل بعد عدم دليل عليه حتى بناء على زيادة لفظ (في الحج) تقدم من صحيح معاوية، لما احتملناه و على فرض أن يراد به المكان فلا يدل على مكان مخصوص.

(69) لأنّ ذلك هو المنساق من الأدلة مضافا إلى ظهور الإجماع و النصوص التي تقدم بعضها.

منها: قوله عليه السّلام: «و يتصدق بالفداء».

(70) لتنزه المتشرعة عن كفاراتهم. و أما النصوص فهي على أقسام.

منها: ما هو ظاهر في حرمة الأكل كخبر عبد الرحمن عن أبي عبد اللّه عليه السّلام:

«كل هدي من نقصان الحج فلا تأكل منه».

و منها: ما هو ظاهر في جواز الأكل كخبر جعفر بن بشير عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «سألته عن البدن التي تكون جزاء الأيمان و النساء و لغيره يؤكل.

منها؟ قال عليه السّلام: نعم، يؤكل من كل البدن» و هو ظاهر في الترخيص المطلق من دون تجديد بمقدار خاص لو لا إمكان حمله على الضرورة و الاضطرار لقرينة القسم الأول من الأخبار، و ما ذكرناه من التنزه و الاستنكار.

ص: 307


1- الوسائل باب: 51 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.

الاستنابة فالأحوط ذلك (71) و إلا فيجزي في أيّ مكان أمكنه ذلك و لو في أهله (72).

مسألة 29: ليس في ذبح الكفارة زمان موقت

(مسألة 29): ليس في ذبح الكفارة زمان موقت (73) و لكن الأحوط الفورية مع الإمكان (74).

______________________________

و منها: قول أبي إبراهيم في موثق إسحاق بن عمار «يؤكل منه الشي ء».

و منها: ما يدل على جواز الأكل مع ضمان القيمة، كقوله عليه السّلام: «و إن كان واجبا فعليه قيمة ما أكل» و مقتضى القاعدة أنّه بتعينه للكفارة يتعلق به حق الفقراء و لو تعلقا اقتضائيا و لا يجوز الأكل منه إلّا بالتضمين.

نعم، يمكن أن يقال: أن في الشي ء القليل ورد الإذن من الشارع و هو موافق للأدب لئلا يتنفر المالك عما يذبح للّه تعالى.

(71) من ان الذبح، و النحر، و الإطعام لا تعتبر فيها المباشرة بل تصح الاستنابة و لو اختياريا أيضا فتتعين الاستنابة. و من إمكان دعوى ان تعين المحل في خصوص المقام إنما هو مع إمكان المباشرة و الا فيجزي في أي محل أمكن فلا موضوع للاستنابة حينئذ، و يمكن أن يستشهد لذلك بموثق عمار.

(72) لأن التعين من باب تعدد المطلوب لا القيدية الحقيقية فلا يسقط أصل الذبح بتعذر المحلّ.

ثمَّ إنّه يجوز دفع المذبوح و المنحور إلى الفقراء كما يجوز طبخه و دعوة الفقراء إلى أكله، و كذا يجوز التفريق بإعطاء بعضه إلى الفقير نيئا و طبخ بعضه الآخر و إطعام الفقراء منه مطبوخا.

كما لا بأس بدفع القيمة إلى الفقير و توكيله في شراء الفداء عن الموكل و تفريقه على الفقراء أو طبخه و إطعامهم.

(73) لظهور الأصل و الإطلاق.

(74) لظهور تسالم الفقهاء على الفورية في أداء الحقوق ما لم يدل دليل على الخلاف.

ص: 308

فصل في كفارات باقي المحظورات و هي سبعة

اشارة

فصل في كفارات باقي المحظورات و هي سبعة:

الأول: الاستمتاع بالنساء

اشارة

الأول: الاستمتاع بالنساء.

مسألة 1: من جامع زوجته بعد الإحرام للحج و قبل وقوف المشعر

(مسألة 1): من جامع زوجته بعد الإحرام للحج و قبل وقوف المشعر عالما بالتحريم كان عليه بدنة و إتمام حجه، و الحج من قابل (1) بلا فرق بين الدائمة و المنقطعة، و لا بين كون الحج فرضا أو نفلا، و لا فرق بين القبل

______________________________

فصل في كفارات باقي المحظورات

(1) إجماعا، و نصوصا.

منها: صحيح معاوية بن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عن رجل محرم وقع على أهله؟ فقال عليه السّلام: إن كان جاهلا فليس عليه شي ء و إن لم يكن جاهلا فإنّ عليه أنّ يسوق بدنة و يفرق بينهما حتى يقضيا المناسك و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا و عليه الحج من قابل» (1).

فيستفاد من مثله تعلق أحكام أربعة بهذا الجماع:

1- البدنة.

2- التفريق.

3- إتمام الحج، لقوله عليه السّلام: «يفرق بينهما حتى يقضي المناسك كلها» مضافا إلى ما يأتي من أنّ الأول فرضه، و الثاني عقوبة.

4- الحج من قابل.

ص: 309


1- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2.

و الدبر (2). و يتحقق الدخول بغيبوبة الحشفة في أحد المأتيّين (3).

مسألة 2: ما يجب إتمامه هو الفرض

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج 13، ص: 310

(مسألة 2): ما يجب إتمامه هو الفرض و ما يجب الإتيان به في القابل هو العقوبة (4)،

______________________________

و في صحيحه عنه عليه السّلام أيضا: «إذا وقع الرجل بامرأته دون المزدلفة و قبل يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل» (1).

(2) كل ذلك لظهور الإطلاق، و الاتفاق، و صدق الوطي، و الجماع، و الإتيان و نحو ذلك مما ورد في الأدلة، و ما دل على أنّ الدبر أحد المأتيين (2).

و أما صحيح ابن عمار: «سئل الصادق عليه السّلام عن رجل محرم وقع على أهله فيما دون الفرج قال عليه السّلام: عليه بدنة و ليس عليه الحج من قابل» (3) فالمنساق منه إنّما هو مثل التفخيذ لا الدخول فلا وجه لاستناد الشيخ رحمه اللّه إليه في الفرق بين القبل و الدبر.

(3) لأنّ المذكور في الأدلة إنّما هو لفظ الوقاع، و الإتيان، و الوطي، و الغشيان، و الجماع- كما سيأتي بعضها- و المراد بها أينما استعمل في الكتاب و السنة ما حدّده الشارع بغيبوبة الحشفة و تقدم في الجنابة و يأتي- إن شاء اللّه تعالى- في النكاح، و العدد، و الحدود بعض الكلام لأنّ جميع ذلك محدود بحدّ واحد مخصوص شرعيّ يجري في الجميع إلا مع الدليل على الخلاف.

(4) لصحيح زرارة قال: «قلت: فأيّ الحجتين لهما؟ قال عليه السّلام: الأولى التي أحدثا فيها ما أحدثا و الأخرى عليهما عقوبة» (4) و لا ينافيه الإضمار بعد كون المضمر مثل زرارة، مع أنّ الظاهر أنّه حصل من تأليف الشيخ رحمه اللّه لا في أصل الخبر، و يؤيد الصحة أصالة الصحة و عدم الفساد، و خبر أبي بصير: «عن رجل

ص: 310


1- الوسائل باب: 6 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب الجنابة.
3- الوسائل باب: 7 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 9.

.....

______________________________

واقع امرأته و هو محرم قال عليه السّلام: عليه جزور كوماء قال: لا يقدر، قال عليه السّلام: ينبغي لأصحابه أن يجمعوا له و لا يفسدوا حجه (1).

فإنّه يدل على جبر النقصان بالكفارة و أنّ المراد بالفساد النقصان و الا فأداء الكفارة لا يكون علة لصحة الحج إذا وقع فاسدا، و هذا هو المعروف بين متأخري المتأخرين و حكي عن النهاية، و الجامع، و النافع أيضا.

و يظهر عن جمع منهم المحقق في الشرائع أنّ الثاني فرض و الأول فاسد يجب إتمامه إما تكليفا أو وضعا فإنّه لا محلّل للإحرام إلا التحليل عنه بعد قضاء المناسك و لا دليل لهم عليه إلا صحيح ابن خالد عن الصادق عليه السّلام: «و الرفث فساد الحج» (2)، و تعبير الفقهاء بالفساد.

و فيه: أنّ الفساد أعم من البطلان في الحج، لخبر ابن أعين في من جامع بعد أن طاف ثلاثة أشواط قال عليه السّلام: «فقد أفسد حجه و عليه بدنة» (3) مع قيام الإجماع على عدم بطلان الحج به فالفساد نحو نقصان لا ينافي الصحة و إنّما وجب الحج في القابل عقوبة.

و تظهر الثمرة في موارد:

الأول: ينوي حجة الإسلام في الثاني بناء على فساد الأول و إلا فينوي ما وجب بالإفساد و الأحوط قصد التكليف الفعلي.

الثاني: لو مات قبل وصول العام القابل فعلى فرض كون الثاني حجة الإسلام يقضى من أصل التركة بخلاف ما لو كانت عقوبة.

و فيه: تأمل فإنّه على أيّ تقدير واجب ماليّ و الواجبات المالية تخرج من الأصل.

الثالث: لو كان عليه في السنة القابلة حج واجب بالنذر أو الإجارة فعلى كون الثاني حجة الإسلام يقدم، لأهميته كما مرّ و تجب عليه الكفارة لتفويت

ص: 311


1- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 13.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 8.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.

و لكن ينبغي مراعاة الاحتياط (5).

______________________________

مورد النذر بالعمد و الاختيار و على فرض كون الثاني عقوبة يقدم النذر و الإجارة، و لكن فيه بحث تقدم في بعض المسائل من (فصل شرائط الاستطاعة).

الرابع: المفسد المصدود إذا تحلّل و وجب عليه القضاء فعلى فرض كون الأول حجة الإسلام لم يكف القضاء الواحد لوجوب قضاء حجة الإسلام بالتحلل منها و بقاء حجة العقوبة في ذمته و يقدم حجة الإسلام في القضاء و في العكس يكفي القضاء الواحد لسقوط حج العقوبة بالتحلل منها.

(5) لما مرّ من ذهاب جمع إلى أنّ الثاني فرضه، فلو مات قبل التمكن من القضاء يقضى من تركته برضا كبار ورثته إن لم يوص بإخراجه من ثلثه.

فرع: ظاهر من اقتصر من الفقهاء على خصوص البدنة، و ظاهر جملة من النصوص الواردة في المقام عدم البدل لها مع العجز عنها، بل عن ابن حمزة، و سلار عدمه و أنّه لا بدل لها إلا في صيد النعامة و إنّما عليه الاستغفار و العزم على الأداء لو تمكن. و لكن عن الشيخ في الخلاف أنّ من وجب عليه دم في إفساد الحج فلم يجد فعليه بقرة، فإن لم يجد فسبع شياه على الترتيب، فإن لم يجد فقيمة البدنة دراهم أو ثمنها يتصدق به فإن لم يجد صام عن كل مدّ يوما، و قال:

دليلنا إجماع الفرقة، و أخبارهم، و طريقة الاحتياط.

و فيه: أنّ الإجماع مخدوش بخلوّ الكلمات عنه، بل تصريح ابن حمزة و سلار بالعدم، و أخبار الفرقة لم نعثر عليها إلا ما تقدم من خبر داود بن الرقي الذي ظاهره كفارة الصيد (1).

و عن ابن إدريس من وجب عليه بدنة في نذر أو كفارة فلم يجد كان عليه سبع شياه.

ص: 312


1- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
مسألة 3: يترتب الحكم على الزنا، و اللواط، و وطي دبر الخنثى، و جماع الأمة

(مسألة 3): يترتب الحكم على الزنا، و اللواط، و وطي دبر الخنثى، و جماع الأمة (6). و أما الوطي في قبل الخنثى فلا يترتب عليه هذه الأحكام، بل يلحقه حكم الاستمناء، و كذا وطي البهيمة (7).

مسألة 4: لا شي ء على الجاهل بالحكم

(مسألة 4): لا شي ء على الجاهل بالحكم، و الناسي للإحرام و الساهي، و المكره (8).

مسألة 5: لو كانت امرأته- مثلا- محرمة و طاوعته تترتب عليها الأحكام المذكورة

(مسألة 5): لو كانت امرأته- مثلا- محرمة و طاوعته تترتب عليها الأحكام المذكورة (9) و فرق بينهما في حجة الإتمام و حجة القضاء إذا

______________________________

و عن الفقيه: «إذا وجبت على الرجل بدنة في كفارة و لم يجدها فعليه سبع شياه» و هذه كلها من مجرد الفتوى من غيره نقل دليل عليه. و لا ريب في أنّ ما ذكره الشيخ في الخلاف هو الأحوط و إن كان لا دليل على وجوبه.

(6) لصدق الوطي، و الجماع، و الإتيان و نحو ذلك مما ورد في الأدلة على ذلك كله، و ذكر الأهل، أو امرأته في بعض الأخبار (1) من باب الغالب فلا يصلح للتقييد.

(7) للأصل بعد انصراف الأدلة عنهما، و احتمال أن يكون ما في الخنثى شيئا آخر غير الفرج. و طريق الاحتياط واضح.

(8) لأصالة البراءة، و التصريح بأنّه لا شي ء على الجاهل فيما تقدم من صحيح معاوية (2)، و ظهور الاتفاق في البقية، مع شمول الجاهل على الساهي و الناسي في الجملة، مضافا إلى أنّ الظاهر أنّ ذكر الجاهل في النص إنّما هو من باب المثال لكل معذور شرعيّ و إطلاق الجاهل يشمل الجاهل بقسميه.

(9) إجماعا، و نصّا، و لأنّ تلك الأحكام مترتبة على الجماع و هو يصدق بالنسبة إلى كل من الزوج و الزوجة، و في خبر الأصم: «حججت و جماعة من

ص: 313


1- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 7.

حجا على تلك الطريق إلى تمام المناسك (10).

______________________________

أصحابنا و كان معنا امرأة فلما قدمنا مكة جاءنا رجل من أصحابنا فقال: يا هؤلاء قد بليت قلنا: بما ذا؟ قال: شكرت بهذه الامرأة فاسألوا أبا عبد اللّه عليه السّلام فسألناه قال عليه السّلام: عليه بدنة، فقالت المرأة: فاسألوه لي فإنّي قد اشتهيت فسألناه فقال:

عليها بدنة» (1).

(10) البحث في التفريق من جهات:

الأولى: في أصل وجوبه، و ظاهر النصوص المشتملة على الجملة الخبرية في مقام الإنشاء هو الوجوب فعن الصادق عليه السّلام في صحيح عبيد اللّه:

«يفرق بينهما حتى ينفر الناس و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا قال:

قلت: أرأيت إن أخذا في غير ذلك الطريق إلى أرض أخرى أ يجتمعان؟

قال عليه السّلام: نعم» (2).

و في موثق ابن مسلم عن نوادر البزنطي: «سئل أبا جعفر عليه السّلام: أرأيت من ابتلى بالرفث و الرفث هو الجماع ما عليه؟ قال عليه السّلام: يسوق الهدي، و يفرّق بينه و بين أهله حتى يقضيا المناسك و حتى يعود إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا قال: أرأيت إن أراد أن يرجعا في غير ذلك الطريق قال عليه السّلام: فليجتمعا إذا قضيا المناسك» (3).

الثانية: هل يجري هذا الحكم في الزنا و اللواط مع كونهما محرمين؟

وجهان من كونه مخالفا للأصل فلا بد من الاقتصار على المتيقن. و من ظهور الإطلاق في مثل خبر الأصم- المتقدم-، و ظهور إطلاق الجماع، و الوقاع، و الإتيان و الغشيان الوارد في الأدلة المتعرضة لتلك الأحكام (4) فيشمل الجميع.

ص: 314


1- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 14.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 15.
4- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 9.

.....

______________________________

الثالثة: هل يختص التفريق بخصوص القضاء كما صرّح به المحقق في الشرائع، أو يعم الأداء أيضا؟ ظاهر إطلاق النصوص بل صريح بعضها الثاني، ففي صحيح معاوية عن الصادق عليه السّلام: «و يفرّق بينهما حتى يقضيا المناسك و يرجعا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا و عليه الحج من قابل» (1)، و في خبره الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «سألته عن رجل وقع على امرأته و هو محرم؟ قال عليه السّلام: إن كان جاهلا فليس عليه شي ء و إن لم يكن جاهلا فعليه سوق بدنة و عليه الحج من قابل، فإذا انتهى إلى المكان الذي واقع بها فرق محملاهما فلم يجتمعا في خباء واحد إلا أن يكون معهما غيرهما حتى يبلغ الهدي محله» (2).

و يقتضي التعميم حكمة التفريق، فإنّه لأجل إرغام الشيطان و التحذر عن إغوائه الشامل للأداء و القضاء و لا دليل على الاختصاص بالقضاء إلا دعوى الإجماع من الغنية أنّ فيه التفريق. و يرد عليه أنّه لا ينافي ثبوته في الأداء أيضا.

نعم، لو ادعى الإجماع على عدم وجوبه في الأداء لخالفه و نافاه.

الرابعة: هل يجب في القضاء الذهاب من طريق الأداء الذي أصابا فيه ما أصابا حتى يتحقق موضوع التفريق من محلّ الإصابة أو لا يجب ذلك؟ مقتضى الأصل هو الثاني، و يدل عليه خبر عبيد اللّه عن الصادق عليه السّلام: «قلت أرأيت إن أخذا في غير ذلك الطريق إلى أرض أخرى يجتمعان؟ قال عليه السّلام: نعم» (3) و لكن الأولى الذهاب من طريق الإصابة و قد صرّح به صاحب الجواهر في نجاة العباد، و جعل الأحوط ذلك في حجة الإتمام و هل يجب التفريق في مثل عرفة أيضا؟

وجهان من الجمود على ظاهر النص، و من احتمال الانصراف عنه.

الخامسة: في غاية الافتراق و اختلف فيها الأخبار:

فمنها: موثق ابن مسلم عنه عليه السّلام أيضا: «يفرق بينه و بين أهله حتى يقضيا

ص: 315


1- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 12.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 14.

.....

______________________________

المناسك و حتى يعودا إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا- الحديث-» (1).

و منها: خبر زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السّلام أيضا: «حتى يقضيا المناسك و يعود إلى موضع الخطيئة» (2).

و منها: صحيح معاوية عن الصادق عليه السّلام: «حتى يبلغ الهدي محله» (3).

و منها: خبر ابن حمزة عن الكاظم عليه السّلام: «و يفترقان من المكان الذي كان فيه ما كان حتى ينتهيا إلى مكة» (4)، و في ذيله: «فإذا انتهيا إلى المكان الذي كان منهما ما كان افترقا حتى يحلا فإذا أحلا فقد انقضى عنهما فإنّ أبي عليه السّلام كان يقول ذلك» (5).

و يمكن إرجاع الجميع إلى غاية واحدة و هو الإحلال عن إحرام الحج، فإنّ لقوله عليه السّلام: «حتى يحلا»، و قوله عليه السّلام في صحيح معاوية-: «حتى يبلغ الهدي محله» أي: يذبح- نحو حكومة و شرح بالنسبة إلى الجميع، فيكون المراد بقوله عليه السّلام في موثق ابن مسلم: «حتى يقضي المناسك» أي: المناسك التي تكون قبل الإحلال فيجتمع مفاد الأخبار على شي ء واحد.

و أما قوله عليه السّلام في موثق ابن مسلم أيضا: «حتى يعود إلى المكان الذي أصابا فيه ما أصابا» فلا بد من حمله على الندب، لما في الجواهر من أنّه يمكن تحصيل الإجماع على وجوب الافتراق في حج القضاء إلى قضاء المناسك لا أزيد. فما نسب إلى ابن بابويه من كون الغاية قضاء المناسك فإن أراد ما ذكرناه فهو و إن أراد الفراغ من تمام أعمال الحج فهو خلاف ما يستفاد من مجموع الأخبار بعد رد بعضها إلى بعض.

السادسة: لو توقف التفرق على بذل مال وجب مقدمة، فمع المطاوعة

ص: 316


1- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 15.
2- ورد مضمونه في الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 9.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 5.
4- الوسائل باب: 4 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2.
5- الوسائل باب: 4 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2.
مسألة 6: المراد بالافتراق أن لا يخلوان إلا و معهما ثالث

(مسألة 6): المراد بالافتراق أن لا يخلوان إلا و معهما ثالث (11) يصلح للمنع عن المواقعة معه، فلا عبرة بغير المميّز و الزوجة، و الأمة، و نحوهم (12).

مسألة 7: لو أكرهها كان حجها ماضيا كالعكس و كان عليه كفارتان

(مسألة 7): لو أكرهها كان حجها ماضيا كالعكس و كان عليه كفارتان (13).

______________________________

عليهما و مع الإكراه على المكره- بالكسر.

السابعة: هل يجب الافتراق فيما إذا وقعت المجامعة بالإكراه أو لا؟

مقتضى الإطلاق هو الأول.

(11) لجملة من النصوص:

منها: ما تقدم من خبر معاوية (1)، و منها: قول أحدهما عليهما السّلام: «معنى يفرق بينهما أي: لا يخلوان إلا و أن يكون معهما ثالث» (2)، و قولهما عليهما السّلام: «المحرم إذا وقع على أهله يفرق بينهما يعنى بذلك: لا يخلوان و أن يكون معهما ثالث» (3).

(12) لأنّ المتفاهم من الثالث ما يتحشم عنه من المواقعة.

(13) أما في إكراهه لها، فيدل عليه- مضافا إلى الأصل- النص و الإجماع قال الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية: «و إن استكرهها فعليه بدنتان و عليه الحج من قابل»(4) و في صحيح ابن خالد: «و إن كانت المرأة لم تعن بشهوة و استكرهها صاحبها فليس عليها شي ء» (5).

و أما العكس فمقتضى الأصل صحة حج المكره- بالفتح- و عدم الكفارة على المكره- بالكسر- بعد بطلان القياس على مورد النص، و كذا في إكراه

ص: 317


1- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 5.
2- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 6.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 11.
4- الوسائل باب: 7 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
5- الوسائل باب: 4 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
مسألة 8: لو جامع- عالما عامدا- بعد الوقوف بالمشعر قبل طواف النساء

(مسألة 8): لو جامع- عالما عامدا- بعد الوقوف بالمشعر قبل طواف النساء أو طاف منه ثلاثة أشواط فما دون- صح حجه و لا شي ء عليه غير البدنة (14)، و كذا لو جامع في غير الفرجين كالتفخيذ و نحوه (15) و إن لم

______________________________

الأجنبيّ لها، بل و كذا لو كان الزوج محلا و أكره زوجته المحرمة فإنّه أيضا خلاف مورد النص و على أيّ حال يكون حج المكره- بالفتح- صحيحا و لا يجب عليه القضاء و لا على المكره- بالكسر- تحمل القضاء عنه، لعدم الموضوع له.

(14) للأصل، و الإجماع، و مفهوم قول الصادق عليه السّلام في صحيح معاوية:

«إذا وقع الرجل بامرأته دون مزدلفة، و قبل أن يأتي مزدلفة فعليه الحج من قابل» (1).

و في خبره الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «عن رجل وقع على امرأته قبل أن يطوف طواف النساء قال عليه السّلام: جزور سمينة و إن كان جاهلا فليس عليه شي ء» (2).

و أما خبر حمران عن أبي جعفر عليه السّلام: «و إن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثمَّ خرج فغشي فقد أفسد حجه» (3).

و خبر القلانسي عن الصادق عليه السّلام: «إنّ على الموسر بدنة، و على الوسط بقرة، و على الفقير شاة» (4) فأسقطهما عن الاعتبار عدم عامل بهما، و ظهور الإجماع على خلافهما و يمكن حمل الأول على مطلق النقص دون الفساد الحقيقي، مع أنّه قد تقدم عدم فساد الحج في الجماع قبل المزدلفة هل يجب إتمامه و أنّه فرضه فكيف يفسد بما إذا وقع بعده.

(15) لصحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «في المحرم يقع على أهله

ص: 318


1- الوسائل باب: 6 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
4- الوسائل باب: 10 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.

ينزل على الأحوط وجوبا (16).

مسألة 9: إذا حج في القابل بسبب الإفساد، فأفسده لزمه ما وجب عليه أولا

(مسألة 9): إذا حج في القابل بسبب الإفساد، فأفسده لزمه ما وجب عليه أولا و هكذا (17) و لكن لا يتعدد القضاء، فإذا أتى في السنة الثالثة

______________________________

قال عليه السّلام: إن كان أفضى فعليه بدنة و الحج من قابل و إن لم يكن أفضى إليها فعليه بدنة و ليس عليه الحج من قابل» (1).

و أما وجوب البدنة على الزوجة مع المطاوعة، فمقتضى الأصل عدمه بعد اختصاص الدليل بالزوج، و كون الحكم مخالفا للأصل.

نعم، في صحيح ابن عمار عنه عليه السّلام أيضا: «رجل وقع على أهله في ما دون الفرج قال عليه السّلام: عليه بدنة و ليس عليه الحج من قابل و إن كانت المرأة تابعة على الجماع فعليها مثل ما عليه» (2) و ظاهره الاختصاص بالجماع و إلا فلا وجه لتغير الأسلوب و ذكر الجماع بالخصوص.

(16) لإطلاق النص، و الفتوى كإطلاقه في الجماع أيضا قال في المدارك:

«و إطلاق النص كلام الأصحاب يقتضي عدم الفرق في لزوم البدنة بالجماع في غير الفرج بين أن ينزل و عدمه و تردد العلامة في المنتهى في وجوب البدنة مع عدم الإنزال و لا وجه له بعد إطلاق النص بالوجوب و تصريح الأصحاب بوجوب الجزور بالتقبيل و الشاة بشهوة».

أقول: لعل تردد العلامة لانسباق الإنزال من الإطلاق، فيبقى الأصل سالما، و لكنه مشكل مع تحقق الكفارة في التقبيل، و المس بشهوة و لو مع عدم الإنزال إن لم نقل بأنّ هذا يشبه القياس.

(17) لعمومات الأدلة الشاملة له أيضا، لفرض أنّه حج صحيح سواء قلنا بأنّ الأول فرض و الثاني عقوبة أو بالعكس.

ص: 319


1- الوسائل باب: 7 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2.
2- الوسائل باب: 7 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.

بحج صحيح كفاه عن الفاسد ابتداء و قضاء و ليس عليه قضاء آخر و إن أفسد عشر حجج (18).

و لو تكرر منه الجماع في إحرام واحد لم يتكرّر القضاء (19).

مسألة 10: تجب البدنة فقط بالاستمناء مع الإنزال

(مسألة 10): تجب البدنة فقط بالاستمناء مع الإنزال (20) سواء كان

______________________________

(18) لقاعدة الإجزاء، لأنّه إنّما وجب عليه حج واحد صحيح و قد أتى به فلا موضوع لوجوب القضاء بعد الامتثال و الإجزاء.

(19) أرسله في الروضة، و الجواهر، و النجاة إرسال المسلّمات بلا نقل خلاف و لا إشكال و يظهر منهم الإجماع عليه، مع أنّه لا يتصوّر في الجماع الثاني وجوب إتمام الحج، و الحج في القابل لثبوت وجوبها بالجماع الأول فلا موضوع لتكرر المسبب بتكرر السبب أما تكرر البدنة فيأتي القول فيه إن شاء اللّه تعالى.

(20) أما أصل وجوب البدنة، فيدل عليه الإجماع، و النص الآتي. و أما اعتبار الإمناء، فلصحيح ابن الحجاج: «سألت أبا الحسن عليه السّلام عن المحرم يعبث بأهله و هو محرم حتى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما؟ قال عليه السّلام: عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع» (1)، و في موثق ابن عمار عن أبي الحسن عليه السّلام: «قلت ما تقول في محرم عبث بذكره فأمنى؟ قال عليه السّلام: أرى عليه مثل ما على ما أتى أهله و هو محرم بدنة و الحج من قابل» (2).

و أما التعميم بالنسبة إلى اليد و غيرها، فلإطلاق موثق عمار، مع القطع بأنّه لا موضوعية في اليد بل المناط كله الاستمناء و الإمناء بيد كان أو بغيرها بل الظاهر صدقه بإدامة الخيال و التصور بهذا القصد.

ص: 320


1- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
2- الوسائل باب: 15 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.

باليد أو بغيرها. و الأحوط القضاء أيضا (21).

مسألة 11: لو كان محلا و جامع أمته المحرمة

(مسألة 11): لو كان محلا و جامع أمته المحرمة بأنّه كان عالما عامدا يتحمل عنها الكفارة بدنة، أو بقرة، أو شاة مخيّرا بينها مع القدرة عليها و إن كان معسرا لم يقدر إلا على الشاة، فشاة، أو صيام ثلاثة أيام (22).

______________________________

و أما وجوب خصوص البدنة دون القضاء فنسب إلى جمع منهم ابن إدريس، و الحلبي، و الشيخ في الخلاف، و اختاره المحقق في الشرائع، فللأصل، و لصحيح معاوية بن عمار قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل محرم وقع على أهله فيما دون الفرج قال عليه السّلام: عليه بدنة و ليس عليه الحج من قابل- الحديث-» (1) و مثله خبره الآخر فيحمل صحيح ابن الحجاج على أنّ المراد به مجرّد التشبيه في الكفارة في الجملة بالجماع لا وجوب القضاء كما يحمل الموثق على الندب جمعا بينه و بين صحيح معاوية.

(21) خروجا عن خلاف جمع ذهبوا إلى وجوبه اعتمادا على موثق ابن عمار القاصر عن معارضة غيره، لما تقدم من احتمال أن يكون المراد التنزيل في الجملة لا من كل جهة.

(22) لموثق ابن عمار: «قلت لأبي الحسن عليه السّلام أخبرني عن رجل محل وقع على أمة له محرمة؟ قال عليه السّلام: موسرا أو معسرا؟ قلت: أجنبي فيهما.

قال عليه السّلام: هو أمرها أو لم يأمرها أو أحرمت من قبل نفسها؟ قلت: أجنبيّ فيهما.

فقال عليه السّلام: إن كان مؤسرا و كان عالما أنّه لا ينبغي له و كان هو الذي أمرها بالإحرام فعليه بدنة، و إن شاء بقرة، و إن شاء شاة.

و إن لم يكن أمرها بالإحرام فلا شي ء عليه مؤسرا كان أو معسرا. و إن كان أمرها و هو معسر فعليه دم شاة أو صيام» (2) و هذا هو المشهور بين الأصحاب،

ص: 321


1- الوسائل باب: 7 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
2- الوسائل باب: 46 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2 و ملحقة.

و الأحوط تعيّن البدنة عليه مع القدرة و إلا تخيّر بين الشاة و الصيام (23).

و لا فرق في الأمة بين المكرهة و المطاوعة (24). و لو كانت محرمة بغير

______________________________

بل نسب إلى قطع الفقهاء.

ثمَّ إنّ المعروف في صوم بدل الشاة هو ثلاثة أيام مع احتمال الاكتفاء بيوم واحد، جمودا على الإطلاق و مثله خبر الحذاء و لكن فيه: «أو صيام أو صدقة» (1).

و أما صحيح ضريس: «سئل الصادق عليه السّلام عن رجل أمر جاريته أن تحرم من الوقت فأحرمت و لم يكن هو أحرم، فغشيها بعد ما أحرمت قال عليه السّلام يأمرها فتغتسل ثمَّ تحرم و لا شي ء عليه» (2) فأوهنه إعراض المشهور عنه، مع إمكان حمله على أنّها لم تكن ليست كما عن الشيخ رحمه اللّه، كما أنّ خبر وهب بن عبد ربه عن الصادق عليه السّلام: «في رجل كانت معه أم ولد له فأحرمت قبل سيدها، له أن ينقض إحرامها و يطأها قبل أن يحرم؟ قال عليه السّلام: نعم» (3) محمول على عدم الإذن.

و أما ما نسب إلى الشيخ، و ابن إدريس من أنّ عليه كفارة يتحملها عنها فإن لم يقدر على بدنة كان عليه دم شاة، أو صيام ثلاثة أيام فلا دليل عليه، بل ظاهر الموثق على خلافة.

(23) خروجا عن خلاف ما نسب إلى الشيخ، و ابن إدريس و لا منافاة بين هذا الاحتياط و ما تقدم في الموثق كما لا يخفى.

(24) لإطلاق الموثق الشامل لهما و نسب ذلك إلى غير واحد. و عن العلامة و من تبعه أنّ عليها مع المطاوعة الإثم و الحج من قابل و على المولى إذنها فيه إن كان قبل المشعر، و الصوم ستين يوما، أو ثمانية عشر يوما عوض البدنة إن

ص: 322


1- الوسائل باب: 46 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 3.
2- الوسائل باب: 46 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
3- الوسائل باب: 46 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث:؟.

إذنه فلا كفارة عليه (25). و لو كان المحرم عبده بإذنه لا يلحقه حكم الأمة و إن كان وطئه أفحش (26).

مسألة 12: لو جامع المحلّ زوجته المحرمة بإذنه- مطاوعة أو مكرها- لها

(مسألة 12): لو جامع المحلّ زوجته المحرمة بإذنه- مطاوعة أو مكرها- لها فالأحوط إلحاقها بالأمة (27)، و كذا لو كان الرجل محرما، و الأمة، أو الزوجة محلّة فوقعت المواقعة بإكراهها له أو بمطاوعته لها (28).

مسألة 13: لو عجز عن البدنة

(مسألة 13): لو عجز عن البدنة فيما تقدم في [مسألة 1]، فالأحوط

______________________________

قلنا بالبدل لهذه البدنة لعجزها عنها و إن لم نقل بالبدل توقع العتق و المكنة، و لعله لإطلاق النصوص السابقة، و كون الموثق في بيان حكم المولى فقط دون الأمة.

و فيه: أنّ المنساق من الموثق كون الكفارة على المولى باعتبار إحرام الأمة و إلا فالمولى لا كفارة عليه، لكونه محلا فيكون لهذا الموثق نحو حكومة على تلك الأخبار لو فرض شمولها للمقام، لأنّه في مقام البيان و الشرح، و التفصيل من كل جهة، فإنّ تلك الأخبار تثبت الكفارة و ظاهر الموثق أنّ الكفارة على المولى الواطي دون الأمة هذا مع إمكان دعوى جهل الأمة بالحال، لأنّه الغالب في الإماء خصوصا في العصور القديمة فلا كفارة عليها من هذه الجهة.

(25) نصّا، و إجماعا، و تقدم التصريح به في الموثق، و تقتضيه القاعدة أيضا لبطلان إحرامها حينئذ فلا موضوع للكفارة.

(26) للأصل، و حرمة القياس، فاحشيته مسلمة، و كذا كونها موجبة لشدة العقوبة في الآخرة: و أما كونها موجبة للكفارة، فيحتاج إلى دليل و هو مفقود.

(27) لاحتمال أن يكون ذكر الأمة فيما تقدم من الموثق من باب المثال، فيشمل الزوجة أيضا، و لكنه مشكل في الحكم المخالف للأصل.

(28) لما تقدم في سابقة من غير فرق و مقتضى الأصل عدم الكفارة إلا إذا ثبت أنّ ما ذكر في الموثق من باب المثال و هو مشكل.

ص: 323

وجوبا الفداء ببقرة و إن عجز عنها فشاة (29).

______________________________

(29) لظهور الاتفاق على ثبوت البدل مع العجز، و الدليل منحصر به و إلا فمقتضى الأصل عدم وجوبه و لا يجري استصحاب الاشتغال، لأنّه من القسم الثالث من أقسام استصحاب الكليّ و قد ثبت عدم اعتباره كما أنّه ليس في المقام نصّ يدل على البدل ترتبا- كما نسب إلى المشهور- أو تخييرا كما يظهر عن جمع منهم المحقق في الشرائع و الأخبار الواردة في المقام أقسام:

منها: صحيح العيص قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل واقع أهله حين ضحى قبل أن يزور البيت قال عليه السّلام: يهريق دما» (1).

و فيه: أنّه إن أريد من الدم الشاة كما هو المنساق منه عند الإطلاق فهو مخالف للإجماع، إن أريد منه الترتب أو التخيير فلا إشارة في الخبر إلى شي ء من ذلك فلا بد من حمله على البدنة جمعا بينه و بين ما تقدم [مسألة 8]، لقاعدة الإطلاق و التقييد.

و منها: خبر خالد القماط قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل وقع على أهله يوم النحر قبل أن يزور؟ فقال عليه السّلام: إن كان وقع عليها بشهوة فعليه بدنة و إن كان غير ذلك، فبقرة قلت: أو شاة؟ قال عليه السّلام: أو شاة» (2) و لم يعلم وجود عامل به فهو مع مخالفته للنصوص المعمولة بين الأصحاب لم يعلم عامل به فلا بد من طرحه.

و منها: خبر داود الرقي عنه عليه السّلام أيضا: «في الرجل يكون عليه بدنة واجبة في فداء قال عليه السّلام: إذا لم يجد بدنة فسبع شياه، فإن لم يقدر صام ثمانية عشر يوما» (3).

و فيه: أنّه في كفارة الصيد، مع أنّه غير معمول به بالنسبة إلى سبعة شياه في

ص: 324


1- الوسائل باب: 9 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 3.
3- الوسائل باب: 2 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
مسألة 14: إذا طاف المحرم من طواف النساء خمسة أشواط ثمَّ جامع و لو عالما

(مسألة 14): إذا طاف المحرم من طواف النساء خمسة أشواط ثمَّ جامع و لو عالما، و عامدا لا شي ء عليه و بنى على طوافه (30).

______________________________

مورده.

و منها: خبر بياع القلانس عنه عليه السّلام أيضا: «رجل أتى أهله و عليه طواف النساء قال عليه السّلام: عليه بدنة. ثمَّ جاءه آخر فسأله عنها فقال عليه السّلام: عليك بقرة. ثمَّ جاءه آخر فقال عليه السّلام: عليك شاة. فقلت بعد ما قاموا: أصلحك اللّه كيف قلت عليّ بدنة؟! فقال عليه السّلام: أنت مؤسر و عليك بدنة، و على الوسط بقرة، و على الفقير شاة» (1).

و فيه: مضافا إلى قصور سنده عدم انطباقه لا على الترتيب و لا على التخيير.

و منها: خبر أبي بصير عنه عليه السّلام أيضا: «رجل واقع امرأته و هو محرم قال عليه السّلام: عليه جزور كوماء فقال: لا يقدر قال عليه السّلام: ينبغي لأصحابه أن يجمعوا له و لا يفسدوا حجه» (2) و المراد بالإفساد في مثله النقص في الجملة لا البطلان و فيه: أنّه يمكن أن يستدل به على عدم البدل لا وجوبه.

نعم، في صحيح ابن جعفر فيمن رفث «فعليه بدنة ينحرها و إن لم يجد فشاة» (3) يصلح للتأييد بناء على أنّه من باب ذكر بعض الكلام و إضمار بعضه الآخر، و يؤيده ما تقدم في موثق عمار في [مسألة 11] و لكن ذلك كله لا يوجب الجزم بالحكم.

و يمكن المناقشة في ثبوت الاتفاق أيضا، لأنّهم بين قائل بالتخيير و قائل بالترتيب و الاختلاف إنّما نشأ من اجتهاداتهم فكيف يعتمد عليه.

(30) للإجماع إلا من الحلي، و لخبر ابن أعين عن أبي جعفر عليه السّلام قال:

ص: 325


1- الوسائل باب: 10 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
2- الوسائل باب: 22 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1 و الكوماء: الضخم أو السمين.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 4.

و كذا لو تجاوز النصف (31). و إن كان الاحتياط في الأول بل الاحتياط في التكفير مطلقا لو جامع قبل تمامه و لو بشوط (32).

مسألة 15: لو عقد محرم لمحرم على امرأة و دخل بها

(مسألة 15): لو عقد محرم لمحرم على امرأة و دخل بها كان على

______________________________

«سألته عن رجل كان عليه طواف النساء وحده، فطاف منه خمسة أشواط ثمَّ غمزه بطنه فخاف أن يبدره فخرج إلى منزله فنقض ثمَّ غشي جاريته قال عليه السّلام:

يغتسل ثمَّ يرجع فيطوف بالبيت طوافين تمام ما كان قد بقي عليه من طوافه و يستغفر اللّه و لا يعود و إن كان طاف طواف النساء فطاف منه ثلاثة أشواط ثمَّ خرج فغشي فقد أفسد حجه و عليه بدنة و يغتسل ثمَّ يعود فيطوف أسبوعا» (1).

و قصور سنده لو فرض منجبر مع أنّ فيه من أصحاب الإجماع، بل يستفاد من مفهوم ذيله كفاية التجاوز عن النصف في سقوط الكفاية و صحة الطواف كما عن جمع منهم الشيخ، و الفاضل، فيحمل الصدر على مطلق الرجحان، مع أنّه في كلام السائل لا، أن يكون حكما من الإمام عليه السّلام و عدم الكفارة على من طاف خمسا لا ينافي عدمها لمن تجاوز النصف أيضا، و يدل عليه ما يأتي من أنّ تجاوز النصف كالإتمام في الصحة عند عروض الخلل. و في خبر أبي بصير قال عليه السّلام: «و له أن يقرب النساء إذا زاد على النصف» (2) و لا وجه لثبوت الكفارة فيما فيه الترخيص.

(31) لما تقدم في سابقة.

(32) أما الاحتياط في مراعاة خمسة أشواط فقد ظهر مما مر. و أما الاحتياط في مراعاة التمام فللخروج عن خلاف الحلي حيث تمسك للكفارة بما دل على أنّ من لم يطف طواف النساء و جامع فعليه بدنة.

و فيه: أنّه يجب تقييده على فرض اعتباره بما مرّ من الأدلة.

ص: 326


1- الوسائل باب: 11 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
2- الوسائل باب: 58 من أبواب الطواف حديث: 10.

العاقد بدنة، و كذا على الزوج (33) و لا قضاء للحج بالنسبة إلى العاقد

______________________________

(33) للإجماع، و فحوى موثق سماعة عن الصادق عليه السّلام: لا ينبغي للرجل الحلال أن يزوج محرما و هو يعلم أنّه لا يحلّ له قلت: فإن فعل فدخل بها المحرم قال عليه السّلام إن كانا عالمين فإنّ على كل واحد منهما بدنة و على المرأة إن كانت محرمة بدنة و إن لم تكن محرمة فلا شي ء عليها إلا أن تكون قد علمت أنّ الذي تزوجها محرم فإن كانت علمت ثمَّ تزوجت فعليها بدنة» (1).

و السند معتبر مع الاعتضاد بالشهرة فلا وجه للتوقف فيه كما يظهر عن الشرائع و القواعد فكيف بالفتوى بالخلاف كما عن الإيضاح، للأصل المحكوم بالحديث.

ثمَّ إنّ الأقسام كثيرة:

الأول: كون كل واحد من الزوجين و العاقد محرما مع تحقق الدخول و العلم و العمد بالنسبة إلى الجميع و تجب البدنة على كل واحد من الثلاثة.

الثاني: هذا القسم بعينه مع كون المرأة محلة تجب البدنة على الجميع أيضا، لما مر في الموثق.

الثالث: هذا القسم بعينه مع كون الزوج محلا، مقتضى الأصل عدم الكفارة على الزوج و العاقد إلّا أن يستفاد مما ذكر في الموثق الدال على الكفارة على الزوجة المحلة و هو مشكل و إن كان أحوط رجاء.

الرابع: هذا القسم بعينه مع كون العاقد محلا، و مقتضى الأصل عدم الكفارة عليه. و تفرض هذه الأقسام الأربعة مع عدم تحقق الدخول، و مقتضى الأصل عدم شي ء فيها على أحد من الثلاثة سوى الإثم و يرتفع بالاستغفار، كما أنّه تعرض تلك الأقسام في صورة الجهل أيضا و لا شي ء فيها أيضا، للأصل و لاختصاص الكفارة بصورة العلم و العمد، بل و لا إثم أيضا إن كان معذورا.

ص: 327


1- الوسائل باب: 21 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.

المحرم (34).

مسألة 16: قد تقدم حرمة شهادة عقد النكاح على المحرم

(مسألة 16): قد تقدم حرمة شهادة عقد النكاح على المحرم و لا شي ء فيها غير الإثم (35).

مسألة 17: لو جامع في العمرة المفردة قبل السعي فسدت عمرته

(مسألة 17): لو جامع في العمرة المفردة قبل السعي فسدت عمرته و عليه بدنة و قضاؤها (36) و الأحوط وجوبا إتمام ما أفسده (37)،

______________________________

(34) للأصل بعد عدم دليل عليه، لاختصاص دليل القضاء بالمجامع كما تقدم.

(35) لأصالة البراءة بعد عدم دليل على وجوب الكفارة.

نعم، يجب الاستغفار لتحقق الإثم و لم أر عاجلا من تعرض لأصل المسألة.

(36) إجماعا، و نصوصا ففي صحيح العجلي عن أبي جعفر الصادق عليه السّلام:

«رجل اعتمر عمرة مفردة فغشي أهله قبل أن يفرغ من طوافه و سعيه قال عليه السّلام:

عليه بدنة لفساد عمرته و عليه أن يقيم إلى الشهر الآخر فيخرج إلى بعض المواقيت، فيحرم بعمرة مفردة» (1).

(37) لإطلاق قوله تعالى وَ أَتِمُّوا الْحَجَّ وَ الْعُمْرَةَ لِلّهِ (2) و ذكرنا في التفسير ما يتعلق بهذا الأمر (3) على معنى وجوب إتمامها بعد الشروع في إحرامها مطلقا، و لاستصحاب بقاء حكم الإحرام، لأنّ المتفاهم من مجموع الأدلة كون الحج و العمرة متحدان في الحكم من هذه الجهة فتكون الأولى فرضه و الأخيرة عقوبة و المراد بالفساد في الروايات و الكلمات النقصان لا المعنى الاصطلاحي كما تقدم في الجماع في إحرام الحج.

ص: 328


1- الوسائل باب: 12 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
2- سورة البقرة: 196.
3- راجع المجلد الثالث من مواهب الرحمن.

و الأفضل أن يكون قضاؤها في الشهر الداخل (38) و لو كان ذلك بعد السعي و قبل التقصير فلا يفسد عمرته و لا يجب عليه القضاء (39).

مسألة 18: لو جامع قبل السعي في العمرة التمتعية يتمها

(مسألة 18): لو جامع قبل السعي في العمرة التمتعية يتمها و الأحوط مع ذلك أن يستأنفها إن وسع الوقت، و مع الضيق يقطعها ثمَّ يستأنفها و يأتي بالحج حينئذ. و مع ضيق الوقت عن القطع و الاستيناف يتمّها ثمَّ يأتي بالحج بقصد التكليف الفعليّ أعمّ من التمتع و الإفراد ثمَّ يقضي الحج في القابل احتياطا (40).

______________________________

(38) لأنّ ظاهر أخبار المقام و إن كان وجوب التأخير إلى الشهر القابل (1) لكنها حيث وردت في مقام توهم حرمة الجمع لا يستفاد منها أزيد من مطلق الأفضلية، مع ان إطلاقها يشمل ما إذا وقعت العمرة الأولى في آخر الشهر و القضاء في أول الشهر اللاحق، فيستفاد منه ان الحكم ليس إلزاميا و الا لبينه عليه السّلام مع كونه في مقام البيان و الحاجة.

(39) للأصل، و الإجماع «و ظهور النصوص (2) و هل تجب عليه البدنة؟

مقتضى الأصل، و عدم التعرض في النصوص العدم، و لكن تقدم وجوبها في الجماع بعد المشعر في إحرام الحج (3) و قد وردت الكفارة في جملة من النصوص في الجماع بعد السعي المتمتع بها (4) على ما يأتي و لا يبعد عدم الفرق بين العمرتين من هذه الجهة و لكن الجزم به مشكل و لكن يظهر من صحيح عليّ بن جعفر عليه السّلام و صحيح حماد و غيرهما من الأخبار وجوب البدنة على من جامع قبل طواف النساء لو لم نقل بانصرافها إلى إحرام الحج.

(40) البحث في هذه المسألة.

ص: 329


1- راجع الوسائل باب: 12 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث:
2- راجع الوسائل باب: 12 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 4.
3- راجع الوسائل باب: 6 من أبواب كفارات الاستمتاع.
4- لاحظ الوسائل باب: 13 من أبواب كفارات الاستمتاع.

.....

______________________________

تارة: بحسب النصوص.

و اخرى: بحسب الكلمات.

و ثالثة: بحسب الاستظهارات.

و رابعة: بحسب الأصول.

أما الأول: فهي تختص بالعمرة المفردة و ليس من التمتعية ذكر فيها كما اعترف به جمع و لا يخفى على من راجعها (1).

أما الثاني: فنسب إلى ظاهر الأكثر أنّها كالمفردة بل صرّح بعضهم بعدم الخلاف فيه و لكن في الجواهر: «إنّا لم نعرف إطلاقا لغير المصنف بل قد يظهر من قوله و الأفضل إرادة المفردة».

نعم، عن أبي الصلاح التصريح بفساد المتعة بالجماع قبل طوافها و سعيها و أنّ عليه بدنة، و في المستند: «ظاهر التهذيب كما قيل تخصيص الحكم بالمفردة» و مع ذلك كيف يصح دعوى الإجماع في هذه المسألة التي لا مصرّح بالفساد فيها غير أبي الصلاح. و قد أشكل العلامة أيضا و على فرض تحقق الإجماع فهو استظهاريّ لا أن يكون تعبديا فلا اعتبار به.

أما الثالث: فاستدل تارة: بتساوي العمرتين في جملة من الأجزاء و الشرائط، فيشتركان في تمام الأحكام إلا ما خرج بالدليل.

و فيه: أنّه لا وجه لثبوت هذه الكلية إلا مع الدليل عليها و لا دليل عليها في المقام و مجرّد الاشتراك في الأجزاء و الشرائط لا يوجب الكلية في تمام الأحكام، مع أنّ بناء الشرع على تفريق المجتمعات و جمع المتفرقات.

و اخرى: بصحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «عن متمتع وقع على امرأته و لم يقصّر قال عليه السّلام: ينحر جزورا و قد خشيت أن يكون قد ثلم حجه إن كان عالما، و إن كان جاهلا فلا شي ء عليه» (2) فإنّ الفساد بخشية الفساد بالجماع بعد السعي قبل التقصير يقتضي الفساد قبل السعي.

و فيه: أنّه من الغرابة بمكان، فإنّ الجماع بعد السعي لا يوجب الفساد بل

ص: 330


1- الوسائل باب: 12 من أبواب كفارات الاستمتاع.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 4.
مسألة 19: لو جامع في العمرة التمتعية بعد السعي و قبل التقصير تصح عمرته

(مسألة 19): لو جامع في العمرة التمتعية بعد السعي و قبل التقصير تصح عمرته، و لكن تجب عليه بدنة مع الإيسار، و البقرة إن كان متوسطا،

______________________________

يوجب البدنة خاصّة فلا وجه للتمسك بالفحوى للفساد قبل السعي لأنّ الفحوى معتبرة فيما اعتبر في الأصل.

و ثالثة: بأنّه من الجماع قبل المشعر، لدخول العمرة التمتعية في الحج و كونهما كعمل واحد، فيترتب عليه الأحكام السابقة.

و فيه: أنّه لا ريب في تعدد الإحرام فيهما و الأحكام السابقة مترتبة على الجماع في إحرام الحج دون العمرة، و الوحدة الاعتبارية التنزيلية لا تنافي التعدد الحقيقيّ مع تحقق الإحلال و التقصير بينهما، فالنص مفقود، و الإجماع موهون، و الاستظهار بلا موضوع، فتصل النوبة لا محالة إلى الأصول العملية و هي الجهة الخيرة من البحث.

الرابعة: مقتضى الأصول العملية عدم الفساد في عمرة التمتع بالجماع فيها كما اعترف به في الجواهر و على فرض الفساد بمعنى التنقيص تختص بخصوصها دون الحج، لأصالة البراءة عن القضاء، و أصالة الصحة، و لما مرّ من تخلّل الإحلال بينهما و إن نسب إلى فخر الإسلام ترجح فساد الحج حينئذ إن لم يسع الوقت لإتيان عمرة مستأنفة و لا وجه له إلا دعوى الاتحاد بينهما حتى من هذه الجهة و هو مخدوش كما مرّ فطريق الاحتياط إتمامها ثمَّ استئنافها في سعة الوقت و مع ضيق الوقت عن ذلك يقطعها و يستأنف عمرة أخرى من الميقات و جعله في النجاة أحوط.

و لا يتوهم أنّه من إدخال الإحرام على الإحرام و هو ممنوع كما تقدم في (فصل الإحرام) لمنع شموله لمثل المقام الذي يؤتى بالثاني رجاء. و مع الضيق عن الاستيناف يتمّها و يأتي بالحج بقصد التكليف الفعلي، لاحتمال انقلاب تكليفه إلى حج الإفراد.

ص: 331

و الشاة مع الإعسار (41).

مسألة 20: لو نظر إلى غير أهله فأمنى كان عليه بدنة إن كان موسرا

(مسألة 20): لو نظر إلى غير أهله فأمنى كان عليه بدنة إن كان موسرا.

و بقرة مع التوسط. و شاة مع الإعسار (42)، و المرجع في الثلاثة

______________________________

(41) أما عدم الفساد، فللنص، و الإجماع، و تقدم في صحيح ابن عمار (1).

و أما وجوب الكفارة بنحو ما ذكر فذهب إليه جمع منهم الشيخ، و الحلّي، و العلامة جمعا بين النصوص و تنزيلا لها عليه، ففي صحيح ابن عمار المتقدم:

«ينحر جزورا» و في صحيح الحلبي: «و إن جامع فعليه جزور، أو بقرة» (2)، و في حسن ابن مسكان: «عليه دم شاة» (3) و هو جمع حسن، و يشهد له ما يأتي من موثق أبي بصير و يمكن الحمل على التخيير مع ترتب الفضل لو لا شبهة مخالفته للإجماع.

(42) على المشهور، لموثق أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «رجل محرم نظر إلى ساق امرأة فأمنى قال عليه السّلام: إن كان موسرا فعليه بدنة و إن كان وسطا فعليه بقرة، و إن كان فقيرا فعليه شاة ثمَّ قال عليه السّلام: أما أنّي لم أجعل عليه هذا لأنّه أمنى إنّما جعلته عليه لأنّه نظر الى ما لا يحلّ له» (4).

و أما صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «رجل محرم نظر إلى غير أهله فأنزل قال عليه السّلام: عليه جزور، أو بقرة، فإن لم يجد فشاة» (5) فلا بد من حمله على الموثق لوهنه بالإعراض، كما أنّه لا بد من تقييد حسن ابن عمار بالموثق «في محرم نظر إلى غير أهله فأنزل قال عليه السّلام: عليه دم- الحديث-» (6).

ص: 332


1- الوسائل باب: 13 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 4.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 5.
3- الوسائل باب: 13 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 3.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2.
5- الوسائل باب: 16 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
6- الوسائل باب: 16 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 5.

العرف (43) و لا فرق بين قاصد الإمناء و غيره و الشهوة و عدمها، و معتاد الإمناء بذلك و عدمه (44).

و إن كان الأحوط في الأول و الأخير إجراء حكم الاستمناء مع ذلك عليه (45). و لو نظر إلى غلام فأمنى، فالظاهر أنّ حكمه كذلك (46).

مسألة 21: لو نظر إلى امرأة أو مسّها بغير شهوة لا شي ء عليه

(مسألة 21): لو نظر إلى امرأة أو مسّها بغير شهوة لا شي ء عليه. و لو أمنى مع عدم القصد و الاعتياد (47)، و أما معهما فعليه البدنة (48) كما لو نظر إليها بشهوة فأمنى (49). و لو مسّ امرأته بشهوة و لو لم يمكن كان عليه

______________________________

(43) لقاعدة أنّ العرف هو المحكّم في الموضوعات إلا مع ورود الدليل على الخلاف و لا دليل كذلك في المقام.

(44) كل ذلك لظهور الإطلاق الشامل للجميع.

(45) خروجا عن خلاف الشهيد الثاني حيث جعل حكمهما حكم الاستمناء و لا دليل له بعد ظهور إطلاق الموثق في الجميع.

(46) لما مرّ من التعليل في موثق أبي بصير.

(47) للأصل، و الإجماع، و النص، ففي صحيح معاوية عن الصادق عليه السّلام:

«سألته عن محرم نظر إلى امرأته فأمنى أو أمذى و هو محرم قال عليه السّلام: لا شي ء عليه و لكن ليغتسل و يستغفر ربّه و إن حملها من غير شهوة فأمنى أو أمذى و هو محرم فلا شي ء عليه، و إن حملها أو مسّها بشهوة فأمنى أو أمذى فعليه دم، و قال:

في المحرم ينظر إلى امرأته أو ينزلها بشهوة حتى ينزل قال عليه السّلام: عليه بدنة» (1).

(48) كما عن جمع منهم الشهيد في المسالك، لشمول ما يأتي من خبر مسمع له، و لأنّه من الاستمناء حينئذ.

(49) إجماعا، و نصّا ففي حسن مسمع عن الصادق عليه السّلام: «و من نظر إلى

ص: 333


1- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.

شاة (50) و الأحوط البدنة مع الإمناء (51).

مسألة 22: لو قبّل امرأته بغير شهوة كان عليه شاة

(مسألة 22): لو قبّل امرأته بغير شهوة كان عليه شاة. و لو كان بشهوة

______________________________

امرأته نظر شهوة فأمنى فعليه جزور» (1) و الجزور: البدنة كما مرّ.

و أما موثق إسحاق بن عمار عن الصادق عليه السّلام: «في محرم نظر إلى امرأته بشهوة فأمنى قال عليه السّلام: ليس عليه شي ء»(2) فلا بد من حمله على السهو و الغفلة، لوهنه بإعراض المشهور عن إطلاقه فلا وجه لما نسب إلى المفيد، و المرتضى من نفي الكفارة.

(50) لخبر ابن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «رجل حمل امرأته و هو محرم فأمنى، أو أمذى قال عليه السّلام: إن كان حملها، أو مسّها بشي ء من الشهوة فأمنى أو لم يمن أمذى أو لم يمذ فعليه دم يهريقه» (3).

و عن الفقيه: «فعليه دم شاة فإن حملها أو مسّها بغير شهوة فأمنى أو أمذى فليس عليه شي ء» (4) و هذا هو المشهور عند الفقهاء، و في صحيح مسمع: «من مس امرأته أو لازمها عن غير شهوة فلا شي ء عليه» (5).

(51) خروجا عن خلاف ما حكي عن ابن إدريس من وجوب البدنة مع الإمناء، لأنّه أفحش من النظر الذي فيه البدنة، كما تقدم في حسن مسمع، و لما في صحيح ابن عمار- المتقدم- من البدنة «فيمن نظر إلى امرأته و ينزّلها بشهوة حتى ينزل» (6) و لضعف خبر ابن مسلم فلا يعارض الصحيح.

ص: 334


1- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 3.
2- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 7.
3- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 6 و ملحقة.
4- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 3.
5- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
6- الوسائل باب: 17 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث:

كان عليه بدنة (52).

مسألة 23: لو قبّل امرأته و قد طاف طواف النّساء و لم تطف هي بعد طواف النّساء لا شي ء عليه

(مسألة 23): لو قبّل امرأته و قد طاف طواف النّساء و لم تطف هي بعد طواف النّساء لا شي ء عليه. و إن استحب له إهراق دم شاة من

______________________________

و يرد عليه: أنّ الأول قياس، و الصحيح محمول على صورة قصد الإمناء، كما يشعر به قوله: «و ينزلها بشهوة حتى ينزل»، لأنّ المنساق منه إعمال القصد للإنزال، و خبر ابن مسلم منجبر باعتماد المشهور عليه، مع موافقته للأصل فلا للجزم بوجوب البدنة مع التصريح بدم الشاة في الفقيه، مع أنّ منصرف إطلاقه الشاة أيضا.

(52) نسب ذلك إلى الأكثر، و يقتضيه الجمع بين النصوص، ففي حسن الحلبي عن الصادق عليه السّلام: «المحرم يضع يده من غير شهوة على امرأته قال عليه السّلام:

نعم، يصلح عليها خمارها، و يصلح عليها ثوبها و محملها قلت: أ فيمسها و هي محرمة؟ قال عليه السّلام: نعم. قلت: المحرم يضع يده بشهوة؟ قال عليه السّلام: يهريق دم شاة.

قلت: فإن قبّل؟ قال عليه السّلام: هذا أشدّ ينحر بدنة» (1) المحمول على ما إذا كان بشهوة كما هي الغالبة فيه.

و في خبر ابن أبي حمزة عن الكاظم عليه السّلام: «في رجل قبّل امرأته و هو محرم قال عليه السّلام: عليه بدنة و إن لم ينزل» (2) المحمول على الشهوة أيضا.

و في حسن مسمع: «فيمن قبّل امرأته على غير شهوة و هو محرم: فعليه دم شاة و من قبّل امرأته على شهوة فأمنى فعليه جزور، و يستغفر ربه» (3) و يمكن حمل الإمناء على الاتفاق لا أن يكون قيد الوجوب الجزور. و منه يظهر ضعف باقي الأقوال المستندة إلى الأصل و الإطلاق من غير نظر إلى رد بعض الأخبار

ص: 335


1- الوسائل باب: 17 و 18 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2 و 1.
2- الوسائل باب: 18 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 4.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 3.

عنده (53). و لا شي ء في قبلة الأم و نحوها مما هي قبلة رحمة (54).

مسألة 24: لو قبّلت المرأة المحرمة زوجها تجري فيها الأقسام المتقدّمة و الأحكام السابقة

(مسألة 24): لو قبّلت المرأة المحرمة زوجها تجري فيها الأقسام المتقدّمة و الأحكام السابقة، و كذا في النظر و المس (55).

مسألة 25: الأحوط وجوبا عدم الفرق بين كون القبلة على الوجه

(مسألة 25): الأحوط وجوبا عدم الفرق بين كون القبلة على الوجه، أو على سائر الجسد (56).

مسألة 26: لا فرق فيما مرّ بين الحدوث و البقاء

(مسألة 26): لا فرق فيما مرّ بين الحدوث و البقاء، فلو كان حدوثها بلا شهوة و إبقاؤها معها يترتب عليه الحكم (57).

مسألة 27: الأحوط ترتب الحكم على قبلة المحرم للأجنبية

(مسألة 27): الأحوط ترتب الحكم على قبلة المحرم للأجنبية،

______________________________

إلى بعضها الآخر، فيلزم منه الأخذ ببعضها و طرح الآخر.

(53) للأصل بعد تحقق الإحلال منه. و أما حسنة ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «رجل قبّل امرأته و قد طاف طواف النساء و لم تطف هي؟

قال عليه السّلام: عليه دم يهريقه من عنده» فلا بد من حمله على الندب، لعدم وجدان عامل به على نحو الوجوب.

(54) للأصل، و خبر ابن حماد عن الصادق عليه السّلام: «المحرم يقبّل أمه قال عليه السّلام: لا بأس هذه قبله رحمة- الحديث-» (1).

(55) لقاعدة الإلحاق، و صحة دعوى أنّ المناط هذا الالتذاذ الخاص سواء كان من الرجل عن المرأة، أو بالعكس.

(56) لظهور الإطلاق. و منشأ الترديد احتمال الانصراف إلى قبلة الوجه، و لكنّه لا يعتنى به في مقابل الإطلاق.

(57) لتحقق الموضوع في كل منهما عرفا، فيشمله إطلاق الدليل قهرا.

ص: 336


1- الوسائل باب: 18 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 5.

و الغلام، و كذا في اللمس و النظر بشهوة (58).

مسألة 28: لو طاوعت الزوجة المحرمة زوجها المحرم في التقبيل، و اللمس، و النظر بشهوة فعليها الكفارة أيضا

(مسألة 28): لو طاوعت الزوجة المحرمة زوجها المحرم في التقبيل، و اللمس، و النظر بشهوة فعليها الكفارة أيضا (59) و لو أكرهها على ذلك، فمقتضى الأصل عدم تحمّل الكفارة عنها.

مسألة 29: لو أمنى عن ملاعبة مع امرأته كان عليه بدنة

(مسألة 29): لو أمنى عن ملاعبة مع امرأته كان عليه بدنة، بل و عليها مع المطاوعة (60).

مسألة 30: لو استمع إلى من يجامع من غير نظر إلى امرأة لا شي ء عليه

(مسألة 30): لو استمع إلى من يجامع من غير نظر إلى امرأة لا شي ء عليه (61)، و كذا لو استمع كلام امرأة فأمنى (62).

______________________________

(58) لإمكان أن يستفاد من استثناء قبلة الرحمة تعميم الحكم لمطلق قبلة الشهوة و لو كانت على غير الزوجة، و يمكن الاستيناس للحكم بما مرّ من موثق أبي بصير (1).

(59) لما مرّ من قاعدة الإلحاق الشاملة لها أيضا.

(60) لصحيح ابن الحجاج عن الصادق عليه السّلام: «الرجل يعبث بأهله و هو محرم حتى يمني من غير جماع، أو يفعل ذلك في شهر رمضان ما ذا عليهما؟

قال عليه السّلام: عليهما جميعا الكفارة مثل ما على الذي يجامع» (2) و كفارة المجامعة في الإحرام البدنة كما مر.

(61) للأصل، و ظهور الإجماع، و موثق سماعة عن الصادق عليه السّلام: «في محرم استمع على رجل يجامع أهله، فأمنى قال عليه السّلام: ليس عليه شي ء» (3) و تقدم حكم نظر المحرم إلى المرأة في المسائل السابقة.

(62) للأصل، و ظهور الاتفاق، و خبر أبي بصير عن الصادق عليه السّلام: «رجل

ص: 337


1- تقدم في صفحة: 413.
2- الوسائل باب: 14 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 1.
3- الوسائل باب: 20 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 2.
مسألة 31: لو حج أو اعتمر تطوعا، فأفسده بالجماع مثلا

(مسألة 31): لو حج أو اعتمر تطوعا، فأفسده بالجماع مثلا- ثمَّ أحصر كان عليه بدنة للإفساد، و دم للإحصار على الأحوط فيهما، و كفاه قضاء واحد (63).

مسألة 32: كل مورد وجب الحج بسبب الإفساد وجب فورا

(مسألة 32): كل مورد وجب الحج بسبب الإفساد وجب فورا (64).

الثاني: الطيب

اشارة

الثاني: الطيب.

مسألة 1: من استعمل الطيب- المحرّم عليه في إحرامه مع العلم

(مسألة 1): من استعمل الطيب- المحرّم عليه في إحرامه مع العلم،

______________________________

يسمع كلام امرأة من خلف حائط و هو محرم فتشاها حتى أنزل قال عليه السّلام: ليس عليه شي ء» (1) و إطلاقه يشمل معتاد الإمناء و عدمه و إن كان الأحوط في الأول جريان حكم الاستمناء عليه.

(63) أما وجوب البدنة، فلما تقدم من النصوص الدالة على وجوبها.

و مقتضى إطلاقها الوجوب حتى مع الإحصار، مع احتمال الاختصاص بصورة عدم عروض عارض عن الإتمام فالمقام نظير من أفطر في شهر رمضان ثمَّ عرض عارض عن صحة صومه كالسفر القهريّ و نحوه و تقدم في كتاب الصوم في (فصل كفارات المفطرات) [مسألة 11] بعض الكلام.

و أما وجوب الدم للإحصار، فلما يأتي في محلّه من الإطلاقات، و العمومات. مع احتمال اختصاصه بغير الفرض.

و أما كفاية قضاء واحد، فلأنّ المقام من موارد الأقلّ و الأكثر، و مقتضى أصالة البراءة هو الأول و يأتي التفصيل في أحكام الإحصار.

(64) للإجماع، و لأنّه المنساق من النصوص المشتملة على قوله عليه السّلام:

«و عليه الحج من قابل» (2).

ص: 338


1- الوسائل باب: 20 من أبواب كفارات الاستمتاع حديث: 3.
2- راجع الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الاستمتاع.

و العمد- وجب عليه شاة (65) سواء كان بالأكل، أو الشم، أو البخور، أو التداوي. و سواء كان ابتداء أو استدامة في حال الضرورة أو الاختيار

______________________________

(65) نصّا، و إجماعا ففي صحيح زرارة: «من أكل طعاما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا، أو جاهلا فليس عليه شي ء. و من فعله متعمدا فعليه دم شاة» (1)، و في صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «من أكل زعفرانا متعمدا أو طعاما فيه طيب فعليه دم فإن كان ناسيا فلا شي ء عليه و يستغفر اللّه و يتوب إليه» (2) و في الصحيح المضمر: «في محرم كانت به قرحة فداواها بدهن بنفسج فقال عليه السّلام: إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين و إن كان تعمد فعليه دم شاة يهريقه» (3).

و المنساق من هذه الروايات جعل الجزاء في الإحرام للطيب المحرّم في الإحرام، و الدواء، و الطعام من باب المثال لمطلق الاستعمال، بل يمكن أن يستفاد جزاء استعماله في اللباس، و البدن للترفه من استعماله للدواء.

و أما صحيح حريز عن الصادق عليه السّلام: «لا يمس المحرم شيئا من الطيب، و لا الريحان، و لا يتلذذ به، و لا بريح طيب، فمن ابتلي بشي ء من ذلك فليتصدّق بقدر ما صنع قدر سعته»(4)، و قوله عليه السّلام في صحيح ابن عمار: «لا ينبغي لك أن تتلذذ بريح طيبة فمن ابتلي بشي ء من ذلك فعليه غسله فليتصدق بقدر ما صنع» (5).

و قوله عليه السّلام أيضا في خبر حسن بن هارون قلت له: «أكلت خبيصا فيه

ص: 339


1- الوسائل باب: 8 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 4 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 4 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب تروك الإحرام حديث: 6.
5- الوسائل باب: 18 من أبواب تروك الإحرام حديث: 9.

سعوطا، أو احتقانا بلا فرق بين الابتداء و الاستدامة (66).

مسألة 2: لو كان الطيّب على بدنه، أو ثوبه و غفل عن إزالته و أحرم

(مسألة 2): لو كان الطيّب على بدنه، أو ثوبه و غفل عن إزالته و أحرم، أو وقع عليه و هو محرم و غفل عن ذلك، أو تطيب جهلا، أو غفلة و هو محرم وجبت الإزالة فورا و لا شي ء عليه (67).

مسألة 3: يجوز له إزالة الطيب بيده إن لم يبق أثره على يده

(مسألة 3): يجوز له إزالة الطيب بيده إن لم يبق أثره على يده (68).

______________________________

زعفران حتى شبعت و أنا محرم قال: إذا فرغت من مناسكك و أردت الخروج من مكة فاشتر بدرهم تمرا ثمَّ تصدّق به يكون كفارة لما أكلت، و لما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم» (1) فلا بد من حملها على صورة الجهل، و الغفلة، و النسيان كما يشهد له قوله عليه السّلام: «فمن ابتلي بشي ء من ذلك»، و قوله عليه السّلام: «لما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم» هذا مما يستفاد من الأخبار بعد رد بعضها على بعض.

و أما الأقوال فستة: تعرض لها في المستند و لا دليل يصح الاعتماد عليه إلا التمسك ببعض الإطلاقات مع الغمض عن بقية الأخبار فراجع و تأمل، إذا الوقت أعزّ من أن يصرف في نقض ما لا دليل عليه.

(66) كل ذلك، لأنّه استعمال للطيب المحرّم على المحرم، و استعمال الطيب كذلك فيه الكفارة.

(67) أما وجوب الإزالة فورا، فلأنّ ترك المبادرة إليها إبقاء للطيب عمدا، و اختيارا أو هو حرام و تتعلق به الكفارة.

و أما إنّه لا شي ء عليه، فللأصل، و النص، و تقدم في النصوص أنّ استعماله العمدي حرام و يوجب الكفارة دون غيره بلا فرق في العمد بين الضرورة و غيرها، كما في الصحيح المضمر.

(68) للأصل، و لأنّه إزالة الطيب لا أن يكون من استعماله، و إطلاق

ص: 340


1- الوسائل باب: 3 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

و إن بقي أثره على يده، فالأحوط الإزالة بمباشرة المحلّ (69) بل الأولى إزالة الأثر بمباشرة المحلّ مطلقا.

مسألة 4: لا كفّارة في طيب الكعبة

(مسألة 4): لا كفّارة في طيب الكعبة، و لا الفواكه الطيبة الرائحة (70).

الثالث: تقليم الأظفار

اشارة

الثالث: تقليم الأظفار.

مسألة 1: في تقليم كل ظفر مدّ

(مسألة 1): في تقليم كل ظفر مدّ و هو ثلاثة أرباع الكيلو- من الطعام إلى أن يبلغ العشرة أو العشرين، و حينئذ ففي أظفار يديه و رجليه في مجلس إذا لم يتخلّل التكفير دم واحد، و لو كان كل واحد منهما في مجلس واحد لزمه دمان (71).

______________________________

قوله صلى اللّه عليه و آله لمن رأى عليه طيبا: «اغسل عنك الطيب» (1).

(69) من جهة صدق الاستعمال بالنسبة إلى بقاء الأثر، فتشمله الأدلة و من احتمال انصرافها عنه.

(70) لجواز ذلك كله، كما تقدم في الخامس من تروك الإحرام فراجع.

(71) للإجماع، و النص ففي صحيح أبي بصير قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن رجل قصّ ظفرا من أظافيره و هو محرم قال عليه السّلام: عليه مدّ طعام حتى يبلغ عشرة فإن قلّم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة. قلت: فإن قلّم أظفار يديه و رجليه جميعا؟ فقال عليه السّلام: إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم، و إن كان فعله متفرقا في مجلسين فعليه دمان» (2). و في نسخة بدل من مد طعام (قيمته) و لكنها خلاف المشهور، و الإجماع، و الاحتياط.

و أما صحيح حريز: «عن المحرم ينسى فيقلم ظفرا من أظافيره قال عليه السّلام:

يتصدق بكف من الطعام. قلت: فاثنتين؟ قال عليه السّلام: كفّين. قلت: فثلاثة؟ قال عليه السّلام:

ص: 341


1- راجع صحيح مسلم ج: 4 صفحة: 4.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1 و ملحقة.

.....

______________________________

ثلاث أكفّ كل ظفر كفّ حتى يصير خمسة، فإذا قلم خمسة فعليه دم واحد خمسة كان أو عشرة أو ما كان» (1).

و مرسله عن أبي جعفر عليه السّلام: «في محرم قلم ظفرا؟ قال: يتصدق بكفّ من طعام قال: قلت: ظفرين؟ قال عليه السّلام: كفّين. قلت: ثلاثة؟ قال عليه السّلام: ثلاثة أكف. قال:

أربعة؟ قال عليه السّلام: أربعة أكفّ قال: خمسة؟ قال عليه السّلام: عليه دم يهريقه، فإن قصّ عشرة أو أكثر من ذلك فليس عليه إلا دم يهريقه» (2) فأسقطهما عن الاعتبار مخالفة الأول للنص، و الإجماع الدال على أنّه لا شي ء على الناسي، و اشتمالها على التقدير بالكف من الطعام.

و يمكن تحصيل الإجماع على خلافه كما في الجواهر، فلا وجه لما نسب إلى الإسكافي من أنّ في كل ظفر مدّا أو قيمته، و في الخمسة دم مستندا في الأول إلى ما تقدم من نسختي صحيح أبي بصير، و في وجوب الدم إلى صحيح حريز، لما مر من أنّ نسخة ضبط القيمة خلاف المشهور بل المجمع عليه، و كذا صحيح حريز و مرسله، فهما من الشواذ التي لا بد من رده إلى أهله.

و أما صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «المحرم تطول أظفاره أو ينكسر بعضها، فيؤذيه قال عليه السّلام: لا يقص شيئا منها إن استطاع، فإن كانت تؤذيه فليقصّها، و ليطعم مكان كل ظفر قبضة من الطعام» (3) فهو أيضا مخالف للإجماع على عدم التقدير به.

و أما ما نسب إلى الحلبي من أنّ في أظفار إحدى يديه صاع، فلم نجد له أثرا فيما وصل إلينا من الأخبار، و كذا ما نسب إلى ابن أبي عقيل من أنّ «من انكسر ظفره و هو محرم فلا يقصه فإن فعل فعليه أن يطعم مسكينا في يده» فإنّه إن أراد به المدّ فهو و إلا فلا دليل عليه.

ثمَّ إنّ المنساق من الدم الوارد في الأخبار، هو الشاة فلا وجه لما نسب إلى

ص: 342


1- الوسائل باب: 12 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 3.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 4.

و الأحوط ثبوت الدم ببلوغ الخمسة (72)، كما أنّ الأحوط إجراء حكم اليد الأصلية على الزائد (73)، و كذا حكم الإصبع الزائدة أو الناقصة، ففي الأولى مدّ من الطعام، و في الأخير يجري عليه حكم اليد التمام (74).

مسألة 2: إنّما يجب الدم، أو الدمان بتقليم أصابع اليدين و الرجلين

(مسألة 2): إنّما يجب الدم، أو الدمان بتقليم أصابع اليدين و الرجلين إذا لم يتخلّل التكفير عن السابق قبل البلوغ إلى حدّ يوجب الشاة و إلا تعدّد المدّ خاصّة بحسب تعدّد الأصابع (75).

مسألة 3: لو كفر بشاة لليدين أو الرجلين ثمَّ أكمل الباقي في المجلس وجب عليه شاة أخرى

(مسألة 3): لو كفر بشاة لليدين أو الرجلين ثمَّ أكمل الباقي في المجلس وجب عليه شاة أخرى (76).

______________________________

ابن حمزة من الأخذ بإطلاقه و لو بذبح طير.

(72) جمودا على صحيح حريز- المتقدم- و خروجا عن خلاف الإسكافي.

(73) منشأ التردد صدق اليد بالنسبة إليها، فيشملها إطلاق الدليل و احتمال انصرافه إلى الشائع المتعارف، فالزائدة خارجة عن مورد الحكم فيرجع فيها إلى الأصل.

(74) منشأ التردد ما تقدم في سابقة من إطلاق اليد و احتمال الانصراف إلى المتعارف فيرجع إلى الأصل مع ذكر عشرة أظافير في النصوص و هي صريحة في العدد المتعارف.

(75) نسب ذلك إلى تصريح غير واحد، لأنّ المنساق من النصّ، و الفتوى أنّ الشاة أو الشاتين بدل الأمداد الواجبة في تقليم الأصابع لا أن يكون واجبا مستقلا معها بحيث يجبان معا في عرض واحد، فلا وجه للجمود على الإطلاق و القول بوجوبهما معا كما عن المستند.

(76) لأنّ الباقي حرام إحراميّ و حينئذ فإما أن لا تكون كفارة فيه و هو خلاف

ص: 343

مسألة 4: لو قلّم تمام اليدين مع إحدى الرجلين، أو بالعكس في مجلس واحد

(مسألة 4): لو قلّم تمام اليدين مع إحدى الرجلين، أو بالعكس في مجلس واحد يجب مضافا إلى الشاة لليدين المدّ لكلّ واحد من الأظافر (77).

مسألة 5: لو قلّم من كل من اليدين و الرجلين ما ينقص عن المجموع و لو يسيرا وجب المدّ لكل منها

(مسألة 5): لو قلّم من كل من اليدين و الرجلين ما ينقص عن المجموع و لو يسيرا وجب المدّ لكل منها (78).

مسألة 6: تقليم بعض الظفر كالكل على الأحوط

(مسألة 6): تقليم بعض الظفر كالكل على الأحوط في وجوب

______________________________

ظاهر النصوص، أو تكون فيه الكفارة و هو المطلوب و المنساق من قوله عليه السّلام:

«إن كان فعل ذلك في مجلس واحد فعليه دم» (1) غير صورة تخلل التكفير، فإنّها تعد كالمجلسين عرفا. هذا مع عدم التكفير عن كل ظفر بمدّ و الا فلا يجب التكفير بشاة، لما تقدم في المسألة السابقة.

(77) لإطلاق ما دل على وجوب الشاة لليدين، و ما دل على وجوب المدّ لكل ظفر، فيعمل بكل واحد من الدليلين.

(78) لإطلاق دليل وجوبه الشامل لهذه الصورة أيضا و لا يجب عليه الشاة، لأنّ موضوع وجوبه أظفار يديه أو رجليه، أو هما معا في مجلس واحد و المنساق منه تمام الأظفار لا البعض.

و دعوى: أنّ إطلاق خبر الحلبي: «فإن هو قلم أظافيره عشرتها فإنّ عليه دم شاة» (2) يشمل عشرة أظافير سواء كانت من اليدين، أو الرجلين، أو هما معا.

(مشكلة): لأنّ المتبادر منها عشرة اليدين أو الرجلين.

نعم، لو قال: «عشرة أظافير» لكان للأخذ بالإطلاق وجه، و كذا قوله عليه السّلام في صحيح أبي بصير: «حتى يبلغ عشرة فإن قلّم أصابع يديه كلها فعليه دم شاة» (3) فإنّ قوله عليه السّلام: «فإن قلّم أصابع يديه كلها» قرينة على أنّ المراد العشرة

ص: 344


1- الوسائل باب: 12 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 12 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

الفدية (79) و لو قلمه دفعات في مجلس واحد لم تتعدد الفدية بخلاف ما إذا تغاير تتعدد على الأحوط (80).

مسألة 7: لا كفارة في التقليم مع السهو، و النسيان، أو الجهل

(مسألة 7): لا كفارة في التقليم مع السهو، و النسيان، أو الجهل سواء فلم الجميع أو البعض (81).

مسألة 8: لو أفتى مفت خطأ بتقليم ظفره و أدماه لزم المفتي شاة اسراء

(مسألة 8): لو أفتى مفت خطأ بتقليم ظفره و أدماه لزم المفتي شاة اسراء (82) و لو لم يكن المفتي محرما بل و لا من أهل

______________________________

من اليدين لا العشرة المتفرقة.

(79) من الإطلاق الشامل للبعض كالكل. و من إمكان الانصراف إلى التمام. و أما ما في المستند من أنّ المتعارف قص بعض الظفر لإتمامه.

فمخدوش بأنّ المراد بالظفر في استعمال التقليم و القص هو تمام ما يمكن قصه بحسب المتعارف لا البعض.

نعم، هو بعض بالنسبة إلى تمام الظفر الذي لا يقص، بل لا يمكن قصه عادة إلا بالإدماء و الجرح.

(80) أما الأول فلصحة دعوى انصراف ما دل على الفدية في قص الظفر عنه حينئذ.

و أما الأخير، فلما مرّ في المسألة السابقة.

(81) إجماعا، و نصّا، فعن زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «من قلّم أظافيره ناسيا، أو ساهيا، أو جاهلا فلا شي ء عليه و من فعله متعمدا فعليه دم» (1).

(82) لخبر إسحاق المنجبر عن أبي إبراهيم عليه السّلام: «إنّ رجلا أحرم فقلم أظفاره و كانت له إصبع عليلة فترك ظفرها لم يقصه فأفتاه رجل بعد ما أحرم فقصه فأدماه قال عليه السّلام: على الذي أفتى شاة» (2) و هذا هو المشهور بل المتفق

ص: 345


1- الوسائل باب: 10 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 13 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

الاجتهاد (83).

نعم، يعتبر عدم زعم المستفتي بطلان قوله (84) و لو تعمد المستفتي الإدماء فلا شي ء على المفتي (85)، و لا يقبل قول المستفتي بالإدماء إلا مع حصول الاطمينان المتعارف منه (86) و لو أفتى المفتي لشخص فسمع آخر فقلم ظفره و أدماه لا شي ء على المفتي (87) و إن كان أحوط (88).

مسألة 9: لا ضمان على المفتي لو أفتى بالإدماء أو بغيره من المحظورات و لا شي ء عليه

(مسألة 9): لا ضمان على المفتي لو أفتى بالإدماء أو بغيره من المحظورات و لا شي ء عليه (89) و إن كان أحوط.

______________________________

عليه بينهم.

(83) للإطلاق، و ظهور الاتفاق.

(84) لأنّه المنساق عرفا من الخبر، و عن الرياض اعتبار الاجتهاد، لأنّه المتبادر منه.

و فيه: منع واضح كما في الجواهر.

(85) للأصل بعد خروجه عن منصرف الدليل.

(86) لأصالة عدم الحجية و الاطمئنان العرفي من العلم العادي، فيكون معتبرا.

(87) لأصالة البراءة في هذا الحكم المخالف للأصل بعد خروجه عن مورد الدليل.

(88) خروجا عن مخالفة الشهيد حديث استظهر وجوب الكفارة على المفتي حتى في هذه الصورة.

(89) للأصل بعد عدم الدليل عليه إلا ما روي: «من أنّ كل مفت ضامن» (1) و لكن الشك في شموله لمثل المقام يكفي في عدم جواز التمسك بإطلاقه، و في الجواهر: «دعوى العلم بعدم شموله للمقام، و لذا لا يقولون بالإفتاء بسائر

ص: 346


1- الوسائل باب: 7 من أبواب آداب القاضي حديث: 2.
مسألة 10: لو تعدّدت الفتوى دفعة واحدة يجزي شاة واحدة عن الجميع

(مسألة 10): لو تعدّدت الفتوى دفعة واحدة يجزي شاة واحدة عن الجميع إن استند تقليم الظفر إلى الجميع (90) و إن كان الأحوط التعدد بعددهم.

الرابع: لبس المخيط

اشارة

الرابع: لبس المخيط.

مسألة 1: من لبس المخيط عالما عامدا كان عليه دم شاة

(مسألة 1): من لبس المخيط عالما عامدا كان عليه دم شاة (91)، و كذا لو اضطر إلى لبسه لحرّ، أو برد، أو نحوهما (92).

مسألة 2: لا فرق في الحرمة و الكفارة بين الابتداء و الاستدامة

(مسألة 2): لا فرق في الحرمة و الكفارة بين الابتداء و الاستدامة (93)، كما لا فرق بين الثياب حتى السراويل (94) و لا كفارة

______________________________

المحظورات» و عن الدروس احتمال للضمان و منه يظهر وجه الاحتياط.

(90) للإطلاق، و أصالة البراءة عن تعدد الكفارة، فإنّ الجميع حينئذ كسب واحد في التقليم و لو استند التقليم إلى فتوى البعض دون الآخر تجب عليه فقط. و هنا احتمالات، و فروع أغنانا عن التعرض لها ملاحظة الوقت في الأهمّ، و عدم الابتلاء بها.

(91) نصوصا، و إجماعا قال أبو جعفر عليه السّلام في صحيح زرارة: «من لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه و هو محرم ففعل ذلك ناسيا، أو جاهلا، فلا شي ء عليه، و من فعله متعمّدا فعليه دم» (1).

(92) للإجماع، و إطلاق ما تقدم من صحيح زرارة، و خصوص صحيح ابن مسلم قال: «سألت أبا جعفر عليه السّلام عن المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب يلبسها قال عليه السّلام: عليه لكل صنف منها فداء» (2).

(93) لإطلاق النصوص و الفتاوى الشامل لمطلق صدق لبس المخيط ابتداء كان أو استدامة، و قد تقدم بعض الكلام في تروك الإحرام فراجع.

(94) لشمول لفظ الثوب و الثياب الوارد في النصوص للجميع، و عن

ص: 347


1- الوسائل باب: 8 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 9 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

في لبس الخفّين مع الاضطرار (95) و إن كان الأحوط إعطاؤها (96).

مسألة 3: يلحق بالثوب لبس الدرع المنسوج، و نحوه

(مسألة 3): يلحق بالثوب لبس الدرع المنسوج، و نحوه و كذا القباء إذا لبسه المضطر غير مقلوب، و الطيلسان إذا أزره (97)، و الأحوط استحبابا

______________________________

الشيخ، و الحليّ، و العلامة استثناء السراويل فلا كفارة في لبسها مع الضرورة، للأصل، و خلوّ النصوص، و الفتاوى عن الفدية للبسه. و يظهر من الآخرين الإجماع على عدم الفدية في لبسه.

و فيه: أنّ إطلاق الثوب يشمله، و الضرورة لا تنافي الفدية، كما في صحيح ابن مسلم. و الإجماع لا وجه لاعتباره مع ذهاب الأكثر بل المشهور إلى الخلاف.

(95) للأصل، و عدم شمول الأخبار المشتملة على ثبوت الكفارة في لبس الثوب للخفين، لعدم صدق الثوب عليهما. و عن المسالك، لا فدية في لبس الخفين عند الضرورة عند علمائنا نصّ عليه في التذكرة، و إطلاق صحيح الحلبيّ الوارد في مقام البيان: «أيّ محرم هلكت نعلاه فلم يكن له نعلان فله أن يلبس الخفين إذا اضطرّ إلى ذلك، و الجوربين يلبسهما إذا اضطر إلى لبسهما» (1)، و عن القواعد ثبوت الكفارة فيهما عند الاضطرار أيضا، لأنّ الأصل في تروك الإحرام الفداء إلا ما خرج بالدليل، و يشهد له عموم صحيح زرارة: «من لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه متعمدا فعليه دم شاة» (2).

و فيه: أنّ كلية هذا الأصل غير ثابتة، و الصحيح مخصص بما تقدم من إجماع المسالك و طريق الاحتياط واضح.

(96) ظهر مما تقدم وجه الاحتياط.

(97) أما الدرع قال في المدارك: «ألحق الأصحاب بالمخيط ما أشبهه كالدرع المنسوج: وجبة الملبد، و الملصق بعضه ببعض» فتشمله الإطلاقات،

ص: 348


1- الوسائل باب: 51 من أبواب كفارات الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

التكفير بالتوشح بالمخيط و نحوه (98).

مسألة 4: لبس الثياب المتعدّدة أقسام

(مسألة 4): لبس الثياب المتعدّدة أقسام:

(الأول): أن يتحد اللبس و يتعدد الملبوس مع وحدة الصنف كأن

______________________________

و العمومات الدالة على الحرمة و الكفارة.

و أما القباء إذا لبسه غير مقلوب، أو الطيلسان إذا زرّه، فلأنّه من اللبس المحرّم على المحرم، لأنّ الترخيص إنّما ورد في لبس القباء مقلوبا، و ترك أزرار الطيلسان دون مطلق لبسهما كيف ما اتفق، فيتحقق موضوع الكفارة في اللبس غير المرخص فيه.

(98) مقتضى الأصل عدم حرمته، و عدم الكفارة فيه، للشك في صدق الثوب و اللبس المعهود بالنسبة إليه، و يشهد له ما ورد في جواز طرح القميص على العاتق مع عدم الرداء (1)، فيكون التوشح مثله و على فرض صدق اللبس عليه، فمقتضى إطلاق صحيح زرارة: «يلبس كل ثوب إلا ثوبا يتدرعه» (2)- أي:

يدخل يده في كمه- جوازه و عدم التكفير فيه، لعدم التدرع في التوشح، و لذا أشكل العلامة رحمه اللّه في الكفارة فيه. و لكن يمكن أن يقال: إنّ في تجويز لبس القباء مقلوبا و طرح القميص على العاتق عند الضرورة إشارة إلى أنّ كل ما كان سنخهما يشكل لبسه مع الاختيار و تكون فيه الكفارة و التوشح من ذلك و لكنه لا يصلح لإثبات الحكم كما لا يخفى و الذي يسهل الخطب أنّ الاستحباب خفيف المؤنة و إن كان يظهر من صاحب الجواهر في النجاة الاحتياط الوجوبي في ذلك فراجع.

ص: 349


1- الوسائل باب: 44 من أبواب تروك الإحرام.
2- الوسائل باب: 36 من أبواب تروك الإحرام حديث: 5.

يلبس قميصين بلبس واحد و ليس فيه إلا كفارة واحدة (99).

(الثاني): أن يتحد اللبس و يتعدّد الملبوس صنفا، كما إذا لبس قميصا و قباء بلبس واحد و يتعدد فيه الفداء (100).

(الثالث): أن يتحد الملبوس و يتعدّد اللبس كأن يلبس قميصا واحدا مرّتين و يتعدّد اللبس سواء تخلّل التكفير أولا (101).

(الرابع): أن يتعدّد اللبس و يتعدّد الملبوس أيضا و يتعدّد فيه الفداء أيضا (102).

______________________________

(99) للأصل، و ظهور الاتفاق.

(100) لصحيح ابن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «المحرم إذا احتاج إلى ضروب من الثياب يلبسها؟ قال عليه السّلام: عليه لكل صنف منها فداء» (1) و إطلاقه يشمل وحدة اللبس و تعدد الملبوس صنفا.

و دعوى: انصرافه إلى صورة تعدد اللبس لأغلبيته، لا وجه له كما ثبت في محله، و مثله إطلاق صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «من لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه و هو محرم ففعل ذلك ناسيا، أو جاهلا، فلا شي ء عليه و من فعله متعمدا فعليه دم» (2) فإنّ إطلاقه يشمل الواحد و المتعدد في المجلس الواحد و غيره.

(101) لإطلاق قوله عليه السّلام: «لكل شي ء خرجت من حجك فعليك فيه دم تهريقه» (3)، و إطلاق ما تقدم من صحيح زرارة، و لأصالة عدم التداخل كما ثبت في الأصول.

(102) يظهر حكمه مما تقدم في القسم الثالث، فلا وجه للتكرار ثانيا.

ثمَّ إنّه قد صرح جمع منهم المحقق في الشرائع: بأنّه إن اتحد المجلس لا

ص: 350


1- الوسائل باب: 9 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 4.
3- الوسائل باب: 8 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
مسألة 5: لا كفارة في اللبس نسيانا

(مسألة 5): لا كفارة في اللبس نسيانا، أو جهلا (103).

الخامس: إزالة الشعر

اشارة

الخامس: إزالة الشعر.

مسألة 1: في إزالة شعر الرأس بحلق كانت أو بغيره شاة

(مسألة 1): في إزالة شعر الرأس بحلق كانت أو بغيره شاة، أو إطعام ستة مساكين لكل مسكين مدان، أو صيام ثلاثة أيّام (104)، و لو لغير

______________________________

تتكرّر الكفارة و إن تتعدد اللبس و إن اختلف تتكرر و ليس لذلك أثر في النصوص و لا يكون مورد إجماع معتبر أيضا، و الظاهر أنّهم أرادوا بوحدة المجلس الكناية عن وحدة اللبس و عدمها، فيكون المدار عليها و ينطبق على ما ذكرناه من الأقسام.

(103) للأصل، و ما تقدم من صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام.

(104) كتابا، و سنة، و إجماعا في الجملة قال الصادق عليه السّلام في خبر حريز:

«مر رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله على كعب بن عجزة الأنصاري و القمّل يتناثر من رأسه و هو محرم فقال صلى اللّه عليه و آله: أ تؤذيك هو أمك؟ فقال: نعم. فأنزل اللّه هذه الآية فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فأمره رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله أن يحلق رأسه، و جعل عليه الصيام ثلاثة أيام، و الصدقة على ستة مساكين لكل مسكين مدان- أي: كيلو و نصف- و النسك شاة قال أبو عبد اللّه عليه السّلام: و كل شي ء في القرآن (أو) فصاحبه بالخيار يختار ما يشاء، و كل شي ء في القرآن (فمن لم يجد فعليه كذا) فالأول بالخيار» (1) أي: الأول المختار و الثاني بدل.

و عنه عليه السّلام أيضا في خبر عمر بن يزيد: «فمن عرض له أذى من رأسه أو وجع فتعاطى ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا، فصيام ثلاثة أيام و الصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام، و النسك شاة يذبحها فيأكل و يطعم،

ص: 351


1- الوسائل باب: 14 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

ضرورة (105) و إن كان الأحوط الشاة حينئذ (106).

______________________________

و إنّما عليه واحد من ذلك» (1) و الظاهر أنّ ذكر الحلق في خبر حريز من باب الغالب و المثال، فيشمل مطلق الإزالة، و يشهد له خبر ابن يزيد.

ثمَّ إنّ الأشهر في الرواية و الفتوى، و نسب إلى أكثر الأصحاب أنّ الصدقة على ستة مساكين لكل مسكين مدان و عن الغنية الإجماع على الستة فما في خبر ابن يزيد من العشرة موهون بضعف السند و الإعراض مع اشتماله على ما لا يقول به أحد من الأكل من الفداء فلا وجه لتعين العشرة مستند إليه، كما يظهر من المحقق في الشرائع و لا التخيير بينها و بين ستة كما عن جمع، لأنّ التعيين فرع وجود المدارك المعتبر و التخيير فرع التكافؤ و كلاهما مفقودان.

و أما صحيح زرارة: «سمعت أبا جعفر عليه السّلام يقول: من حلق رأسه، أو نتف إبطه ناسيا أو ساهيا، أو جاهلا فلا شي ء عليه، و من فعليه متعمدا فعليه دم» (2)، و صحيحه الآخر عنه عليه السّلام أيضا: «من نتف إبطه، أو قلّم ظفره، أو حلق رأسه، أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه، أو أكل طعاما لا ينبغي له أكله ففعل ذلك ناسيا، أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعله متعمدا فعليه دم شاة» (3) فيمكن أن يكون من ذكر أحد أفراد التخيير و الاكتفاء عن البقية بالمذكور فلا ينافي غيره فلا وجه لتعينه كما حكي عن سلار، كما لا وجه لحمله على ما إذا لم يكن الحلق من غير أذى و كان متعمدا كما عن النزهة و مال إليه غير واحد من متأخري المتأخرين، لظهور التسالم، و الإجماع على عدم الفرق في خصال الفدية بين الضرورة و غيرها.

(105) لما تقدم من ظهور التسالم و الإجماع.

(106) خروجا عن خلاف النزهة و ما مال إليه غير واحد من متأخري المتأخرين. و أما ما نسب إلى المبسوط، و النهاية، و المقنعة من ستة أمداد لستة

ص: 352


1- الوسائل باب: 14 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 10 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 10 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 6.
مسألة 2: يلحق بالرأس في وجوب الفدية بأحد الثلاثة شعر البدن عدا الإبطين

(مسألة 2): يلحق بالرأس في وجوب الفدية بأحد الثلاثة شعر البدن عدا الإبطين (107) و أما هما ففي نتفهما دم. و في أحدهما إطعام ثلاثة مساكين (108).

مسألة 3: في قص الشارب، و حلق العانة يتخيّر في الفداء

(مسألة 3): في قص الشارب، و حلق العانة يتخيّر في الفداء بين

______________________________

مساكين فلا مدرك له إلا مرسل الفقيه: «و الصدقة على ستة مساكين لكل مسكين صاع من تمر»، و روي «مدا» من تمر (1) و لا وجه للاعتماد عليه، مع أنّ المحكيّ في التهذيب عن عبارة المقنعة لكل مسكين مدان.

(107) لما عن العلامة في المنتهى، و التذكرة: «لا فرق بين شعر الرأس في ذلك و البدن عند أهل العلم عدا أهل الظاهر».

(108) للإجماع، و النص في الأول، ففي صحيح حريز عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «إذا نتف الرجل إبطيه بعد الإحرام فعليه دم» (2) و أما ما ذكر فيه الإبط مثل ما مرّ من صحيح زرارة (3) فالمراد به الجنس الشامل لهما إذا الغالب في نتف الإبط، نتفهما معا، و كذا في صحيح حريز بناء على النسخ التي ضبط فيها «الإبط» (4) دون الإبطين و لا ينافي تعين الدم هنا ما تقدم في المسألة السابقة من حمله على ذكر أحد أفراد التخيير، لأنّ ما قلناه هناك كان لقرينة خارجية دالة عليه بخلاف المقام، إذ ليس فيه قرينة على الحمل على التخيير.

و أما الثاني فلما في خبر ابن جبلة عن الصادق عليه السّلام: «في محرم نتف إبطه.

قال: يطعم ثلاثة مساكين» (5) و قد عمل به المشهور و فيهم من لا يعمل إلا بالقطعيات كابني زهرة و إدريس، فلا وجه للمناقشة السندية فيه.

ص: 353


1- الوسائل باب: 14 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 4 و 5.
2- الوسائل باب: 11 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
3- الوسائل باب: 11 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 11 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
5- الوسائل باب: 8 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

الثلاثة. و الأحوط تعين الدم (109).

مسألة 4: يلحق بالنتف الحلق

(مسألة 4): يلحق بالنتف الحلق، بل مطلق الإزالة (110)، و الأحوط إجراء حكم نتف تمام الإبط على نتف بعضه أيضا (111).

مسألة 5: المدار في حلق الرأس على صدق المسمّى

(مسألة 5): المدار في حلق الرأس على صدق المسمّى (112) و مع عدمه فالأحوط الدم مع المساواة لنتف الإبطين أو

______________________________

(109) أما التخيير، فلما تقدم من دعوى الإجماع عن المنتهى، و التذكرة على عدم الفرق في الفداء بين شعر الرأس و البدن. و أما الاحتياط فللخروج عن خلاف الحليين. حيث يظهر منهما تعين الدم و لم نظفر لهما على دليل يصح الاعتماد عليه.

(110) لأنّ المناط في الحرمة عدم إزالة الشعر، و كون المحرم أشعث أغبر و لا خصوصية في خصوص الحلق، و يشهد له تعبير بعض الفقهاء بالإزالة، و ما تقدّم من خبر ابن يزيد.

(111) هذه المسألة بحسب الأصل العمليّ من موارد الأقلّ و الأكثر في الشبهة التحريمية، فالأكثر محرم و فيه الكفارة. و الأقلّ من مجاري البراءة بالنسبة إليهما. و لكن بحسب الاستظهار من الأدلة يمكن دعوى صدق نتف الإبط بالنسبة إلى البعض أيضا و الانصراف إلى الكلّ ممكن و لكنّه بدويّ فتأمل و منه يظهر وجه الاحتياط.

(112) لأنّ ذلك هو المنساق من الأدلة بعد عدم ورود تعبد شرعيّ على التحديد، فيكون لحلق الرأس مراتب يصدق حلقه بالنسبة إلى كل مرتبة و لا وجه لدعوى الانصراف إلى الكل، لأنّه على فرضه بدويّ لا اعتبار به، و يظهر من العلامة في المنتهى الإجماع على التعميم بالنسبة إلى البعض قال: «تتعلق بحلق جميع الرأس أو بعضه قليلا كان أو كثيرا لكن يختلف ففي حلق الرأس دم و كذا في ما سمّي حلق الرأس، و في حلق ثلاث شعرات صدقة بمهما أمكن».

ص: 354

أزيد (113). و الصدقة مهما كان فيما دون ذلك (114).

مسألة 6: لا فرق في إزالة الشعر و ترتب الكفارة بين أن فعلها المحرم، بنفسه، أو أذن لغيره في ذلك

(مسألة 6): لا فرق في إزالة الشعر و ترتب الكفارة بين أن فعلها المحرم، بنفسه، أو أذن لغيره في ذلك سواء كان الغير محلا أو محرما (115) و إذا لم يكن تسبب منه و لو بالرضا فلا كفارة عليهما (116)، كما لا كفارة على المحرم الحالق للمحل (117).

______________________________

(113) قال في الجواهر: «نعم لو حلق منه ما لا يصدق معه مسمّى حلق الرأس أمكن القول بوجوب دم عليه إذا كان مساويا لنتف الإبط أو أزيد و إن كان لا يخلو من نظر» و احتاط رحمه اللّه وجوبا فيه في النجاة.

أقول: وجه الإلحاق بالإبط مع التساوي دعوى: أنّه ليس لنفس الإبط من حيث هو موضوعية خاصة، بل المناط كله المقدار الخاص المتحقق في الإبط، فيشمله الحكم أين ما تحقق من الرأس، أو البدن. و وجه النظر أنّه إن كان المناط قطعيا فلا إشكال فيه، و لكنه ظنّي يشكل الاعتماد عليه، و لكن لا ريب في أنّه أحوط.

(114) أرسله العلامة رحمه اللّه- فيما تقدم من عبارة المنتهى- إرسال المسلّمات، و يمكن استفادة ذلك مما يأتي في من مس لحيته، أو رأسه فسقط شي ء من الشعر (1).

(115) لظهور الإطلاق، و الاتفاق الشامل لكل من المباشرة و التسبيب، بل الغالب في الحلق إنّما هو الأخير كما لا يخفى على الخبير.

(116) لأصالة البراءة عن الكفارة بعد عدم دليل عليها و إن تحقق الإثم بالنسبة إلى الحالق لو كان محرما و عالما و عامدا، لأنّ الإثم أعمّ من الكفارة.

(117) للأصل السالم عن المعارض و الحرمة في بعض الأحوال لا

ص: 355


1- الوسائل باب: 16 من أبواب بقية كفارات حديث: 5 و ملحقة.
مسألة 7: لو مس لحيته أو رأسه فوقع منهما شي ء و لو شعرة أطعم كفّا من طعام

(مسألة 7): لو مس لحيته أو رأسه فوقع منهما شي ء و لو شعرة أطعم كفّا من طعام (118) و يستحب الكفان (119). و لو فعل ذلك في الوضوء،

______________________________

يستلزم الكفارة على كل حال فهما إما محرمان، أو محلان، أو مختلفان فهذه ثلاثة أقسام: و في كل منهما إما أن يتحقق الإكراه أولا، و في كل من الأقسام لا تثبت الكفارة إلا إذا كان الشخص محرما و تسبب لحلق رأسه و لو بالرضا به.

(118) إجماعا و نصّا، قال الإمام الصادق عليه السّلام في صحيح هشام بن سالم:

«إذا وضع أحدكم يده على رأسه أو لحيته و هو محرم فسقط شي ء من الشعر فليتصدّق بكفّ من طعام، أو كفّ من سويق» (1)، و في صحيح آخر له: «بكفّ من كعك أو سويق» (2)، (الكعك خبز معروف) و الشي ء من الألفاظ العامة الشاملة للشعرة الواحدة و الأكثر.

و أما خبر المرادي قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام: عن رجل يتناول لحيته و هو محرم يعبث بها، فينتف منها الطاقات يبقين في يده خطأ أو عمدا فقال عليه السّلام: لا يضرّه» (3)، و خبر ابن بشير قال: «دخل الساجي على أبي عبد اللّه عليه السّلام فقال: ما تقول: في محرم مسّ لحيته فسقط منها شعرتان؟ فقال أبو عبد اللّه عليه السّلام: لو مسست لحيتي فسقط منها عشر شعرات ما كان عليّ شي ء» (4) فأسقطهما عن الاعتبار إعراض الأصحاب عنهما، و إمكان حملهما على المسّ الاتفاقي مضافا إلى قصور السند.

(119) لصحيح منصور عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «في المحرم إذا مس لحيته فوقع منها شعرة؟ قال: يطعم كفا من طعام، أو كفين» (5) المحمول على الندب،

ص: 356


1- راجع الوسائل باب: 16 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
2- راجع الوسائل باب: 16 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 8.
4- الوسائل باب: 16 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 7.
5- الوسائل باب: 16 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

بل مطلق الطهارة و لو التيمم لا كفّارة عليه (120) و إن كان الأحوط استحبابا الكفّ (121) بل الدم لو كان الساقط كثيرا (122).

______________________________

كما في غيره من موارد التخيير بين الأقلّ و الأكثر. و أما موثق ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «المحرم يعبث بلحيته فيسقط منها الشعرة و الثنتان قال عليه السّلام: يطعم شيئا»، و صحيح الحلبي عنه عليه السّلام أيضا: «إن نتف المحرم من شعر لحيته و غيرها شيئا فعليه أن يطعم مسكينا في يده» (1) فيمكن حملهما على الكف من الطعام، فلا تعارض بين الأخبار.

و أما خبر حسن بن هارون قال: «قلت لأبي عبد اللّه عليه السّلام: إنّي أولع بلحيتي و أنا محرم فتسقط الشعرات؟ قال عليه السّلام: إذا فرغت من إحرامك فاشتر بدرهم تمرا و تصدّق به، فإنّ تمرة خير من شعرة» (2) فهو قاصر سندا بإسماعيل الجعفي، و معرض عنه عند الأصحاب فلا بد من حمله على الندب فيما إذا كان السقوط بنحو الاتفاق لا التعمد و الاختيار.

(120) للأصل، و الحرج و منافاة إيجاب الكفارة فيه لغرض الشارع، و صحيح التميمي قال: «سأل رجل أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يريد إسباغ الوضوء فتسقط من لحيته الشعرة أو الشعرتان، فقال: ليس بشي ء ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» (3) و ظاهر التعليل يشمل الغسل و التيمم أيضا كما عن جمع، و عن المبسوط، و الدروس إلحاق إزالة النجاسة و الحك الضروريّ أيضا و لا بأس به لظاهر التعليل.

(121) خروجا عن خلاف مثل المفيد حيث أوجبوا الكف.

(122) خروجا عن خلاف المفيد، و سلار حيث يظهر منهما الشاة في سقوط الشعر الكثير و لم يظهر لهم دليل لا على الكفّ و لا على الدم إلا الإلحاق

ص: 357


1- الوسائل باب: 16 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 4.
3- الوسائل باب: 16 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 9 و 6.
مسألة 8: يلحق شعر الحاجب، و البدن بشعر اللحية و الرأس إن مسّهما و سقط شي ء

(مسألة 8): يلحق شعر الحاجب، و البدن بشعر اللحية و الرأس إن مسّهما و سقط شي ء (123).

مسألة 9: لا فرق- فيما تقدم بين المباشرة و التسبيب

(مسألة 9): لا فرق- فيما تقدم بين المباشرة و التسبيب (124).

مسألة 10: لو قطع المحرم بعض الشعر

(مسألة 10): لو قطع المحرم بعض الشعر، فالظاهر تعلق الفدية به أيضا (125).

مسألة 11: لو أزال المحرم شعر جميع بدنه سوى شعر رأسه و إبطه يجب عليه كفارة واحدة

(مسألة 11): لو أزال المحرم شعر جميع بدنه سوى شعر رأسه و إبطه يجب عليه كفارة واحدة (126)، و لو زال شعر تمام بدنه حتى إبطيه تعدّدت الكفارة (127).

______________________________

بالحلق و هو من الاجتهاد في مقابل النص.

(123) لأنّ الظاهر أنّ ذكر الرأس و اللحية من باب المثال، مضافا إلى ما مرّ في صحيح الحلبيّ من قوله عليه السّلام: «إن نتف المحرم من شعر لحيته و غيرها شيئا فعليه أن يطعم مسكينا» (1)فإنّ لفظ «الغير» شامل للجميع.

(124) لصحة إضافة السقوط إلى السبب مع الإذن فيه و الرضا به.

(125) جمودا على إطلاق قوله عليه السّلام: «إذا وضع أحدكم يده على رأسه أو لحيته و هو محرم فسقط شي ء من الشعر فليتصدّق بكفّ من طعام»(2).

(126) لأصالة عدم تعدد الكفارة بتعدد الأعضاء، و المقام من موارد الأقل و الأكثر، لأنّ الكفارة الواحدة معلومة و الزائدة مشكوك فيها فيرجع فيه إلى الأصل.

(127) لأصالة عدم تداخل كفارة الإبط مع إزالة شعر باقي البدن.

ص: 358


1- الوسائل باب: 16 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 9.
2- الوسائل باب: 16 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
مسألة 12: في التظليل سائرا شاة و لو لضرورة

(مسألة 12): في التظليل سائرا شاة و لو لضرورة (128) و الأحوط

______________________________

(128) على المشهور، و تدل عليه نصوص كثيرة و هي على أقسام خمسة:

الأول: ما فسّر فيه الفداء بالشاة، كخبر ابن أبي محمود قال: «قلت للرضا عليه السّلام: المحرم يظلّل على محمله و يفدي إذا كانت الشمس و المطر يضرّان به؟ قال عليه السّلام: نعم، قلت: كم الفداء؟ قال عليه السّلام: شاة» (1)، و خبر ابن بزيع عن الرضا عليه السّلام قال: «و سأله رجل عن الظلال للمحرم من أذى مطر أو شمس و أنا أسمع فأمره أن يفدي شاة و يذبحها بمنى» (2)، و مثله خبره الآخر (3).

الثاني: خبر الأشعري عنه عليه السّلام أيضا قال: «سألته عن المحرم يظلّل على نفسه، فقال عليه السّلام: أمن علّة؟ فقلت: يؤذيه حر الشمس و هو محرم، فقال عليه السّلام: هي علّة يظلل و يفدي» (4) و مقتضى صناعة الإطلاق و التقييد حمل مثله على الأول فلا وجه لتوهم التعارض بينها.

الثالث: خبر أبي بصير قال: «سألته عن المرأة يضرب عليها الظلال و هي محرمة؟ قال عليه السّلام: فالرجل يضرب عليه الظلال و هو محرم؟ قال عليه السّلام: نعم، إذا كانت به شقيقة، و يتصدق بمد لكل يوم» (5) و الجمع العرفي بينه و بين ما سبق حمله إما على الندب مضافا إلى الشاة، أو على العجز عن الشاة، لأنّ حمله على التخيير بينه و بين الشاة خلاف الأذهان الصحيحة المتعارفة.

الرابع: خبر عليّ بن جعفر قال: «سألت أخي أظلّل و أنا محرم؟ فقال عليه السّلام:

نعم، و عليك الكفارة قال: فرأيت عليا إذا قدم مكة ينحر بدنة لكفارة الظلّ» (6).

ص: 359


1- الوسائل باب: 6 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 6.
3- الوسائل باب: 6 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 7.
4- الوسائل باب: 6 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 4.
5- الوسائل باب: 6 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 8.
6- الوسائل باب: 6 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 2.

الصدقة مع ذلك بمدّ عن كل يوم إن تمكن (129).

مسألة 13: تتعدّد الشاة بتعدد النسك

(مسألة 13): تتعدّد الشاة بتعدد النسك كما في العمرة و الحج (130).

و لو تعدد السبب، كما إذا ظلّل للصداع- مثلا- فارتفع و حصل له مرض آخر يوجب التظليل، أو عاد عليه ذلك السبب بعد البرء، أو ظلّل عامدا

______________________________

و فيه: إنّه نحو استظهار، و اجتهاد من ابن جعفر في أنّ البدنة المنحورة كانت كفارة الظلّ و لا حجية لاستظهاره و اجتهاده.

الخامس: خبر ابن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السّلام: «فمن عرض له أذى، أو وجع فتعاطى ما لا ينبغي للمحرم إذا كان صحيحا، فصيام ثلاثة أيام، و الصدقة على عشرة مساكين يشبعهم من الطعام، و النسك شاة فيأكل و يطعم و إنّما عليه واحد من ذلك» (1) و فيه مضافا إلى قصور سنده، و مخالفته للمشهور إمكان تخصيصه بالقسم الأول من الأخبار. فتلخص مما مرّ أنّ المشهور هو المنصور.

ثمَّ إنّ مورد الأخبار و إن كان هو المضطر و نسب إلى جمع اختصاص الكفارة به لكن يستفاد منها الكفارة في المختار بالأولى، مع ظهور الاتفاق على عدم الفرق بينهما، مع أنّ ذكر موارد الاضطرار إنّما هو من باب بيان مورد الاحتياج و الغالب.

(129) لما تقدم من خبر أبي بصير الذي يمكن استفادة مطلوبية المد لكل يوم عنه (2)، مضافا إلى الدم و إن كان خلاف المشهور.

(130) مقتضى الأصل، و ظهور النصوص، و ظاهر الأصحاب عدم تكرر الشاة لكل يوم على المضطر، بل و كذا على المختار.

نعم، نسب إلى أبي الصلاح، و ابن حمزة أنّها على المختار لكل يوم شاة، و في الجواهر: «لم أجد لهما موافقا على التفصيل المزبور، بل ظاهر الأصحاب

ص: 360


1- الوسائل باب: 14 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 6 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 8 و تقدم في صفحة: 359.

فتاب ثمَّ ظلّل مرّة أخرى، فالأحوط التكفير في كل ذلك (131).

مسألة 14: تجب الشاة على محرم غطّى رأسه بكل ما تقدم في المسألة الثانية من الرابع عشر من تروك الإحرام

(مسألة 14): تجب الشاة على محرم غطّى رأسه بكل ما تقدم في المسألة الثانية من الرابع عشر من تروك الإحرام (132).

______________________________

اتحادهما في الكيفية التي لا ينكر ظهور النصوص في عدم تكررها للمضطر، و عن ابن راشد قال: «قلت له عليه السّلام: جعلت فداك إنّه يشتد عليّ كشف الظلال في الإحرام، لأنّي محرور يشتد عليّ حر الشمس فقال عليه السّلام: ظلّل و أرق دما فقلت له:

دم، أو دمين؟ قال عليه السّلام: للعمرة؟ قلت: إنا نحرم بالعمرة و ندخل مكة فنحل و نحرم بالحج قال عليه السّلام: فأرق دمين» (1)، و يشهد للتعدد فيهما كونهما نسكين متباينين.

و بالجملة: نظائر المقام من موارد الأقلّ و الأكثر، و الأصل، و ظاهر النصوص و الأصحاب يقتضي الأول، فالتظليل المستمر سبب واحد لا أن يكون كل آن سببا مستقلا و قد تقدم في موجبات سجود السهو بعض الكلام.

(131) لقاعدة تعدد المسبّب بتعدد السبب و هو متعدّد في ذلك كله عرفا، فيتعدد المسبّب لا محالة بعد دعوى أنّ الكفارة الواحدة إنّما هي فيما إذا استدام السبب الواحد لا فيما إذا تعدد عرفا و إن أمكنت المناقشة فيه: بأنّ مقتضى الأصل كفاية الكفارة الواحدة في هذه الموارد أيضا بدعوى: أنّ المناط في الكفارة و تعددها وحدة الإحرام و تعدده لا وحدة منشأ التظليل و تعدده، ففي التظليل في الإحرام الواحد كفارة واحدة و إن تعدد التظليل و منشأه، و في التظليل في الإحرام المتعدد تتعدد الكفارة و إن اتحد منشأ التظليل و هذا الاحتمال يكفي في عدم الجزم بالتعدد مع تعدد السبب في الإحرام الواحد. و منه يظهر وجه الاحتياط، و عدم الجزم بالفتوى.

(132) للنصوص، و الإجماع قال أبو جعفر في صحيح زرارة: «من لبس

ص: 361


1- الوسائل باب: 7 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
مسألة 15: يتكرّر الفداء لو تكرّرت التغطية في إحرامين

(مسألة 15): يتكرّر الفداء لو تكرّرت التغطية في إحرامين بل الأحوط التكرار لو تكرّرت في إحرام واحد على ما مرّ في التظليل (133).

مسألة 16: لا فرق في التغطية بين المختار، و المضطر في أصل الفداء و التكرر بتكرر الموجب

(مسألة 16): لا فرق في التغطية بين المختار، و المضطر في أصل الفداء و التكرر بتكرر الموجب (134).

مسألة 17: لو لبس الاغطية المتعدّدة دفعة واحدة لا تتكرّر الكفارة

(مسألة 17): لو لبس الاغطية المتعدّدة دفعة واحدة لا تتكرّر الكفارة (135).

مسألة 18: لا فرق في الغطاء بين ما كان غليظا أو رقيقا

(مسألة 18): لا فرق في الغطاء بين ما كان غليظا أو رقيقا يحكي ما

______________________________

ثوبا لا ينبغي له لبسه و هو محرم ففعل ذلك ناسيا أو جاهلا فلا شي ء عليه، و من فعله متعمدا فعليه دم» (1) بناء على شموله لتغطية الرأس.

و عن الكاظم عليه السّلام في خبر ابن جعفر: «لكل شي ء خرجت من حجك فعليك فيه دم يهريقه حيث شئت» (2)، و في مرسل الخلاف روي: «من غطى رأسه أنّ عليه الفداء» (3) و عدم تعرض جمع من القدماء لأصل المسألة لا يعد خلافا، لأنّه أعمّ من الفتوى بالعدم، فلا يضرّ بالإجماع، و إطلاق الأخبار يشمل كل ما يعد سترا و لو كان بالارتماس في الماء و تطيين الرأس و حمل شي ء و نحو ذلك.

(133) لعين ما تقدم في تكرر التظليل، فلا وجه للإعادة.

(134) للإطلاق الشامل لكل واحد منهما.

(135) للأصل بعد عدم صدق تعدد التغطية عليه عرفا، و تجري الأقسام المزبورة في لبس الثياب المتعددة في تغطية الرأس أيضا.

ص: 362


1- الوسائل باب: 8 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 4.
2- الوسائل باب: 8 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
3- الخلاف ج: 1 صفحة: 436 كتاب الحج مسألة 82.

تحته (136) و لا فدية في ستر بعض الرأس إن صدق عليه أنّه مكشوف الرّأس (137).

مسألة 19: لا فدية في ما لو غطّى رأسه بيده أو شعره

(مسألة 19): لا فدية في ما لو غطّى رأسه بيده أو شعره (138).

مسألة 20: لا كفارة على المرأة في تغطية وجهها

(مسألة 20): لا كفارة على المرأة في تغطية وجهها (139) و لكن الأحوط أنّ فيها الشاة (140).

السادس: الجدال

اشارة

السادس: الجدال.

مسألة 1: في الكذب من الجدال مرّة، شاة

(مسألة 1): في الكذب من الجدال مرّة، شاة و مرّتين بقرة، و ثلاثة بدنة. و في الصدق منه ثلاثا شاة و لا كفارة في ما دون ذلك و إن وجب

______________________________

(136) لصدق الغطاء على كل منهما عرفا، فتشمله الأدلة قهرا.

(137) لأنّه مكشوف الرأس عرفا، و الفدية إنّما تجب فيما تصدق عليه التغطية و المفروض صدق خلافه، بل و مع الشك لا تجب، لأنّه حينئذ من الشك في أصل التكليف.

(138) للأصل، و انصراف الستر المحرّم على المحرم عنه، و في صحيح ابن عمار: «لا بأس أن يضع المحرم ذراعه على وجهه من حرّ الشمس و لا بأس أن يستر بعض جسده ببعض» (1).

(139) للأصل، بعد خلوّ النصوص عن التعرض لها مع كونها محل الابتلاء. و بعد الشك في شمول ما تقدم من صحيح زرارة لتغطية الوجه، و العمل بعموم ما تقدم من قول الكاظم عليه السّلام يحتاج إلى مؤيد خارجيّ و هو مفقود.

(140) خروجا عن خلاف ما نسب إلى الشيخ رحمه اللّه من أنّ فدية تغطية المرأة وجهها شاة، و عن الحلبي: «لكل يوم شاة و لو اضطرت فشاة لجميع المدة» و قال في الحدائق: «لم أقف لشي ء من هذين القولين على دليل».

ص: 363


1- الوسائل باب: 67 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

الاستغفار و التوبة (141) و لا يعتبر توالي الأيمان الثلاث في كل من

______________________________

أقول: و قد تفحصت عاجلا فلم أظفر به أيضا.

(141) على المشهور، بل لم نظفر على خلاف يعتد به، و لكن لم يذكر هذا التفصيل إلا في الفقه الرضوي قال: «فإن جادلت مرّة أو مرّتين و أنت صادق فلا شي ء عليك، فإن جادلت ثلاثا و أنت صادق فعليك دم شاة، و إن جادلت مرّة و أنت كاذب فعليك دم شاة، و إن جادلت مرّتين كاذبا فعليك دم بقرة، و إن جادلت ثلاثا و أنت كاذب فعليك بدنة» (1).

و أما النصوص فهي على أقسام:

منها: صحيح الحلبي و ابن مسلم عن الصادق عليه السّلام: «فمن ابتلي بالجدال ما عليه؟ فقال عليه السّلام: إذا جادل فوق مرّتين فعلى المصيب دم يهريقه، و على المخطئ بقرة» (2) و هو يدل على الشاة في الجدال ثلاثا صادقا على ما هو المشهور، و يمكن أن يستدل بذيله على المشهور أيضا بإرادة البدنة من البقرة، بقرينة الفقه الرضوي و ما عن رسالة ابن بابويه التي كان الأصحاب يرجعون إليها عند إعواز النصوص. و لكن مجرّد رجوع الأصحاب إليها عند إعواز النصوص- لو فرض صحته- لا يصير مدركا لاعتبارها إلا إذا ثبت أنّه من الشهرة الاستنادية الاعتمادية على ما قرّرناه سابقا.

و منها: خبر أبي بصير عنه عليه السّلام أيضا: «إذا حلف الرجل ثلاثة أيمان و هو صادق و هو محرم فعليه دم يهريقه و إذا حلف يمينا واحدة كاذبا فقد جادل فعليه دم يهريقه» (3) و المراد بإطلاق الدم هو الشاة، فيدل على المشهور بالنسبة إلى الجدال الصادق ثلاثا و الكاذب مرة.

و منها: صحيح ابن مسلم عن أبي جعفر عليه السّلام قال: «سألته عن الجدال في

ص: 364


1- لورد صدره في مستدرك الوسائل باب: 23 من أبواب تروك الإحرام حديث: 2.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 2.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 6.

.....

______________________________

الحج فقال عليه السّلام: من زاد على مرّتين فقد وقع عليه الدم فقيل له: الذي يجادل و هو صادق؟ قال عليه السّلام: عليه شاة، و الكاذب عليه بقرة» (1) و هو مطابق للمشهور بالنسبة إلى الجدال الصادق و يمكن أن يراد بالبقرة البدنة، كما مرّ في الصحيح السابق.

و منها: خبر أبي بصير عن أحدهما عليهما السّلام: «إذا حلف بثلاثة أيمان متعمّدا متتابعات صادقا فقد جادل، و عليه دم، و إذا حلف بيمين واحدة كاذبا فقد جادل و عليه دم» (2) و هو ظاهر في قول المشهور بالنسبة إلى الأيمان الصادقة و اليمين الواحدة الكاذبة.

و منها: صحيح ابن عمار عن الصادق عليه السّلام: «إنّ الرجل إذا حلف ثلاث أيمان في مقام ولاء و هو محرم فقد جادل، و عليه دم يهريقه و يتصدّق به» (3) و هو أيضا ظاهر في قول المشهور بالنسبة إلى الأيمان الصادقة.

و منها: خبر أبي بصير عنه عليه السّلام أيضا: «إذا جادل الرجل و هو محرم فكذب متعمّدا فعليه جزور» (4) و يمكن حمله على المجادلة الكاذبة ثلاث مرّات، فيطابق المشهور بناء على أنّ المراد بالجزور البدنة فيكون حكم الأيمان الكاذبة ثلاث مرّات مذكورا في النص حينئذ.

و منها: موثق يونس بن يعقوب قال: «سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن المحرم يقول: لا و اللّه، و بلى اللّه و هو صادق عليه شي ء؟ قال عليه السّلام: لا» (5) و يمكن حمله على المرأة أو المرتين، فيطابق مع المشهور و المراد من أنّه لا شي ء عليه نفي الكفارة لا الإثم، إذ كل حرام فيه الإثم لا محالة، و يمكن حمله على صورة الاضطرار إليها، لإثبات حق، أو إبطال باطل فلا إثم حينئذ.

ص: 365


1- راجع الوسائل باب: 1 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 7.
2- راجع الوسائل باب: 1 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 4.
3- الوسائل باب: 1 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 3.
4- الوسائل باب: 1 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 9.
5- الوسائل باب: 1 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 8.

الصادق و الكاذب (142).

مسألة 2: لو اضطر إلى اليمين لإثبات حق، أو نفي باطل

(مسألة 2): لو اضطر إلى اليمين لإثبات حق، أو نفي باطل، فلا إثم و لا كفارة فيها (143) و إن كانت أحوط (144).

مسألة 3: لو كانت اليمين لإكرام أخيه

(مسألة 3): لو كانت اليمين لإكرام أخيه. كما لو قال له أخوه: أنت لا تفعل هذا فقال: و اللّه أفعله لا كفّارة فيها (145).

______________________________

و منها: خبر إبراهيم عن الكاظم عليه السّلام: «من جادل في الحج فعليه إطعام ستين مسكينا لكل مسكين نصف صاع إن كان صادقا أو كاذبا، فإن عاد مرّتين فعلى الصادق شاة و على الكاذب بقرة» (1) و هو بالنسبة إلى البقرة في مرّتين موافق للمشهور و حمل صدره على الندب لا ينافي استفادة الوجوب من ذيله.

فتلخص: أنّ النصوص ظاهرة في وجوب الشاة في الثلاثة الصادقة و الواحدة الكاذبة و استفادة وجوب البقرة في المرتين من الكاذبة و البدنة في الثلاثة من الكاذبة منها يحتاج إلى مزيد عناية و قرينة خارجية. هذا.

و أما وجوب الاستغفار عن الاولى و الثانية في الصادقة، فلأنّها محرمة على المحرم و كل حرام وجب الاستغفار عنه.

(142) لإطلاق جملة من النصوص، و ظهور الاتفاق عليه، و ما في بعض الأخبار من ظهور اعتبار التوالي (2) في مقام بيان أحد الأفراد لا التقيد، فلا يقيد المطلقات به، مع أنّ التوالي ثلاثا من الأفراد النادرة و لا يصلح ذلك للتقييد.

(143) لأنّها جائزة حينئذ، لأدلة رفع الحرج، و الاضطرار و لا شي ء فيما هو جائز لا الكفارة و لا التوبة.

(144) خروجا عن توهم الخلاف حيث قال في الدروس و غيره:

«الأقرب جوازه و انتفاء الكفارة».

(145) لصحيح أبي بصير: «سألته عليه السّلام عن المحرم يريد أن يعمل العمل

ص: 366


1- الوسائل باب: 1 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 10.
2- الوسائل باب: 1 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 4 و 5 و 8.
مسألة 4: إنّما تجب البقرة بالمرتين، و البدنة بالثلاث إن لم يكن قد كفر عن السابق

(مسألة 4): إنّما تجب البقرة بالمرتين، و البدنة بالثلاث إن لم يكن قد كفر عن السابق، فلو كفّر عن كل واحدة فالشاة ليس إلا، أو كفّر عن كل ثنتين فالبقرة كذلك. و لو كنّ أزيد من الثلاث و لم يكن قد كفّر فليس إلا بدنة واحدة و كذا في ثلاث الصدق فلو زادت على الثلاث و لم يكفّر يكفي شاة واحدة و مع تخلل التكفير فعن كل ثلاث شاة (146).

مسألة 5: لا كفّارة في الفسوق سوى الاستغفار

(مسألة 5): لا كفّارة في الفسوق سوى الاستغفار.

نعم، يستحب له التصدق بشي ء بل و بالبقرة (147).

السابع: قلع شجر الحرم- غير ما استثني

اشارة

السابع: قلع شجر الحرم- غير ما استثني.

______________________________

فيقول له صاحبه: و اللّه لا تعمله، فيقول و اللّه لأعملنّه، فيخالفه مرارا يلزمه ما يلزم صاحب الجدال؟ قال عليه السّلام: لا، إنّما أراد بهذا إكرام أخيه إنّما كان ذلك ما كان للّه عز و جلّ فيه معصية» (1).

(146) أرسل ذلك كله في الحدائق إرسال المسلّمات، و نسبه في الجواهر إلى «صريح جماعة من غير خلاف يظهر فيه- إلى أن قال-: إن لم يكن إجماع أمكن كون المراد من النص و الفتوى وجوب الشاة بالمرة ثمَّ هي مع البقرة بالمرتين ثمَّ هما مع البدنة في الثلاثة».

و فيه: إنّه لم يعلم وجه كون المراد من النص و الفتوى ذلك و لم يبيّنه رحمه اللّه أيضا، بل مقتضى الأصل عدمه، فما فهمه الأصحاب هو المتعيّن.

(147) لصحيح الحلبي و ابن مسلم عن الصادق عليه السّلام قالا: «أرأيت من ابتلى بالفسوق ما عليه؟ قال عليه السّلام: لم يجعل اللّه له حدّا يستغفر اللّه و يلبّي» (2)، و يقتضيه الأصل، و ظهور الإجماع، و أما صحيح ابن خالد قال: «سمعت أبا

ص: 367


1- الوسائل باب: 32 من أبواب تروك الإحرام حديث: 7.
2- الفقيه ج: 2 صفحة: 212.
مسألة 1: لو كان قالع الشجرة محرما، ففي الكبيرة بقرة و في الصغير شاة، و في أبعاضها قيمته

(مسألة 1): لو كان قالع الشجرة محرما، ففي الكبيرة بقرة و في الصغير شاة، و في أبعاضها قيمته (148).

______________________________

عبد اللّه عليه السّلام يقول: «و في السباب و الفسوق بقرة» (1)، و صحيح ابن جعفر: «و كفّارة الفسوق يتصدّق به إذا فعله و هو محرم» (2) فمحمولان على الندب جمعا.

(148) على المشهور، بل المجمع عليه في أصل وجوب شي ء عليه في الجملة إلا عن ابن إدريس فجزم بالعدم و قال: «لم يتعرّض في الأخبار عن الأئمة عليهم السّلام لكفّارة لا في الكبيرة و لا في الصغيرة» لكن الشيخ ادعى الإجماع.

و يدل على المشهور صحيح ابن حازم سأل الصادق عليه السّلام: «عن الأراك يكون في الحرم فأقطعه؟ قال عليه السّلام: عليك فداؤه» (3) بناء على أنّه الشاة أو البقرة كما هو المتعارف من استعمالاته في محظورات الإحرام.

و في الموثق عنه عليه السّلام أيضا: «عن الرجل يقطع من الأراك الذي بمكة قال عليه السّلام: عليه ثمنه يتصدّق به» (4) الظاهر في قطع الأبعاض، فيضمن لقاعدة تبعية البعض للكل في الضمان.

و في مرسل موسى بن القاسم: «روى أصحابنا عن أحدهما عليهما السّلام أنّه قال:

إذا كان في دار الرجل شجرة من شجر الحرم لم تنزع فإن أراد نزعها كفّر بذبح بقرة يتصدّق بلحمها على المساكين» (5) مؤيدا بقول ابن عباس- على ما في الجواهر- «في الدوحة بقرة، و في الجزلة شاة» المظنون أنّه أخذه عن النبيّ صلى اللّه عليه و آله و تردد المحقق في الشرائع، و العلامة في التذكرة و المنتهى، لضعف خبر ابن القاسم بالإرسال، مع اشتماله على الكفّارة فيما إذا نزع شجرة من داره و قد مرّ

ص: 368


1- الوسائل باب: 2 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
2- الوسائل باب: 2 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 18 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 18 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 2.
5- الوسائل باب: 18 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 3.

و كذا لو كان محلا (149).

مسألة 2: من قلع شجرة من الحرم ثمَّ أعادها إلى مكانها الأول أو إلى غيرها

(مسألة 2): من قلع شجرة من الحرم ثمَّ أعادها إلى مكانها الأول أو إلى غيرها، فعادت على ما كانت عليه فلا كفّارة عليه (150) و لو جفت و لم

______________________________

جوازه و عدم الكفّارة فيه، و عدم ظهور الفداء في خبر ابن حازم في الكفّارة، كعدم ظهور الموثق في قطع الأبعاض، بل يشمل القلع أيضا.

و الكل مخدوش، لانجبار الإرسال بعمل المشهور و اشتماله على ثبوت الكفّارة في قطع الشجرة من داره مع أنّه جائز لا يضرّ بأصل الحكم في الجملة، و الفدية و الفداء في اللغة و إن كان أعمّ من الدم قال تعالى فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ (1) و لكن يمكن أن يقال: إنّه في كفّارات تروك الإحرام في مقابل القيمة إلا ما خرج بالدليل، فراجع أخبار كفّارات الصيد و ما يتعلق بها، و ظهور قوله: «يقطع من الأراك» في القطع دون القلع مما لا ينكر، فالمشهور هو المتعيّن و و لا وجه لتردد المحقق و الفاضل، كما لا وجه لجزم ابن إدريس بالعدم، و كذا لا وجه لقول القاضي بتعيّن البقرة جمودا على مرسل ابن القاسم، و كذا قول الإسكافي من تعيّن الثمن مطلقا اعتمادا على الموثق، و كذا ما نسب إلى الحليين من الصدقة في قطع الأبعاض بأيّ شي ء يتيسر و إن أمكن حمل ما نسب إليهما على ما إذا لم تكن له قيمة لقلته أو نحو ذلك.

(149) لإطلاق الأخبار الشامل ما إذا كان القالع محلا و قد تقدم في الواحد و العشرين من تروك الإحرام ما ينفع المقام.

(150) لقاعدة الضمان باليد الدالة على وجوب إعادتها إلى الحرم و بعد صيرورتها كالأول ينتفي موضوع الكفّارة، لأنّ موضوعها الإتلاف و لم يتحقق ذلك، و يشهد له خبر هارون بن حمزة عن الصادق عليه السّلام: «إنّ عليّ بن الحسين عليهما السّلام. كان ينفى الطاقة من العشب ينتفها من الحرم، قال: و رأيته قد نتف

ص: 369


1- سورة البقرة: 184.

تنفعها الإعادة فلا تسقط الكفارة (151).

مسألة 3: لا كفارة في قلع حشيش الحرم

(مسألة 3): لا كفارة في قلع حشيش الحرم (152) و إن أثم القالع في غير ما استثني جواز قلعه (153) و الأحوط التصدّق بما تيسّر، و أحوط منه ضمانه بقيمته (154).

مسألة 4: الأحوط وجوبا التكفير بشاة في قلع الضرس

(مسألة 4): الأحوط وجوبا التكفير بشاة في قلع الضرس و إن لم يدم (155).

______________________________

طاقة و هو يطلب أن يعيدها مكانها» فتأمل (1).

(151) لأصالة بقائها بعد عدم عروض مسقط لها، و ما نسب إلى المبسوط، و المنتهى و التذكرة من الضمان بالقيمة معلّلين له بالإتلاف و ما نسب إلى القواعد من لزوم الضمان و لا كفّارة مخالف لاستصحاب وجوب الكفّارة من غير دليل حاكم عليه إلا أن يكون مرادهم من القيمة الكفّارة.

(152) لأصالة البراءة بعد عدم دليل عليه و الحرمة التكليفية أعمّ من ثبوت الكفارة.

(153) لما تقدم في الواحد و العشرين من تروك الإحرام من حرمة قلع الحشيش، و الحرمة ملازمة للإثم مع المخالفة العمدية كما تقدم فيه الكلام في موارد الاستثناء أيضا فراجع.

(154) أما الأول فللخروج عن خلاف الحلبيين. و أما الثاني فللخروج عن خلاف العلامة و لا دليل لهما على الوجوب إلا الحمل على أبعاض الشجرة و على بعض المحرّمات الإحرامية و لا يصلح ذلك دليلا لإثبات حكم شرعيّ، بل هو أشبه بالقياس.

(155) نسب الوجوب إلى الكافي، و المهذب، و المبسوط، بل المشهور،

ص: 370


1- راجع الوسائل باب: 86 من أبواب تروك الإحرام حديث: 3.

.....

______________________________

لخبر محمد بن عيسى عن عدة من أصحابنا: «عن رجل من أهل خراسان أنّ مسألة وقعت في الموسم لم يكن عند مواليه عليه السّلام فيها شي ء: محرم قلع ضرسه فكتب يهريق دما» (1) و تردد فيه المحقق في الشرائع، بل عن ابني بابويه و الجنيد عدم وجوب شي ء فيه، لقصور الخبر بالإرسال و الإضمار مع إمكان حمله على الإدماء، فتكون الشاة له لا للقلع، و لكن الخبر بضميمة عمل جمع به يصلح لإيجاب الاحتياط و إطلاقه يشمل صورة الإدماء و عدمه. كما أنّ الظاهر أنّ المراد من الضرس ما يعمّ مطلق السن.

ص: 371


1- الوسائل باب: 19 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.

فصل في اجتماع موجبات الكفارة

اشارة

فصل في اجتماع موجبات الكفارة

مسألة 1: لو اجتمعت أسباب الكفّارة المختلفة

(مسألة 1): لو اجتمعت أسباب الكفّارة المختلفة كالصيد و اللبس، و تقليم الأظفار، و الطيب- لزم عن كل واحد كفّارة سواء فعل ذلك في وقت واحد، أو وقتين، كفّر عن الأول أو لم يكفر (1).

مسألة 2: إذا كرّر السبب الواحد تجب عليه لكل مرة كفارة

(مسألة 2): إذا كرّر السبب الواحد تجب عليه لكل مرة كفارة (2).

______________________________

فصل في اجتماع موجبات الكفارة

(1) كل ذلك لقاعدة تعدد المسبّب بتعدد السبب و وجود المقتضي و انتفاء المانع، مضافا إلى الإجماع، و دعوى: أنّ العلل الشرعية معرفات و يجوز اجتماع معرفات كثيرة بالنسبة إلى شي ء واحد (مردود):

أولا: بأنّه لا فرق بين العلل الشرعية و غيرها فتكون حقيقة تارة و معرفة أخرى.

و ثانيا: على فرض الصحة فكل علة معرفة لشي ء خاص و جهة مخصوصة لا تكون تلك الجهة في معرفية العلة الأخرى فراجع ما ذكرناه في الأصول.

(2) على المشهور، بل عن السيدين دعوى الإجماع عليه، لأنّ ظاهر إطلاق الأدلة تعلق الكفارة بذات الطبيعة و الماهية و هي قابلة للتعدد و التكرر بلا فرق بين تعدد المجلس و اتحاده و تخلل الكفارة و عدمه، فيشمل الإطلاق لجميع ذلك.

و أشكل عليه تارة: بمنافاته لأصالة البراءة خصوصا في صورة عدم تخلل الكفارة، إذ المسألة حينئذ من موارد الأقل و الأكثر و قد أثبتنا في الأصول وجوب

ص: 372

.....

______________________________

الأول و البراءة عن الآخر.

و اخرى: بأنّه إذا أفسد الحج بجماع الأول فلا موضوع للكفارة في جماع الثاني.

و ثالثة: بأنّ السببية بنحو صرف الوجود لا الطبيعة السارية فتجب الكفارة بمحض أول الوجود دون غيره.

و الكل باطل: إذ الأول محكوم بإطلاق الدليل.

و الثاني بما تقدم من عدم فساد الحج بالجماع بل الأول فرض و الثاني عقوبة. و على فرض الفساد فحرمة المحظورات باقية لا تزول به، مضافا إلى إطلاق النص و الفتوى. و الأخير بأنّه يحتاج إلى قرينة خارجية و هي مفقودة لأنّ المجعولات تكليفية كانت أو وضعية إنّما تكون بحسب الذات و الطبيعة السارية مطلقا فلا إشكال من هذه الجهات إذا كان المراد بالجماع العمل الواحد من حين الشروع إلى قضاء الحاجة و الفراغ من العمل بمقتضى العادة، أو كان المراد به الدخول مرّة واحدة مع الإنزال فيها، أو كان المراد الإيلاج مرة واحدة ثمَّ النزع و الانصراف عنه بعد ذلك. و أما إن كان المراد به تكرر مجرد الإيلاج و النزع من غير قضاء الحاجة و الفراغ من أصل العمل بحسب العادة إلا في المرة الأخيرة بحيث يعد كل إيلاج و نزع من مقدمات العمل لا نفسه عرفا و لو كان شخص بطي ء الإنزال و لا ينزل إلا بعد عشر مرات- مثلا إيلاجا و إخراجا- فهل تتكرر الكفارة حينئذ و تجب عليه عشر بدنات؟ مقتضى الجمود على الإطلاق ذلك إلا أن يدعى الانصراف عنه انصرافا يوجب سقوط الإطلاق و الظهور و هو مشكل بل ممنوع.

نعم، لو لم ينزع بعد الإيلاج و تكرر التحريك، فالظاهر كونه واحدا و إن طال و تكرر الإنزال.

و بالجملة: إما أن يصدق تكرر السبب عرفا أو يصدق عدمه، أو يشك في أنّه من التكرر أو لا؟ و حكم الأولين معلوم و المرجع في الأخير البراءة، فيكون

ص: 373

مسألة 3: إذا كرّر حلق الرأس

(مسألة 3): إذا كرّر حلق الرأس، فإن كان في وقت واحد، فعليه كفّارة واحدة، و إن كان في وقتين كأن حلق بعض رأسه غدوة و بعضه الآخر عشية- تتكرّر (3). و لو شك في وحدة السبب و تعدده تجزية كفارة واحدة (4).

مسألة 4: لو تطيّب مرّة بعد أخرى تعدّدت الكفارة

(مسألة 4): لو تطيّب مرّة بعد أخرى تعدّدت الكفارة. و أما لو جمع أنواعا من الطيّب، فتطيّب بها دفعة واحدة تجزية كفارة واحدة (5).

مسألة 5: لو قبّل متعدّدا بأن نزع فاه ثمَّ قبّل ثانيا- تتعدّد الكفارة

(مسألة 5): لو قبّل متعدّدا بأن نزع فاه ثمَّ قبّل ثانيا- تتعدّد الكفارة، و كذا على الأحوط وجوبا ما إذا لم ينتزع فاه و حصل منه التقبيل متعدّدا عرفا (6).

______________________________

مثل الصورة الثانية.

(3) على المشهور لصدق وحدة السبب في الصورة الأولى عرفا، فتتحد الكفارة لا محالة بخلاف الصورة الثانية، إذ يصدق التعدد عرفا، فتكرّر الكفارة قهرا.

و أشكل عليه: بأنّ المناط في وجوب الكفارة حلق الرأس و هو كما يصدق بالنسبة إلى الوقت الواحد يصدق بالنسبة إلى الوقتين أيضا فلا وجه لتعدد الكفارة في الأخير، بل تجزي الواحدة فيه أيضا. و يرد عليه: أنّ المناط في الوحدة و التعدد وحدة السبب و تعدده و المفروض صدق التعدد في الأخير.

(4) للأصل بعد عدم صدق التعدد عرفا، و تقدم ما يتعلق، بتعدد لبس الثياب فراجع.

(5) أما التعدد في الصورة الأولى، فلتعدد السبب عرفا. و أما كفاية الواحدة في الأخيرة، فلكون السبب واحدا عرفا، و كذا الكلام في تناول الطعام الطيّب.

(6) أما الأول، فللتعدد الخارجيّ في السبب. و أما الأخير فلصدق تعدد

ص: 374

مسألة 6: كل محرم لبس- أو أكل- عالما، عامدا ما لا يحلّ له أكله

(مسألة 6): كل محرم لبس- أو أكل- عالما، عامدا ما لا يحلّ له أكله، أو لبسه و لم يكن له مقدر شرعيّ كان عليه دم شاة (7).

مسألة 7: لا كفارة على الناسي، و الساهي، و الجاهل في غير الصيد

(مسألة 7): لا كفارة على الناسي، و الساهي، و الجاهل في غير الصيد (8) و إن استحب له في بعض الموارد (9)، و أما الصيد ففيه الكفّارة

______________________________

التقبيل عرفا فيه أيضا. و منشأ التردد احتمال انصراف التعدد إلى نزع الفم ثمَّ الإعادة ثانيا.

(7) نصّا و إجماعا ففي صحيح زرارة عن أبي جعفر عليه السّلام: «من نتف إبطه، أو قلّم ظفره، أو حلق رأسه، أو لبس ثوبا لا ينبغي له لبسه أو أكل طعاما ما لا ينبغي له أكله و هو محرم ففعل ذلك ناسيا، أو جاهلا فليس عليه شي ء و من فعله متعمدا فعليه دم شاة» (1) و قد تقدم في الفصول السابقة بعض ما ينفع المقام.

(8) للنص، و الإجماع قال الصادق عليه السّلام في خبر ابن عمار: «و ليس عليك فداء ما أتيته بجهالة إلا الصيد، فإنّ عليك فيه الفداء بجهل كان أو بعمد» (2)، و عنه عليه السّلام أيضا: «اعلم أنّه ليس عليك فداء شي ء أتيته و أنت محرم جاهلا إذا كنت محرما في حجك أو عمرتك إلا الصيد فإنّ عليك الفداء بجهالة كان أو عمد» (3).

و يدل على المقصود حديث رفع النسيان أيضا (4) و عن أبي جعفر الجواد عليه السّلام: «كل ما أتى به المحرم بجهالة أو خطأ فلا شي ء عليه إلا الصيد» (5)، و قد تقدم صحيح زرارة.

(9) كإطعام مسكين في استعمال الطيب بجهالة، لخبر ابن عمار: «في

ص: 375


1- الوسائل باب: 8 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 9.
2- الوسائل باب: 31 من أبواب كفارات الصيد حديث: 1.
3- الوسائل باب: 31 من أبواب كفارات الصيد حديث: 4.
4- الوسائل باب: 56 من أبواب جهاد النفس.
5- الوسائل باب: 3 من أبواب كفارات الصيد حديث: 2.

و لو كان سهوا، أو جاهلا (10).

______________________________

القرحة التي داواها بدهن بنفسج إن كان فعله بجهالة فعليه طعام مسكين» (1) و في تقليم ظفر من أظفاره ناسيا، لصحيح حريز: «في المحرم ينسى فيقلم ظفرا من أظافيره قال عليه السّلام: يتصدّق بكفّ من الطعام»(2)المحمول على الندب، بل يستحب له إذا فرغ من مناسكه و أراد الخروج من مكة شراء تمر بدرهم ثمَّ التصدق به ليكون كفّارة لما أكل أو دخل عليه في إحرامه مما لا يعلم به، لقول الصادق عليه السّلام: «إذا فرغت من مناسكك و أردت الخروج من مكة فاشتر بدرهم تمرا ثمَّ تصدّق به يكون كفّارة لما أكلت، و لما دخل عليك في إحرامك مما لا تعلم» (3) المحمول على الندب إجماعا.

(10) إجماعا، و نصوصا تقدّم بعضها (4)، و مقتضى إطلاق الجهل في النص و الفتوى شموله لكل من المقصّر و القاصر كما تقدم في أول الكتاب (حكم كفارة الصبيّ إذا أحرم به وليّه)، و كفّارة المجنون فلا وجه للإعادة فراجع.

و الحمد للّه أولا و آخرا

________________________________________

سبزوارى، سيد عبد الأعلى، مهذّب الأحكام (للسبزواري)، 30 جلد، مؤسسه المنار - دفتر حضرت آية الله، قم - ايران، چهارم، 1413 ه ق

ص: 376


1- الوسائل باب: 4 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 5.
2- الوسائل باب: 12 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 3.
3- الوسائل باب: 3 من أبواب بقية كفارات الإحرام حديث: 1.
4- الوسائل باب: 31 من أبواب كفارات الصيد.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.